facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نموذج محترم للإنسان العربي


د. ايهاب عمرو
17-04-2018 05:14 PM

لعل هناك حاجة للبحث عن نماذج محترمة ومقدرة تمثل الانسان العربي في ظل عصر المتغيرات الذي نعيش. والهدف من هذا المقال ليس الكتابة حول شخص بقدر ما يتعلق بالكتابة حول نموذج، كوني لست من هواة الكتابة حول أشخاص محددين، لكني وجدت نفسي مضطراً هذه المرة، كاستثناء عن القاعدة العامة، للكتابة حول شخص كنموذج للانسان العربي لأنه نموذج من الأشخاص الذين نحتاجهم في عالمنا العربي لأننا نفتقدهم، خصوصاً في عصر العولمة. إنه الأستاذ رياض الجبور، الذي ينحدر من قرية أم بطمة الواقعة شرق مدينة سحاب.

ولهذا الشخص المتدين المنفتح، والمتواضع المرح، ألف حكاية وحكاية معي منذ بلوغي سن الشباب تدل كلها على إيجابية في فهم الآخرين، ورقي في معاملتهم، وإنسانية في مساعدتهم. وكل ذلك أمكنني من فهم ذلك النموذج بشكل كبير.

ومن تلك المواقف، أذكر عندما دعاني للذهاب بصحبته إلى الجامعة الأردنية ذات مرة بداية العقد الأخير من القرن الماضي وكنت في سن الخامسة عشرة، في حين كان هو يدرس الإدارة العامة، وقدمني آنذاك إلى زملائه كافة، وقام معي بجولة في أرجاء الجامعة الفسيحة جعلتني أتشوق للدراسة في تلك الجامعة أو غيرها ما شجعني على مضاعفة جهودي من أجل تحصيل علامات مرتفعة في الثانوية العامة لاحقاً. كذلك، أتذكر كيف كان يحثني على الدراسة المكثفة أثناء مرحلة الثانوية العامة من أجل تحصيل علامات مرتفعة تساعدني على الدراسة الجامعية وهو ما حدث بفضل الله لاحقاً.

وثمة مواقف أخرى حدثت ولن أنساها ما حييت تدل على جبلة هذا الرجل الانسان خصوصاً عندما كنت أزور الأردن أثناء مرحلة دراسات الدكتوراه لرؤية الأهل والأقارب والأصدقاء من جهة، ومن أجل الاطلاع على آخر الكتب القانونية باللغة العربية ذات العلاقة بأطروحة الدكتوراه المتوفرة في مكتبة الجامعة الأردنية من جهة أخرى، منها قيامه بإيصالي بسيارته إلى الجامعة الأردنية أو إلى أقرب مكان يوصل إليها كل يوم لمدة شهر رغم ضيق الوقت المتاح لديه بسبب حاجته للذهاب للعمل، إضافة إلى قيامه بالحضور بعد نهاية عمله واصطحابي إلى المنزل كل يوم رغم حاجته للراحة بعد يوم عمل طويل.

وحقيقة الأمر أنه كان يعمل كل هذا لأنه صاحب مبدأ لا يحيد عنه، ولأنه مؤمن بقيم الحياة العلمية ومثلها. إضافة إلى أنه مثقف إلى أبعد حد ومحب للعلم، ومحب لكل من يثابر ويصابر لأجل التحصيل العلمي.

وصاحب هذا النموذج صاحب واجب كوالده رحمه الله دون أن ينتظر المقابل، ولديه قدرة على التحليل المنطقي والعلمي بشكل كبير. وأدهشني في احدى المرات أثناء نقاش حول بعض الأندية الكروية العالمية عندما ربط كرة القدم بالسياسة بشكل مقنع. وهالني الطريقة التي قدم بها تحليله المنطقي المترابط ما جعلني وجعل كل من سمعه يقتنع بوجهة نظره تلك مع إعجاب كبير.

ومن جملة سحره أنه دائم التفاؤل لكونه مؤمن بطبيعته. فما أن يحدث مكروه لشخص يعرفه حتى تراه يرى الجانب المشرق ما يبعث الطمأنينة في نفس ذلك الشخص وكل من حوله. وتراه يقوم بكل جهد مستطاع من أجل إعانته وشد أزره حتى يتجاوز المحنة ما يثبت أنه مؤمن فعلاً وقولاً. وشهدت أكثر من مرة كيف كان بثقته المطلقة بربه وإيمانه العميق يجعلك تشعر أن المحنة إنما هي منحة، وكم ساعد أشخاص يعرفهم على تجاوز تلك المفاجآت غير السارة.

وأخيرا، أود إيراد موقف رأيته أثناء سيري معه خلال آخر مرة قابلته فيها أثناء زيارتي الأخيرة للأردن العام الماضي عندما لحق بشخص وأوقفه وتحدث معه وذكره أنه كان زميل الدراسة معه، وقد مضى على آخر لقاء لهما ما ينوف عن عشرون عاماً. وأصر على دعوة ذلك الزميل إلى منزله لا لشيء سوى لأنه رجل من نوع خاص، من معدن خاص يندر أن تجد مثيله في عصر الحياة المادية التي أخذت تطغى على مناحي الحياة كافة، وتهمش العلاقات الانسانية والاجتماعية رغم أن الرابط الثقافي الإنساني كان أحد أهم الأسس التي قامت عليها الديانات السماوية، وإلا بماذا نفسر قيام سلمان الفارسي وبلال بن رباح رضوان الله عليهم بإتباع رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم رغم كونهم ليسوا عرباً؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :