facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من أجل لبنان


د. موسى برهومة
08-06-2009 05:29 AM

من أجل لبنان، بقينا حاملين قلوبنا بضراعة أن يجتاز هذا البلد "معركة" الانتخابات البرلمانية من دون أي خدش يجرح وجه الديمقراطية، ووجه ناسه العاشقين للحياة والذين اصطلوا بنيران الحرب عقودا طويلة.

ومن أجل لبنان.. من أجل أن يستعيد زهوَ الأرز، وأن يحتكم إلى الحوار المتمدن، نرجو أن تكون ماكينة الانتخابات ومفرزة الضغائن وباعثة المذهبيات من قيعانها الغائرة قد ألقت حمولاتها مع انبلاج نهار هذا اليوم الذي تتضح فيه ملامح الحياة السياسية المقبلة.

المراقبون الذين تابعوا وقائع الانتخابات أمس، وزميلانا اللذان أوفدتهما "الغد" لتغطية الاقتراع، والصحافيون العرب والأجانب اتفقوا على نزاهة الإجراءات التي تمت من خلالها الانتخابات، إذ لم يسجل أي خرق يثير الشبهة أو يشكك في آليات العملية.

ما الذي يتبقى بعد ذلك؟

التصريحات التي توالت من الأقطاب المشاركة في العملية السياسية اللبنانية على تناقضاتهم دفعت باتجاه الاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع التي ستحكم بغلبة تيار على آخر، وإن تكن هذه الغلبة طفيفة وسمة لكل ديمقراطيات العالم.

لبنان اليوم أمام لحظة تاريخية وافتراقية، فإما أن يمتثل حكماؤه إلى معطيات العملية الانتخابية ويسلّموا بنتائجها، وإما أن يدفعوا بالمجتمع ومكوناته الأهلية نحو الاحتراب والعسكرة، فنحو أي السبيلين يسير اللبنانيون؟

لقد كنت في لبنان قبل عشرة أيام، وشهدت وقائع احتقان لا مثيل له. المجتمع بأكمله واقف على فوهة بركان. الكل يزعم التفوق على "الآخر" والكل متأهب للانقضاض على "الآخر" والفتك به، وقدّرت أن ذلك نتاج آفة الانتخابات ومعضلة التحيز التي تسبق الاقتراع، حيث تفرغ الجماهير، بما هي كتلة غير صلبة، نزعاتها الباطنية في أتون هذا "العرس الديمقراطي"!

لكن، وقد ظهرت النتائج، فلا تبرير لبقاء هذه المعزوفة المذمومة، ولا عذر لكل من يحب أن يعمّم مناخ الاحتقان الأهلي ويجذره، وهنا تنبثق المسؤولية الأخلاقية للقوى السياسية واللاعبين الرئيسيين في هذه العملية التي لا يخفى أن دولا وأحلافا تراقبها وتحرك ماكيناتها.

الذين يطالعون كتاب التاريخ اللبناني المعاصر يلفتون إلى أن هذا البلد لم يمتثل يوما لقهر جماعة على أخرى إلا إذا كانت الدماء هي الفيصل والحكم. لبنان قام على التوافقية. والذين خرقوا هذا المبدأ المقدس هم من قاد هذا البلد الوادع والأنيق إلى الاحتراب. ومن أجل ذلك يتعين إعادة الاعتبار إلى الرؤى التوافقية، وإسناد فلسفة الحكم بروح الوئام المجتمعي رغم حدة التناقضات واتساع الهوة بين الممكن والمأمول.

هو صوت العقل ينادي في هذه اللحظة المفصلية، وهو نداء الغريزة الإنسانية التي تعبت من الركض تحت دوي المدافع، وهو استغاثة الأطفال الذين يحلمون بزمن لا تخترقه رصاصة ولا تمزق سكينته القذائف.

لقد تعب اللبنانيون من الخوف..

وتعبنا نحن العرب من خوف اللبنانيين وذعرهم من المستقبل الآتي، ونحلم، كما الأطفال، باستعادة لبنان المعافى من ضغائنه وجراحاته.. لبنان المرفأ الأصيل لمراكب النفوس المتعبة والأرواح التي هرّأها العسف والطغيان.

نحنّ لكي نتنفس لبنان ببحره وبأرزه وثلجه، وبأناقته وتعدديته وهوائه المنذوز للاختلاف..

ومن أجل ذلك كله، يصرع فينا الأملُ الألم، وتشتجر النزعات، ويساورنا القلق من أن تنتصر الضغينة على الحكمة، والمعول على حدائق الكريستال.

m.barhouma@alghad.jo

** الزميل الكاتب رئيس تحرير يومية الغد ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :