facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بيئة الكراهية الخصبة


د. محمود أبو فروة الرجبي
14-02-2019 09:33 PM

إذا أردت أن تدمر مُجْتَمَعًا ما فانشر الكراهية فِيهِ، وَلَعَلَّ قائلاً يَقُول: وَهَلْ يَتِمّ نشر الكراهية؟ أم أنها نبت شيطاني نستيقظ من النَّوم فنجدها أمامنا؟ الحَقِيقَة أن الكراهية مثلها مثل أي ظاهرة أخْرَى، تنتشر بِنَاء عَلَى مَجْمُوعَة من العوامل الَّتِي تُساعد عَلَى تقويتها، وَبِنَاء بيئة خصبة لانطلاقها وديمومتها، ومِن الـمُهِم لَنَا كمجتمع أردني حريص عَلَى تمتين الجبهة الداخلية، وتقوية أواصر المحبة بَيْنَ أفراد وأطياف المجتمع الأردني أن ننتبه لَهَا، وأن نعي أن نشر الكراهية، والعنصرية ليْسَ من مصلحتنا بأيِّ حال من الأحوال، لأنك إذا أردت تدمير أي مُجْتَمَع فاترك هَذِهِ الأمراض القاتلة لتنخر فِيهِ، وَنَحْنُ متفقون فِي الأرْدُنّ عَلَى أننا لا نُريد أن نصل إلى هَذِهِ الـمَرْحَلَة لا سمح الله.
هُنَاكَ آليات، وتقنيات، وَوَسَائل تُؤَدِّي إلى بِنَاء مُجْتَمَع الكراهية، وأولها فشل التنمية، والجوع، والحرمان الَّذِي يجعل النَّاس ينظرون إلى بَعْضَهُم، ويتقاتلون عَلَى الكعكة، ومِن طبيعة البشر حُبّ تحميل الآخَرِينَ لأيّ فشل، فَمَنْ السهل أن تجد من يَقُول مثلًا إن سَبَب مشاكلنا الاقتصادية هم اللاجئون، أوْ فِئَة مُعَيَّنَة من الشعب، أوْ مَجْمُوعَة عرقية، أوْ دينية، وهَذَا ليْسَ صحيحًا، فهناك أسباب كَثِيرة للفشل، ومِن التبسيط غير الذكي أن نحصرها فِي عامل أوْ اثنين.
الحرمان يؤدي إلى التنافس غير المحمود، والحسد، وَكُلَّمَا تَمَكَّنَ المجتمع من تحقيق الوفرة لأبنائه زاد التسامح، وانتشرت المحبة، وَصَارَ النَّاس يُفَكِرُونَ بِالإبداعِ، والابتكار، بدلًا من التفكير بالكيد لبعضهم، وكيفية إفشال جهود الآخَرِينَ.
يعد التمييز أفضل بيئة لنمو بكتيريا الحقد، والكراهية، وَلا يُمْكِنُ أن نجد أي دَوْلَة فِي العالم تعترف بأنها تميز بَيْنَ مواطنيها، رَغْم أنه يَكُون واقعًا مَلْمُوسًا لا يُمْكِنُ أن ينكره عاقل، وَلَكِن وَسَائل الإعلام التابعة للدول تُحَاوَلَ دائمًا إقناع النَّاس أن هُنَاكَ عدالة ومساواة، وَكَمَا قالَت الفيلسوفة رعد فإنه يُمْكِنُكَ تجاهل الحقائق، وَلَكِنَّك لا تَسْتَطِيع أن تنكر نتائجها عَلَى أرض الوَاقِع، وَلِلأسَفِ فإن الغالبية العظمى من الدُّوَل العَرَبية تميز بَيْنَ مواطنيها لأسْبابٍ عديدة، والمصيبة الأعظم من التمييز هُوَ أن هَذِهِ الدُّوَل تجد مبررات لِهذا التمييز، بدلًا من الاعتراف بِعَدَمِ عدالته، والبدء بنشر المساواة الَّتِي هِيَ أساس أي تطور فِي الأمَم، ومِن يُرِيد دليلاً عَلَى ذلِكَ فليقرأ قِصَّة نجاح سنغافورة، وَكَيْفَ تَحَوَّلَت بِالـمُساوَاةِ وَمَجْمُوعَة أخْرَى من الخُطُوَات الذَّكِيَّة من دَوْلَة مفككة فاشلة إلى دَوْلَة عَالَمِيَّة ثرية بكل مَعْنَى الكَلِمَة، رَغْم صغر مساحتها، وقلة مواردها.
هُنَاكَ الكَثِير من أسباب بث الكراهية فِي المجتمعات يعرفها الكثيرون، لَكِن السؤال الأصْعَب من سيعمل عَلَى تجفيف منابع الكراهية وتعظيم منابت الحُبّ والإبداع كَيْ تنطلق مُجْتَمَعاتِنا لتحقيق الإنجازات؟ ربَّمَا كانَ هَذَا هُوَ السؤال الأكثر إيلامًا فِي نفوس أبناء الوطن العربي!

Mrajaby1971@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :