facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من وحي الفاجعة .. ثقافة المكابرة


أ.د. خليل الرفوع
30-10-2018 05:22 PM

المكابرةُ وتضخمُ الأنا في أعضاء هذه الحكومة أهمُّ ما يميزُها ، ولعل ما يميزهم إضافة إلى ذلك هو أنهم لا يعتذرون ولا يسمعون لغيرهم أن يخطِّئَهم، ولا يتحملون أخطاء وزاراتهم أفرادا وإداراتٍ ، تلك المكابرة رأيناها في مواجهة مجلس النواب وفي مواجهة الناس أثناء الاجتماعات في مجالس المحافظات منذ أيام معدوداتٍ وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ؛ فكانت التضحية ببعض الوزراء سدًّا للذرائع وتجفيفًا للاحتقان الشعبي في تشكيلها الأخير، حينما يُصِرُّ بعضُ النواب على رفض وزير فعليه أن يعيدَ حساباته في نفسه ويتلمس ما حولَه ويستشير ويستخير، ففي واقعنا الديمقراطي - المفترض - أن النائب منتخب وأن الوزير ليس كذلك، وحينما يصر وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي، ووزيرة السياحة ووزير الأشغال على عدم الاستقالة في حدث فجائعي كارثي استشهد إثرَه أطفال ومعلمات ومواطنون أبرياء فهذا يعني أحد أمرين: إما أنهم لا يبالون بأرواح المواطنين، وإلَّا فما الذي منعهم من تقديم واجب العزاء لذوي المتوفَيـنّ رحمهم الله، وبخاصة وزير التربية والتعليم، أم أنهم يخشون من ردود أفعال الأهالي، فإذا كان الأمر كذلك فالمسئولية الأخلاقية تقتضي استقالةً غيرَ مأسوف عليها، وإما أن رئيس الوزراء الذي اختارهم غير قادر على تطويعهم وكبح جموحهم الاستعلائي فغضَّ الطرفَ عن تبعات مسئولياتهم كما غض الطرف نفسَه عن غيرهم من قبلُ، وبالتالي فهو مطالب بتقديم استقالته ليرتاح ويريحَ، ففي كل ديمقراطيات العالم المتقدم إن حدث ما يشبه ما وقع عندنا أو قريب منه يظهر المسؤول الأول إن كان وزيرا أم رئيس وزراء ويعلن على الملأ اعتذاره، ويقدم استقالته بجرأة وطنية وأخلاقية ولا يحمِّلُ مَنْ فوقه أو من تحته أخطاء موظفيه، وأما نحن فنكابر ونتسابق في تشكيل اللجان، ولا تكمن الشياطين إلا في أوراق تلك اللجان وأقلامها إن قُدِّر لتلك الأقلام أن تكتبَ الحقَّ ولتلك الأوراق أن تظهر وتُعْلَنَ للناس، وما حادث قلعة الكرك ببعيد.

كان على رئيس الوزراء ووزرائه أن يسألوا أنفسهم ، لماذا يجمع الأردنيون على حب وصفي التل رحمه الله، وكان عليهم أن يقرؤا سيرته وصدقه ورجولته وجرأته وبساطته لكي يحسنوا الاستماع للآخر وإن كان على خطأ، وماذ يعني أن يبقى الوزير وزيرا في وزارة لا تبغيهِ ولا تطيقُه؟ وماذا يعني ألا يتحمل وزير خطأ أحد موظفيه، فأحد الوزراء السابقين بعد أن وُشِّحَ قرارُه بإرادة ملكية سامية، وقد كان يتضمن أخطاء كثيرة حَمَّلَ أحدَ الموظفين المسئوولية وشكل له لجنة تحقيق كي يفلت هو من تبعات تلك الأخطاء وقد أعلن ذلك على شاشة التلفزيون الرسمي الذي لا يزال في شرنقته أينما توجِّهُهُ الحكومةُ يتوجَّـهُ ولا يأتي بخير، وهو كَلٌّ عليها وعلى الوطن، ففعل ذلك الوزير يشبه ما يفعله وزراؤنا الثلاثة روحا وشكلا، فوزير التربية وقع في أخطاء وتناقضات فحكم بمسؤولية المدرسة قبل أن يعرف حيثيات الواقعة ومعطياتها وتوابعها، ثم شكَّلَ لجنةَ تحقيق لمحاسبة المدرسة تزامنا مع إغلاق المدرسة ثم تراجع عن قراره، ووضع نفسه في اللجنة الوزارية وهو متهم بالمسؤولية، ولا نعرف هل سيكون في لجنة مجلس النواب أيضا..! هذا المجلس الذي استيقظ أخيرا بعد هجوع صيفي فوجد أن مجلس الوزراء لا يزال موجودا ومحميًّا ويسير بقوة دفع ذاتي أكبر وأشد من قوته.

ليس فضيحة أن يسقيل ثلاثة وزراء ويُسْتَبْدَلُوْنَ بوزراءَ عملوا وتدرجوا في تلك الوزارات، لأنهم بذلك أدرى وأعلم بتفاصيل الأمور صغيرةً وكبيرةً، أما أن يُـؤتى بوزراءَ لا دراية لديهم ويُسْقَطُونَ إسقاطًا على كرسي دون خبرة ومعرفة مؤكدةٍ بشؤون مَنْ يُـدِيرون فتلك مصيبة لم يعد الوطن بقادر على غفرانها، فحينما يكذب الأب على أبنائه أول مرة يغفرون له كذبه، ثم إن كرر فعلته يُـدارونه، وفي الثالثة يصارحونه وينصحونه فإن عاد فـيتـبرُّون من أقواله وأفعاله، وما فضحَ إلا نفسه، والمصيبة أن هؤلاءِ الوزراءَ يعلمون أن الناس قد علمت من أخطائهم ما قد علمت، فهل سيستقيلون احتراما للملك الذي أولى ثقـتَـه الساميةَ بهم، ولكل طفل قضى نحبَـه وصرخ بأعلى بكائه ساعة موته، ولكل أم وأب لا يزال ينتظر أوبة ابنه أو ابنته محمليـن بواجباتهم وابتساماتهم وقصصهم وطفولتهم وبراءتهم وأحضان دافئة ترمقهم بالحب، نقول من أجل أرواح أولئك الأطفال التي ستبقى تحوم حول حِمَى أرواحكم، استقيلوا وإن لم تستقيلوا فاصمتوا حتى يُحْـدِثَ اللهُ أمرًا كان مفعولا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :