facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الخوف .. مرضٌ أم سلوك .. ؟!


الدكتور احمد مدالله الطراونة
18-08-2009 03:06 AM

الخوف هو حالة نفسية وفطرية في آن لكنها تتفاوت شدة وطأتها بين شخص وشخص، وبين مرحلة من العمر وأخرى، وبين خوف من شيء حقيقي أو خيالي أو بسبب شعور أو ضغط.. والخوف ولو كان في تركيبة النفس البشرية كرد فعل فهو يتلزم خطوط العادي في كثير من الأحيان، وهو في هذه الدائرة يوصف بأنه طبيعي، بل إن الخوف قد يكون ضرورياً لتحقيق التوازن النفسي والواقعي للحياة كالخوف من الله، لأنه حافز على العمل ودافع للعطاء، وكذلك الخوف من الفشل في حدود المعقول فإنه يدفع إلى إتقان العمل.. وهكذا، لكنه في أوقات وحالات معينة يصبح مرضاً كما أي مرض نفسي آخر وذلك عندما يصبح الخوف هاجساً مضخماً بسبب أمور لم تحدث أو لن تحدث. ومازالت في ذكرتنا معاناة الشاعر المربي الكبير خليل مطران، الذي كان يشعر بأن قوى ما تطارده وتنصب له الشباك.. ولا يقتصر الخوف على عمر محدد فالطفل والشاب والكهل أنثى أم ذكر معرض للوقوف في براثنه وشباكه. وكي نفهم الرأي العلمي في موضوع الخوف كان لابد أن ألجا إلى دراسات وأبحاث لذوي الاختصاص من علماء النفس والاجتماع، فكان أن خرجت بموضوع أتمنى أن يكون مفيداً يكشف بعض خفايا أسباب ومسببات حالة الخوف بدرجاتها المختلفة والمتفاوتة.

اتفق الباحثون في مسألة تعريف الخوف على أنه رد فعل الإنسان في مواجهة الخطر، أو التهديد، أو الموقف في مواجهة الحيوان أو الحشرات أو عوامل الطبيعة المختلفة، أو موادها كالنار والرعد والبرق، وما إلى ذلك.
ففي مرحلة الطفولة يعجز الطفل عن مقاومة أو تفسير ما يجري حوله، فيشعر بالخوف لرؤية حيوان ما أو حشرة، وقد يخاف من الظلمة والرعد أو البرق، وقد يشعر بالخوف أيضاً إذا شعر بالوحدة، أو ابتعد عن أبويه، ولكن في مرحلة ما بعد الطفولة، يختلف الأمر تماماً، إذ يتحول هذا الشعور في حال بقاء الشعور بالخوف إلى حالة مرضية في بعض الأحيان، كذلك الخوف الذي يتحول إلى الشعور بالاضطهاد، بينما يقوم آخر بإغلاق الباب بعشرات الأقفال ويغلق نوافذ البيت، ويقوي تدعيمها، خشية أن تمسك به قوى ربما تكون مرتبطة بالواقع وما يجري فيه، من مسائل اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية.

وقد تختلف الحالات باختلاف الأشخاص ومعتقداتهم وظروفهم المعيشية بالإضافة إلى أعمارهم وثقافتهم وسلوكهم، وتأثير المحيط بهم، وبعض الخصائص المتأصلة في الفرد وفي تكوينه الجسدي والنفسي، وما يكتسبه من تجارب أو عادات أو تقليد للآخرين في المستقبل، وهي بالعام في مرحلة الطفولة مخاوف طبيعية على الأطفال التعرف عليها وعلى ذويهم تمكينهم من معايشة الواقع ومواجهة الحياة ومسايرة المجتمع بما فيه من أخطار ومحاذير تثير المخاوف في نفوسهم، فذوي الطفل قد ينقلون إليه مخاوف وهمية، كالخوف من الظلام، في مكان إقامتهم، وهو خوف لا مبرر ولا مسوغ له، وكثير من الأطفال يخشون الانتقال من غرفة الجلوس إلى المطبخ مثلاً إذا لم يرافقهم أحد من الأهل، والأطفال بعد ذلك يتعلمون من ذويهم الأمور التي تخيفهم فعلاً أو التي عليهم ألا يخافوا منها وتلك عملية تثقيف يتم عبرها تعلم السلوك والخبرة الإنسانية، والأهل الذين يعانون من مخاوف غير طبيعية غالباً ما ينقلون هذه المخاوف إلى أطفالهم لا إرادية وبصورة غير مباشرة، فالطفل يلتقط بسرعة مذهلة الكثير من العادات والخصائص التي يمارسها الأهل.

كما يمكن أيضاً اكتساب الخوف والرهاب (phobia) من جراء تقليد أشخاص يعانون من ذات المشكلة، وإخفاق الطفل في التعويض عن شعوره بانعدام الأمان والاطمئنان يشجع على بروز التشاؤم كفلسفة حياتية وتكريسها لديه، وبهذا يبتعد الإنسان عن حل مشكلات الحياة، ويضطر إلى زيادة حرصه وحذره، وبالتالي تزداد رغبته في تجنب مصادر الخوف والهرب منها بدلاً من مواجهتها والتغلب عليها، ومن المفيد أن نذكر بأن عالم النفس الأمريكي الدكتور (جير سيلد) أعد دراسة حول عدد كبير من الأطفال ما بين سن الخامسة والثانية عشرة، فوجد أن 95% منهم يعانون الخوف من شخصيات خيالية كالوحوش المستمدة صورها من الخيال أو السحرة والحيوانات والغرباء.
ونستطيع أن نقول إن الخوف وخلال مراحل حياة الإنسان يمكن أن يكون من وجهة نظر العلم فعل ورد فعل.. ذاتي ومكتسب، لكن يتفاوت بين شخص وآخر. وقد بينت الدراسات وجود علاقة بين عمر الإنسان وبين نوع الخوف أو الرهاب الذي يعاني منه، فالأطفال الصغار يخافون من الحيوانات، أما أطفال المدارس والبالغون فيخافون من العلاقات الاجتماعية وكيفية التصرف والاحتكاك بالآخرين مع القلب الشديد والخوف من عدم لياقة مظهرهم الشخصي، وقد لاحظ دكتور (ميلر) في دراسة أخرى أن أقصى درجات الخوف التي عانت منها البنات ارتبطت بالخوف من الثعابين والفئران ومن التعرض للانتقاد والاحتجاز والاختطاف والظلام، بينما ارتبطت مخاوف الأولاد بالرعب من الحقن الطبية، وارتبطت مخاوف الكبار بالحيوانات والحشرات والعناكب والديدان والعواصف الرعدية والخوف من المرض والموت والظلام والسقوط من المباني المرتفعة والتعرض للسرقة والتقيؤ.

وللمخاوف أنواع عديدة تنجم عن حالة الإنسان النفسية، وشخصيته، وعمره، وقوة المسببات الخارجية التي تثير هذه المخاوف، وتجاربه التي تعرض لها، والقيود الاجتماعية أو الجسدية المفروضة عليه، ومدى تأثره بتصرفات أهله وأقاربه وأصحابه Agoraphobia، والخوف من العلاقات الاجتماعية Social Phobia، والخوف من الحيوانات Animal Phobia، والخوف من الموت Thanatphobia، والخوف من الأماكن المغلقة Claustrophobia، وغيرها الكثير. كما أن هناك حالات كثيرة أورد منها مثلاً الخوف من الخلاء، تصاب به النساء بنسبة أعلى من الرجال في مرحلة العمر الممتدة ما بين العشرين والأربعين سنة، وهو من أكثر أنواع المخاوف انتشاراً، يصيب المرء برعب شديد عند مغادرته المنزل، (قاعدة أمانه)، فبمجرد توجهه إلى الأماكن العامة كالأسواق والحوانيت أو ركوب وسائط النقل والقطارات والمصاعد، يشعر فجأة بأنه مطارد أو مضطهد أو وحيد لا معين له فيهرب إلى قاعدة أمانه (المنزل)، وتبدو الأعراض على صورة قلق وخوف وسرعة تنفس وخفقان قلب وتصبب عرق، وكذلك الخوف من العلاقات الاجتماعية هذا الخوف عبارة عن تضخيم لحالة القلق والحرج التي يشعر بها بعض الناس في المناسبات العامة والأعراس واللقاءات الاجتماعية أو المهنية.

وتظهر عادة في نهاية سن المراهقة بنسب متساوية بين الرجال والنساء، يعاني الإنسان خلالها من خوف شديد نتيجة مراقبة الناس له ولتصرفاته، وبدل أن يشعر بالطمأنينة لوجود أصدقائه وأصحابه، كما هو الحال بالنسبة للمصابين بـ(رهاب الخلاء)، فإنه يشعر بالحرج الشديد ويخاف من الخوض في أي حوار أو نقاش مع الحاضرين لاعتقاده أنهم سيوجهون له النقد والتجريح بمجرد فتح فمه وتحريك شفتيه، لذلك يختار المكان الأكثر عزلة الذي يصعب عليهم رؤيته فيه. والخوف من الحيوانات وهذا يرتبط ببعض أنواع منها الطيور والجرذان والفئران والقطط والكلاب والعناكب والديدان والثعابين وغيرها. وتنتشر غالباً بين الأطفال وتضمحل تدريجياً مع بلوغ سن الرشد حيث يسهل علاجها، وربما تكون ناجمة أحياناً عن تعرضهم إلى العض أو ما شابه فيما مضى، أما النساء فإن إصابتهن بهذا النوع من الخوف تستمر بصورة متواصلة وتؤدي إلى القلق وعصبية المزاج كلما واجهن الحيوان الذي يثير فيهن مشاعر الفزع والرهبة.

ويعاني المصابون بهذا النوع من الرهاب من خوف مبالغ فيه ومن تضخيم حجم الأخطار التي يمكن أن تسببها هذه الحيوانات، ويلعب الخيال دوراً كبيراً في تكوين مخاوف لا وجود لها ولا يمكن حصولها. وكذلك الخوف من المرض ويظهر هذا الخوف نتيجة مؤثرات داخلية تبدأ في منتصف العمر وتشمل مشاعر وأحاسيس الخوف الشديد من إمكانية الإصابة بأحد الأمراض الخبيثة كالسرطان، أو أمراض القلب وتتطور مشاعر الخوف هذه إلى أن تصبح وسواساً دائماً يلازم أصحابها وينغص عليهم حياتهم على الرغم من تمتعهم بصحة جيدة، وبخاصة عند المسنين، على الرغم من قيامهم بالفحوصات المخبرية وصور الأشعة اللازمة وطمأنة الأطباء لهم بعد التأكد من سلامة فحوصاتهم. ويتطور الخوف من المرض أحياناً إلى رعب من الموت Thanatophobia فيشعر الإنسان بدنو الأجل، وأنه لن يستيقظ من نومه، وتهيمن على الإنسان مشاعر الخوف من الخوف نفسه Phobia وهذه ظاهرة معروفة تنتاب مرضى الخوف إجمالاً.

إن الخوف الطبيعي من الأشياء، ليس مرضاً، ويزول مع زوال المسبب، وبعضه يولد في مرحلة من العمر، يزول مع تجاوزها ونمو الثقافة واتساع المعرفة، وبعضها يتأثر من المحيط والبيئة التي ينمو فيها، ولكن مجموعة أخرى من مظاهر الخوف تعتبر مرضاً يحدد طبيعته وسبل الخلاص منه طبيب نفسي أو مرشد اجتماعي أو تربوي، ولا شك أن الإيمان العميق بالله سبحانه وتعالى، وراحة النفس المكتسبة من أداء الفرائض، تخفف من هذه الأمراض، وتساعد الإنسان، وتساعد الأطباء على بلوغ مرادهم بأقصر وقت ممكن.أخيراً أتمنى أن أكون قدمت شيئاً مفيداً يكشف بعض ما لا نعرف عن الخوف، وأتقدم بالشكر إلى الأساتذة الباحثين الذين أثروا معلوماتي من خلال اطلاعي على منجزاتهم المفيدة والتي نقلت معلوماتي منها بتصرف، وأتمنى أن أكون قد أوصلت من خلال هذه المعلومات تعريفاً مختصراً عن الخوف، سائلة الله أن ينعم الجميع بالصحة والعافية.

الدكتور الطراونة / دكتوراه تربية خاصة /وزارة التربيةوالتعليم /الاردن





  • 1 اسد 09-01-2010 | 10:53 AM

    انا بأكد على تعليق الأخت منار البكري بعمل الموضوع على شكل مطوية .....وأشكرها وأشكر الدكتور


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :