facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




" ثلاثة اسباب للموت في رمضان"


د.خليل ابوسليم
05-09-2009 06:27 AM

عندما قال الشاعر العربي: "من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الأسباب والموت واحد"، كان يعلم أن هناك أسبابا أخرى للموت ولكنه لم يكن يعلم أنها ستكون حقيرة وتافهة إلى هذه الدرجة، مثلما لم يكن يعلم أننا معشر الأردنيون سوف يكون لنا السبق بإكتشاف تلك الأسباب- وتسجيل براءة اختراع حصري بها - التي لم تكن معروفة في عصره، حيث كان القتل بحد السيف دفاعا عن الأرض والعرض هو السبب الأوحد للموت عندهم.

أما اليوم وبعد أن تم إسقاط السيف من أيدينا إما قسرا أو عن طيب خاطر، فقد أصبحنا نتفنن في إصطناع أسباب غير مألوفة ودخيلة على المجتمع الأردني بقصد إزهاق أرواح الأبرياء، فمن لم يمت منا قتلا على يد جاره أو قريبه أو صديقه، مات قتلا في حادث سير على يد سائق أزعر أرعن، فمن لم يجد فعليه بالإنتحار وذلك أهون الأسباب.

نقول ذلك بعد أن إنقضى شهر آب الذي كان ملتهبا بكل المعاني، وإنقضت معه العشر الأوائل من رمضان- والتي يفترض بها أن تكون أيام رحمة ووصال وقرب من الله وتسامح بين الناس-، مسجلا عددا غير مسبوقا في أرواح الأردنيين الأبرياء التي تم إزهاقها وتقديمها قربانا للشياطين- والمفترض أنها صفدت في هذا الشهر الفضيل- حيث جاوزت في أعدادها ما لم تستطع حصده بعض الحروب التي خضناها، وكل ذلك لأسباب تافهة جدا لا ترقى لأن تكون حتى أسبابا.

وها هو شهر أيلول يدخل علينا وقد بدأ في سباق دموي مع شهر آب، تحت إصرار وإلحاح من بعض المارقين على القانون والقيم والأخلاق، لتوشيح النصف الآخر من الأسر والعائلات الأردنية بالسواد والحزن وكأن المواطن ينقصه آلاما وأحزانا، وما نخشاه أن يتجاوز أيلول عن آب في عدد الجرائم إذا ما علمنا أن شهر رمضان بقي منه ثلثيه- أوسطه وآخره-، ولما لذلك من تأثير على أعصاب الصائمين.

إن ما يجري على جبهتنا الداخلية والذي لا زالت أثاره ماثلة للعيان، لا بد وأنه مؤشر على ذلك التردي الخطير في المفاهيم والقيم الذي بدأ ينحو بمجتمعنا الأردني الآمن المطمئن إلى مستويات غير مسبوقة من التشرد والضياع للعديد من الأسر والعائلات من خلال الأحداث السلبية التي أصبحت تشكل ظاهرة منفرة بدأت تأخذ الطابع القبلي، لتؤطر إلى حقبة جديدة كنا نعتقد أننا تجاوزناها لعقود خلت وأن العودة إليها يعد ضربا من ضروب الخيال أو المستحيل.

أما أن تعود إلينا بهذا الوجه البشع فتلك مصيبة لم تكن في حسبان ما تبقى من عقلاء هذه الأمة الذين باتوا يمارسون دور التنظير فقط، وعند أول إمتحان تراهم يسقطون فيه بجدارة.

كل ذلك يجري على مرأى من الحكومة وتحت سمعها إن لم يكن رعايتها وهي لا تحرك ساكنا، سوى تحريك الدرك من بقعة الى أخرى في أصقاع الوطن لفض الإشتباك بين المتشاجرين، وكأن الأمر مقصود أو مخطط له بحيث يترك الشعب يضرب بعضه بعضا، لتجد الأردنيين في نهاية المطاف منقسمين إلى فئتين يسهل السيطرة عليهما وإمتطائهما، الفئة الأولى وهي فئة القتلة الذين سيقبعون في السجون، وذويهم الذين لا ذنب لهم، وهولاء مطاردين في أرض الله التي لم تعد واسعة لهم، أما الفئة الثانية فهي تلك الفئة المعتدى عليها والتي ستبقى تخطط وتدبر للإنتقام والثأر من الفئة الأولى إلى أن يتم لها ذلك ولو بعد حين، وفي ذلك إحلال وتبديل للمواقع بين الفئتين مستقبلا لتبقى الدائرة تدور على هذا المنوال ما بين طارد ومطرود وقاتل ومقتول.

ولأن ذلك مستهجن ومستغرب على بلدنا ومجتمعنا فقد أصبحنا نتسائل عن الذي جرى وما زال يجري ، ولماذا تم ذلك؟ وما هي الدوافع والاسباب التي أدت إلى هذه المآسي والكوارث؟

قد يقول البعض أن من أسباب ذلك كله، هو غياب الوازع الديني الذي أصبح ضميرا مستترا بحكم الثقافات الدخيلة على الوطن والمواطن والتي أدت إلى تغيير كبير في العادات والتقاليد المتوارثة بين الأجيال، مثلما أحدثت تغييرا في المفاهيم الأسرية التي جاء بها الدين الاسلامي السمح، من تعزيز لدور الأسرة وحماية مكانتها الإجتماعية والدينية ودورها في تنشئة الأفراد التنشئة الصحيحة البعيدة عن العصبية والقبلية - التي حارب الدين الجانب السىء منها- قد يكون ذلك هو أحد أهم الأسباب المؤدية لذلك، لكن البعض يرى أن هناك أسبابا أخرى مؤثرة وعلى درجة من الأهمية وتلعب دورا بارزا في حدوث مثل تلك الجرائم، وعلى رأس تلك الأسباب ذلك التردي الخطير في الوضع الإقتصادي وما ينتج عنه من فقر وبطالة- الذي يعتبر أساس كل مشكلة في أي زمان ومكان- وبالتالي إنحراف الى سوق الرذيلة والجريمة.

إلا أن البعض يرى أن هناك سببا آخر وعلى درجة من الاهمية، حيث في إغفاله والتغاضي عنه تشجيعا للمعتدين على إرتكاب أفعالهم الشنيعة، ألا وهو غياب الردع القانوني المتمثل بالحكومة المنوط بها إيقاع القصاص العادل على المجرمين بحق الإنسانية ودرءا للمفاسد الإجتماعية، حيث يرى البعض ان هناك خللا واضحا في قانون العقوبات المطبق خصوصا بعد التجميد الحاصل لعقوبة الأعدام والتي أصبح من النادر أن يتم الحكم بها، وإن تم فهو مع وقف التنفيذ، لدرجة ان البعض أصبح يطالب بالغائها الأمر الذي أعطى المجرمين واللصوص دافعا لإرتكاب جرائمهم، حيث في ذلك تعطيل لحد من حدود الله تحت ضغط من بعض المنظمات والهيئات الدولية، وبذريعة حقوق الإنسان، أما الإنسان المقتول أو المعتدى عليه فلا حقوق له.!!

ومن هنا فان الدولة بكل مفاصلها، مطالبة بإعادة تفعيل حدود الله من خلال تطبيقها على الأقل في جرائم القتل التي أصبحت تتكرر بشكل يومي وذلك حقنا لدماء الأبرياء من أبناء الوطن ووقفا لتشريد ما تبقى من أسرهم وعائلاتهم.

أما اؤلئك الذين لا يستطيعون تمالك أعصابهم في هذا الشهر الفضيل بسبب الصيام لما فيه من إمتناع عن الطعام والشراب والدخان، فنقول لهم أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع وأن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون على الله من سفك دم أمرىء مسلم، ولا حاجة لله في صيامكم وما عليكم سوى الإفطار ولكن ليس على أرواح عباد الله.
kalilabosaleem@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :