facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين اعادت معركة الكرامة لنا الكرامة


اللواء المتقاعد مروان العمد
21-03-2019 05:10 PM

حضرت يوم امس احتفالاً بالذكرى الواحدة والخمسين لمعركة الكرامة الخالدة والتي اقامتها جميعية عون الثقافية في كلية الملك عبد الله الثاني لتكنولوجيا المعلومات بدعوة من السيد اسعد العزام رئيس الهيئة الإدارية للجمعية وبرعاية معالي المهندس عاطف الطراونه رئيس مجلس النواب .

وقد جلست استمع لما امتعنا به كل من معالي السيد عدنان ابو عوده وعطوفة الفريق الركن المتقاعد غازي الطيب وسعادة الدكتور بكر خازر المجالي الذين تحدثوا عن هذه المعركة من النواحي الدولية والمحلية والسياسية والعسكرية وعن النصر الذي تحقق في هذه المعركة وعن محاولات سرقة هذا النصر ونسبته لغير اهله .

وكنت وانا استمع لهذه الكلمات اغوص بذاكرتي الى سنين خلت ، وقفز الى ذهني تاريخ الحادي والعشرين من شهر آذار لسنة ١٩٦٨ يوم ان جرت احداث يوم الكرامة . وقد اخذني هذا التاريخ الى تاريخ سابق له وهو الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ يوم ان اضعنا الكرامة .

وكنت في التاريخين المذكورين اتابع دراستي الجامعية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة . حيث مر امام ناظري شريط الاحداث بين التاريخين . وفي التاريخ الاسبق كنا نعيش على شعارات تم التغني بها على اسماعنا ليل نهار حتى صدقناها . وعندما وقعت الازمة التي سبقت هذا التاريخ ما بين سورية ومصر من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى ، والتصعيد العسكري العربي ولغة الوعيد والتهديد واخبار الحشودات على الجبهة السورية وتعيين الفريق اول المصري محمد عبد المنعم رياض قائداً عاماً للجبهة الاردنية بعد ان اعلن الاردن وقوفه الى جوار الشقيقتين سورية ومصر ليقود معركة لا يعرف جغرافية جبهتها . ومشاهدة الناقلات العسكرية الضخمة وهي تجوب شوارع القاهرة وعليها ما قالوا لنا انها صواريخ القاهر والظافر ، و مشاهدة السيارات العسكرية وهي تنقل الجنود للجبهة ، اخذنا الحماس والامل رغم طبيعتي المتوجسدة والحذرة . وحلمانا بأن تحرير فلسطين اصبح قاب قوسين او ادنا . وارتفع الحماس ومعه ارتفع سقف الامل . واصبحنا نستعجل الاحداث على وقع الاغاني الوطنية الحماسية وتمثيلية امريكا يا ويكا التي لم يذاع منها على إذاعة صوت العرب الا اربع حلقات وفي صبيحة موعد الحلقة الخامسة خرجت من المنزل الذي كنت اقيم به في منطقة مصر الجديدة الى منزل صديق يقيم بنفس المنطقة ولكن اقرب الى مطار الماظة العسكري وذلك بهدف ان نعد انفسنا لآخر امتحانات سنتنا الثانية في كلية الحقوق . وما ان سرت بضع خطوات حتى سمعت صوت ازيز وهدير في السماء فوقي وفي البداية لم ادرك معنى ذلك وظننتها طائرات لتوفير الحماية لسماء القاهرة .

ولكنني ما لبثت وان سمعت صوت المدافع المضادة للطائرات ينطلق فختلط علي الامر . واعدت التدقيق في الطائرات التي كانت تحلق فوقي وعلى مسافة قريبة بحيث كان يمكني ان الوح للطيار او حتى التحدث معه ، ويا لهول ما شاهدت وما عرفت . كانت طائرات العدو تطير فوق سماء القاهرة تسرح وتمرح وتقصف . وظللت ارقبها الى ان وصلت منزل صديقي وكان يستمع الى ما يذاع من صوت العرب وعلى لسان احمد سعيد وهو يقول لقد وقعت اسرائيل في الفخ ويبشر بنصر قريب .

وكيف تكون وقعت في الفخ وطائراتها تحلق فوق سماء القاهرة ؟ وكان الرد من محطة الاذاعة ببيانات تقول انه تم اسقاط اربعين طائرة ثم خمسين وستين وسبعين وتجاوز العدد المائة والمائتين .

وكنت اتلفت حولي والى ما يطير فوقي واجد شيأ آخر . لم اشاهد اية طائرة تقع مدمرة على الارض او حتى دخان قذيفة قرب احداها . واخذ الشك يساورني رغم ما كان يقوله الراديو . ولكن هل اصدق ما اسمع ام ما اشاهد ؟ . ولم يكاد يمضي ذلك اليوم الا وان بدأت تظهر ملامح الحقيقة وان الطائرات التي دُمرت كانت هي الطائرات المصرية التي تم تدميرها وهي في حالة سبات بمهابطها على الارض . وان مصر ما عادت تملك سلاحاً جوياً . وقلنا حسناً فهناك القاهر والظافر وسوف يقومان باليوم التالي بتدمير كل اسلحة العدو ومعسكراته ومدنه . الا ان اليوم الثاني مضى ونحن نسمع في محطاتنا الاذاعية عن انتصارات في الجولان وفي سيناء ومعارك وتقدم في الضفة الغربية . ونسمع من اذاعات العالم غير ذلك . والى ان جاء اليوم الثالث حيث كنا نشاهد افراداً من الجيش المصري يهيمون على وجوههم من غير سلاح وفي احسن الاحوال بالسلاح الفردي وهم يبحثون عن الطعام والشراب فأدركنا هول الفاجعة التي كنا فيها وادركنا ان الحرب انتهت في ساعاتها الستة الاولى وليس في ستة ايام عندما اُعلن وقف اطلاق النار بعد ان فقدنا الجولان وسيناء والضفة الغربية وجوهرتها مدينه القدس . ومعهم فقدنا الأمل وفقدنا الكرامة وان ظل هناك بصيص من النور الخافت المتمثل بظهور بعض فصائل المقاومة الفلسطينية التي فضلت ان تتواجد على الضفة الشرقية لنهر الاْردن ومنها تتسلل الى الضفة الاخرى حيث كان جيشنا العربي الهاشمي الذي كان جلالة المغفور له بأذن الله تعالى الحسين ابن طلال قد عمل على اعادة تنظيمه وتسليحه يوفر الحماية لاعضاء هذه التنظيمات خلال دخولهم وعودتهم وما يتبع ذلك من اشتباكات بينه وبين قوات العدو .

الى ان جاءت صبيحة يوم الحادي والعشرين من آذار عام ١٩٦٨ كنت يومها قد غادرت منزلي في القاهرة دون ان افتح الراديو الترانززتور والذي كان وسيلتي الوحيدة لأعرف ما يجرى بالكون . وفي الطريق سمعت من يتحدث عن هجوم صهيوني على مناطق الأغوار في الاْردن فأوجست من ذلك خيفة دفعتني الى الذهاب الى بيت صديق لي كونه اقرب من منزلي لأتابع الأخبار .

وكنت اسمع عن انتصارات وصمود لجيشنا العربي الباسل ومعه بعض عناصر المقاومة الفلسطينية الا ان ذلك لم يدخل الأطمئنان الى قلبي للتجربة السابقة وخاصة مع الأخبار المعاكسة لذلك الذي يصدرها العدو . الى ان انتصف النهار وتواردت اخبارُ عن طلب العدو وعن طريق الولايات المتحدة الاميركية وقف إطلاق النار ورفض جلالة الملك الراحل الحسين ذلك الا بعد ان ينسحب آخر جندي صهيوني من شرقي الاْردن . عندها ارتفع باروميتر الأمل لدي خاصة عند سماعي لأخبار الخسائر الجسيمة التي تكبدها العدو . الا انني لم اكن اعلم حينها تفاصيل ما حدث على الارض الى ان سمعت بانسحاب قوات العدو من ساحة المعركة مخلفاً ورائه خسائر جسيمة تمثلت بالعديد من الآليات والقتلى الذين تركهم خلف ظهره في ميدان المعركة على غير عادته . عندها شعرت بالأمان و الفخر وشعرت ان كرامتي أعيدت لي من ارض الكرامة . عندها غادرت منزل صديقي الى منزلي وانا اسير مرفوع الرأس وأحس ان رأسي اخترق السحاب ووصل عنان السماء ، وكنت اسير بخطى مفتوحة منتصب القامة وكأني امشي في طابور عسكري او وكأني اريد ان الفت نظر جميع من حولي الى انني انا ابن هذا الجيش الذي حقق هذا النصر . او كنت اعتقد ان الناس جميعاً حولي ينظرون لي بأعجاب واحترام لآني من بلد هذا الجيش الذي حقق وحده النصر الاول على العدو الصهيوني . الجيش الذي أعاد لنا الكرامة من ارض الكرامة .

الا انني في الأيام التالية أخذت اسمع ما يقوله من أرادوا ان يسرقوا النصر من جيشنا وينسبونه لبضع مئات من فصائل المقاومة الذين كانوا متواجدين على خط التماس او بالقرب منه وبأسلحة فردية ، بل انهم ذهبوا الى حد انكار أي دور لجيشنا في هذه المعركة والتي علمت انها كانت مرصودة من قبل اجهزتنا الاستخباراتية والتي كانت تعلم ساعة الصفر والتي هي الخامسة والنصف صباح ذلك اليوم ، وانه تم إعداد خطة التصدي للهجوم ووزعت المهام على مختلف قطاعات الجيش ، وان جلالة الملك كان قد زار المواقع العسكرية وحث جنوده على الصبر والصمود وأنهم عاهدوه على ذلك بقولهم الموت ولا الدّنية .

ثم طُلب من فصائل المقاومة الانسحاب للخلف لأن هذه معركة جيوش فستجاب البعض وبقي البعض وشارك بالقتال بإمكانيته المحدودة . وانه ومن الساعة الخامسة صباح ذلك اليوم كان جلالة الراحل العظيم في غرفة العمليات العسكرية يقود ويشرف على مجريات المعركة وانه وما ان تجاوزت قوات العدو للحدود حتى انصبت عليها حمم أسلحة قواتنا من مختلف المواقع وأوقعت بهم الخسائر الجسيمة التي لم يتوقعونها والتي على اثرها طلبوا وقف إطلاق النار الذي رفض من قبلنا مما دعاهم للانسحاب مساء ذلك اليوم تاركين خلفهم قتلاهم ومعداتهم المدمرة .

وكانت اول معركة مع العدو الصهيوني تفوق بها خسائره في الافراد والمعدات خسائرنا بفارق كبير وربما اكثر من خسائره في عدة معارك سابقة ولاحقة معه .

عندما وصلت الى هذا الحد من شريط الذكريات الذي أنعشه حديث المتحدثين ألقى الشاعر محمد فناطل الحجايا قصيدة عن هذه المناسبة وأبدع فيها وانتهى هذا الحفل . الا انني بقيت اتسائل هل سيكون للعرب يوم كرامة اخرى ام سوف نعيش على ذكرى يوم كرامتنا التي عجز العرب جميعاً عن تحقيق ولو قسماً صغيراً منها ؟ . ورغم الهزائم التي لحقت في العرب بعدها بكل مواجهاتهم مع العدو الصهيوني ، وبعد ان تم تمزيقنا من الداخل وزرعوا داخلنا الاٍرهاب وجعلونا نقاتل بعضنا ، وبعدما وصلنا الى ما وصلنا اليه من ذل وضعف وهوان ، فلا يزال هناك امل بكرامة جديدة ننسج خيوطها في وطننا بأن نلتف حول القائد عبدالله الثاني ابن القائد الاول الحسين ابن طلال وان نقف سنداً ونصراً له فيما يواجهه من ضغوط تهدف لتقديم تنازلات عن ثوابتنا التي أعلن بالأمس ومن مدينة الجيش الزرقاء اصراره على التمسك بها مهما كان الثمن وانه سيكون واثقاً من النصر اذا نحن فعلنا ذلك وبذلك نكون قد حققنا كرامتنا الثانية ان شاء الله . فهل نفعل ذلك ؟





  • 1 21-03-2019 | 07:54 PM

    معركة الكرامة بعام 1968م أعادت للأمة العربية ما عجزت عنة جيوش مصر وسوريا ومن اي دعم من العراق أو السعودية وهي المعركة التي اسقطت منظومة الجيش الذي لا يقهر واعادت للأردن أسبقية الهجوم والتوازن الاستراتيجي أمام عدو متغطرس تاتية الأسلحة المتطورة بجسر جوي .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :