facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأرْدُنْ واستراتيجية الخطوط المفتوحة


د. محمود أبو فروة الرجبي
31-10-2018 07:42 PM

قَامَتْ السياسة الأردنية مُنْذُ إنشاء الدَّوْلَة عَلَى استراتيجية الخطوط المفتوحة مَع الجَمِيع، والتوازنات الاستراتيجية الَّتِي تُعوَّض النقص فِي بَعْض أدوات القوة الَّتِي مردها إلى صغر مساحة الأرْدُنْ، وقلة إمكانياته فِي مجالات مُتَعَدِدَة، ووجوده فِي بؤرة الصراع مَع المحتل الصهيوني، وَفِي مَرْكز المُشْكِلات العَرَبية الَّتِي لا تنتهي، ناهيك عَن عدم جدوى الاعتماد الكامل عَلَى أي دولة عَرَبِيَّة نتيجة ظروف مُعَيَّنَة، وهَذَا فرض عَلَى الإدارة الأردنية الأخذ بالاعتبار كافة المعطيات، والحسابات الدَّقيقَة فِي كل خطوة يتم عملها، خوفًا من اختلال المعادلة الَّتِي تَسِير عَلَيْهَا.
أثبتت هَذِهِ الاستراتيجية نجاعتها لِوَقْتٍ طَويل، وَتَمَكَّنَ من خلالها الأرْدُنْ العبور بأمان من خِلال منعطفات خطيرة ألَمَّت بمنطقتنا العَرَبية والعالم، وَفِي المرات القليلة الَّتِي وصلت فِيهِا الحَالَة إلى مرحلة التأزم الخطير، تَمَكَّنَ الأرْدُنْ من احتواء الأزمات، وَالخُرُوج مِنْهَا بأقل الخسائر مُستخدمًا أسلحة الحكمة، وَالذَّكَاء، وأسلوب إدارة الأزمات.
وَفِي الوَقْت الحالي فإن كثيرًا من المعادلات تغيرت، وأصبحت السياسة فِي العالم أكثر خطورة، ولعل ما تَقُوم بِهِ الإدارة الأمريكية عَلَى سبيل المثال من أسلوب فظ قائم عَلَى عدم مراعاة حلفائها التقليدين، والبعد عَن مجاملتهم، وتقدير الحساسيات الداخلية مَع شعوبهم، والانحياز الأعمى لدولة الاحتلال، والتحول بالولايات المتحدة الأمريكية من دولة منفقة وممولة إلى أخْرَى قابضة، وجابية – إذا صح التعبير- أحدث خَلَلا فِي سياسات كانَت راسخة فِي السياسة الأمريكية قائِمَة عَلَى مراعاة مصالح الدُّوَل الأخرى بحدها الأدنى، وَجَعَل من التَعَامُل مَع الإدارة الأمريكية أكثر صعوبة، ويشكل خطورة كَبِيرَة عَلَى الحلفاء قبل الأعداء.
كثير من الدُّوَل بدأت تغير من تحالفاتها الاستراتيجية، والتوجه نَحْوَ البديل الروسي أوْ الصيني أوْ كِلاهُمَا معًا سواء فِي مَجَال المعاهدات، أوْ تزويدها بالأسلحةِ، أوْ ربَّمَا الحُصُوْل عَلَى الحماية مِنْهَا، وَلَكِن فِي المقابل فإن دولاً أخْرَى ومِن ضمنها الأرْدُنْ لَا تمتلك ترف مثل هَذِهِ التغيرات، لصعوبات داخلية، وخارجية، ولموقف الأرْدُنْ الحساس خاصة من القضية الفلسطينية، وَالمُقدَسات الإسلامية والمسيحية، وَمَوْضوع الرعاية الهاشمية للمقدسات والَّذِي يعد خطًا أحمر عند الدَّوْلَة الأردنية بكافة مكوناتها.
إذا مَاذَا يَفْعَل الأرْدُنْ فِي ظل هَكَذَا ظروف، خاصة أن المَنْطِقَة العَرَبية تعج بالمشكلات، وأصبحت سياسة من ليْسَ مَعِي فَهْوَ ضدي هِيَ السائدة فِي غالب الأحوال عند أكثر من دولة، إضافة إلى الوعود الَّتِي لا تنتهي بالمساعدات، وبعضها يتأخر، أوْ لا يأتي.
من المهم أن يحافظ الأرْدُنْ عَلَى سياسته المتوازنة، وَفِي الوَقْت نَفْسه أن يفتح خطوطه عَلَى الجَمِيع، وأن يُنَوِّعُ فِي خياراته السياسية والاقتصادية، وَفِي تزويداته فِي مَجَال الطاقة، والأهم من ذلِكَ كله هُوَ تقوية الجبهة الداخلية، وَالسَّير قدما فِي عملية الإصلاح التدريجي، ومحاربة الفساد، وإصلاح العَلاقَة بَيْنَ المواطن وَالدَّوْلَة، وَمُحَاوَلَة إعادة الثقة لَهَا، كَيْ يَشْعر المواطن الأردني بالأمان، وبأن دولته تعمل من أجله.
التحصين الداخلي مهم، وهُوَ الطريق لمزيد من القوة، وكلنا يعلم ومِن خِلال التاريخ أن دولاً قوية جدًا انهارت بسبب الخلل الداخلي، وَأخْرَى متواضعة القوة صمدت إلى النِّهايَة بتكاتف أبنائها، ومكوناتها.
سيبقى الأرْدُنْ قويًا ما دام شعبه واعيًا، وَمُتضامنًا، وقادرا عَلَى أن يَكُون حَكِيماً، وعصياً عَلَى الوقوع فِي فخ المؤامرات، والإشاعات، وَالمَطْلُوب من الحُكومة فِي هَذِهِ المرحلة أن تقترب أكثر من الشعب، وتبحث عَن وَسَائل تحسين الاقتصاد ليشعر بِهَا النَّاس كلهم، ووقتها سنكون بأمان، والله الحامي.

Mrajaby1971@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :