facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خدمات التعهيد لتحفيز الاستثمار والتقليل من البطالة


د. سامر إبراهيم المفلح
10-04-2019 10:32 PM

جاءت التصريحات الحكومية الأخيرة لتؤكد بأن أولويات عملها ستركز بشكل رئيس على التشغيل من أجل محاربة ظاهرتي الفقر والبطالة، وقد صرّح رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أن جلالة الملك عبدالله الثاني، وجّه الحكومة للتركيز على الشباب وإشراكهم في خطط التنمية وتدعيم فرص التشغيل لهم.

وبنظرة استراتيجية إلى الميز التنافسية التي تتمتع بها المملكة، أو بنظرة اقتصادية إلى الميز النسبية والمطلقة، تبرز خدمات التعهيد الدولي (Global Outsourcing) كأحد أهم نماذج الأعمال التي يمكن تبني سياسات حكومية من أجل تشجيع الاستثمار فيها من قبل الشركات العالمية مما سيسهم حتمًا في تشغيل الشباب الأردني.

الشركات العالمية الكبرى اليوم تعمل دون حواجز في عالم بلا حدود، وهي تراجع وتبني عملياتها وأنشطتها في إطار عابر للقارات يستقي الميز التنافسية التي تتمتع بها دول العالم، وفيما يتعلق بخدمات التعهيد الدولي (Global Outsourcing) فإن هذه الشركات العالمية تستعين بشركات أخرى من مختلف دول العالم لتقديم خدمات متخصصة لها، أو لتسليم هذه الشركات المتعاقد معها جزءًا من عمليتها غير الرئيسية، بحيث يُترك المجال للشركة العالمية بأن تركز على عمليتها وأنشطتها الرئيسية (Core Activities).

ومع الثورة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم، والتقدم الكبير الحاصل في أتمتة الإجراءات، أصبحت خدمات التعهيد الدولي (Global Outsourcing) من أحد أهم نماذج الأعمال التي تشمل قطاعات متعددة، وقد تكون خدمات التعهيد في قطاعات توصف قيمتها المضافة بأنها منخفضة لأنها تركز على العمالة بأعداد كبيرة ومهارات محدودة وبأجر منخفض، مثل الصناعات التي تعتمد على العمالة اليدوية كصناعة الألبسة.

قطاعات أخرى قد تكون ذي قيمة مضافة متوسطة مثل خدمات مراكز الاتصال عبر الهاتف باستخدام التكنولوجيا المتقدمة والتي قد تخدم مزودي الخدمات في دول أخرى من شركات اتصالات وكهرباء وبنوك وغيرها، فقد يستفسر زبون في دولة مثل بريطانيا عن الاشتراك الخاص بحساب الإنترنت لبيته في لندن من خلال مركز الاتصال، ويجيب على المكالمة موظف في الهند يعمل في مركز اتصال متخصص لتوفير خدمات الدعم الفني للشركة البريطانية تحت مفهوم خدمات التعهيد الدولي، حيث إن العمالة في الهند أجرها أقل بكثير من العمالة في بريطانيا، والذي بدوره يقلّل من كلف التشغيل لهذه الشركات.

خدمات التعهيد الدولي أيضًا تشمل قطاعات ذات قيمة مضافة مرتفعة تكون لعمالة متخصصة وبأجر مرتفع، وتساهم في نقل التكنولوجيا المتطورة للدولة التي تستضيف هذه الخدمات، وقد تشمل على سبيل المثال خدمات التصميم والهندسة للشركات الصناعية، والبحث العلمي لشركات الأدوية، والبرمجيات المتخصصة لشركات البرمجة العالمية الكبرى.


تشير بعض المراجع الدولية أن عوائد خدمات التعهيد عالميًا بلغت 587 مليار دولار في العام 2017، وتصنّف بعضها الهند كأفضل بلد في العالم يقدم خدمات التعهيد الدولي لمختلف الشركات، وذلك نظرًا لجاذبيتها المالية، وتقدم البنية التحتية خصوصًا التكنولوجية، والمعرفة والمهارات المتوفرة بين السكان بما فيها إتقان اللغة الإنجليزية، وبيئة الأعمال القائمة. الكثير من الدول الأخرى تسعى اليوم لتكون في الطليعة لتقديم خدمات التعهيد المختلفة، فالفلبين مثلًا بإتقان معظم سكانها اللغة الإنجليزية، وانخفاض معدل الأجور، مع ارتفاع مستويات التعليم، وتبنّي السياسات الحكومية التي تشجع على الاستثمار في هذه الخدمات تعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال أيضًا.

ويجمع الأردن الكثير من الخصائص التي تمكنه من التوسع في تقديم خدمات التعهيد الدولي (Global Outsourcing) لمختلف الأسواق الدولية، فاللغة الثانية المحكية في المملكة بعد لغتنا الأم العربية هي الإنجليزية، كما أن اللهجة الأردنية تعتبر من أقرب اللهجات إن لم تكن الأقرب للعربية الفصحى مما يجعلها مفهومة وبسهولة لجميع الأشقاء العرب، ولهذا فإن إنشاء مراكز الاتصال لمختلف شركات الخدمات العاملة في المنطقة خصوصًا في دول مجلس التعاون الخليجي أمر قابل للتنفيذ، ويوجد اليوم في المملكة قصص نجاح تروى لمراكز اتصال تخدم المنطقة يمكن البناء عليها وتعزيزها.

تشير التقديرات بأن عدد خريجي الجامعات الأردنية في التخصصات المتعلقة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يبلغ سنويًا ما يقترب من 5000 خريج، يتلقون تعليمهم الجامعي في هذه التخصصات باللغة الإنجليزية، مما يؤهل الأردن بأن يكون حاضنة لمختلف خدمات التعهيد، أو أن يكون مركزًا للعمليات (Back Office Operations) للكثير من الشركات التي تعمل على تطوير البرمجيات، أو التطبيقات الذكية، أو المحتوى الإلكتروني، بالإضافة إلى ذلك فإن انخفاض معدلات الأجور في المملكة بالمقارنة مع الدول المتقدمة، وارتفاع مستوى التعليم بين السكان يعزز مكانتها في التنافسية لاستقطاب مختلف الاستثمارات في هذا المجال.

فالموقع الاستراتيجي للأردن بين قارات ثلاث، والحرية الاقتصادية المتاحة، والانفتاح التجاري المتمثل بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والشراكة الأوروبية، واتفاقية الافتا، والاتفاقيات الثنائية مع الولايات المتحدة، وكندا، وغيرها، بالإضافة للبنية التحتية التكنولوجية المتقدمة تجعل منه وجهة منافسة وجاذبة لاستقطاب مختلف الاستثمارات المرتبطة بخدمات التعهيد الدولي.

إن المضي قدمًا في جعل المملكة مركزًا عالميًا لتقديم خدمات التعهيد الدولي في مختلف القطاعات يتطلب جهدًا تكامليًا من جميع الأطراف المعنية بتشجيع الاستثمار، والترويج له من خلال دقة استهداف الشركات العالمية خصوصًا التي لها نشاط في المنطقة، وكذلك يتطلب وضع السياسات المختلفة التي تحفز الاستثمارات في هذه الخدمات، مع ضرورة تشبيك الاستثمارات المحتملة مع معاهد التدريب والجامعات، التي سيكون لها دور أساس في صقل معارف ومهارات الأردنيين الذين سيعملون في تقديم هذه الخدمات مستقبلًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :