facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حاكموا قتلة يزن .. بقلم: د. آية عبد الله الأسمر


01-05-2009 07:11 PM

يزن يا قصة الدم المهدور على طرقات الضياع والقسوة والإهمال... يا وجه الطفولة المحترق بنصل سكين المجرمين الجبناء... يا وردة ذبلت في جوف ليل مجدب قاحل يرتع في جنباته اللؤماء...
يزن يا قرة العين... يا فلذة الكبد... يا بني ويا كل الأبناء...
أخبرني يا حبيبي باسم من كنت تنادي وهم يطفئون السجائر في جسدك الغض الصغير؟
وأخبرني بالله عليك كيف استطعت احتمال وجع السكاكين المحمومة والضرب المبرح وجراح الظلم الملعون؟
يزن لا تنظر إليّ بعينين التهمتها الدموع ولاكتها الأحزان... لماذا لم تتمكن من الفرار يا بني؟ هل حبسوك؟ أم قيدوا رجليك؟
صوتك الضعيف الصارخ ألما واستغاثة يئن في ذاكرتي صراخا ووجعا يفوق طاقات الصبر ويتجاوز حدود الاحتمال...
يزن لا تتركني فريسة القهر والسؤال والذهول... أنا قادرة على أن أتفهم كل شيء وأي شيء ولكنني عاجزة عن استيعاب أن تنطفئ سنوات عمرك الخمسة تحت رماد التعذيب والإجرام...
لماذا مزقوا جسدك يا بني؟ هل كنت تشكل خطرا أو تهديدا؟ أم كنت عبئا ثقيلا؟ أم أنك متهم بقضية ما؟ هل هو ثأر؟ أم أنه حقد؟
بالله عليك لا تتركني أنوح في عتمة الصراع والتساؤل والاستهجان... أفكر وأفكر وأحاول أن أجد سببا واحدا يمكن أن يدفع ذئبا بشريا كي يفعل بك ما قد فعلوا ولكنني أضيع على أرصفة الهذيان...
ليت الكلاب الضالة نهشت لحمك الطاهر، فالكلاب المسعورة معذورة إن هي افترست طفلا شهيا مغريا كضحية...
أما أن يفترسك بنو البشر بدم بارد وأنياب حادة وأعصاب هادئة ومخالب آثمة مرارا وتكرار حتى الرمق الأخير وحتى الضربة الأخيرة والارتطام الأخير والوجع الأخير فهذا هو عصر الغثيان وجنون الوقت والآثام...
يزن يا مرآة الطفولة التي خدشوها ثم جرّحوها ثم كسّروها ثم طحنوها برحى الاستهتار والبشاعة والطغيان والغفلة...
لماذا يا يزن لم تخبرنا؟ لماذا لا نوزّع على كل طفل رقم هاتف يتصل يه عندما يحتاج للنور والرجاء؟
ألم يلاحظ أحدهم الحزن المعشش في مفاصل وجهك الصغير؟
لماذا لم يبلّغ أحدهم أن هناك طفلا في سلة النسيان بين أوراق التعذيب والمهملات ونفايات الحرمان؟
كلهم شركاء وكلهم شياطين خرس وكلهم متهمون أمام القضاء...
يزن يا حبيبي ارحل وحلّق عصفورا جريحا في دنيا لا بشر فيها ولا ذئاب... لا أعقاب سجائر ولا سكاكين ولا نيران ولا سياط ولا صراخ ولا دموع ولا جراح ولا كلاب...
ضربوك على رأسك يا بني واختبئوا في جحور الخوف والهزيمة كالجرذان، وتركوك في الثلاجة حتى تبرد نيران قلبك وتجف دموع قهرك وتتحلل خلايا الذهول القابعة في تشققات فمك المجروح والمحروق والمفتوح دهشة من عقاب لا تعرف سببه وألم تجهل علام استحققته...
نم يا حبيبي بأمان تحت التراب، فديدان الأرض أرحم بكثير من البشر فوقها... رحم الأرض يا يزن يحن على أبنائه أكثر منا نحن بني البشر الذئاب...
القطة تأكل بعض أطفالها حتى ترضع البعض الآخر وأنت أكلوك حتى ترتوي نفوسهم المريضة وقلوبهم المتعفنة وعقدهم المشوّهة ورغباتهم الشاذة...
هل من المعقول أنهم لن يعرفوا من الجاني؟
هل من المعقول أن المجرم سيفلت من العقاب؟
هل من المعقول أن تنطوي صفحتك الموجعة بصمت؟
هل من المعقول أن يعييهم البحث وتختلط الأوراق وتضيع ملابسات الحادث فلا يتوصلون إلى الفاعل؟
اطمئن يا يزن... لن يحدث هذا أبدا... لابد أنهم سيصلون إلى الفاعل وسيقبضون عليه وعلى جميع شركائه وسيحاسبون من صمت عن إيذائك ومن راقبك بصمت ولؤم وجبن...
أعدك يا يزن أنهم سيحاكموا قتلتك يا بني... فأنا أضعف وأعجز من أن أحمل على كتفي الصبر جثمان يزن آخر وجرح قلب آخر ورماد جرح آخر وتابوت ظلم ملعون آخر...
حاكموا قتلة يزن علانية وبقسوة حتى لا نشيّع يزنا آخر...
حاكموا قتلة يزن بسرعة وبقوة حتى لا يتسرب من بين أيدينا يزن آخر...
حاكموا قتلة يزن بجرأة وبشمولية حتى يحفر القانون بكعب سطوته في عيون القتلة...
حاكموا قتلة يزن مائة مرة وألف مرة حتى لا يطل علينا وجه يزن الممزق في ليل الظلم مرة أخرى...
حاكموهم بلا رأفة وبلا هوادة وبلا رحمة فكل طفل مهمل وضائع ووحيد هو مشروع يزن محتمل ومتجدد...
يزن يا بني ويا كل الأبناء نم يا حبيبي نم... فنحن من التراب ولكن التراب من أفعالنا وآثامنا بريء...
نم يا مهجة الفؤاد وندبة في أحشاء الذاكرة ووجع في القلب وغصة في الحلق وجريمة معلقة على جدران الخفاء...
نم يا حبيبي نم...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :