لعناية الدستور العراقي والمرجعية الرشيدة
22-09-2018 05:12 PM
عمون - بغداد - من مهند الدراجي - يحلق في الأجواء السياسية العراقية، سؤال مثير للجدل، من حيث الطرح والإجابة. وهو من يرشح عادل عبد المهدي لمنصب رئاسة الحكومة العراقية؟ حيث يزعم المرشح الذي لم يُرشح، بأنه بانتظار أوامر المرجعية الرشيدة في النجف، لكي يخاطب الكتل السياسية. وهذا يضعنا أمام سؤال آخر، يتناول الدور السياسي للمرجعية، وهل يعطيها الدستور العراقي مشروعية دور التدخل في اختيار رئيس الوزراء، كونها تمثل المرجعية الدينية للأغلبية المجتمعية في العراق؟ مع أن الإجابة سنجدها واضحة ومفصلة في الدستور، ولا يُعطى هذا الحق إلا من خلال السياقات الدستورية، بتنسيق يكفله الدستور بين مجلس النواب الكتلة الأكبر.
عادل عبد المهدي البالغ من العمر 76 عاما، يثير الضوضاء السياسية بتصريحات متناقضة، لم تحسم بعد. وثمة من يرى أن الدستور العراقي في مرحلة اختيار رئيس الحكومة، يعطل تلقائيا بانتظار رضا المرجعية الرشيدة، فهل نحن دولة ديمقراطية أم دولة دينية؟
إذا كان عادل عبد المهدي هو فعلا رجل المرجعية كما يقول سماحة السيد مقتدى الصدر، وانه سيفرض رغما عن كل الأطراف السياسية، لماذا لغاية الآن لم يتحدث ولو خارج الأطر الرسمية مع "تحالف البناء"؟ حيث أنها الكتلة الأكبر الواضحة معالمها، بحكم فشل كل الكتل الأخرى أن تغطي الفارق الذي يتجاوز 50 مقعدا.
إن الحياة الديمقراطية في العراق، تحديدا في هذه الظروف، مرهونة بقدرة العراقيين على اختيار رئيس حكومتهم، وفقا للأطر الدستورية، التي لا تتضمن المرجعية الرشيدة. التي نكن لها كل الاحترام والقدسية، ولا نريد لها أن يقال يوما ما أن تدخلها في الحياة السياسية أفسدها.
كل القيادات العراقية من مختلف المكونات المجتمعية، تكن الاحترام لدور المرجعية الديني، لكنها تعتقد بأهمية، بقاء هذا الدور الوازن وفق إطار الدين والمجتمع. ومطلوب منها أن تدعم بثقلها نجاح العملية الديمقراطية في العراق، وهذا أمر تستطيع أن تفعله بسهوله. من خلال التلميح أو التصريح بضرورة قيام العراقيين باختيار رئيس الوزراء وفقا للسياقات الدستورية الخالصة، وتبارك هذه العملية، وبالتالي يصبح لدينا نهج سياسي محترم، للمضي فيه دون أن ندخل كل أربع سنوات في هذا اللغط السياسي المُعطل.
وبالعودة عن سؤال من يرشح عادل عبد المهدي، ومن يريده في سدة الحكم، فهذا أمر تدور حوله الدوائر السوداء، وكنت قد تحدثت عنه بإيجاز سابقا، ولكني بت على قناعة استقرت في يقيني وفي يقين من يشاركني، أن من يريد عبد المهدي رئيسا للوزراء، لا يريد الخير للعراق، وإنما يريدون دمية ضعيفة بدون سيادة، ليحكموا العراق من وراء الكواليس. وأما عن الدور الأجنبي والتدخل في اختيار رئيس الحكومة، سنخصص له مقالا منفردا يوضح تفاصيله ومالاته.
أسئلة هذا المقال نضعها أمام الرجعية الدينية الرشيدة والقائمين على الدستور العراقي، الذي يجب أن يكون المرجع الأول والأخير الناظم للعمل السياسي في العراق الذي استطاع أن يشكل نواة للديمقراطية ولكنها لم تنضج بعد.