facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردنيون وخلق الاعتدال


د. صبري ربيحات
30-04-2019 01:29 AM

في إقليم تتنامى فيه الهويات الفرعية وتتوالد الصراعات الطائفية والقومية يحرص الأردن وفي كل يوم على احترام التنوع وقبول الاختلاف والنظر الى خريطته الاجتماعية والعرقية والدينية كإحدى عناصر القوة والمنعة حتى أصبح التنوع صفة تميز النسيج الاجتماعي وتؤثر على طباع وأخلاق وقيم الناس دونما تكلف أو اجتهاد فقد تغلغلت في وعيهم وثقافتهم ولونت مزاجهم وسلوكهم.

اليوم وبالرغم من الأزمات المتتالية والضيق الاقتصادي وتفجر أحداث العنف في الإقليم والعالم يميل الشارع الأردني نحو الوسطية وينزع نحو الاعتدال ويتمتع غالبية الناس بميل فطري لنبذ التزمت ومقاومة التطرف باعتباره منافيا للواقع ومعاديا للهوية الفسيفسائية باعتبارها أهم عناصر القوة والجمال والتميز.

في المدن والبلدات الأردنية وأيا كانت المناسبات يشارك الأردنيون بعضهم الأفراح والأحزان والأعياد والمآتم حتى أصبح الناس في أرجاء العالم يصفون الأردن وأهله بأنهم الأكثر التزاما بالوسطية والاعتدال والأبعد عن التطرف والتشدد.

الساعات الممتدة بين صلاة يوم الجمعة ومساء الاثنين كانت بمثابة استفتاء مفتوح على ميول الأردنيين وقيمهم واتجاهاتهم. بلا قصد وبدون ترتيب، عبر الأردنيون عن تقديرهم لمعاني الصدق والاستقامة والجرأة والوسطية والاعتدال التي تحلى بها الدكتور عبداللطيف عربيات الذي رحل عن الدنيا وهو يشارك الأصدقاء والجيران صلاة الجمعة في أحد مساجد ضاحية الرشيد بعمان.

في عمان والسلط وسائر مدن وأرياف ومخيمات وبوادي البلاد تداعى الأردنيون للتعبير عن حزنهم على رحيل الرجل وتقديرهم لما يمثله من فكر وخلق وسلوك. خلال ساعات قليلة اكتظت جدران صفحات التواصل الاجتماعي بمنشورات النعي للراحل والثناء على مسيرته ونشر مقتطفات من مواقفه وإنجازاته ومناقبه.

التعبير بمختلف الوسائل عن حجم الاحترام والتقدير والإحساس بالفقد لرحيل عبداللطيف عربيات مؤشر على الميل الفطري لدى الناس للاعتدال وتقديرهم البالغ لهذه السمة التي تميزهم ويتوقون لرؤيتها في سلوك وممارسات الساسة والشخصيات العامة في الأردن,

الآلاف الذين حضروا مراسم الدفن وعشرات الآلاف الذين أموا بيوت العزاء جاؤوا ليقولوا إنهم يقدرون كل ما يمثله الراحل من أخلاق وقيم ومواقف. في حين نقل ما يزيد على ثلاثة ملايين مغرد وناشر ومعلق مشاعرهم وأصواتهم عبرمواقع التواصل الاجتماعي.

الأردنيون من شتى المنابت والأصول والمذاهب والملل والطوائف والانتماءات عبروا عن حاجتهم إلى إعادة الاعتبار إلى الاستقامة في السلوك والصدق في العمل والاعتدال في المواقف فاتخذوا من رحيل الدكتور العربيات مناسبة للتعبير عن الممارسات والصفات التي يتطلعون الى رؤيتها في سلوك الشخصيات العامة. فلم يكن الرجل متزمتا في مواقفه ولا متجنيا على من لا يتفق معهم فقد بقي دائم التشبث بالحوار ملتزما باحترام التنوع مدركا بأن لا فضل لإنسان على آخر إلا بما يقوم به من عمل الخير والالتزام بالفضيلة.

لا أظن أن الناس اكترثوا كثيرا للمواقع التي حل فيها الراحل أو للسلطة التي كانت في يديه إبان توليها وإنما تحركوا احتراما لسيرة الرجل وخصاله وسجاياه التي رأوا أنها تمثل النموذج الذي يتطلع له الأردني في الشخصية العامة فهو أيقونة للاستقامة والتقوى والصدق والجرأة والاعتدال.

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :