facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مؤتمراتُ جامعاتنا (الحوارُ مع مَنْ )


أ.د. خليل الرفوع
27-10-2018 06:38 PM

يلحظ المتابعُ في السنوات الأخيرة تدافع جامعاتنا لإقامة مؤتمرات وطنية أو إقليمية أو دولية تتناول قضايا مهمة وفي طليعتها دائما الإرهاب ، وهي مضامين تستحق أن يكتب فيها ويُحاضرَ عنها ويُـتـناقش حولها ؛ لأنها تتشابك مع الأمة كلها فكرا وسلوكا وما يصيب الأمة يصيب وطننا وما يصيب وطننا يصيب الأمة ، هي قضية خطيرة واقعًا ومستقبلا ، ومعالجتها لا تتوقف على عقد مؤتمر هنا أو هناك بل بمارسة فكرية سلوكية تبني مجتمعا لا يتنازعه الظلم والفساد والوهم والجهل ، ولو أراد أولئك الخارجون على القانون أن ينتصحوا لرُدِعوا من كتاب الله وما فيه من آيات محكمات تنهى عن ترويع الناس وإرهابهم وقتلهم ، وليس هذا المقال يهدف إلى تناول أسباب الإرهاب ومظاهره ونتائجه ، بل يهدف إلى استجلاء هذه المؤتمرات ونتائجها في جامعاتنا ومؤسساتنا البحثية ، فالدعوات تُرْسَلُ قبلا إلى باحثين متخصصين قد قدموا الأوراق نفسها في مؤتمرات سابقة أي تدوير تلك الأوراق في عدة مؤتمرات فلا تدقق من منظمي المؤتمر ولا تُحكَّمُ ، لأن المهم هو عندهم : الدعاية الإعلامية للجامعة أو للمركز البحثي بلا اهتمام بمضمون تلك الأوراق ، أقول : أوراق ( لأنها كتبت على عجل ) وليست بحوثًا علمية ، والمهم هو مشاركة أسماء مشهورة لأن الهدفَ المبطنَ هو (كاريزما ) الاسم وليس الفكرة ، لهذا يجد المتابع أن جميع المشاركين يحملون الفكرة نفسها أي البحث في الظاهرة من حيث نتائجُها وليس أسبابها ، وجميع الناس يعرفون النتائج المدمرة ، والأمر الخطير هو أن المشاركين يتحاورون في قاعات مغلقةٍ مكيفة صيفًا أو مدفَّأة شتاءً، وكل مؤتمر يبدأ بكلمات إنشائية خطابية يعقبها استراحات قهوة ثم ينفض المدعون منتظرين وجبات الغداء والجولات السياحية ، ويبقى المشاركون في قاعات شبه خالية ، وفي أحيان يجلبُ الطلبةَ بعضُ الأساتذة المشاركين لحضور الجلسات لكنهم سرعان ما ينصرفون إذا ما غاب أساتذتهم طرفة عين ، والأصل أن المؤتمر يعقد من أجل أولئك الطلبة ، وأغلب مَنْ يشارك من خارج الأردن يأتون للترفيه والسياحة على حساب الجهات الداعية والداعمة ، وأما أكثر المشاركين من داخل الأردن فهم يبحثون عن مواقع سياسية أو أكاديمة أو إعلامية ، ولعل هذا ينسحب على أكثر المؤتمرات في جامعاتنا . وفي نهاية تلك المؤتمرات تحفظ أوراقها حينا من الزمن ثم تضيع في أدراج الجامعات أو تُـتْلف ليصار إلى دعوات جديدة .

إنه واقع مؤلم تسير فيه جامعاتنا ، وكان الأولى أن تتوافق فيما بينها لنتخلص من التكرار من الأسماء والمضامين المكرورة في ظل اللاجدوى من عقد مؤتمرات لا تخرج بأفكار يمكن تطبيقها واقعيا إجرائيًّا وتستفيد منها الجهات الأمنية ومؤسسات الدولة المختلفة ، فهل يُـعقد في الجامعة نفسها جلسات لتقييم لتلك المؤتمرات وفرز الغث من السمين كي تُغربل وترسل إلى المؤسسات ذات العلاقة ، بدلا من نشر صور المشاركين على منصات التواصل الاجتماعي استعراضًا ومباهاة ، وللأسف أن بعض من يشارك لا يستطيع أن يقيم جملة فصيحة معبرة دالة فكيف يُؤصِّلُ تنظيرًا لظواهر خطيرة تمس الأمة في صيرورتها .

وبعدُ ، فنحن بحاجة إلى تجديد في الفكر واللغة في الدراسات الإنسانية كي تخرج من أطرها التقليدية إلى مستويات النقد الحقيقي الذي يبحث عن الحقيقة ، بحيث لا يكون تابعًا للثقافة الإعلامية السائدة ، ولو نظرنا إلى الوطن قبل عملنا وأثناءه لتخلصنا من استعراضات أكاديمية بائسة لا تنفعه بل تضره بما يُنـْفـَقُ من أموال وجهود ودعايات لا تفيق نائما ولا تنبه غافلا ، فضعف الأوراق البحثية وركاكة أسلوبها وسطحية معالجتها مُنَبِّهَاتٌ ينبغي أن تهزَّ القائمين على تلك المؤتمرات ومسؤولي وزارة التعليم العالي كي يقفوا على أطلالها متأملين ، فليست القضية كم نعقد مؤتمرا بل ماذا استفاد الوطن منها وكيف ، كي لا نبقى في دائرة السخرية الهزلية للشاعر ابن سودان الجركسي في قوله:

كأنـَّنا والماءُ مِن حـــولنا / قــــــــومٌ جلوسٌ حولَهم ماء

والأرضُ أرضٌ والسماءُ سماء / والماء ماءٌ والهواء هــواء
والمشي صعبٌ والركوب نزاهة ٌ / والنوم فيه راحةٌ وهناء

كل الرجالِ على العموم مذَّكر / أما النساءُ فكلهنَّ نســـــــاء





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :