facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في مُستهلّ هذا الاصطفاف


ابراهيم العجلوني
03-07-2009 02:36 PM

لا ريب أنني اليوم في اصطفاف كريم، مع اخوة كرام، أتوافق أنا وهم على جُملة من المبادئ الرئيسة والثوابت القيميّة؛ كأنْ يكون بلدنا العربي الحبيب هذا آمناً، وتكون أمتنا العربية الإسلامية حرّة عزيزة، ويكون وعينا أكثر استنارة، وأبعد آفاقاً، وأعمق دراية، وأسلم فهماً لما يجري في العالم حولنا، ويكون لنا، في العمل الصحفي، ميثاقنا الأخلاقي الذي نرجع إليه، والعروة الوثقى التي نستمسك بها..

ولا ريب أن ذلك كله مما يستشعر الكاتب الحاجة إليه، ومما يهيئ له، إنْ توافرَ، أنْ يرود الآفاق التي يملك جناحاه التحليق فيها أو التي تملك أدواته المرفيّة الوصول إليها، وأن يكون منسجماً مع نفسه، ذا أريحية وطلاقة فيما يعبّر به عن رؤاه، وغير ملوم فيما يصدق به أهله ووطنه، وأن تكون الكتابة لديه، كما ينبغي أن تكون؛ فعل وجود حُرّاً، لا وظيفةً يؤجَرُ عليها، أو مجرد كلمات يواري بها حقيقة ما يرى ومحض ما يعتقد، على نحو ما تقضي طبائع الاستبداد التي أفرد لها الشريف الكواكبي كتابه المعروف..

أجل إنه اصطفاف كريم أرجو أن تتكامل له شروطه الموضوعية، وأن يكون استئنافاً عفياً لمسيرة ذاتية كان اعتراها الوَهَنُ وتجاذبت خطوها الأسباب. ولعل مما أراني مسوقاً إلى مخاطبة نفسي به أولاً، وإلى توضيحه لمن سأشرف بأن يقرأوا هذه الزاوية ثانياً، أن من أولى المهمات التي ينبغي للكاتب أن يتصدى لها؛ أن يواجه ضيق الأفق بسعَةِ التصوّر، ونَزَق الجهالة بحلم العقل، وأنٍْ يصدُرَ في أنظاره وتحليلاته عن وعيٍ ومحبّةٍ في آنٍ، وعن فَهْمٍ وتفهّمٍ في قَرن، وأن يعلم علم اليقين أن العقول الكبيرة والعبقريات الذهنية لا تكفي وحدها لبناء الأوطان، وأنها قد تكون عقولاً مُدمرة ما لم تكن مشفوعة بقلوب كبيرة، رحيمة حانية، وما لم تكن قد استنارت بنور الحق وتنوّرت قيم الإيمان الذي هو عِصمة الكاتبين في كل حين..

ونحن، كما لا بد أن نعترف، في أيام صعبة تفرض علينا تصعيد وتائر العقلانية ووتائر الوجدانية في آن، وأن نتوفر على وطنية، جامعة ينصهر الأردنيون فيها جميعاً، وعلى عروبة جامعة تضم المسلم والمسيحي، وعلى إسلام موحّد يشتمل على العربي وغير العربي، وعلى إنسانية مستبصرة ما من تظالم فيها ولا بغي ولا عدوان، بل أخوة حميمة صادقة، فهل يمكن للكاتب إزاء ذلك كله، أن يكون في غير حال الاحتشاد، وفي غير حال اليقظة والاستعداد، وهل يكون كاتباً على الحقيقة إذا ما جعل شؤون هذا العالم المضطرب دَبْرَ أُذنيه، أو لم يكن ذا دور فاعل ملموسٍ فيه؟

إن الكتابة، في أصل وَضْع اللغة؛ هي ضمُّ أديمٍ إلى أديم، ثمّ تواضع العرب على أنها ضمّ الحروف بعضها إلى بعض، وفيما أورده الراغب الأصفهاني في مفرداته فإنه يُعبّر بالكتابة عن الإثبات والتقدير والإيجاب والفَرْض والعَزْم، وأن وَجْهَ ذلك ومثاله "أنّ الشيْ يُرادُ، ثم يقالُ، ثم يُكتَبُ، فالإرادة مبدأ والكتابة منتهى"، فيا كلهِ للكاتب الحقّ بين مبْدَئِهِ ومنتهاه، بين إرادته وكتابته، بين وَعْيه وما ينعكس منه في قلوب الآخرين..

وعلى ما يتهيبه المرء من مهمّة الإفضاء اليومي، أو من اطراد الكتابة مع كل اصباح؛ إلا أن معنى الشهادة، وواجب الشهادة، غالبان على رَهَق المتابعة وعَنَت التدقيق والتحقيق، فمن يكتم شهادةً وهو يملك أن يقوم بها فإنه آثمٌ قلبه، ومَنْ يملك إظهارَ الناس على ما يتبينه من مَهَابّ الرياح، ومنابت الأفكار، وأسباب الحوادث، ومآلات الأمور، ثمّ لا يقوم بذلك؛ فهو خائن للأمانة التي حُمِّلها الكاتبون، وكُلِّفها المؤمنون القادرون..

وللمسألة، إلى ذلك، جوانب أخرى منظورٌ فيها إلى التحديات التي تفرض نفسها علينا، على المستويات السياسية والتربوية والفكرية، وتقتضي قيام مدرسة نقدية متعددة المهمات مختلفة المضامير. ولعل هذه المدرسة أن تحتكم إلى موازين الإسلام ومعاييره العقلية والأخلاقية، وأن تفيد من العقلانية بالغة الدقة والتحري التي عرفها تراثنا العربي الإسلامي ولا سيما التأصيل الفقهي والكلامي والنحوي، مع الإفادة من تجارب الأمم قديماً وحديثاً؛ على قاعدة أنّ الحكمةَ ضالّةُ المؤمن حيثما وجدها التقطها..

ونحن إذ نتبين هذه الأبعاد، فإننا نرى إليها من خلال ما نتوسمه من مبادئ العمل الصحفي الجاد الملتزم، ولا سيما حرية الفكر، ونزاهة الضمير، وإخلاص النصيحة، ومن خلال ما ينبغي أن يبلغه هذا الفكر من الترامي إلى الغايات البعيدة ومن النظر في أبسط الوقائع وفي أكثرها تعقيداً والتباساً.. مع يقين تام بأن للحرية قيوداً أو شروطاً تفقد ذاتها بفقدانها، كالعقل ومعاييره، والضمير ومساءَلاته، والمسؤولية وأعبائها.

فإذا علمنا هذا، وعلمنا ما يقتضيه من كون الكتابة الصحفية ممتدة الأعين إلى كل شيء، في الأنفس، والعقول والبيوت، والشوارع، ومعاهد العلم، ومجالس السياسة وفي كل ما تتمثل به الحياة. فإن بنا، إذن، أن نحتشد احتشاد المرابط على الثغور، وأن نسأل الله تعالى صبر المجاهدين وأن نكون من أهل الكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.

بقي أن أقول إن اقتراح الأستاذ عاطف الجولاني رئيس التحرير بأن يكون لهذه الزاوية اسم "آفاق"و سيتيح لنا تناول أكثر من قضية في الزاوية الواحدة، أو بَسْط رؤية واحدة على أكثر من جانب من جوانب حياتنا السياسية أو الأدبية أو الفكرية أو الاجتماعية، وكل ذلك توسعات على الذات ومَهَمّات توجب اجتماعها وإرهاف وعيها، والصقل الدائم لأدواته..

سائلين الله سبحانه أن يأخذ بناصرنا، وأن يُنجح مقاصدنا، إنه هو ولي المؤمنين، ورقيب الكاتبين.. والحمد لله رب العالمين..
السبيل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :