facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من اغتال من ياترى ؟!


حسين الرواشدة
04-09-2018 11:34 AM

اذا كان من واجب الحكومة ان تتحرك على الفور لاتخاذ التدابير الحازمة ضد الاشخاص الذين يسيئون الى "الشخصيات العامة" او يغتالونها( بالتعبير السياسي الدارج) ، فان من واجبها ايضا ان تتحرك لاتخاذ المقررات اللازمة لمحاسبة اي شخصية عامة اسأت للناس او اغتالت حقوقهم الشخصية والمدنية ،وبهذا تستقيم موازين العدالة بين الحفاظ على سمعة من يعمل في المجال العام والحفاظ على سمعة الناس وحقوقهم ايضا.

المفارقة الغريبة هي ان سهام نقدنا وخوفنا ، ناهيك عن مطالبنا، تنصب باتجاه محاسبة الاشخاص الذين ينشرون اساءاتهم على الفضاء الافتراضي حيث وسائل التواصل الاجتماعي ، فيما يغيب عن بالنا ما حصل على جبهتين : الاولى ما فعله بعض من يتربعون على المناصب تجاه المجتمع ، والثانية ما فعله هؤلاء بحق بعضهم بعضا ، ثم ما فعلناه جميعا بانفسنا وبلدنا ، فمن يلوم من ؟ ومن يعرف من اخطأ بحق ذاتنا الوطنية ومن اصاب؟

من اغتال من ياترى ؟ الاجابة الصحيحة ليست في الكلام الذي يطفو على سطح وسائل الاعلام باختلاف انواعها ، ولا في "البث" المباشر الذي تحول الى موضة عابرة لفضاءات الحدود ، كما ان العلاج ليس فقط في قانون رادع للجرائم الاكترونية يمكن ان يعبد الطريق نحو تكميم الافواه وينتهي بالمخطئين الى السجن، الاجابة اذا شئت: لا بد اولا ان تفهم ما حدث للناس، وان تعرف ماذا يريد الناس، وان تفك ألغاز ما تراه في المشهد العام، من مواقع المسؤولية الى الشارع، ومن الطالب في مدرسته الى الحزبي في حزبه والوزير في وزارته..

هنا فقط ما عليك الا ان تفتش في معادلة الدولة.. هذه التي نحتاج اليوم لإعادة النظر فيها كي تصبح قائمة على أساس العدل والكرامة والمواطنة الحقة والمسؤولية.. وكيلا تتحول الى مجرد قوانين عرجاء.. أو أمن غليظ أو سلطة تتحرك عند الطلب، أو دائرة ضريبية أو بحر عميق لا يترك فيه "الحيتان " مكاناً لبقاء سمكة واحدة.

يمكن ان تتساءل - ايضا - عن سر غياب المجتمع وعن اسباب استقالة الناس من السياسة وعن معنى ضعف المؤسسات والأحزاب، وعن جدوى تكسير الوسائط الاجتماعية والنخب الفاعلة والنزيهة، وعن نشوء طبقات جديدة من الانتهازيين وعن شيوع ثقافة "اكسب واهرب" وعن تراجع هيبة الدولة في عيون الناس، ستكتشف أن معادلة الدولة تغيرت .. وانها نسبت اليها ابناء جددا لم يخرجوا من رحمها للأسف.

تبحث - مثلا - عن رموز وطنيين فلا تجدهم، أو تفتش عن قيم للنظافة والاستقامة فتستعصي عليك حيلة البحث أو العثور، او تتصفح وجوهاً كانت تزن بميزان الموالاة والتأييد ثم تنقلب فتقف في مقدمة صفوف المعارضة..(اية معارضة) عندئذ يمكن أن تسأل : اين الدولة واين ابناؤها ، ومن تنكر للاخر ؟

خذ - مثلا - آخر، الناس البسطاء الذين تعبوا من اجل خدمة بلدهم، والتزموا بواجباتهم، وضحوا بأعمالهم لتربية ابنائهم، وعاشوا على الرغيف "الحاف" ثم اكتشفوا أن المطلوب منهم اكثر من قدرتهم وأن الفقر عشعش في بيوتهم، وأن ضريبة صمودهم وصبرهم كانت باهظة وأن غيرهم قد أثرى بطرق غير مشروعة هؤلاء يكتشفون أيضا - ولو متأخرين - أن الدولة تخلت عنهم .

باختصار ، تريد ان نفهم لماذا يغتال الناس بعضهم بهذه الطريقة البشعة ولما تراجعت الاخلاق العامة ؟

الاجابة هي انه حين تتجرد الدولة بفعل بعض من نزلوا بـ"البراشوت" على مفاصلها من دور الأبوة المفترض ان تمارسه مع أبنائها على ميزان العدالة والمساواة، تتحول الى "طرف" في النزاع، وهدف للعقوق والانتقام، وميدانا مفتوحا يغتال فيه الناس بعضهم بعضا باية وسيلة، وبدون اية غاية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :