facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإسلام دين الدولة: إشكالية المفهوم والتطبيق؟


د.نوفان العجارمة
13-11-2018 01:45 PM

تنص المادة (2) من الدستور الأردني على أن (الإسلام دين الدولة)، وهذا النص الدستوري هو مقتضى يحدد دين الأغلبية في الدولة، وهذا النص الدستوري توجيه عام من المشرع الدستوري لكافة مؤسسات الدولة بأن تأخذ هذا بعين الاعتبار دون إقصاء باقي الأقليات الدينية، فالإسلام في حد ذاته يضمن حرية العقيدة للآخرين، والدستور نفسه في المادة (6) منه يساوي بين الأردنيين أمام القانون، فهم سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين، كذلك أوجب الدستور على الدولة حماية حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب وفقا للمادة (14) منه، كما بيّن في المادة (104) أنواع المحاكم الدينية وهي على قسمين: المحاكم الشرعية (للمسلمين) ومجالس الطوائف الدينية الأخرى (للمسيحيين).
إن النصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً معها بفهم مدلوله بما يقيم بينها التوافق بالنأي بها عن التعارض، فالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي.
فالأردن ليس دولة دينية، فالكثير من الدول الأوروبية العلمانية – مثلا- لديها في دساتيرها دين رسمي ولم يقل أحد يوما بأنها دول دينية فالدين الرسمي للدولة " لا يعني اعتماد الدين كمصدر للتشريع أو للقوانين أو المحرك الأساس لإدارة الدولة فدستورنا – خلافا لبعض الدساتير العربية والإسلامية - لم ينص على أن الشريعة الإسلامية (المصدر الرئيسي للتشريع) ، فالإسلام هو أحد مصادر التشريع بالنسبة للدولة، وبالتالي وجود الدين الرسمي (لا يعني أن الدولة أصبحت دولة دينية) بل إن غالبية الأردنيين مسلمين، كما أنه لا يعني أن الدولة تستلهم قوانينها من الدين لأن معظم القوانين المعمول بها بالدولة هي قوانين وضعية حديثة، باستثناء قوانين الأحوال الشخصية، والتي تأثر بها مشرعنا بقانون العائلة العثماني .
لكن البعض ولفرض أيديولوجيتهم والتي لا تتفق مع الديمقراطية والحياة الطبيعية للإنسان بوجه عام، يستغل المتطرفون عبارة (الإسلام دين الدولة) التي ترد في الدساتير العربية لتحقيق مآربهم الخاصة وقد أصبحت هذه العبارة غير المنضبطة (قميص عثمان) يرفعونه في وجه كل من يحاول أن يوقف زحفهم نحو السلطة والعودة بالأوطان إلى الخلف ؟؟
فالمتطرفون يؤمنون بجزء من الدستور ويكفرون ببعضه والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة، يتمسكون بالنص الدستوري الذي يقول إن الإسلام دين الدولة - مع أن الدستور قانون وضعي وبدعة غربية من وجهة نظرهم - في حين لا يلقون بالا لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة، بل لا يستسيغون الأمر من أصله، مع أن الدستور ينص على ذلك صراحة ؟؟
لا يمكن أن تصمد عبارة (الإسلام دين الدولة) أمام النظرة الفلسفية والسياسية و القانونية ولا حتى العملية لمفهوم الدولة لسبب بسيط هو أن الدولة ليست شخصا طبيعيا بل هي شخصية اعتبارية، ولا صفة دينية لها، والقول بأن الهدف من إيراد مثل هذا النص هو دسترة دين المواطنين مردود لأنه ليس من وظيفة الدستور باعتباره الوثيقة الأسمى بالدولة التدخل في وجدان الناس وعقائدهم ؟؟ علاوة على اتفاق هذا الأمر مع مبدأ المواطنة هو السائد في الدولة الديمقراطية الحديثة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات. وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين.
وأخيرا ، ونؤكد بهذا الصدد كما يؤكد عدد من رجال الدين بأنه لا يوجد تعارض بين الدين و الديمقراطية بل على العكس فالأديان تعتمد على الشورى والتخصص والدخول في الاتفاقيات مع الغير ويوجد مفهوم دار الحرب ودار السلم، إضافة إلى ضمان حقوق الأقليات الدينية والمساواة أي أن مبادئ الدولة الديمقراطية لا تتعارض مع مبادئ الدين على الإطلاق. فالدولة الديمقراطية لاتعادي الدين أو ترفضه فيظل الدين عاملا في بناء الأخلاق وخلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. فالمرفوض هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، لأنه في هذه الحالة يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة الحديثة، إضافة إلى تحويل الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.





  • 1 المادة 14 13-11-2018 | 02:11 PM

    قبل أن يضمن حرية العقيدة للآخرين لا بد أن يضمنها للاغلبية ايضاً حسب المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان!!

  • 2 تيسير خرما 13-11-2018 | 05:44 PM

    تاريخياً شعبنا جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والأمة الإسلامية ونظام حكمنا هو الأقرب لحكم راشد نشأ على شرعية مبايعة عشائر وقبائل وذوات من كل منبت لقيادة هاشمية جيدة أمينة على مبادىء ثورة عربية كبرى تستند لثقافة عربية إسلامية وانتماء مستمر لعالم حر وقيم انسانية بنظام حكم دستوري ملكي نيابي ودين الدولة الإسلام فيحترم مكونات وحقوق إنسان ومرأة وطفل وتحمي نفس ومال وعرض ومساواة أمام عدالة أسوةً بأول دولة مدنية بالعالم أقامها سيدنا محمد (ص) قبل 14 قرناً وهذا هو عقد الأردن الاجتماعي وانتهاكه يقود لفوضى.

  • 3 Hind kassem 13-11-2018 | 05:52 PM

    مقاله جميله وراقيه وتدل على علم ومنطق ومعرفه كاتبها.

  • 4 وليد هاكوز 14-11-2018 | 07:00 PM

    شكرا جزيلا لهذا المقال الممتاز لكاتب مثقف وعلى علم ومنطق .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :