facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل لحومُ العلماءِ (فقط) مسمومة!


أ.د. خليل الرفوع
04-10-2018 01:06 PM

هي مقولة قد قالها الحافظ أبو القاسم ابن عساكر الذي عاش في القرن السادس الهجري صاحب تاريخ دمشق:" إن لحومَ العلماء مسمومة، وعادةُ الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة" ، فهي ليست حديثا نبويا كما أنها ليست مقولة لصحابي أو تابعي ، وقد تجد من يستشهد بها ليدفع عن علماء الدين غِيبةً أو نميمة ، وهي صحيحة - من حيث - إذا فُهمت بمسّ أي إنسان أكان عالما أو غير عالم بظلم أو افتراء أو غيبة أو بهتان، فالعلماء غير معصومين وإن كانوا ورثة الأنبياء ، كما أنه بالضرورة لا يهوِّن من غِيبة غيرهم ، وقد قال الله في كتابه الكريم " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم" الحجرات/12. فقد نهت الآية الكريمة عن الظن سوءًا والتجسس والغيبة ، وشبَّهَت من يفعل ذلك بالذي يأكل لحوم أقرب الناس إليه ، وهي صورة منفرة مقززة تخرج الإنسان من عالم الإنسانية إلى عالم الافتراس الحيواني البغيض .أما أن يستشهد بها بعضُ من أوتي علما أو شيئا من علم ليدفعَ عن نفسه نقدا حاضرا أو غائبا وكأنه نبي معصوم فهذا يتنافى مع مجادلة العلماء وتجريح من يخطئ في رأيٍ أو فهم . فالمقولةُ صحيحةٌ إذا قُصِدَ بها الناسُ جميعا ، وخاطئة إذا خُصِّصَ بها طائفةٌ من الناس علماء وغير علماء ، ولنأخذها على المحمل الأول توافقا مع الآية القرآنية السابقة وتماهيا مع قوله تعالى : ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات/13. فالناس كلهم بنو رجل واحد وامرأة واحدة كافرهم ومؤمنهم ، أبيضهم وأسودهم ، عربيهم وأعجميهم ، شريفهم ووضيعهم ، غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم منْ عرفتَ ومَنْ لم تعرفْ. إن أخطر ما تعاني منه مجتمعاتنا الغِيبة ، وهي مرض قلبي عقلي بل لتجد مَنْ يستشهد بمقولة ابن عساكر وهو في المجلس نفسهِ يغتاب الناسَ ويقدح في أعراضهم وقد عرَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيبة بقوله: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. رواه مسلم.
ففضح الناس وتتبع عوراتهم عاداتٌ بغيضة تكون نتيجتها أن يفضح الله المغتاب ولو في جوف رحله ومخْدعه .فمن يأكل لحم أخيه ويقع في عرضه سيفضحه الله ولو بعد حين . والعَالِمُ الحقيقي هو من يكفُّ الغيبةَ عن نفسه ، ويَجُبُّ النميمة عن لسانه ؛ فلا يقول إلا حقا فالحق يدمغ الباطل ، وهوى النفس هو ما يجلب على صاحبه القيل والقال ، إننا في زمان كثرت فيه اللحوم المسمومة لكثرة الثرثرات بألسنة حِداد وآذانٍ مفتّحة وقلوب ران عليها كِبْرُ الأنا.
وبعدُ،
فالعلماء الرَّبانيون الذين هم أكثر الناس خشيةً لله لن تؤكل لحومهم ولن تنالَ منهم الألسنة ، فلِمَ يخافون إن كان كل صغيرة وكبيرة تحصى وتدَّخر في كتاب الله ليوم الحساب أو يُعَجل بها فينقم ؟ ولمَ يخوِّفون الناسَ من لحومهم وحسب ؟ فلحومُ الناس جميعا وعظامهم ودماؤهم مسمومة محرَّمة إلا بحقها





  • 1 خالد الشرفاء 10-10-2018 | 10:10 AM

    مقال ادبي رائعلا بمعنى الكلمة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :