facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإشاعة عدو الوطن


أ.د.محمد طالب عبيدات
05-09-2009 03:03 PM

كثرت الاشاعات في الآونة الأخيرة لحد لم يعد يطاق، لدرجة أنها باتت تهدد الوطن برمّته وهيبة الدولة والحكومة والمؤسسات والأشخاص وكل شيء -فلم تبق ولم تذر-. وباتت الاشاعة تشكل ظاهرة غير صحيّة في مجتمع بنيانه الاجتماعي على الأقل متين. مما حدا بقائد الوطن للاشارة الى مخاطرها وضرورة الابتعاد عنها وطمأنة الشعب بأنّ الأردن أقوى من الجبال.

وتعتبر الإشاعة إحدى الظواهر الاجتماعية غير المقبولة في أي مجتمع كان، لأنها توطد لمجتمع غير مدني مبني على تناقل الأخبار غير الصحيحة والأخبار المزركشة المنقولة دون الوثوق من صحتها ودون البناء على معلومات أكيدة، والتي يروج لها البعض لأهداف في أنفسهم، وقد تكون أهداف مروجي الإشاعة شخصية وأنانية للترويج للبعض، وربما أحيانا تكون لاغتيال بعض الشخصيات أو المؤسسات وغير ذلك، لكن المهم في الأمر أن الإشاعة كالحرب النفسية فيها من الكذب والنسج الخيالي الكثير مما قد يرفع من قيمة مروجيها ويحط من قيمة المستهدفين، وغالبا ما يكون للإشاعة أبعاد كثيرة تؤثر على الأفراد والمجتمعات وأحيانا المؤسسات حتى وان كانت بعض الإشاعات صحيحة، ومن صفاتها سرعة الانتشار في بيئات مثقفة وغير مثقفة على اختلاف مواضيعها وأزمنتها. لكن المهم في الأمر أن مروجي الاشاعة لهم قاسم مشترك أعظم وهو انسلاخهم وبعدهم عن مواطنتهم وانتمائهم لوطنهم!

إن أسباب انتشار الإشاعة دوما هو عدم الشفافية أو المصداقية أو الوضوح فيها بل أن ضبابيتها واحتمالية حدوثها تجعل منها بيئة ومعين خصب للانتشار كالنار في الهشيم، والمهم معرفة الشخص مطلق الإشاعة وأهدافه منها ومن المستفيد منها، وهل لها نصيب من المصداقية؟ ولهذا فان دراسة أصل الإشاعة ومروجيها وأهدافهم وبيئتها ونتائجها قد يحقق هدفا مبتغى للحد منها والتقليل من هذه الظاهرة المفزعة حقا.

ولقد أصبحت الإشاعة –مع الأسف- جزءا من ثقافتنا المجتمعية اليومية المألوفة والمقبولة للأسف في بعض الجلسات أو حتى الصالونات السياسية. وتجد الناس تؤلف وتحبك القصص المفتعلة لغايات في نفس يعقوب! ومروجو الإشاعة كالطابور الخامس فهم حلقة في سلسلة أو برغي في غماز سيارة لا تعلم ماذا تعمل، ولكنها تعمل من خلال منظومة عشوائية هدفها التخريب العام من خلال زعزعة الثقة بالمؤسسات والأفراد، وهي عبث في الأمن الاجتماعي الذي يشكل جزءا مهما من منظومتنا الأمنية التي نعتز بها. وتختلف الإشاعة طبقا لوزنها وقيمتها حسب الموضوع أو الشخص أو المكان المستهدف أو الزمان، لكنها تشكل ظاهرة خطيرة عندما تتعلق بالمس بكرامات الناس أو المؤسسات أو الوطن.

وأحيانا تكون الإشاعة ايجابية عندما تستخدم على المستوى الرسمي لجس نبض الشارع أو الرأي العام أو رد الفعل الشعبي لغايات تمرير قرار مهم دون الاستفتاء المباشر. وللحقيقة غالبا ما يكون مروجو الإشاعات ممن يعانون من إرهاصات ومشاكل نفسية لحبهم بالظهور بصفة الإنسان المطلع والمتميز والعارف والخبير في بواطن الأمور، ظنا منهم أن ذلك ربما يسلط الضوء المجتمعي عليهم أو يبرزهم أو يكبر مقامهم أو يوصلهم لأهدافهم، وظنا منهم أن ذلك يعطيهم المصداقية والثقة الزائدة في حال أن إشاعاتهم التي يروجون لها قد كتب لها النجاح!

فالإشاعة خطر كبير على الأفراد والمجتمعات، ولربما تصيب الهدف وتشتت الجهود وتضيع وتنشر الكره والبغضاء بين الناس وتؤدي إلى انهيار العلاقات الطيبة بين الناس وغير ذلك من خلال مروج مستهتر لها أو بالأحرى مريض نفسي يصطاد في الماء العكر. ولقد نهى ديننا الحنيف عن ذلك ونبّه لها من خلال قوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). والخطورة هي في تصديق الإشاعة، والأمر الأخطر هو المساهمة في الترويج لها واستخدام الناس وسيلة لبثّها!

والمحزن حقا في هذه الأيام أن تستخدم بعض وسائل الإعلام –وخصوصا بعض الصحف الإلكترونية الصفراء- للترويج لبعض الإشاعات لغايات اغتيال شخصيات الأفراد والمؤسسات أو الترويج للقراء لغايات جلب جمهور أكثر للتعامل مع الصحيفة الإلكترونية أو للكسب أو الاستمالة أو الإثارة، فتجد الكثير من الشباب خصوصا يدلون بدلوهم لتضخيم هذه الإشاعة أو تلك من خلال إبداء آرائهم والخلط بين حرية التعبير والرأي والرأي الآخر من جهة وتضخيم كرة الثلج التي تمثل موضوع الإشاعة من جهة أخرى. ولهذا فان بعض وسائل الأعلام تنحرف عن الأهداف السامية التي أوجدت من أجلها لتصب في بوتقة الإشاعة والتضليل وغير ذلك. ولذلك فإننا ندعو وسائل الإعلام كافة المسموعة والمقرؤءة والمرئية والالكترونية إلى المهنية الصحفية والمصداقية والنزاهة في الطرح وإذاعة الخبر، سعيا لإبعاد القارئ والمشاهد والمطلع على بعض وسائل الإعلام المختلفة عن السذاجة الفكرية والخرافة والإشاعة المغرضة وترسيخ المعلومة المفيدة بدلا من ذلك، كما ندعو مواطننا الى نبذ ثقافة الاشاعة. وهنا نعول على درجة الوعي والنضوج الفكري لدى المواطنين والقراء الكرام لمعرفة الغث من السمين، وتحري المعلومة ومصادرها وعدم الخوض مع الخائضين، سعيا لخلق ثقافة مجتمعية نابذة للإشاعة ومروجيها، وليصب ذلك في بوتقة مواطنتنا الصالحة وميزان انتمائنا للوطن الأشم!
* جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
e-mail: mobaidat@just.edu.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :