facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النائبُ الأسطورة


أ.د. خليل الرفوع
17-01-2019 11:24 PM

إنَّ المتاجرةَ في قضية فلسطين المقدسة من أجل كرسيٍّ تَـنَـكِـيٍّ مهترِئ ضربٌ من النفاق الأخلاقي لا يتقنه إلا أولئك الذين مَرَدُوا على الابتزاز والدَّجَل في زمن الاستقواء بكل فنون البلطجة والزعرنة ، فمن طُبِعَ على جوازِ سفره المطهرِ خَتْمُ دولةِ الكيان الغاصب رياءً من غير ضرورةٍ هو شريك من حيث يدري بالجريمة ومعاون له في سفك الدماء الزكية ، التحولُ من المقامرة على الطرقات - التي ينبغي أن تكون للفقراء الذين أحْصِروا في سبيل اللقمة ودفع الفواتير ولا يجدون إلا جهدَهم - إلى منصات العمل الوطني كباسطٍ كفيه إلى الماء ليبلغَ فاه وما هو ببالغه إلا بخداع الضعفاء ومرضى الوساطات الذين يتولونَ عن الشُّرفاء حَزَنًا ألا يجدوا ما ينفقون به على أنفسهم .

باسم القضيةِ والوطنية اعتلى المنصاتِ مَنْ لا يؤمنُ بها إلا رافعةً له كي يحترفَ الشيـطنة والهَـيْلَـمَـةَ والمزايدة متدثِّرًا بفروةِ مهربٍ فاسدٍ قاتلٍ قد زكَمَت نتانتُه كلَّ الأنوف حتى أعضاء فصيلته من القطط السمان .

ظاهرةٌ مكرورةٌ في الحياة السياسية الأردنية أن يعادَ انتخابُ نائبٍ لا يُعرَفُ عنه إلا الصراخُ والمزايدة في الوحدة الوطنية ، تارةً بالمباطحة وتارة أخرى بالاستقواء بقوى شريفة هي ملاذٌ وملجأ للأردنيين جميعا ، فالفراغُ الفكري يستعاض عنه أحيانا بالملاكمة الجسدية أو النعيق اللفظي المعبأ بكل أنواع الشتم والتخبيص للوصول إلى المبتغى الشخصي ولو كان على حساب الوطن ، وأسوأ السياسيين هم الذين يتقمصون أدوارَ البطولية في الوحدة الوطنية وهم أبعد عنها بمقدار بعدهم عن الوطن ، أنْ يدافعَ محامٍ عن موكله أمر طبيعي إن كان يعلم أن موكله مظلوم ؛ فرفعُ الظلم فرضُ عَـيْنٍ عليه أكان محاميا أم شاهدا أم عالمًا بالأمر، وأما حينما يُـنْـتَخَبُ المحامي نائبا عن الأمة كلها بغض النظر عَمَّن انتخبه فهذا يعني أنه انتخب ليكون مشرِّعًا ومراقبا للسلطة التنفيذية ، فهذا عمله الدقيق وليس أن يقف بحكم هيبةِ موقعه السياسي محاميا في أروقة المحاكم عن شخص مجرم أو مؤسسة فاسدة ، ونحن نعلم أن القضاء لا يتأثر بذلك لكنَّ العُرفَ الأخلاقي يفرض أن يكون النائب مدافعا في دهاليز السياسة عن الوطن بأمانة وصدق ، وقد أشار ذلك النائب الأسطورة في غفلة سياسية دُهِشْنا لها : أنَّ من واجبات المحامي النائب أن يدافع عمَّنْ يوكلونه من القتلة حتى ولو علم أنهم قتلة محترفون وذلك في معرض الدفاع بأثر رجعي عن موكله المعروف ، فقد انكشف القناع وتكشفت وجوهٌ سافرة عليها غبرةُ النفاق ومساحيقُ الرياء ، فهل هذا الدفاع لله ولعيون الوطن أم أن الحالة تستحق من المجلس نفسه أن يكفَّ أعضاءه عن المحاماة عن المتهمين باللصوصية والتهريب المفضي إلى القتل ، ومن المفارقات أن مَنْ اكتشف ملف ذلك المتهم نائبٌ محامٍ لكنه قبل أن ينغمس في العمل النيابي كان أستاذا جامعيا تشرَّب الوطنية والموضوعية والعدل من إرثه العائلي ومن ممارسته الأكاديمية الصارمة ، إن الضرورة تقتضي أن يُـنَـصَّ على ذلك في الدستور ، أي ألا يمارسَ النائب والعين أيَّ عمل يتنافى مع موقعه التشريعي الرقابي ، فلماذا لا يطبق عليهم ما يطبق على إخوانهم الوزراء ولو كان شكليا على الأقل ، فيا نائب الأمة ، كيف لك أن تشرع الدفاعَ عن القتلة ولو من باب الأخلاق ، ودعْ عنك الدِّيْنّ الذي يُتَّـخذُ شِماغا فاقعَ الحمرةِ يُـتَـلَـثَّمُ به ليُـخْـفِـيَ وجوها مُطَـيَّـنَةَ بالسفاهة والقبح ، وكيف تُمَنْهِجُ الشفاعة في حد من حدود الله ، فلله درُّ مجاهرتك بالشفاعة ! ألم تسمعْ قولَ الرسول عليه السلام في حديث متفق عليه عن مسألة المرأة المخزومية ، وقد قال لحِبِّه وابنِ حَـبِّه أسامة بن زيد "إِنَّما أَهْلَكَ الذين مِنْ قَبْلِكم أَنَّهم كانوا إِذا سَرَقَ فيهم الشَّرِيفُ تَرَكُوه، وإِذا سَرَقَ فيهم الضَّعِيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطمةَ بِنْتَ محمدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها" فما أعذبَ هذه اللغة التشريعية الأدبية الصارمة ! فكيف تشفعُ في حدٍّ من حدود الله بعد أن علمه وليُّ الأمر؟ ألم تعلم أن الشَّفاعةَ تُحَـرَّمُ في حدود الله من أجل إسقاطها وعدم إقامتها، كما يُحرَّم على أولي الأمر قبولُها أيضا ! فَلِمَ لا تكونُ قوَّاما بالقسط ولو على نفسك ؟ فهناك أمور لا تُشترى ، واتباع المال والهوى والشهرة ستسقط صاحبَها في دوائر السوء كالذي يتخبطُه الشيطانُ من مسِّ العظمة وجنونها ، وحينئذ لا ينفعه نفاقٌ أو استجداء أو تسحيج قد أفضى به من قبلُ ، فَمِنْ نَـكَـدِ الدنيا على الحُرِّ أنْ يرى رماحًا مُشْرَعَةً أسنتُهَا من خشب وبطولاتٍ عنكبوتيةً مُسْتَعِرَةً أبطالُها من ورق.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :