facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شيء عجيب اسمه إيران


سامر حيدر المجالي
07-07-2009 12:34 AM

الصِّدام الذي يأخذ مداه الآن في إيران، صدام المعتقد الواحد والوجهة الواحدة، لا يمكن فهمه بأي حال من الأحوال إلا إذا اعتبرناه صدام الوعي مع نفسه في المستويات الدنيا التي يُسْمَحُ له بالتحرك ضمنها، المستويات التي يمكن لهذا الوعي، خلالها وبها، أن يُمَوِّهَ ويُوَرّي عن حقيقة شحنائه وغضبه من النظام القائم برمته، نظام الولي الفقيه وزمرته المحيطة.

يكاد معظم المحللين يجمعون على أن موسوي -أسوة بنجاد- ابن بار للثورة الإيرانية، وقد سبق له أن اضطلع بمهام قيادية في مسيرة الثورة، ونال كزميله مباركة المرشد الأعلى قبل الموافقة على ترشحه للمنصب الرئاسي. فلِمَ كل هذا الهرج والمرج؟ وهل الإصلاح الداخلي الذي تبناه موسوي في برنامجه ضروري إلى الحد الذي يبيح لأنصاره هذا الكم الهائل من المصادمات والعنف؟

الذي يبدو أن قضية الإصلاح في إيران أكثر من مجرد شعارات انتخابية أو برنامج يسعى مرشح لتطبيقه، بل هي أكثر من مطلب مُلح لا بد منه. إنها صدام الأضداد مع محيطها، وصراع الخرافة مع العقل، في زمن يشترك فيه الناس في كل شيء، في كل فكرة وهمسة. زمن لم تعد القوة فيه كافية لوأد الأحلام، ولا الأيديولوجيات قادرة على حجب شعاع النور عن الأبصار الطامحة.

فالإيرانيون كانوا قد لجئوا إلى التاريخ فأعادوا إنتاج نظام الإمامة المعصومة واستبدلوه مؤقتا بفكرة الولي الفقيه، محاولين بذلك أن يقيموا مصالحة بين الواقع واللاواقع، أو بين الدين والشعوذة؛ أي بين سذاجة الفكرة التي تتحدث عن عصمة الأئمة وقصة غياب آخرهم في سرداب سامراء منذ قرون عديدة، والمتطلبات التي يفرضها الواقع عند إنشاء دولة وتسيير مصالح أمة. فكانت النتيجة استحضارا للفكرة الكَنَسية للدين ( أي دين، يستوي في هذا الإسلام مع غيره) حين يُنَصِّبُ شخص أو مجموعة من الأشخاص أنفسهم حكاما مفوضين باسم الله، يملكون بأيديهم صكوك الإيمان والخيرية، محتكرين الحقيقة والحكم والسياسة، متعالين على البشر بعصمتهم أو بنيابتهم للمعصوم المفوض تفويضا إلهيا مطلقا.

ثم أكمل الإيرانيون قضية المصالحة هذه، واستسهلوا إنتاج الخلطات التاريخية، فزاوجوا بين دولتهم (الكَنَسية) والديمقراطية، فقرروا أن يُنتخبَ رئيس الجمهورية بالاقتراع المباشر والتصويت الحر. علما بأن رئيس الجمهورية هذا حاكم صُوَري، سلطته محدودة جدا إذا قورنت بسلطة الولي الفقيه (المرشد الأعلى بحسب تعبيرهم) بل هو خاضع لتوجيهات المرشد وتعليماته، وهو تحت خطر العزل في أي لحظة يخرج بها عن المسار المرسوم له، تماما كما حدث لبني صدر الذي عزل من منصبه في العام 1989 برغم حصوله على أغلبية هائلة من أصوات الانتخابات الرئاسية.

غير أن الأخطر في قضية المزاوجة بين الدولة الكنسية والديمقراطية، قياسا على نتائجها وهشاشة الرؤساء الذين تفرزهم، هو أنها التفاف على الشعب وإيهام له بأنه صاحب قرار في ما يخص بلاده، أي أنها (تُقية) يمارسها النظام تجاه شعبه وتجاه العالم، فيظهر الديمقراطية والحداثة، ويبطن الرجعية والاستبداد باسم الله والدين.

من أجل هذا كله، قد يصح تخميننا بأن الوعي بدا يتململ ويدرك حجم ضياعه وراء أفكار قد أكل الدهر عليها وشرب، وخزعبلات اعتقاديه، لا هي دين منزل ولا فكر يمكن الاطمئنان إلى مقدماته ونتائجه.

تبقى نقطة أخيرة، لا بد من بيانها كي لا يفرح الفرحون؛ فالحديث عن مثالب النظام الإيراني ليس إسباغا للشرعية أو النزاهة على الأنظمة المجاورة لإيران. فاليأس يكاد يبلغ أوجه، وشكلا الاستبداد يمشيان متوازيين، مع فارق بسيط بينهما، هو أن الخارجين على الأنظمة في غير دولة عربية لا يخشون على أنفسهم خطر الكفر والخروج من الملة، بل إن بعضهم جنح هو بنفسه إلى تكفير هذه الأنظمة والدعوة إلى الجهاد ضدها. أما في إيران فالدولة هي التي تكفر الخارجين عليها، وتعتبر الراد عليها راد على الله، وهو على حد الشرك بالله، بحسب قول مفترى على الإمام جعفر الصادق رحمه الله.

أما ما سوى ذلك فالأمور سواء، فما أسميناه (انتخابات التقية) عندهم، اسمه (انتخابات الضحك على الذقون) عند العرب، وفي مقابل المعصومين يوجد ملهمون، والأجهزة البوليسية فاعلة في الاتجاهين، والقمع في الشوارع يتكرر بنفس النمط والصورة.

هذا هو المزيج العجيب الذي يسمى نظام الولي الفقيه في إيران، مزيج غرائبي يذكرنا بكل المتناقضات، بالنور والظلمة، بآلهة الخير وآلهة الشر، بالديمقراطية مع الاستبداد، بالعصور الوسطى مع التكنولوجيا النووية، إنها رؤية قائمة على التضاد في كل شيء، ومع كل شيء.......

Samhm111@hotmail.com





  • 1 صفوان القضاه 28-04-2010 | 06:19 PM

    رائع يا استاذ سامر


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :