facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




«قبة الاقصى» التي تلمع ابدا،


ماهر ابو طير
24-09-2009 05:45 PM

حين تضيق بي الدنيا ، لسبب شخصي او عام ، اهرب الى جنوب المملكة ، حيث في "مؤتة" الكرك يرقد جعفر الطيار ، اي جعفر بن ابي طالب ، لاقرأ له الفاتحة.

هذا ما فعلته ثاني ايام العيد. قلت زيارته خير من زيارة كثيرين. عنده لا نفاق ولا كذب ولا مجاملات فائضة عن الحاجة. لسر لا افهمه حتى الان ، كلما ازوره اعود وقد استعدت توازني الداخلي ، وكأنني تلقيت هواء منعشا لثلاثة شهور مقبلة. لا اعرف السبب. ربما لاني اتذكر وانا الواقف عنده ان ها هنا رجلا ليس كالرجال. امسك بالراية عبر يمينه ، وحين قطعها الروم في معركة مؤتة ، نقلها الى اليسرى. لم يصرخ ولم يتألم ، ولم يقع ارضا. وحين قطعوا له اليسرى ، ضمها الى صدره بما تبقى. اول الفداء و"ابوالمساكين" كما لقبه رسول الله.

سقط المطر غزيرا صبيحة العيد. عيدية الله للناس ، خير من دنانير قليلة ننفقها ولا تعود ابدا. صبيحة العيد كانت مفعمة بسكينة وهدوء غريبين. ربما يعوض الله "الفقراء" بالسكينة والصبر. لست ادري لماذا تذكرت قبة المسجد الاقصى وقبة مسجد قبة الصخرة حين فتحت عينيّ في السادسة صباحا. قلت لا.. بد انهما بعد سقوط المطر فوق القدس ، واشراقات الشمس ، تلمعان الان. تشرقان كشمسين على قلبي. تذكرت البلدة القديمة. باعة الكعك. الوجوه المقدسية التي يسلبها الغدر كل ما تبقى من حياة. لم تغب القدس عن بالي طوال يوم العيد الاول. اشتد حزني وهمي في المساء ، ولم اجد سوى "الكرك" ملاذا لي. أليست الكرك شقيقة القدس ، واختها ، أليست احدى مدن الفتح الايوبي ، التي اعدت لحطين. كانت جبين الفتح الايوبي وغرته. أليست هنا خيل المسلمين وصهيلها. في صبيحة اليوم الثاني وجهت وجهي نحو قبلة ارضاها. فذهبت الى الكرك ، لازور جعفر ، ولاشرب من ماء بئر مدين ، حيث وقف موسى عليه السلام منهكا خائفا ، فجاءته "النصرة" ايضا من ارض الكرك الخضراء ، طوال عام ، خصيبا كان ام مجدبا ، لا فرق ، خضراء كقلب جعفر.

وقفت عند جعفر ، بين يدي جعفر. او قل جناحي جعفر. قلت ماهذا الفدائي الاول. لم يكتف بشهادة عادية. اليمنى ثم اليسرى ثم صدره ، وجسده. قطعوا اوصاله ، غير ان روحه ليست ملكا لاحد. هنا القصة. قد يقطعون اوصالنا يدا تلو يد. عينا تلو عين. قدما تلو قدم. غير ان قلبك وروحك ليستا ملكا لاحد ، كل ما هو مادي وارضي قد تتم سرقته. يسلبونك اياه. اما قلبك فسماوي ، وروحك علوية ، فلا يسلبهما احد. ولا يقدر على ذلك احد. الفداء ليس له حد ولا درجة. قرأت الفاتحة لجعفر ، وزرت رفيقيه الاخرين. سبحان الله ، ارض الاردن ليست عابرة للتاريخ ، وليست بلا ذاكرة ، وليست مجهولة النسب. الجهلة فقط يظنون ذلك. هل يفسر لي احد سر خط الشهداء والصحابة والانبياء الممتد طولا من آخر نقطة في الغور الشمالي ، حتى اخر نقطة في جنوب المملكة ، على طول الحدود مع فلسطين. الاردن حارسة المشرق العربي وعينه الحمراء. سياج الجزيرة وبيت الله الحرام. القلعة التي فيها سر الوعد بفتح مبين ذات يوم. تخيلوا ايضا ذلك اليوم ، فحصته الكبرى للاردن وعلى ارض الاردن ، وسينسب كبرياء ذاك اليوم للاردن ، وانت يا جعفر لم تدفن هنا عبثا ، فبعده جاء رجال من شرق النهر وغربه ، ليقدموا ارواحهم لله. ما ملوا ولا هربوا ولا تكاسلوا ، في وجه القتلة.

اعود الى عمان ، وقد زالت الاثقال عن قلبي. في كل مكان مذابح في ديار العرب والمسلمين التي غشيها الموت والظلام من حولنا وحوالينا. ابحث عن "سراج" ليبدد العتمة. لا يأس مع الله. اودع جعفر الطاهر ، واسمعه يكبر هناك فوق المسجد الاقصى ، وفوق بيوت القدس العتيقة ، يكبر مثنى وثلاث ورباع ، واذرف دمعتين ، الاولى حزنا على القدس ، والثانية حبا بالكرك. عينان في رأس واحد. لا يستقيم الرأس والرؤية دونهما. حتى وان كانت دمعة حزينة واخرى فرحة ، في لحظة واحدة.

سلام على الاردن وفلسطين ، ولرجالهما المنذورين لعظيم الامور.

mtair@addustour. com. jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :