facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




متى نحتوي أنفلونزا التنمر والتملق بين النخب?


رنا الصباغ
10-05-2009 03:58 AM

بطيه ملف الأقاليم قبل أيام, ينزع الملك عبد الله الثاني فتيل منازلة أخرى سممت أجواء المشهد الداخلي المحتقن واستنفرت أجهزة دولة بأكملها, بعيدا عن تحديات مصيرية تواجه البلاد, كما أظهرت حجم النفاق والانتهازية السياسية.

الفكرة بدأت أساسا قبل سنوات, عندما كشفت زيارات الملك إلى المحافظات ضرورة تفعيل دور المحافظ ليتعدى الملف الأمني والوجاهي إلى البعدين الاقتصادي والتنموي حتى يتشارك مع المجتمع المحلي في تحديد أولوياته التنموية المحلية على قاعدة أن أهل مكة أدرى بشعابها, بدلا من الاتكاء على الحكومة المركزية والنواب للحصول على خدمات.

في عام 2005 شُكلت لجنة ملكية برئاسة رئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي وعضوية 11 شخصية بمن فيهم وزير الداخلية نايف القاضي.

ويرى نواب وحزبيون أن اللجنة, التي صاغت مشروع قانون يقسم المملكة إلى ثلاثة أقاليم ظل طي الأدراج, شكلّت من لون واحد, وبالتالي غاب عن مخرجاتها رؤى تيارات أخرى من طيف المجتمع. كذلك قفزت اللجنة إلى صياغة مسودة مشروع متكامل بدل وضع تصورات أولية يفترض أن تشكّل نواة تحرك رسمي لرسم إطار متفق عليه للامركزية المنشودة.

ثم مات هذا الملف أو وضع في الثلاجة حتى أواخر العام الماضي, حين حل الملك ضيفا على مائدة أول رئيس وزراء في عهده عبد الرؤوف الروابدة. هناك, توافقت آراء أكثر من خمس شخصيات سياسية من العيار الثقيل, بمن فيهم رؤساء وزارات سابقون ورئيسا مجلسي الأعيان والنواب, حول ضرورة إخراج مشروع الأقاليم من الأدراج. ذلك الانسجام النادر بين هذه الرجالات شجّع عبد الله الثاني على المضي قدما في هذا المشروع, وفي الذهن, إصلاح تنموي شامل على مستوى الوحدات الإدارية, صعودا إلى هيكل الدول.

قبل ذلك بأسابيع, كان رأس الدولة طلب من الحكومة في خطاب العرش إعادة دراسة مخرجات لجنة الأقاليم.

بعد ذلك احتدم السجال في الدواوين وعلى صفحات الجرايد المستقلة بين مؤيد ومعارض لمشروع الأقاليم, بينما حرص الإعلام الرسمي وتوابعه من صحف يومية على عدم إظهار أي انتقاد للمشروع وسط انطباع مغلوط بأن ذلك قد يغضب الملك, باعتبار مشروع الأقاليم نسب إليه. ونسب إلى أحد الوزراء المعنيين بهذا الملف استهجانه من تغييب الصوت الآخر المعارض في الاعلام, على قاعدة أن الحوار قد يساعد الحكومة على بناء أفضل السيناريوهات المفيدة للبلد للخروج من مأزق الاقاليم حسب ما أقترحت لجنة الرفاعي.

ترسخ الانطباع بأن جلالته وراء الأقاليم, بفعل تسريبات عن أعضاء في اللجنة الملكية تشي بأنهم مقتنعون بآراء المعارضين, لكن هيك بدّه سيدنا وهم لا يستطيعون السباحة بعكس التيار.

في المحصلة غابت المصلحة الوطنية وانحرف مشروع اللامركزية عن نهاياته المنشودة, لأن مسؤولين حاليين وسابقين سعوا إلى تبييض وجوههم لدى الملك, سعيا وراء كراس أو حفاظا عليها.

أما رئيس الوزراء نادر الذهبي, الذي كان أسر لمقربين إليه بأنه يفضل اعتماد مشروع المحافظة كنواة للتنمية تأرجحت مواقفه وتبدلت ثلاث مرات منذ مطلع العام. ففي البدء فتح الذهبي باب الاجتهاد داعيا إلى صهر مشروع لجنة الأقاليم مع خلاصة مشروع قانون يتخذ المحافظة نواة للتنمية, كانت وضعته وزارة الداخلية في عهد سمير حباشنة قبل أربع سنوات. ثم عاد ليؤكد اعتماد مسودة مشروع لجنة الأقاليم حصرا, كأرضية لمشروع المركزية. وحين طبق أول تمرين عملي في مأدبا, عاد الرئيس ليبدي مرونة, أن الإقليم الواحد قد يتشكل من محافظة, اثنتين أو أكثر.

هذا التأرجح عمّق عامل الشك في الشارع على وقع استمرار التشكيك والطخ. وبدل أن يسعى لتوجيه البوصلة باتجاه المسار الأفضل بعد دراسة الآراء كافة ويُنسّب للعرش الطريق الأمثل بصفته رئيس السلطة التنفيذية, ترك المركب سائبا حتى تحرك الملك لإطلاق رصاصة الرحمة على الأقاليم خلال غداء عمل مع شخصيات سياسية واعلامية يوم الاثنين الماضي.

في خلفية المشهد, تواصل الشد والجذب بين مدرسة تقليدية محافظة لها جذور ونخب اقتصادية ليبرالية متنفذة, فيما تنشد شخصيات وطنية إصلاحية طريقا ثالثة للمواءمة بين دور الدولة ومتطلبات العولمة.

ميمعة الأقاليم ونهج الفزعات أعادا طرح تساؤلات حول التحديات التي ستواجه الدولة بعد عشر سنوات عندما يتضاعف عدد السكان وتزداد الضغوط الاقتصادية والمعيشية, في حال استمرت العقلية الرعوية والمنفعية وأساليب الترضيات, في غياب مأسسة التخطيط الاستراتيجي والعدالة والمساواة في توزيع الموارد والمناصب. من الواضح أيضا أن الملك اكتشف بعد أن جرّب الحرس القديم والحرس الجديد, مثلما اكتشف شعبه, بأن الطرفين أخفقا في تلبية طموحات الرؤية الملكية في التحديث, وأن لا مجال للعودة إلى أي منهما.

كل ذلك أشاع حالة من التضارب بين المرجعيات وعشوائية في اتخاذ القرارات, حتى داخل المؤسسة الرسمية الواحدة, لا سيما بعد خروج لاعبين رئيسيين في السياسات الداخلية والخارجية والطلب الملكي من دائرة المخابرات العامة حصر دورها بالبعد الأمني بعد أن تغولّت على مناحي الحياة السياسية وغيرها منذ .1996 تلك العوامل مجتمعة أدت إلى انحسار أدوار المرجعيات تاركة فراغا لم يستطع التعديل الحكومي الأخير ملأه.

للخروج من هذه الدوائر المغلقة, لا بد من ثورة بيضاء ربما يطلق شرارتها الملك عبد الله الثاني, في عيد الاستقلال أو يوم الجيش, باتجاه تحديد مطبخ القرار الجديد وطبيعة مكوناته. لا بد من إشراك وجوه جديدة في المناصب الرفيعة كافة بدلا من إعادة التدوير, لغايات إسناد تيار إصلاحي وطني واسع داخل مؤسسات الدولة أو في المشهد العام. يفترض أن يتزامن ذلك مع إصلاحات سياسية تدريجية لا تمس بالدستور لكنها تبدأ بالنظام الانتخابي وصولا إلى تغيير آلية تعيين الحكومات مستقبلا. فسن قانون انتخابي جديد من دون المس بنظام توزيع المقاعد, قد يساعد على فرز مجلس نواب يعكس الطيف الوطني العام بمستوى مختلف, دون تغيير التمثيل الجغرافي. برلمان جديد قد تبرعم داخله كتل نيابية ببرامج وطنية واضحة, يعين على أساسها رئيس وزراء مسنود من أكبر كتلة, بدلا من الانتظار ثلاثين عاما لحين نضوج أحزاب تتنافس في الانتخابات وتفرز رئيس وزراء.

أخيرا, ينتظر إنشاء مجلس أمن وطني, على أن يتمتع بدور واسع في تقرير السياسات الداخلية ورسم الاستراتيجيات لكي يتفرغ الملك لرؤية مشهد الغابة بأكمله وليس بضع شجيرات, ويعد العدة للتعامل مع الحرب الدبلوماسية في مواجهة حكومة نتنياهو.


rana.sabbagh@alarabalyawm.net





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :