facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




احداث عشائرية تبحث عن تفسير عام


طاهر العدوان
24-08-2009 04:53 AM

قبل سنوات التقيت -في نيقوسيا- قبرص, أحد المغتربين الاردنيين كان في جولة سياحية في المنطقة, بعد ان امضى 19 عاما متواصلة في بلاد المهجر, امريكا. ولقد لفت انتباهي ان الرجل يتحدث بلهجة اردنية ريفية (ينتمي لاحدى محافظات الشمال), لهجة توارت معظم مفرداتها بين اهله وعشيرته في البلاد بسبب التطور التعليمي والاختلاط ونمو السكان.. الخ.

عندما اظهرت استغرابي من تمسكه بهذه اللهجة وقد عاش كل هذه الفترة الطويلة في امريكا بلا انقطاع, اجانبي, بان المغترب يحمل تراثه وعاداته معه الى بلاد المهجر ويحفظها في كنز دفين, ولا يقبل عليها تغييرا او تبديلا او تطويرا. فهي التي تذكرنا (نحن الاردنيين) كما قال (بأصولنا العشائرية وعاداتنا, نتعامل بها في الغربة, بين بعضنا وكأننا نعيش على ارض الوطن).

ولقد روى لي, ان مشاجرة حدثت في احدى المدن الامريكية بين (2) من الاردنيين ينتمي كل منهما الى عشيرة. فما كان من (الوجوه الخيّرة) الا ان تدخلت لحل الخلاف واقامة الصلح بينهما. على طريقة الجاهة وشرب الفنجان وتقبيل اللحى. وهكذا تم, فقد اجتمع عدد كبير من ابناء تلك المحافظة في منزل على اطراف المدينة وتم الصلح واقيمت المناسف.

اثناء ذلك, يضيف المغترب, مرّت من المكان سيارة دورية شرطة امريكية (سيارة الشريف) فشاهد هذه الجموع, واراد من باب الفضول ان يسأل عن سبب التجمع. فقال له احد الاردنيين وهو يتفاخر بقيمة المناسبة, (لا شيء يا سيادة الشريف, لقد تم فض نزاع بين افراد عشيرتين اردنيتين على خلفية شجار بين اثنين منهما, واقيم الصلح وانتهى الامر).

يضيف المغترب ضاحكا, وما ان سمع الشرطي بذلك حتى ذهب الى سيارته واستدعى عددا كبيرا من سيارات الشرطة التي حضرت الى المكان وقامت باعتقال جميع المتواجدين, حيث وجهت لهم تهمة اقامة محكمة وتطبيق قانون آخر غير المحاكم والقوانين الامريكية. وهكذا »انتقلنا من مشكلة الى اخرى اكبر منها« اختتم المغترب حكايته الامريكية.

تذكرت هذه القصة وانا احاول ان استجمع رأيا حول سلسلة احداث تقع في بلادنا, بين حين وآخر, من مشاجرات و»هوشات« و»عطوات« و»جلوات«, احيانا بين عشيرة واخرى ومعظم الوقت داخل العشيرة الواحدة.

وبقطع النظر عن وجود اسباب لكل حادثة, الا انها اصبحت من الكثرة بما يوجب البحث عن تفسير عام لها, فهي لم تعد حالات خاصة وانما قضية اجتماعية كبيرة. لانها تتكرر وتحدث بين وقت وآخر في مناطق الشمال والجنوب والوسط والاغوار.

ان الاعتراف بأهمية العشائر في تكوين البناء الاجتماعي للدولة الاردنية, يفترض ان يصب في اتجاه تحقيق مسألتين (1) تعزيز مفهوم المواطنة في الدولة وبما يخدم مفهوم ان الاردنيين شعب وليسوا مجموعة عشائر. واذا كانت العشائرية عاجزة عن خدمة هذا المفهوم وتقوية روابط المواطنة فهذا يعني ان خللا كبيرا واقع على الارض.

(2) صحيح ان لكل من العشائر عاداتها وحساسيتها, وان بينها شبكة روابط وقواعد من التراث والعادات والتقاليد. تساعد على فض الخلافات خاصة قضايا الدم, لكن كل هذا يجب ان لا يصطدم او يعلو على سيادة القانون وهيبة السلطة العامة, اي الدولة. فما قيمة الروابط والتقاليد والعادات العشائرية ان لم تؤد الى تقوية البنية الاجتماعية للدولة وتعزز قيم الشعب الواحد, وما قيمتها ان لم تقد الى تعزيز الامن والاستقرار وهيبة القانون بصفته المرجعية الوحيدة لتسوية الخلافات واصدار الاحكام والعقوبات, لان ضعف السلطة والقانون العام يلحق الضرر اول ما يلحق بالتكوينات العشائرية التي ارتبطت بالدولة تاريخيا والعكس صحيح.

taher.odwan@alarabalyawm.net

** الزميل الكاتب رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :