facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رحلة الموت من جِوار البحر إلى برزخ القبر


د.هشام المكانين العجارمة
26-10-2018 02:28 AM

يوم عصيب على الأردنيين جميعاً وهم يراقبون بعين الألم والحسرة فراق فلذات أكباد كانوا بين أحضان الأمهات ليصبحوا بين أحضان السيول الجارفة لينتهي بهم الأمر من أخفض بقعة بالأرض إلى أعلى نقطة في السماء.
في رحلة الموت التي وصفها الكثيرون حيث لا إنكار للقدر تبقى أسئلة الاستنكار والاستفهام حاضرة، من المسؤول؟ وإلى متى؟ ولماذا هذا التقصير الواضح!
أنا لا أتحدث عن الجهود المبذولة في البحث والإنقاذ فهذا أقل ما يمكن وصفه أنه واجب الإنسانية وفزعة الوطن التي لطالما اعتدنا عليها من نشامى الوطن عسكريين كانوا أم مدنيين، ولكن التقصير في من أوصلنا لهذه المرحلة، حتى نرى آباء مكلومين وبعض أمهات عصف بهن حرقة الخوف وأخريات باتت ثكلى عاث فيهن ألم الفراق والرحيل، كما عصف بنا كَذَلِك.
التقصير واضح، وليس من اليوم، كما أنها ليست التجربة الأولى التي نمر بها، وفي كل مرة نقول ونحذر ولعل آخر تحذيراتنا تلك المتعلقة بظروف السلامة العامة والأمان في حافلات نقل الطلبة التي باتت كمن يشارك في سباق للراليات الحافلات! ولكن لا حياة لمن تنادي!، نهتم وقت الحدث، ونهمل أوقات أخرى.
اليوم الأسرة الأردنية الواحدة بقيادتها تنعى رحيل ثمانية عشر طفلاً وأصابة ما يزيد عن اثنان وأربعين آخرين من الأطفال والمعلمين والمرافقين حتى لحظة كتابة المقال هذا، وإننا برحيل من نعتبرهم نصف الحاضر فإننا ننعى كل المستقبل، وبين ذلك الرحيل وهذا النعي نكذب على أنفسنا بقولنا:" نحن على إطلاع "و"نتابع " وفي واقع الحال نحن إن كُنّا مطلعين لسنا متابعين، نهتم فقط بما تنشره ألستنا! أو توشحه أقلامنا!، ولعل خير دليل على ذلك تلك التصريحات التي طلت بها علينا وزارة التربية بأن مسار الرحلة كان للأزرق وليس للأغوار، وكأن واقع الحال يفرق كثيراً ! خاصة في ظل التحذيرات الكثيرة حول عدم الاستقرار الجوي، فالازرق كذلك طريقه مفتوح رملي وعاصف وليس بأقل خطورة من طريق الأغوار وظروفها، والسؤال هنا: ألهذا الحد تمتلك إدارة المدرسة الجرأة بتغيير مسار رحلتها دون إعلام وزارة التّربية؟ أم إنها اعتادت كغيرها على ذلك لعدم المتابعة ؟ أم أن إدارة المدرسة أو العاملين في التربية لا يميزون بين الأزرق وزرقاء ماعين حتى يطلبها الأول أو يمنحها الأخير؟
لا شك أن الاستهتار واضح وعدم الإكتراث واضح أكثر، كما أن اللوم لوزارة التربية بعدم المتابعة قائم كذلك. أنا لا ألقي اللوم على وزارة التربية وحدها أو صناع القرار فيها، ولكنني ألقيه كذلك على المدرسة والأسرة وإلى المسؤولين عن الحماية المدنية على امتداد المنطقة الواصلة بين زرقاء ماعين وحتى البحر كذلك، إذ كيف نقبل بتسيير رحلات في ظروف جوية استثنائية؟ كيف نسيّر رحلات مدرسية والفصل الدراسي لم يمضي عليه أسابيع معدودة! ُهنا لا زلت أذكر ذلك المواطن الذي سمعته على الهواء مباشرة عبر إحدى الإذاعات الأردنية يشكو مدرسة تطلبه دفع رسوم رحلة لطفله رغم أن طفله لم يستلم الكتب المدرسية بعد! وإزاء ذلك فإن كانت الرحلات المدرسية التي باتت شغل بعض المدارس الشاغل هو دليل على تميزها وليس لنا فيه خيار فشاهت المدارس تلك وسحقا لذلك التميّز كذلك، ثم هل ضاقت علينا الأرض الأردنية بما رحبت لنختار لأطفالنا مناطق وعرة هي الأخطر في هذه الظروف الجوية الاستثنائية! ولو افترضنا أن الرحلة قد سُيرت بحسب ماتم الموافقة عليه إلى الأزرق حقاً فهل هي الأنسب في هذه الظروف كذلك؟ ثم ألم نسمع بالتحذيرات الكثيرة حول سوء الأحوال الجوية ! ألم نسمع بهدير السيول الجارفة على امتدادها من ماعين للبحر ونحذر منها! أليس لدينا خطة مرنة قابلة للتعديل أو التأجيل أو الإلغاء في برامج أنشطتنا ورحلاتنا! أم أن برامج الرحلات قائمة قائمة حتى لو قامت الدنيا ولم تقعد!
قلوبنا حقاً انفطرت من هول الفاجعة، وما حدث ليس بأقل بأن يوصف بأنه جريمة حرب يجب أن يحاسب عليها كل من له علاقة أو قصّر بواجبه كان من كان، خاصة وأن مشاعر ذوي الأطفال -الذي لم يُعثر عليهم أطفالهم بعد - لن تسكن أو تهدأ إذ أخذوا على عاتقهم البحث بأنفسهم عن أطفالهم بعد تعذر عمليات البحث على أن تؤتي ثماراً غير الألم أو خيبات الأمل.
ختاماً
المستهترون من مسؤولينا إلى أسفل سافلين، أما أطفالنا الأبرياء فإلى عليين بقدرة القادر المتين.
نهاية
لأطفالنا الرحمة ولذويهم وللأسرة الأردنية الواحدة جميل الصّبر وحُسن العزاء ولجهود البحث والانقاض ألف تحية وعظّم الله أجرك يا وطني.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :