facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إلى إلياس ابن معاذ


د. محمد عبدالكريم الزيود
18-08-2018 12:23 PM

كُتب عليك اليتم مبكرا يا بني ، ها أنتَ تحملُ العلم الذي لُفَّ به جسد أبيك ، عليه بقيّة من دمه ومن عطره ، ومن أحلامه وأمانيه ، ربما ستدرك لاحقا ماذا يعني فراق الآباء ، ماذا يعني الشهيد معاذ "فتىً به سمرة" عندما إنطفئت مصابيح السلط أضاء دمه هو وفتية إرتقوا يومها نحو السماء .

كُتب علينا يا إلياس في هذي البلاد أن نكون الفقراء ، وعلّمونا في مدارس القرى مبكرا أن نكون الشهداء ، وأن نكون العسكر والحرس والجنود ، وأن نكون حماة الثغور ، من غير دمنا مهرا لهذي البلاد .

بعنا مبكرا يا إلياس ما تبقّى ممن ورثناه عن آبائنا حتى ندرس في الجامعات ، وعندما تخرجنا لم نجد وظيفة في "المشاريع " ولا في " الشركات " ، فتح لنا الجيش قلبه وقالوا لنا كُونوا "مشروع شهيد " ..!!

موجع دمعك ودمع كل أمهات الشهداء ، ونعرف أن الشهادة مكرمة من الله ، ولكن الموجع أكثر يا إلياس هذا الوطن مقسوم من المنتصف ، فقراء يحبون الوطن ويفدونه بالدّم ، وفاسدون يمتصّون الوطن ويتاجرون بنا وبدمنا ..!!!

نعرف دروب الجنوب والقرى المنسية ، ونعرف أن أباك نتاج تلك البلاد الفقيرة من كل شيء إلا من الطيب والشجاعة ، كان كلمّا عبر الطريق الصحراوي ، كان يعدّ أيام الشهر ليعرف متى الراتب ، فحياة العسكر تُبنى على الأقساط والقروض ولكن عندما يطلبون حياته يدفعها للوطن "كاش" .. لا يتردد ، ولا ينتظر ولا يتصل ، ولا يحسب ما تبقّى في جيبه ..

أمرُّ بوجهك يا إلياس وتمر ببالي وجوه أبناء الشهداء؛ جوان بنت راشد ، وكندة بنت سائد ، وكل أبناء الشهداء ، من يعوضهم عن غياب وجوه آبائهم ، لم مكتوب علينا وعليكم التضحية والفداء دون كل هؤلاء الذين يتسيدون الصفوف الأولى ، ويتصدرون المكاتب والكراسي والكوندشنات وعطر السكرتيرات ، أصحاب الربطات والمايكروفونات ، ومن يثقلون على قلوبنا في الشاشات والإعلام صبحا ومساء .

ستكبر يوما يا إلياس وتعرف أن هذا الوطن ظلمك وظلمنا كثيرا ، وأن هذي البلاد تنكر أبنائها وشهدائها ، وأن صوتنا ودمعنا سيجف كالبحر الميت ، وأنهم سرقوا ماء عيوننا، وسيتهموننا أننّا متشائمون ومتسلّقون وباحثون عن الشهرة ، أما من سرق بلادنا ودم شهدائنا فهم يرتقون اكثر والناس ما زالت تصفق لهم .

حماك الله وحمى الله بلادنا من كل حاقد وفاسد .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :