facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ملك وشعب وحكاية قرية


د. بسام البطوش
21-04-2019 03:27 PM

منذ تولى جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، بقي محافظا على النهج الهاشمي في القيادة الانسانية، بما يعنيه ذلك من التواصل الوثيق بين الملك وشعبه، وتوسيع قنوات استشعار مؤسسة العرش للتعرف على الهموم المجتمعية الفردية والعامة، والحرص على اغاثة الملهوف، وتلبية المطالب الانسانية العاجلة للمواطنين، وجبر أي خلل في خطط التنمية والخدمات الحكومية، كلما كان ذلك ممكنا. وبقيت تقاليد الحكم في بلدنا تتيح للمواطنين سهولة الوصول للملك بأساليب متعددة لعرض مطالبهم ومظالمهم، حينما تضيق بهم بيروقراطية الحكومات، وعجز الادارات، وجمود التشريعات، ومصاعب الحياة.

وفي سياق حرص الملك على تحقيق هذه المعاني، ما انقطعت زياراته بأشكالها وصورها المتنوعة لكافة مناطق المملكة، وكانت كل زيارة ملكية تثمر سلسلة من المبادرات الهادفة لحل مشكلات المواطنين والتخفيف من أعباء الحياة عليهم. وكانت اللمساات الملكية ببعديها الانساني والتنموي هي السمة العامة للنهج الهاشمي في الحكم، وأخذت شكلا مؤسسيا، تجسد في لجنة المبادرات الملكية 2006 برئاسة معالي يوسف العيسوي، ونجحت المبادرات الملكية في إحداث فرق تنموي في كثير من الملفات والمناطق.

ويقدم السفر الثري (ملك وشعب) الذي أنجزه فريق عمل متخصص في الديوان الملكي، حول المبادرات الملكية، توثيقا متكاملا في سبعة مجلدات، لأنشطة جلالة الملك وزياراته وتوجيهاته ومبادراته، خلال الأعوام 1999-2012، وما حققته لجنة المبادرات الملكية من تجسيد للتوجيهات الملكية، عبر سلسلة من المبادرات داخل الوطن، فضلا عن اتساع نطاقها لمساعدة الأشقاء عربا ومسلمين، في أقطار وفي مناسبات عدة، وفي مقدمتها سلسلة مبادرات ملكية تم تنفيذها في غزة والقدس وعموم فلسطين .

سعت المبادرات الملكية الى تحقيق حلول عاجلة لاحتياجات المواطنين الملحة، ذات الأولوية القصوى، ومساعدتهم في التغلب على مصاعب الحياة، وتحقيق أهداف تنموية وخدمية تساهم في تحسين نوعية حياتهم. وبما يردف الجهود والخطط الحكومية ويساندها ويتوائم معها، وبما يكفل التغلب على عوائق البيروقراطية الحكومية في حركتها البطيئة، واعتماد أغلب الوزراء والمسؤولين على العمل المكتبي، ومقاربة المشكلات والحلول افتراضيا، وعن بعد، وغياب روح المبادرة الى تلمس المشكلات، واجتراح الحلول ميدانيا.

ولدى الأردنيين قصص متنوعة وثرية عن تجاربهم مع المبادرات الملكية واللمسات الهاشمية، التي تمسح على أوجاع الناس تنمويا وخدميا وإنسانيا عبر مساحة الجغرافيا الأردنية. ويمكنني تقديم شهادة من واقع التجربة والمعايشة، لقصة المبادرات الملكية في إحياء قرية أردنية جنوبية نائية، كعنوان ومثال على ما أحدثته المبادرات الملكية من فرق نوعي وحيوي في واقع المجتمعات النائية.

ففي العام 2009 كانت قريتي الطيبة / الكرك على موعد مع صيف لاهب، وعطش شديد امتد لأشهر عدة، عجزت الادارة المحلية في محافظة الكرك عن تقديم حلول شافيه له عبر سنوات، كما عجزت وزارة المياه عن تلبية مناشدات الأهالي ومطالبهم للتغلب على حالة العطش المزمنة التي يكابدون؛ فقرر الأهالي الذهاب الى العاصمة، حيث مركز صنع القرار، واختاروا الذهاب الى رئاسة الحكومة، ووضع القضية بين يديها.

من هنا بدأت قريتنا تنسج علاقة محبة وأمل وتنمية مع المبادرات الملكية، وبدأت تنفتح أمامها صفحات وآفاق تنموية حقيقية. فقد صدرت التوجيهات الملكية للجنة المبادرات، برئاسة معالي السيد يوسف العيسوي لمعاينة مطالب الأهالي، في عين المكان، والوقوف على الأسباب التي أجبرتهم على القدوم الى رئاسة الوزراء. فكانت سلسلة من الزيارات والمقابلات والحوارات مع الأهالي، قام بها رئيس لجنة المبادرات الملكية، مستعينا بالجهات الحكومية المعنية، لتحديد المشكلات والحلول والمطالب والأولويات. تلاها زيارات حكومية من رئيس الوزراء دولة الذهبي ووزير المياه، لمعاينة الواقع وفهم المشكلة.

وبادرت لجنة المبادرات الملكية الى دراسة الواقع الخدمي والتنموي في القرية ميدانيا؛ فكانت بداية تغيير حقيقي، في مستوى الخدمات ونوعيتها، في قرية نائية يبلغ عدد سكانها حوالي عشر الاف نسمه آنذاك، كانت تتعرض الى هجرة سكانها الى خارجها، بسبب تدني مستوى الخدمات الأساسية فيها، في ظل عجز الادارة المحلية عن تلبية الاحتياجات المتنامية للسكان.

السؤال المطروح، ماذا تحقق على أرض الواقع في قرية الطيبة منذ دخلتها المبادرات الملكية؟

ابتداء تم حل مشكلة العطش، وتم توفير المياه عاجلا، بتخصيص عدد من صهاريج المياه التابعة للقوات المسلحة، وتم ربطها برئيس لجنة المبادرات الملكية شخصيا لضمان تعزيز حصة القرية من المياه، وتوفير مياه الشرب بشكل يومي لمنازل المواطنين، لحين توفير حلول جذرية، وكان الايعاز ببناء خزان مياه بسعة 3 الآف متر مكعب في أعلى نقطة مرتفعة في القرية.

وجرى معالجة مجمل مشكلات القرية الخدمية، فكان قرار دعم القطاع الشبابي ببناء نادي شباب الطيبة وتأثيثه، واهداء حافلة متوسطه للنادي. وكان قرار بناء مركز للدفاع المدني يتوفر على كامل المستلزمات والتجهيزات والآليات والكوادر. وفي مجال التنمية الاجتماعية كان قرار بناء مركز تنموي شامل ومتكامل يقدم خدمات متنوعة، شاملا غرفا صفية، ومشغل حياكة وتطريز، والقاعة الهاشمية للاجتماعات والمناسبات والأنشطة، ومحطة للمعرفة. كما جرى افتتاح فرع للمؤسسة الاستهلاكية العسكرية.

وتتويجا للاهتمام الملكي المباشر بهموم هذه القرية الجنوبية النائية، وفي سياق اهتمام جلالته بكل بقعة من بقاع الوطن، وضمن النهج الهاشمي في متابعة شؤون المواطنين وملامسة همومهم واحتياجاتهم على أرض الواقع، وللتعرف على ما تم تحقيقه من المبادرات الملكية، ومن الحلول حكومية. جاءت زيارة جلالة الملك للقرية في تموز 2012، يرافقه صاحب السمو الملكي ولي العهد. وشكلت هذه الزيارة تعزيزا لمسيرة المبادرات الملكية والمشاريع الخدمية والتنموية في القرية.

وقد ادركت هذا الأثر الهام أثناء وجودي نائبا في مجلس النواب 2013-2016، حيث كنت أحفز كل مسؤول حكومي لزيارة القرية، والمساهمة في حل مشكلاتها، وتحسين متطلبات الحياة فيها، اقتداء بجلالة الملك، وتأسيا بانجازات لجنة المبادرات الملكية؛ فتواصلت إنجازات المبادرات الملكية، وكان بناء مدرسة ثانوية شاملة للبنين، وإهداء حافلة متوسطة لجمعية الطيبة للتنمية الاجتماعية.

لقد عشت وأهل قريتي هذه الانجازات واقعا ولحظة بلحظة، ولعل تجربتي كنائب قادم من الأرياف، تؤكد أن مشكلات الخدمات والتنمية في المناطق النائية،لا تعود في جزء كبير منها، ودائما الى نقص المخصصات والموارد، بقدر ما تعود الى الترهل الاداري، وضعف المتابعة، وغياب روح العمل الميداني.

وأجزم بأن هذه البصمات التنموية، التي تحققت في قرية الطيبة / الكرك، بفعل التوجيهات الملكية، ومن خلال لجنة المبادرات الملكية، تعددت نماذجها في قرى وبلدات وبوادي وأرياف ومخيمات على امتداد ثرى الأردن. كما أنها تشكل جزءا من رؤية هاشمية لطبيعة الحكم، وحميمية العلاقة بين الملك وشعبه، وانخراط مؤسسة العرش في الهموم الحياتية واليومية والتنموية للمواطن. ولعل دراسة علمية تحليلية للمجلدات السبع التي صدرت حتى الان للتوثيق للمبادرات الملكية تظهر حقيقة و نوعية وحجم العمل والانجاز، الذي قدمته لجنة المبادرات الملكية بعدد محدود من الكوادر، وبامكانات مالية محدودة، وترسم ملامح العلاقة بين ملك وشعب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :