facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الثقافة العربية تتنفس رغم الضغوط والتوترات


03-01-2019 07:09 PM

عمون - أمام التوتر الذي يشهده الإقليم، مرت الثقافة في العام المنصرم «بهدوء» المتواضعين، ومثل شبح لا يلحظه أحد. ليس لأن الثقافة بلا قضايا ولا أهداف، ولكن لأنها تحولت أمام قائمة الاهتمامات العربية الصاخبة، إلى مجرد «ترف» لا يتسع الوقت له، وفي الإعلام، تحولت الثقافة إلى مجرد «منوعات»، تصلح للنشر متى ما كانت «مسلية»، ويتم إقصاؤها إن استدعت التفكير، أو تطلبت الجدية.

المثقف نفسه بات متهماً بالانفصال عن الواقع. وفي أحيان كثيرة، مسؤولاً عن الخراب في مجالات الحياة الأخرى، في السياسة والاقتصاد، وفي عموم الحياة العامة. برغم أن من ينبرون للطعن في الثقافة والمثقفين، هم في الغالب طامحون لنيل اللقب السحري: مثقف!

تبدو الثقافة يتيمة تماماً، كسيرة، مستباحة، وبلا حماية. ويصح هذا القول إذا ما تحدثنا عن الثقافة العربية، التي تبدو معزولة، إذا ما تحدثنا عن وضعها في عالم عربي يجري وراء الموضة، ويعتد بـ «العلامات التجارية». وهو ما يقود في الأغلب إلى اختصار العلاقة بالثقافة، من خلال تبني علاقة مع نماذج غربية، لا تمثل الثقافة بقدر ما تمثل القيم الاستهلاكية.

ومع ذلك، وبرغم أن العام المنصرم كان صعباً ومكتوباً بحروف مفككة، إلا أن الثقافة في العالم العربي ليست اليوم غائبة، وإن كانت مهمشة، هناك على الأقل قائمة من الأحداث والأجندات التي تواصل العمل، ولو بالحدود الدنيا، ما يبقينا بعيداً عن الاستسلام لفكرة موت الثقافة.

أمراض مستعصية

وفي تشخيص سريع، يمكن رصد بعض الظواهر، التي أضرت بالثقافة، وتشكل ضغطاً عليها منذ عقود، أو هي على الأقل تشير إلى معاناتها المؤلمة:

الحواجز السياسية. من المعروف أن التقييم السياسي يسبق التقييم الإبداعي في العالم العربي، وبسهولة، يتم إسقاط مبدعين من قائمة الاهتمام العام، بسبب خياراتهم أو انتماءاتهم السياسية. وهذا يعني، حرفياً، التخلي عن مساحات إبداعية لأسباب غير ثقافية. والغريب أن الأسباب السياسية والمصالح الاقتصادية في العالم العربي، تدفع غالباً للتسامح مع الرداءة الثقافية، ولكن الأسباب الثقافية لا تسعف، حتى في إنقاذ الإبداع.

طغيان الإعلام. على نحو متزايد، شهدت العقود القليلة الماضية، طغيان الإعلام على الثقافة. أصبح الأول أولوية مكتفية بذاتها، رغم ما يقود إليه ذلك من ضعف في المحتوى. بينما تحولت الثقافة إلى مجرد لمسة للتنويع، ومجرد «هواية»، تمتلك إمكانية إعداد الكفاءات اللازمة للإعلام.

التخلي عن الثقافة. لقد أدى تسونامي الإعلام الفضائي، الذي ضرب العالم العربي خلال ما يزيد على عشرين عاماً مضت، إلى إسقاط الثقافة من اهتمامات الإعلام. ووصل الأمر إلى الصحافة الورقية، التي تخلت عن ملاحقها المختصة، وألغت المخصصات المكرسة للثقافة. ووصل الأمر إلى درجة التخلي عن المبدعين من كتابة الرأي، واستبدالهم بـ «نجوم» من مجالات أخرى.

إسقاط الإبداع. شهدت العقود الثلاثة الماضية، وعلى نحو تدريجي، إسقاط الأنواع الأدبية من قائمة الاهتمام الإعلامي، لصالح التوجه المُركّز على الترفيه. برغم الازدهار الذي تعيشه بعض الألوان الأدبية، وشعبية أخرى.

وهو ما تعبّر عنه شعبية معارض الكتب في أكثر من بلد عربي، ومبيعاتها من الألوان الإبداعية، إلى جانب الجوائز التي تتخصص في هذه الحقول. وهو ما يتجلى، كذلك، في لجوء قطاعات رئيسة في الترفيه التلفزيوني، إلى الإبداع الأدبي، لتقديم منتجات مضمونة القبول.

أوهام التواصل الاجتماعي. قادت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إغراق المجتمعات العربية في مستنقع الأوهام القاتلة، حيث أدت مشاعية النشاط على هذه المواقع، إلى وقوع المجتمعات العربية بوهم مساهمتها في الإنتاج الثقافي. وهذا الوهم مستشرٍ على مستوى الأفراد بقوة، حيث إن كل مدون يعتقد أنه «مثقف كامل العدة والاستعداد».

انهيار مفهوم الثقافة. اختزلت الثقافة بنطاقات ضيقة شعبوية. بمعنى لا تخرج عن نطاق الوعي العام. وبهذا تحول البعد الإبداعي في الثقافة على كل الأصعدة، الأدبية والفنية والفكرية، إلى نطاق نخبوي منبوذ ومذموم.

ولهذا، فإن توقف الوعي العربي عند حدود مخيبة للآمال، يصبح نتيجة منطقية لأسباب غير منطقية. وبهذا، لم تعد الثقافة تقود الوعي العام وتدفعه أماماً، ولكن تحرس ثباته وتوقفه عند حدوده الراهنة. ما يجعل الفارق الثقافي النوعي والكمي بين مجتمعاتنا العربية وغيرها من المجتمعات (وكثير منها مجتمعات نامية) كبيراً، ويدعو للتشاؤم.

الثقافة العالمية

إن كان من الممكن رصد نفس المظاهر العامة للتراجع الثقافي على المستوى العالمي، في هذه الفترة نفسها التي شهدت تحولات عالمية كبيرة، قادت إلى تبني العالم ألوان الليبرالية الجديدة، فإن هذا ليس سبباً للوقوع في وهم التساوي مع العالم ثقافياً.

فهناك فارق بين مجتمعات تعيش مستندة إلى بنية تحتية ثقافية، تشغلها تقاليد راسخة في العمل الثقافي، وربطه في الحياة ومجالاتها، ويحميها وعي ثقافي متماسك ونوعي، ومجتمعاتنا التي لا تزال تنظر إلى الثقافة، باعتبارها مجرد اهتمامات معزولة عن الحياة والتفكير المنطقي الواقعي.

وبالأصل، فإن الثقافة في أغلب بلدان العالم، تمتلك آليات فعالة تحافظ على العمل، بطاقة تلبي الاحتياجات العامة، على الأقل تلك المتعلقة بإغناء الجانب الروحي لدى الإنسان. إلا أن هذا، بالمقابل، لا ينفي أن الثقافة العالمية تضررت في نفس الفترة، وبدرجات ليست قليلة.

ويمكن، هنا، الالتفات إلى النزعات الشعبوية، التي أطلت برأسها في العالم، في ردة فعل على العولمة، وتتغذى على خيبة الأمل التي أحدثتها، إذ إن الشعبوية تمثل، في واحد من مستوياتها، تحريفاً ثقافياً لمفاهيم أصلية، تمثل قيماً إنسانية يعتد بها، مثل «الوطنية» و«العدالة الاجتماعية» و«الاستقلال الوطني» و«الخصوصية الثقافية».

وبالنظر إلى الشعبوية، التي شكلت موجة المهاجرين «المختلفين ثقافياً»، قوة دافعة لها، تشكل بالأساس ردة فعل على العولمة، كانت أكبر خدعة عرفتها البشرية على المستويين الثقافي والاقتصادي، إذ بدلاً من عالم مفتوح متصل على المستويات كافة، قدمت نموذجاً يلغي الحدود الوطنية، ويبطل الأنظمة المحلية لخدمة مراكز عالمية، تهتم بالتغلغل الاقتصادي، وفي الطريق إلى ذلك، تعمل على إشاعة ثقافة ونمط حياة يخدم هذا الهدف.

وبذا، فإن الفارق بين المجتمعات العربية ونظيراتها في كثير من دول العالم، هو أن الأخيرة تستند إلى قاعدة ثقافية، إنما تقوم بتحريفها وحرفها عن مسارها. بينما مجتمعاتنا تتأثر منطلقاتها بالفقر المعرفي، وبشيوع «أنماط جهل ما بعد التعليم».

فضيحة نوبل

وجاءت أزمة حجب جائزة نوبل للآداب للعام المنصرم، كإشارة مستحقة على الأزمة، التي وجدت انعكاسها في الفضيحة التي اندلعت، على إثر اتهام 18 امرأة، الفرنسي جان كلود أرنو، الشخصية المؤثرة في المشهد الثقافي في استوكهولم لعقود، بالتحرش الجنسي والعنف والاغتصاب. الأمر الذي قاد إلى استقالات جماعية من أعضاء اللجنة المختصة، وتالياً، حجب الجائزة.

لقد تحول الحدث إلى فضيحة عالمية، تضاف إلى الاعتراضات الكثيرة التي يضعها طيف غير قليل من المثقفين في العالم على خيارات مؤسسة الجائزة، ومجمل عملها.

مشهد عربي

بعيداً عن نوبل والنكسة الخطيرة التي تعرضت لها سمعة الجائزة، فإن الحراك الثقافي في العالم العربي، يعطي من خلال مؤشراته، العديد من الإضاءات على الأوضاع الصعبة التي تعيشها الثقافة في قطاعاتها المختلفة، علماً بأن هذه المؤشرات تكون أحياناً إيجابية، ولكنها تبدو كخروج عن القاعدة، تذكّر بالأحوال السائدة.

خلال العام الحالي، بدا أن العراق عاد إلى تنفسه الثقافي، ولكن دون إنجازات كبرى. برغم أن العودة إلى التنفس الثقافي، بحد ذاتها، تعتبر إنجازاً مهماً. وفي عودته، بدا واضحاً أن العراق تحوّل إلى الإنتاج السردي، بعد أن كان أغلب فاعليه الأدبيين من الشعراء، وببروز هذه الظاهرة، بات العراق على قوائم أهم الجوائز العربية.

هنا، في هذا المشهد، يميل العراق إلى تعزيز ثقل الرواية في الكتابة العربية المعاصرة. ولكن إرثه القصصي الكبير لم يغب. ما قد يجعل التفاؤل مقبولاً بشأن إعادة الاعتبار لفن القصة القصيرة.

بالمقابل، يتحرك المشهد الثقافي الخليجي في حقول مختلفة، في لوحة هي أقرب إلى تشتت الجهود، منها إلى التنوع، فلم يتمكن هذا المشهد من خلق ظاهرة جوهرية. مع الإشارة على أن الإسهامات الروائية الخليجية، باتت تحتل مساحة في قائمة العناوين العربية.

دراما تلفزيونية

في التلفزيون، نلاحظ خلال العام المنصرم، ترسخ سياسة إنتاجية جديدة في مصر، تتمثل في طرح مسلسلات منفصلة غير موسمية. أي، خارج الموسم الرمضاني، استقطبت الجمهور إلى الشاشة الصغيرة، وحررتهم من الطابع الموسمي للإنتاج التلفزيوني.

وعملياً، تغيرت خارطة العرض المعتادة، وكسرت، لتعود الدراما الجيدة ضيفاً مستمراً على مدار العام، بمسلسلات متنوعة، وأعمال جذابة حققت رواجاً. وهذه الظاهرة، التي بدأت منذ عامين، تبلورت أخيراً بوضوح، ولا شك أنها تملك حظها من الاستمرار.

من جهتها، ولظروفها الصعبة، شهدت الدراما السورية انتقالاً من الشاشات إلى «النت»، غير أن الأمور في طريقها إلى التغير، إذ من المتوقع أن تعود عجلة الإنتاج مجدداً بالتحرك خلال العام الجديد، والدلائل تشير إلى أن عدد الأعمال السورية في الدراما، سيرتفع من حيث الكم الإنتاجي في الموسم القادم، ليتجاوز الثلاثين عملاً.

الدراما الخليجية، من جهتها، سلكت مسارات مختلفة، تكسر المحظورات كماً ونوعاً، والمتابع للإنتاج الدرامي الخليجي، سيلحظ تغيراً كبيراً في مستوى الأعمال الدرامية الخليجية، عما كان عليه في السنوات السابقة، فهناك طفرة حقيقية على مستوى المعالجات الإخراجية والتصوير، إضافة إلى المحتوى نفسه.

تظاهرات وأحداث

تمثل التظاهرات الكبرى، جزءاً من آليات الحفاظ على الحراك الثقافي، لا سيما تلك السنوية منها، التي تتنقل بين بلدان المجال الثقافي الواحد، متجاوزة المفاهيم الضيقة المستندة إلى الحدود السياسية. ومن هذه التظاهرات، تلك التي تقوم على فكرة اختيار «عاصمة» لقطاع معين من قطاعات الثقافة ومجالها الحيوي.

وهنا، يشهد العام الجديد، بدء العاصمة السعودية دورها «عاصمة للإعلام العربي 2019»، وينتظر أن يتجسد ذلك بعدد كبير من الفعاليات ذات العلاقة، إلى جانب الملتقيات والمبادرات التي تتعلق بتطبيق ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وأخلاقيات المهنة، ومقاومة خطاب الكراهية والأخبار المزيفة، وسبل نشر الاعتدال والتسامح.

محلياً، تأخذ الشارقة مكانها «عاصمة عالميّة للكتاب لعام 2019»، بموجب إعلان المديرة العامة لليونيسكو، إيرينا بوكوفا، بناء على توصية من لجنة استشاريّة، اجتمعت في مقرّ الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات في لاهاي.

ومن المقرّر أن تبدأ الاحتفالات رسمياً في الثالث والعشرين من أبريل، تزامناً مع اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، إلا أن الفعاليات تمتد على مدار عام كامل.

أما تونس، فتبدأ عامها الجديد «عاصمة للثقافة والتراث للعالم الإسلامي». في حين تكون بورسودان «عاصمة الثقافة العربية»، وفق هذه المبادرة، التي أطلقتها منظمة اليونيسكو، على غرار عاصمة الثقافة الأوروبية، وشرع في تطبيقها عام 1996، بدءاً من القاهرة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :