facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا لم ينم الملك جيداً؟


د. موسى برهومة
18-05-2009 10:30 PM

حدثان كبيران متتابعان أثبتا قدرة أردنية استثنائية على مجابهة التحدي وتذوق طعم الانتصار. فما إن حط قداسة البابا بندكتس السادس عشر رحاله في الأراضي المقدسة بفلسطين بعد زيارة تاريخية للأردن، حتى كان المنتدى الاقتصادي العالمي يدق أجراس انطلاقته في البحر الميت، جامعا خبرات العالم في حيز مكاني تفوقت رؤاه وأخيلته حتى ضاقت بآمالها العريضة الأرضُ والفضاء.

وبالوتيرة العالية من التنظيم والتنسيق التي عزف بها الأردنيون كأوركسترا واحدة، من دون أي نشاز عندما اختار الحَبر الأعظم بلدنا لتكون باكورة حجه الرسولي في المنطقة، راح أولئك المتشبعون بروحية التحدي، التي غرسها في نفوسهم جلالة الملك عبدالله الثاني، يصلون الليل بالنهار حتى تأتلق أفكار زهاء 1500 مشارك في دافوس، وحتى تتوافر بنية نفسية ولوجستية لأولئك القادمين من جهات الأرض الأربع، كي يصنعوا صورة المستقبل، وكي يرسموا خريطة طريق تجنّب المنطقة والعالم الكوارث والعواصف والأزمات.

ولأنه لا يدرك الشوقَ إلا من يكابده، فإن المزارع الدؤوب يتذوق لذاذات ما غرسه بأنفاس تعبق بالنشوة والزهو. وهذه الثمار التي نحصدها الآن، بعدما تفوقنا على أنفسنا تنظيما وإبداعا وحسن ضيافة وأداء، تستحق أن تجعلنا مدججين بإحساس الظافرين الذين يطيلون النظر في نصف الكأس الملآن، فيمتلئ النصف الآخر بالأمل.

ولم يكن هذا الإنجاز الأردني الفريد وليدَ صدفة أبدا، بل جاء نتيجة تخطيط وتنسيق وجهد جبار. كما جاء تتويجا لسهر ليال متتالية رأيناها في عيون جلالة الملك الذي أولى دافوس العناية ذاتها التي أولاها لزيارة الحبر الأعظم، كما أولى من قبلها بأيام قليلة عناية بالقضايا العربية التي حمل بيرقها خلال لقائه التاريخي كأول زعيم في المنطقة يلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض.

كانت الإنجازات هذه وليدة التحام عزّ نظيره بين مركبة الديوان الملكي بسائر طواقمه، وبين المؤسسات التنظيمية الأخرى التي عمادها الجيش والأمن. وكم كنا مضمّخين بالفخر ونحن نرى الجنود الذين لوَّحتهم شمس الأغوار يلتمعون كالرماح فوق ذرى المرتفعات المحيطة بالطريق الممتد من عمّان إلى قصر المؤتمرات في البحر الميت. إن وقفة العز تلك هي ما يتعين أن ينعش أشواقنا ويثير فرحنا بأن على هذه الأرض ما يستحق التفاؤل والعطاء والتضحية.

من السهل أن ينكفئ المرء على نفسه المخذولة ثم يشرع في تقسيم العالم إلى فسطاطين: خير وشر. من السهل ذلك، بل ومن المريح أيضا خصوصا لأولئك المولعين بالفرز والتصنيف. لكنّ العقل الجدلي يضيق بذلك، ويذهب إلى المجابهة والسؤال والاشتباك، لأنه من دون ذلك لا يمكن لعجلة المخيلة أن تتقدم، ولا يمكن للعقل أن يوقد شرارته الألمعية.

وفي عالم الأزمات المتتالية، لن يُجديَ نفعا أن يبقى الأردن مرتهنا لنداء الوقوف العاجز، بل عليه أن يتقدم وأن يحتل موقعه على الخريطة وأن يقدم مشروعه السياسي والاقتصادي والتنموي. ومن حقه أن يطلق المبادرات تلو الأخرى، وأن يثبت للعالم أن بشرا عددهم بضعة ملايين بمقدورهم أن يلجوا المستقبل بنموذج خلاّق، وبإرادة تتكيف مع المتغيرات وبعزم لا يلين.

وليس معنى ذلك أن الأردن يفرّط بثوابته أو يتواطأ مع قوى الهيمنة والتوسع، بل معناه في بعده الغوري الخالص، عدم الركون لمنطق اليأس، وعدم الاستسلام لخطاب العدم. معناه النظر بمسؤولية أخلاقية شديدة الحساسية تجاه غد منطقة مأزومة ومشتعلة ربما نطفئ نيرانها بمبادرات عقلانية مستنيرة، وربما نسكب فوقها المزيد من النفط والبارود.

فأي خيار نريد؟

m.barhouma@alghad.jo


** الزميل الكاتب رئيس تحرير يومية الغد ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :