facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عرس في وارسو والعريس في موسكو


د.حسام العتوم
18-02-2019 11:48 AM

حتى لا نذهب بعيداً فإنني من البداية أقول هنا بأن القضية الفلسطينية منذ انطلاقتها عام 1948، ومع استمرارها حتى الآن ستبقى قضية العرب الأولى مسلمين ومسيحيين، ومن أهم قضايا العالم الساخنة والتي لم تجد حلاً ناجعاً وعادلاً مقارنة بالقضايا السياسية الشائكة على وجه الأرض، وهي لم تستهدف اليهود واليهودية يوماً. وعمقها تأثر سلباً عندما حدقت بفلسطين العربية عيون الصهيونية من وسط مؤتمرهم المشئوم عام 1897 الذي انعقد في مدينة بازل السويسرية بقيادة ثيودور هرتزل وهدف إلى إقامة الدولة اليهودية، وأعاقَ عبر الزمن القادم وبعد مرور 71 عاماً إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وبالمناسبة حري بنا أن نعرف بأن والد الصحفي ثيودور هو بنيامين زئيف، والآن المنطقة الشرق أوسطية أمام شخصية زائفة ممثلة ببنيامين نتنياهو، أو كما يطلق عليها العامة وسط العرب اسم (نتن – ياهو) لارتفاع منسوب الكراهية وسط شخصيته ووسط (إسرائيل) ضد العرب.

والتاريخ يتحدث عن يهودي ثري اسمه موشي مونتفيوري عام 1837 سعى لوضع موطئ قدم لليهود على أرض فلسطين التي كانت إدارياً تتبع مصر، وكان لمعاهدة سايكس- بيكو 1916 دور فاعل بذلك الاتجاه عززه وعد بلفور عام 1917 الذي وعد اليهود بوطن تحت ذريعة حمايتهم من نازية أدولف هتلر 1939/1945، والتي لم تستهدفهم لوحدهم في عمق الحرب العالمية الثانية (العظمى)، وشكلت العصابات الصهيونية مثل (هاشومير 1909)، (المنظمة العسكرية السرية للحركة الصهيونية)، و(البالماخ 1936، والهاجانا، والأرجون، وشتيرن) بنية تحتية على طريق بناء أحلام الصهيونية الاستعمارية فوق أراضي العرب.

وسارت القضية الفلسطينية عبر محطات سياسية وعسكرية جنباً إلى جنب قضايا العرب الاحتلالية والاستعمارية الأخرى المباشرة وغير المباشرة، وتشكلت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 نتيجة للقمة العربية في القاهرة والتي دعت لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية، ومنذ ذلك الوقت لم تتمكن من ضم كافة الفصائل الفلسطينية ما عدا فتح، والجبهة الشعبية، فيما بقيت حماس، والجهاد، والقيادة العامة خارج التنظيم السياسي الموحد في زمن كانت فيه الضفة الغربية، غزة، والشتات وحدة سياسية وديموغرافية وجغرافية واحدة، وهو الأمر الذي نلاحظ آثاره السلبية مؤتمر موسكو هذا العام 2019.

وعام 1967 لم يختاره الفلسطينيون لنكستهم والعرب، بل فرض عليهم من وسط مشروع ناصري لم يستهدفهم في الأصل بل قصد تحرير كل ما هو تاريخي يرتبط باسم فلسطين، فانقلب السحر على الساحر نتيجة للفجوة القائمة آنذاك بين الوحدة والقوة على الأرض، واستعدادات واستخبارات العدو الإسرائيلي وإلى معركة (الكرامة) البطلة عام 1968 دفعت إسرائيل بالفدائي الفلسطيني المناضل شرقي النهر، واصطدمت مع جيشنا العربي الأردني الباسل فتشكلت وحدة الخندق الواحد، وجاء النصر الأكيد باسم كل العرب، وفي بدايات سبعينات القرن الماضي دقت ساعة الاختراق، وعاد الجميع لركيزة الوحدة الوطنية المقدسة دون تردد، وفي عام 1979 تمكنت أمريكا من أحداث تقارب بين مصر وإسرائيل نتج عنه توقيع معاهدة سلام في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد، وكان ذلك في عهد الرئيس جيمي كارتر، وهي التي انتقدها ياسر عرفات، وشككت إسرائيل وقتها بنوايا السادات تجاه القضية الفلسطينية إبان زيارته للكينيست عام 1977، وهو ما نشرته عبر وثائق سرية في المقابل.

وشهد عام 1994 توقيع معاهدة سلام أردنية – إسرائيلية في زمن الملك الراحل الحسين طيب الله ثراه وسط حراك أردني فلسطيني تجاه السلام، وتمكن الأردن لاحقاً عام 2018 في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني (حفظه الله) من إنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر، وواصل الجهد الفلسطيني نضاله من أجل رسم مستقبل فلسطين عبر الدولة، والقدس ،وحق العودة، والتعويض. ومع إطلاله عام 1982 وجدت منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها وسط حرب لبنان التي استمرت حتى عام 1985، وكانت مأساوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وانسحبت إسرائيل من الجنوب. وبين عام 1974 و1988 تم التجديف من قبل منظمة التحرير والعرب باتجاه اعتبار المنظمة ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، واندفع الجميع صوب فك الارتباط الإداري والقانوني، وهو ما اعتبره ناشطون سياسيون بأنه سياسي وغير دستوري.

وكان هدف مؤتمر مدريد عام 1991 بجهد أمريكي سوفيتي مشترك هو إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ودخل الجانبان بمفاوضات شارك فيها الأردن، وسوريا، ولبنان. وذهب الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى محادثات في واشنطن عام 1993 سميت بمعاهدة (أوسلو) نسبة للمحادثات السرية السابقة هناك، حضرها ياسر عرفات، وشيمون بيريز، وبيل كلينتون ،وصادق عليها كريستوفر عن أمريكا، وكوزريف عن روسيا، ورمت المعاهدة إلى إعلان ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، وقوبلت المعاهدة بنقد شديد من قبل نشطاء الشارعين الفلسطيني والعربي وأعقب اتفاقية (واي ريفر) عام 1996 أن توجهت إسرائيل نتنياهو إلى قلب معادلة المفاوضات من الأرض مقابل السلام إلى الأمن مقابل السلام، وشارك في الاتفاقية ذاتها التي دعت إسرائيل للانسحاب من بعض مناطق الضفة الملك حسين وعرفات .وشكل عام 2002 منعطفاً في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي عندما تم إعلان مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية والتي ارتكزت على الدعوة إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وفق قراري مجلس الأمن 242-338، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، لكن إسرائيل لم تصغي لها حتى الساعة وهكذا دواليك استمرت القضية الفلسطينية تسير وسط المنعطفات وتبحث عن مخرج آمن، وتنتقل من حقبة زعيم سياسي إلى آخر، ووصلت إلى مجلس الأمن، وبقيت مختلفة وغير منسجمة سياسياً وسط فصائلها واختارت طريقاً آمناً إلى (موسكو)، وعزمت ذات الوقت أن تكون حاضرة في (وارسو) هذا العام 2019 وقبل أيام فقط. وفي الوقت الذي رغبت فيه موسكو النجاح للقضية الفلسطينية وانقاذها من مخالب صفقة القرن التي واصلت نسج خيوطها في (وارسو) في وقت متزامن، جاءت الفصائل الفلسطينية المختلفة، وهكذا خرجت بدلاً من إظهار الموقف الصلب الواحد المساند لرغبة روسيا في إنصاف الفلسطينيين، ومواجهة تبعات الحرب الباردة التي تستهدفها أيضاً.

وموسكو التي لم تكن حاضرة في وارسو البولندية بطبيعة الحال رفعت شعاراً لنهج قادم بأن لا أمن ولا استقرار في المنطقة من دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وهي المعادلة السياسية التي تتشابه مع الطرح الأردني في مؤتمر (وارسو) كما ألاحظ.

إن النقد الذي وجه للوفد الفلسطيني إلى موسكو والمكون من 12 فصيلاً هو أنه لم يقدم الجديد على اتفاقات القاهرة 2011/2017، وبأنه من غير الممكن أن يتفق على شيء بسبب أن (فتح) ليست (الجهاد)، ولا (حماس)، وحدود الـ 67، والقدس الشرقية موضع خلاف استراتيجي بينهما وحتى مع الدول العربية، ومع دول عديدة شاركت في مؤتمر (وارسو) ،والقرار 194 المتضمن حق العودة موضع خلاف أيضاً مع (الجهاد).

إذن هما أمران بحاجة لحلول جذرية وسط الميدان الفلسطيني قبل الذهاب لأي مؤتمر مشترك إضافة لمسألة اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني رغم عدم دخول (الجهاد) و(حماس) إليها حتى مع تسارع دقات الوقت تجاه البحث عن مخرج لأزمة فلسطين.

وفي (وارسو) اجتمع العالم من دون فلسطين، ومن دون روسيا، وكان العنوان الأكبر استبدال العداء لإسرائيل ليصبح لإيران، وهو ما يناسب (تل أبيب)، و(واشنطن)، والأصدقاء العرب، رغم أن إيران لا تهدد إسرائيل فعلاً بصواريخها البالستية، وإنما بعقيدتها الأيديولوجية المتشددة، وتقابل ذلك إسرائيل بأيدولوجية صهيونية توسعية احتلالية استيطانية مسلحة نووياً، واستثمرت إسرائيل موجتها المشتركة مع أمريكا لمواجهة إيران بهدف التطبيع المبكر مع العرب، ونقله من السرية إلى العلنية، وأبعاد الأضواء عن قوة وهج القضية الفلسطينية العادلة، وما أسعف (وارسو) وأنقذها من الغرق السياسي هي كلمة الأردن المنصفة لفلسطين والتي لخص مفرداتها وزير خارجيتنا القدير أيمن الصفدي حيث ركز على محورية القضية الفلسطينية عبر حل الدولتين، وعلى العاصمة القدس، وعلى خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعلى استمرارية التنسيق الأردني الفلسطيني رفيع المستوى بين جلالة الملك، والرئيس الفلسطيني، والمسؤولين .وبأن الحضور الأردني هو مشترك مع الأشقاء الفلسطينيين من دون مفاوضات أو حديث بالإنابة.

وكانت القضية الفلسطينية في صدارة كلمة الأردن واستمع لها الجميع في (وارسو)، وفي (موسكو) على حد سواء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :