facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكاتب محمد الماغوط .. يحاكم الواقع العربي


يوسف عبدالله محمود
04-11-2018 06:26 PM

لعمرك ما الابصارُ تنفع اهلها اذا لم تكن للمبصرين بصائرُ

بمفردات لاذعة يحاكم الكاتب والأديب السوري الراحل محمد الماغوط الواقع العربي المعاصر. يقول: "حتى تكون شاعراً عظيماً عليك ان تكون صادقاً، وحتى تكون صادقاً عليك ان تكون حُراً، وحتى تكون حُراً عليك ان تعيش، وحتى تعيش عليك ان تخرس!".

وفي نقد مرير آخر لحال الأمة العربية، يضيف: "الأمة العربية فريدة في الأسس التي تقوم عليها جميع الأمم مبنية أسسها على اللغة والتاريخ والدين، ما عدا الأمة العربية، فالأسس التي تقوم عليها هي: اللغة والتاريخ والدين والخوف!".

وبنبرة درامية يقول: "من انتم؟، نحن عرب، وما تشتغلون؟ لا نشتغل العالم يشتغل بنا!".

كلمات الماغوط عميقة الغور، واسعة الدلالات تركز على واقع عربي مثير للشفقة، واقع تصدّعت اركانه، يخيم عليه "الخوف". الخوف من السُلطات الحاكمة التي تقمع كل من يعارضها، عليك حتى تعيش –وكما يقول الماغوط- أن تخرس!

ويل لأمة "تخرس" وتترك للآخرين يرسمون لها مصيرها!

حرية النقد غير مكفولة، عليك ان ترضى بِ"التدجين" إن اردت ان تعيش!

الموافق التراجيدية التي يتعرض لها اصحاب الرأي ممن يعارضون النظام الحاكم في الكثير من أقطارنا العربية والاسلامية، يتعرضون للقمع. تظلّ كمثقف نديماً لهذا الحاكم او ذاك ما دمت ترى نزواته رُشداً واستبداده صلاحاً! أما اذا أستفاق ضميرك فجأة فغمزت من قناته، فالويل لك!

هذا الإرث كان حاضراً أيضاً في ازمنة عربية قديمة باستثناء عهد النبوة وعهد الخلفاء الراشدين بصوة عامة. خذ مثلاً مأساة "الحلاّج" الذي ظل ينتقد تجاوزات الخلفاء العباسيي، وحين ضاقوا ذرعاً به اقتادوه الى ساحات بغداد وصلبوه.

هذا الموقف السادّي الذي تعرض له الحلاّج لم يتعرض له من نادَم حكام عصره وزيّن ونمّق وبَرّر اباطيلهم!

تحضرني هنا عبارة للكاتب العالمي همنغواي يقول فيها: "الكاتب يجب ان يكون كقديس الرّب، لا يقول سوى الحقيقية". "الحقيقة" في عالمنا العربي مَجنيٌّ عليها، صادرها أعداؤها.

في مجتمعاتنا العربية بصورة عامة لا يجوز للوعي النقدي ان يرتفع سقفه فينتقد ما يراه مبتذلاً أو منافياً للعدالة. ممنوع عربياً ان يسمو هذا الوعي النقدي بعقلية الانسان العربي فيتاح له ان يعبر عن رأيه بحرية.

محمد الماغوط كان واقعياً حين أجرى هذا الحوار المتخيّل: من انتم؟ نحن عرب، ماذا تشتغلون؟ لا نشتغل، العالم يشتغل بنا!

بمعنى آخر يريد ان يقول إن العالم –عالم الأقوياء (عالم الامبريالية)- هو الذي يفكر لنا، يفكر نيابة عنا! لا يجوز لأحد ان يشكك في نزاهة تفكيره. اما السؤال المشروع هنا فهو: لماذا يشتغل العالم بنا؟ اهي الرأفة بحالنا ام أنها أساليب الامبريالية التي تعمل على تخريب الشعوب لتصبح شعوباً معطوبة ومشوهة كما يريد ولاة أمور هذه الشعوب، ولا اقول كلهم.

أعود الى مفردات الماغوط التي جعلت من "الخوف" مرادفاً ل"اللغة والتاريخ الدين"، "الخوف" من قمع السُلطة الذي يلاحق المواطن العربي ويحاربه في لقمه عيشه، هو الذي يجبره في كثير من الأحيان ان "يخرس" –على حد قول الماغوط-.

ذات مرة كتب المفكر عبدالله العروي المغربي الجنسية مُعلقاً على واقعنا العربي البائس: "وخير حليف ضد العرب هم العرب". "اذا انتصر عرب على عرب، مظلوم على ظالم، أيّ داع للتأسف والندب؟". (عبدالله العروي: حجرة في العنق، يوميات ص 47، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي).

وفي تعليق على ما قاله العروي يعلق الناقد الكبير د. فيصل دراج قائلاً: "عرب يأكلون انفسهم فإن قصروا عن ذلك استأجروا اسناناً خارجية". (د. فيصل دراج "الذاكرة القومية في الرواية العربية" ص 238، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت).

اتساءل اخيراً: ألم يكن محمد الماغوط محقاً وهو ينتقد ويحاكم واقعاً عربياً "عواره" بادٍ للقاصي والداني؟ الم تكن كلماته لاذعةً تفضح ما نعيش فيه من هوان؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :