facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المعارضة وعش الدبابير


سامر حيدر المجالي
14-05-2009 04:43 AM

يبدو أن الحديث عن المعارضة يفتح عش الدبابير ، فهناك من يحتكر هذا المصطلح لنفسه ، معتبرا أن المعارضة هو .. وهو المعارضة . هكذا حصريا دون أي امكانية للنقاش . وهذا الفعل جاهلية محضة ، ونرجسية متعالية ، فضلا عن كونه جنون ارتياب ، و مأزقا في الفهم .

وهناك من لا يكتفي بالاحتكار ، بل إنه يتبنى فعل المعارضة فيجعل منه منهج حياة وأسلوبا لذيذا نحو مزيد من الشهرة والتملق .. تملق العامة والدهماء ، الذين يفكرون بآذانهم وعيونهم ، ويبحثون عن الاثارة المفتعلة ، التي يجيدها هؤلاء تمام الإجادة .

في بعض المواقع ، تلك التي لا يتجاوز عدد روادها عدد أصابع اليد الكادحة ، تخال نفسك في وسط فيلم هندي من افلام الإثارة المتفجرة ، حيث البطولات والصولات والجولات ، والعالم الذي لايحتمل إلا أحد معنيين : فإما أبيض وإما أسود ، وإما عدو وإما صديق . والكون خاضع لتفسير أحادي أضيق من سمّ الخياط . هناك الناس صنفان فقط : الأول هم الرفاق الذين رضيت سنة الوجود عنهم ، فوهبتهم صدق الكلام وسيماء الشرف وموهبة النضال وعمق الفكر والثقافة ( وهؤلاء جميعا تجمعهم سمة مشتركة ، هي اعتناق مخلفات التاريخ ، الذي – بقدرة قادر - تستطيع الوساوس والأحلام البائدة إعادته للوراء ، متجاوزة بذلك كل قوانين الفيزياء والضوء واينشتاين ومنطق الوجود الإنساني والغاية الكبرى التي وجد الخلق من أجلها ) . أما الصنف الثاني فهم الـ ( ون ) . هذه الواو والنون هي التي تجدونها عادة في آخر الفعل المضارع الذي يتحدث عن المذكر الغائب في حالة الجمع ، مثل .. كيف يفكر(ون) .. كيف يفعل(ون) .. كيف يلعب(ون) .... الخ . أما ما يعنيه الـ ( ون ) عندهم ، فهو كل الناس بدون استثناء إلا من انخرط في ركب الأحبة المناضلين ، واعتنق أفكارهم . إنها تستثني حتى زملاءهم في المعارضة ، كيف لا ؟ وقد قدمنا بأن فهمهم للمعارضة قائم أصلا على التحليق حول ذواتهم إرضاء لنرجسية تتفاقم يوما بعد يوم ، فهي ( المعارضة والوطنية والإخلاص والفهم والخير والجمال والحق ) منهم وإليهم فقط .

هذه الـ ( ون ) خطيرة جدا جدا لأنها تقسيم مسبق للناس ، وشاهد حي على تقوقع هذه الفئات على نفسها وعجزها عن التواصل مع من حولها . طوباوية أو ارتيابا أو نرجسية ... لا يهم ، فالمؤدى واحد ، والنتيجة جعجعة بلا طحين .

أما النقاش عندهم ، فغالبا ما يحكمه أسلوب المسخرة ، واستحضار الأرواح ( وهذا ليس غريبا على مدعي النضال ) . هذه الطريقة في النقاش ، بحسب الأعراف التي يفهمها الناس الطبيعيون ، ( عيب ) وعجز وسوداوية ، وسوء ظن إلى أبعد الحدود . وهذا يقودنا إلى سؤال : لقد سلّمنا بعجز هؤلاء عن استيعاب الرأي الآخر ، لكن ألا يوجد في قاموسهم شيء اسمه حسن النية وأدب الحوار ؟ أم أنه يحق لهم ، ما دام الآخر ملغى ، أن يستمتعوا بميزات اصطفائهم ( كصنف من البشر منتخب طبيعيا ) ، عبر الردح والشرشحة ؟.. الشرشحة التي يتنفسونها كتنفس الهواء ، وتضمر خلايا رؤوسهم إن لم يمارسوها يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة .

نتحدث الآن عن الأقاليم ، فالذي طُرح في المقال السابق فكرة قائمة على رؤية ما ، قد تصيب وقد تخطيء ، غير أنها من وجهة نظر صاحبها على الأقل ، لها ما يبررها ويدعمها من آراء موضوعية بحتة .

لإلغاء فكرة الأقاليم ظاهر وباطن . أما الظاهر فهو انتصار الذين عارضوا الفكرة وأكثروا من الزعيق والنعيق حولها دون أن يعتمدوا على مسوغ ملموس إلا ما راهنوا عليه من تعاطف العامة معهم ... وقد نجحوا في ذلك .

أما الباطن فهو تحجيم لهم . لماذا ؟ لأنه دحض مباشر لربط الأقاليم بالتسوية النهائية في المنطقة . إنه تحجيم لدعاواهم وحججهم ، وإظهار لتهافتها وغرابة مسلكها . والعبرة في مثل هذه الأشياء بالمستقبل ؛ فلنر إلى أي مدى سيكون من الممكن ، بالنسبة الى هؤلاء ، الاعتماد على فوبيا الوطن البديل والتسوية النهائية عند معارضة أي فكرة ستطرح في قادم الأيام . لننتظر ذلك والأيام بيننا .

إنه انتصار ( لهم ) وهزيمة مدوية للحجة التي ارتكزوا عليها ، لأن قرار الإلغاء كان تجاوزا عن الاشاعات واللغط الذي أثير ، ولم يكن اعترافا بصحة تلك الإشاعات ، والفرق كبير بين التجاوز والاعتراف .

بعد كل هذا الكلام ، والكلام الذي ورد في المقال السابق ، هل يوجد في المقالين ما يشير إلى موقف شخصي من فكرة الأقاليم نفسها تأييدا أو رفضا ؟ الجواب واضح فلم تتم مناقشة الفكرة نفسها ، وإنما دار الحديث حول المعارضة فقط ، وبيان جوانب ضعفها وسلبياتها . فلماذا يسل البعض سيفه في وجه الكاتب وكأن هذا الكاتب يروج بكلامه لتقسيم الوطن وتجزئته ؟ ألا ترون بأن أخذ الأمور جملة واحدة ، وتركيب الأحكام على نسق يقوم على افتراضات ذاتية مسبقة ، هو عجز عقلي ، وداء مستشر بيننا الى أبعد حد ؟ ألا تشعرون بأننا – فعلا - أمة لا تقرأ ؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :