facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المعارضة الفعالة


علاء مصلح الكايد
06-01-2019 05:43 PM

يتحرّج معظم من يوصفون أو يصفون أنفسهم بالمعارضة من البوح بغايتهم في تداول السُّلطة و يسارعون لإنكار إتهامية الآخرين لهم بالسعي نحو المناصب .
و الصّواب أن الهدف المشروع و المنتج لأيّ معارضة هو الوصول إلى السلطة و بغير هذا فإنها بلا هدف و رؤيا .

و قد تَشوَّه كلا المفهومين من معارضة و موالاة للسبب الذي تُتّهم به المعارضة كما ذكرت آنفاً و لما يسود من تجريحٍ من قِبَل بعض المعارضة لمن هو خارجٌ عن إطارها على أنه " سحّيج " و ليس من " الأحرار " ، و هنا نتسائل بـ" مفهوم المخالفة " ، هل ستنعكس المفاهيم عند وصول المعارضة للسُّلطة فيوصَفُ من يؤيّدها بالـسحّيج و من يعارضها بالحُرّ ؟!

كما أنّ سلاح المعارضة ( الحقيقيّة أو الشكليّة ) هو القانون ، فهو المظلّة لمن إستظلّ به و هو ذاته السّيفُ المُسلَّط على مَن خرج عن إطاره و لم يجتنب نواهيه ، فالغاية المشروعة لا تبرّر إلّا المشروع من الوسائل و بخلاف ذلك تكون المعارضة قد أذِنَت لسلُطات حفظ القانون بإنفاذه في مواجهتها و أخرجت نفسها من دائرة الحماية إلى زاوية الحساب ، فلم يعد لـ" النظرية الميكافيلية " مكانٌ في عالمنا السياسي المعاصر .

و بإستقراءٍ للمعارضات المستقرّة و كذلك المستحدثة على الساحة الأردنية نجد أنها تُصنّف إلى أشكالٍ رئيسيّةٍ ثلاث :

الأُولى ( المعارضة الثابتة ) ، و هي أكثر الأصناف وضوحاً و تصريحاً بالهدف السلطويّ و عادةً ما تتّخذ شكلاً مدنيّاً ( حزبيّاً أو نقابيّاً ) ، لكن مشكلتها الرئيسة تكمن في صعوبة قبول الآخر و مقاطعة طاولة الحوار أو البرامج الوطنية و الإنسحاب من أيّ جهد أو توجّهٍ لا يطابق رغباتها و أهدافها العامّة على مبدأ " On my way or hi way “ ممّا يجعلها بعيدة عن الساحة لفترات و بطيئة النموّ إن وُجِد و يغلب على فكرها النية المسبقة لمعارضة نهج الحكومة أيّاً كان و لا تظهر على السّاحة سوى للإحتجاج عند المفاصل الرئيسيّة أو إذا جرى إحتكاكٌ بين الدولة و أحد عناصرها .

النوع الثاني هو ( المعارضة الإنكارية ) ، و هذا النموذج فرديٌّ أو جماعيٌّ ضئيلُ العدد و الأدوات ، و يفتقد أنصاره للبرامج أو الأيديولوجيا مكتفين بمبدأ " خالف تعرف " .و يحسن كلا الصنفين أعلاه

الإستفادة من أيّ رد فعلٍ رسميٍّ على المشاكسات التي يباشرونها و يجيدون مخاطبة و إستثارة المشاعر الشعبية .

و ثالثاً ( المعارضة الطارئة ) التي تنقسم عادة إلى فئتين ، إمّا مسؤولٌ سابقٌ من " فئة الولاء الشكليّ المشروط " إنقطعت مسيرته في السُّلطة فَعَكَسَ قِبلتهُ ، أو مَن مارس الإسقاط المظلّي من الخارج - سواء بالبثّ الهوائيّ أو التواجد الفيزيائيّ الفعليّ بعد العودة إلى أرض الوطن - و عادة ما يعمد أولئك لإثارة الشارع إمّا ببثّ ما يُدّعى أنّه ( أسرار ) أو التبشير بوصفات مستوردة لا تناسب البيئة الأردنية و خصوصيتها فيذوب تأثير كلّ منهما أمام وعي الشّارع سريعاً .

أمّا النوع المؤثر و المفقود على ساحتنا السياسية هو ( المعارضة المرنة ) ، و هي التي يجتمع أنصارها إختياريّاً بناءً على أفكار مشتركة - بعكس النقابات التي يجبر فيها مزاول المهنة أن ينضمّ لهيئتها العامّة و الأحزاب التقليدية التي تستقرّ قياداتها في مراكز التحكم لأزمانٍ و تجمع منتسبيها روابط عائلية أو مصالح - و يدفع هذا النوع المرن من المعارضة - الحزبية غالباً - بأنصاره لتولي الوظائف العامة و الإئتلاف مع القوى الأخرى حتى الوصول إلى السُّلطة بتدرّجٍ مع إمتلاك البرامج التي تحمل آليّاتٍ لتصويب المسار العامّ و لا يكتفي بالشعارات الفضفاضة و الرّنانة .

و قد تباينت درجات السهولة في إستمالة أصناف المعارضين عموماً وفقاً لقوة الرابط بين الفرد و المجموعة التي ينتمي ، لكن التجربة أثبتت و بالشكل القاطع أن المعارضة الطارئة كانت اسهل إستمالة و فقدت ثقة الجماهير كونها لم تنجح كغيرها من المعارضات في صنع الفارق خلال توليها المسؤولية ، لكنّ معظم رموزها كانوا أكثر قسوة في القرارات و أقل إستماعاً للشارع ، إلّا من رحم ربّي .

و كان أكثرها سلبية المعارضة الإنكارية ، و التي لا تملك من أدوات التأثير سوى التشكيك و إختلاق الإفتراءات و الإفتياتات دون أسنادٍ واقعية و لا مصادر مقنعة و مقبولة مستغلّة فسحة الفراغ الموجودة و أزمة الثقة .

مما تقدم ، نصل لنتيجة مفادها أن ساحة المعارضة السياسية الأردنية ( شبه فارغة ) ، فمجرد الإعتراض على نتائج البرامج الحكومية أو عرض المطالب تجاهها موقفٌ مقبول من الشعب ، أمّا القوى السياسيّة فعليها أن تتّصف بالملاءة الفكريّة كي تقنع الشارع في إيصالها للسُّلطة .

و عليه ، من المنطقيّ أن نقرّ بأن مسيرة الإصلاح و التبديل لا تقتصر على الدولة بل مطلوبة على صعيد المعارضة أيضاً إن أرادت الإستمرار و التأثير ، و هذا يتطلب منح الوجوه الجديدة من أصحاب السير الذاتيّة النظيفة و المؤهلة فرصة التقدّم تماماً كما يريده الشارع من معايير في معشر المسؤولين .

إنّ بلداً ترتفع فيه نسبة التعليم و عايش شعبه هجرات و حروب و أحداثاً داخلية صعبة أقدر على إفراز طبقة من المعارضة الفعالة الإيجابيّة و هم موجودون لكنّ صوتهم يخفت أمام علوِّ أصوات من ذكرنا أعلاه ، و الواقع يؤكّد أن تصعيد الكفاءات و عبورها نحو السُّلطة عبر البوابة الرسمية أيسر من محاولتها العبور عن متاريس المعارضة التقليديّة .

و في الحقيقة أن إصلاح المعارضة لا يقلّ ضرورة عن إصلاح الحكومات بل قد يكون أكثر أهميّةً و إنتاجيّة و تأثيراً ، و كما يحتاج الشعب حكومة تلبّي مطالبه و حاجاته فإنّه ينتظر معارضة أمينة على حقوقه تنطق بإسمه و توصل صوته و تحمل عنه هذا العبء و العناء .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :