facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تحديات خريف أردني استثنائي مع أو من دون خطة أوباما للسلام?


رنا الصباغ
26-07-2009 04:13 AM

من الأفضل ان لا يمر الساسة والمسؤولون مرور الكرام على لعبة التراشق بهتافات عنصرية مسيئة بين نفر من جماهير فريقي الوحدات والفيصلي, خرجت الى العلن خلال مباراة بين الفريقين الأسبوع الماضي قبل أن يقطع التلفزيون بثه المباشر على الهواء.

إذ آن الأوان لأن يفتحوا وبجرأة "ملف الفتنة الكروية" بتشعباتها الداخلية المقلقة, من أجل إيضاح الحقائق وتخفيض منسوب فوبيا "خيار الوطن البديل" وتحديد حدود "التوطين" المقبولة أردنيا, سواء تمت أم لم تتم صفقة "حل الدولتين".

التشنج الشعبي في تناسل منذ جلوس حكومة يمينية متطرفة على مقاعد الحكم في إسرائيل مع قرب اعلان واشنطن خطة لتسوية أو تصفية القضية الفلسطينية بطريقة واقعية تطوي ملف حق العودة لستة ملايين لاجىء ونازح - ثلثهم تقريبا يحملون الجنسية الاردنية.

الخشية من أن يشعل التوتر الشعبي والنخبوي الحالي فتنة لسبب تافه - حادث سير بسيط او حركشة طلابية في حرم احدى الجامعات- توضع في إطار إقليمي, ما قد يهدد أمن المملكة واستقرارها.

صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تتبادل فيها فئتان من مشجعي الفريقين شتائم مهينة على قاعدة إقليمية ضيقة تمس الوحدة الوطنية الهشة في بلد لطالما عطلت "الثنائية السكانية" بين الأردنيين والفلسطينيين مشروع الإصلاح السياسي منذ اعادة إطلاقه عقب هبة نيسان .1989 لكنها تؤشر إلى فشل السياسات المتعاقبة في بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية والمواطنة والتعددية السياسية تحديدا منذ إحباط تجربة الانفتاح السياسي مطلع العقد الماضي بدعوى تمرير معاهدة سلام غير شعبية مع إسرائيل سوّقت كحجر أساس لدعم تسوية إقليمية وإعادة بناء دور الأردن دوليا.

كلما لاحت في الأفق بوادر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الحياة السياسية, وفي آلية صناعة القرار, كانت تكلفة دفع فاتورة الاستحقاقات الخارجية المرتبطة بالسلام أو بالحرب على العراق أو الحملة العالمية على الارهاب القاعدي تأتي على حساب الضرورات الداخلية. فالمعادلة تبنى على أسس بديهية: كسب رضا أمريكا وإسرائيل; الخطوط حمر في الحسابات الاستراتيجية الاردنية. أما الشد الداخلي بين الحين والاخر فهو غير مقلق على قاعدة أنه "زوبعة في فنجان قهوة" يحل بالطرق التقليدية المعهودة بالاتكاء إلى ادوات السلطة المعهودة في غياب تهديد داخلي يتمثل بأحزاب سياسية قوية لها برامج وطنية مقنعة, وإعلام غير مرعوب يحاسب ويراقب, ومجتمع مدني غير مهمش.

في الأثناء يتعمق القلق الجاثم على صدور الأردنيين نتيجة ترحيل حسم قضايا سياسية مفصلية داخلية بإنتظار حل الاشكال الديمغرافي وعلاقته بهوية الدولة والمجتمع من خلال تسوية ملف الصراع العربي - الاسرائيلي الذي تحول اليوم الى تصفية للقضية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ودول الجوار.

لكن هذه المعطيات تتغير اليوم بطريقة أسرع بكثير من النهج الحذر الذي يحكم تعاطي مفاصل الدولة وأجهزتها ومؤسساتها, ما يشي بقرب مواجهة أكبر تحد داخلي منذ .1970

في خلفية المشهد المحلي المحتقن تطورات مخيفة. إذ لم يعد سرا داخل الاوساط الرسمية والنخبوية أن أمريكا ودول الاتحاد الاوروبي, وإسرائيل وبعض المتنفذين في السلطة الوطنية الفلسطينية, يضغطون بمنحى تصاعدي هذه الايام, كل لموال خاص به, من أجل "إدماج الفلسطينيين" في الحياة العامة وزيادة حصتهم من المعادلة السياسية في الأردن من دون ان ينتقص ذلك من حق العودة في حالة قامت الدولة الفلسطينية الموعودة لاحقا?

ضغوط هذه الجهات تتلاقى مع الاستحقاقات الغامضة القادمة ضمن خطة الرئيس الامريكي باراك أوباما المتصلة بحل شمولي لقضايا المنطقة المعلقة كافة. ويتجلّى إصرار أمريكا على سحب سورية إلى معادلة السلام الإقليمي, في تراكم الغزل وسلسلة الزيارات رفيعة المستوى, آخرها وصول موفد الرئيس الخاص جون ميتشل إلى دمشق يوم السبت.

تشير دراسات واستطلاعات منشورة وغير منشورة إلى أن نصف الأردنيين الفلسطينيين سيختارون البقاء في الاردن والتنازل عن حق العودة, مقابل تعويضات مجزية, وأمان اقتصادي-سياسي-اجتماعي لهم ولإحفادهم مع إستحالة فرز الناس بسبب صلات النسب والرحم.

النصف الآخر من اللاجئين, بخاصة قاطني المخيمات, سيعارضون فكرة التنازل عن ذلك الحق الشخصي لأنهم بصراحة لا يوجد لديهم الكثير ليخسروه. وبالتالي, سيفضلون ترحيل الحل النهائي للأجيال القادمة.

هكذا تحد يضاف إليه مأزق داخلي في دولة ذات بنية شرق أردنية أجلت مرارا فتح ملف تحديد العلاقة الاردنية - الفلسطينية في شقّها الداخلي على أمل التعامل مع استحقاقاته تدريجيا بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي الضاغط.

استمرار سياسة الامر الواقع لم يعد ممكنا نتيجة تغير القواعد التي حكمت المعادلة السياسية, منذ سبعينيات القرن الماضي, وسط تراجع دور الدولة وهيبتها وبروز هويات فرعيه تلامس حدود التضارب.

تلك التغيرات المتتالية هزّت الطبقة الوسطى في الدولة وأثرت على قدرتها على التكيف والاستمرار في زمن تلاشت أو تضاءلت فيه العطايا والهبات. في الأثناء تنامى دور القطاع الخاص على وقع سياسات الانفتاح الاقتصادي منذ عام ,1989 رافعا معه طبقة وسطى مستحدثة, أو جيلا ثالثا, بعيدا عن العصبية الأردنية والفلسطينية المنفرة, يدفع ضرائب للخزينة لكنه يشعر أن مصالحه غير ممثلة في الحياة السياسية والبرلمانية. هذه الشريحة تسعى للعيش في ظل حاكمية رشيدة, قانون ومساواة, أقله في الحقوق المدنية. وينظر إلى هذه الفئة كقاعدة جديدة لدعم التحديث الشامل بغض النظر عن الأصل والفصل.

الحكومة ستجد نفسها في مسار تصادمي مع مكونين أساسيين في النسيج الأردني الحساس - الشرق أردنيين والأردنيين من أصول فلسطينية ممن يرفض التنازل عن حق العودة. ويبدو أنها تحاول استباق التحدي القادم والسيطرة على الموضوع بدلا من أن تفرض عليها حلولا ضمن التسوية الاقليمية, تحديدا فيما يتعلق بعودة الاجئين.

وهي تتجه لطمأنة الشرق أردنيين على مستقبل بلادهم وهويتها, ذلك أنهم يتوجسون من احتمالات حل القضية على حساب المملكة. كما تحاول طمأنه ذوي الأصول الفلسطينية بأن مستقبلهم ليس في مهب الريح في حالة قامت دولتهم يوما ما. فالخيار سيظل بيدهم.

مع ذلك يتوقع النظام تحديات صعبة ستتطلب من الجميع قرارات مؤلمة لتحويلها إلى فرص واعدة تؤمن مستقبلا قد يكون أكثر استقرارا. يعرف رأس الدولة ان ذلك يتطلب التعامل مع التحديات بواقعية بعيدة عن العواطف الجياشة المسيطرة على الشارع لحماية مصالح الدولة العليا وحقوق المواطنين. لكنه من المستبعد أن يفاتح الرأي العام الخائف والمقسوم قبل أن يميط أوباما اللثام عن خطته التي يتوقع ان تقدم مبادىء وقضايا ستعالجها المفاوضات العربية - الاسرائيلية على المسارات كافة وفق أطر ملزمة لكل الاطراف. وقد لا يتمخض عنها شيء.

لكن في غياب الشفافية الرسمية, وعدم وضوح الخطاب الرسمي فيما يخص ملف اللاجئين, نشطت سجالات مقلقة وانقسمت الصالونات السياسية, والصحافة والبرلمان كما في الشارع بطريقة تلامس حدود الاصطفاف الذي تفجّر خلال لعبة الفيصلي والوحدات.

قبل ذلك شنت حملة منظمة على وزارة الداخلية وصوّرت قضية إستبدال البطاقات الخضراء والصفراء التي تصرف لأبناء الضفة الغربية والجارية منذ قرار فك الارتباط القانوني والاداري عام 1988 على أنها حملة سحب جنسيات و"تطهير عرقي" للفلسطينيين في الأردن. وانضمت صحف إسرائيلية ك¯ "الجيروزلم بوست" إلى جوقة المنتقدين.

لكن بعد سلسلة مكاشفات برلمانية ومقابلات صحافية نجحت وزارة الداخلية في شرح أبعاد ما هو حاصل, مشدّدة على أن الاجراءات الروتينية هي لحماية الهوية الأردنية والفلسطينية في مواجهة المخطط الاسرائيلي القادم.

في الاثناء, شرع أركان الدولة في تحضير استراتيجية واقعية ومرنة للتعامل مع متطلبات نماء واستقرار الأردن الجديد, سواء قامت الدولة الفلسطينية أم لم تقم, وذلك من خلال تعزيز مملكة الاستحقاقات لا مملكة العطايا والهبات, بحسب ما يقول أحد الساسة.

الاجتماع الاول عقد في دار الرئاسة قبل تسعة أيام برئاسة رئيس الوزراء نادر الذهبي, حضره رئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي, ووزيرا الداخلية والخارجية, ومدراء الأجهزة الامنية. وستتواصل اللقاءات على نحو منهجي لوضع تصورات ترفع لاحقا للملك عبد الله الثاني الذي عاد إلى عمان يوم الاربعاء في ختام زيارة خاصة للولايات المتحدة استمرت أسبوعين. التصورات الأولية ترتكز إلى ما يسميه أحد المشاركين "حدود "التوطين المقبولة والمرفوضة أردنيا من خلال رسم خارطة لاوضاع النازحين واللاجئين في المملكة وصولا الى توصيف سياسي واجتماعي لوضعهم". يحاول المجتمعون وضع تقديرات لأعداد اللاجئين الذين يفضلون العيش في الدولة الاردنية وذلك لخدمة الاغراض التخطيطية المستقبلية. كما يدرسون سيناريوهات توسيع قاعدة المشاركة السياسية للأردنيين من أصول فلسطينية في الوظائف خاصة المؤسسات الأمنية والعسكرية والدرجات العليا بطريقة تدريجية تحقّق عدالة اكبر. العمل يسير بجدية على دراسة إمكانية تغيير قانون الانتخابات كأساس للانتخابات القادمة, إضافة الى قوننة تعليمات فك الارتباط لعام 1988 كي لا يستمر مسلسل الخوف وتضخيم الامور.

عودة إلى شغب الملاعب. الفيصلي تأسس عام ,1932 وينظر اليه كمرآه للشرق أردنيين, فيما يناصر أغلبية الأردنيين من أصول فلسطينية فريق الوحدات الذي خرج عام 1956 من رحم مخيم يقطنه لاجئون فلسطينيون هم في الوقت ذاته مواطنون أردنيون. وفي عام 2003 رعت الدولة ميلاد طريق ثالثة, "نادي الاردن" على أمل تخفيف حدة الاستقطاب الاقليمي بين جماهير الفريقين. على ان ذلك المخرج لم يجد نفعا بعد ويبدو أنه بحاجة لمزيد من الوقت.

بين الرياضة والسياسة, المأمول أن يجد الاردن طريقا ثالثا لإصلاح سياسي تدريجي يطمئن مكونات المجتمع كافة بوجه تيار المحافظين المتنفذين والمتمسكين بالابقاء على سياسة الامر الواقع وتيار آخر يطل برأسه مستفيدا من الضغوط القادمة في السياق الإقليمي ليرفع شعار إستعادة "الحقوق المنقوصة" في أردن القرن الواحد والعشرين من دون أدنى تحسب من تداعيات تلك الفجائية.

حمى الله الوطن.

rana.sabbagh@alarabalyawm.net





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :