كثر الحديث عن مشروع قانون ضريبة الدخل وقيل أن مكافحة التهرب الضريبي هي أهم أهدافه ويهدف أيضاً الى الوصول الى جيوب المقتدرين دون المساس بالطبقة الوسطى.

ولكن أليس من الممكن في بلد مثل الاردن أن نكافح التهرب الضريبي بالجزرة بدلاً من العصا وأن نشجع الاستثمار في آن معاً؟

معلوم أننا اصبحنا لاسباب كثيرة بحاجة لتعديل قانون ضريبة الدخل لتحصيل مبلغ من المال لرفد خزينة الدولة وهي حاجة يبدو أنها أصبحت ملحة. ومعلوم أيضاً أن زيادة العبء الضريبي تتناقض وتتعارض مع السعي لتشجيع الاستثمار. ومعلوم أن تشجيع الاستثمار أمر ملح أيضاً لحاجتنا لخلق فرص عمل جديدة لمئات آلاف الشباب والشابات سعياً لمنع تفاقم البطالة.
صحيح أن الدستور الاردني (العقد الاجتماعي) ينص على مبدأ تصاعد الضريبة وعدالتها ولكن روح هذا العقد تهدف الى حماية وصيانة المصالح العليا في الدولة (سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها). وبالتالي فإن التوجه لمكافحة التهرب الضريبي بواسطة الجزرة لا بواسطة العصا قد يكون أكثر نجاعة في زيادة ايرادات الخزينة من باب ضريبة الدخل دون أن تتسبب زيادة العبء الضريبي في تهجير الاستثمار وتناقص فرص العمل ومن ثم تفاقم مشكلة البطالة.
فلو أخذت الشرائح الضريبية شكل المنحنى بدلا من التصاعد الحاد لأمكن تشجيع المكلفين على الافصاح عن دخلهم دون تجنب أو تهرب سعياً للاستفادة من تنازل نسبة الضريبة بعد بلوغها الحد الاعلى لجزء من الدخل ولأمكن أيضاً تحفيز الاستثمارات المحلية واستقطاب وتشجيع الاستثمارات الاجنبية. لا بأس أن تبدأ الشريحة الاولى بنسبة مئوية من الدخل الخاضع للضريبة وترتفع تدريجيا لتصل الى 20% أو 25% ثم تبدأ بالتناقص التدريجي بعد ذلك وفي هذا ما يحفز المتهربين ضريبيا على الافصاح عن كامل دخلهم وفيه ما يشجع الجميع على العمل والانجاز. ولا أجد في مشروع قانون ضريبة الدخل ما يشجع الاستثمار أو يكافىء الافراد والشركات المنتجة للدخل وليس في تغليظ العقوبة ما يكافح التهرب الضريبي. دمتم ودام الوطن بخير.