facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحروب الأربعة ..


د. حسين عمر توقة
17-05-2019 02:28 AM

الحرب العالمية الثانية ... الحرب الباردة ... الحرب على الإرهاب... حرب الإنابة " حرب الخلايا النائمة "

الجزء الثالث ...الحرب الرابعة .... حرب الخلايا النائمة ... حرب الإنابة

الربيع العربي كيف بدأ وانتشر
بدايات الدولة الإسلامية (داعش )
المراحل التي تمر بها الخلايا النائمة

المقدمة:-

هل حققت الحروب الأمريكية على الإرهاب أهدافها وهل حقق كل من غزو أفغانستان وغزو العراق الأهداف المرجوة . وما هي الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة المادية والمعنوية والسياسية وهل أصبحت أوضاع كل من أفغانستان والعراق أفضل مما كانت عليه قبل الإحتلال .
لقد بلغت كلفة الحرب في أفغانستان مبلغ 455 مليار دولار ومبلغ 802 مليار دولار كلفة الحرب في العراق حسب الأرقام الرسمية ولكنها وصلت مبلغ 2.5 تريليون دولار في تقديرات مكاتب المحاسبة الخاصة وبلغ عدد القتلى الأمريكيين في أفغانستان 1996 قتيل حتى عام 2012 بينما بلغ عدد المصابين 17644 جريح . بالإضافة إلى 1092 قتيل من قوات تحالف الشمال الموالية للأمريكيين و433 جنديا بريطانيا و70 جنديا فرنسيا و53 جنديا ألمانيا و48 جنديا إيطاليا و35 جنديا إسبانيا و25 جنديا هولنديا و24 جنديا بولنديا بينما قتل جندي بلجيكي واحد منذ غزو أفغانستان .
ولقد بلغ عدد الجنود الأمريكيين القتلى في العراق 4409 قتيل حتى تاريخ 8 /11/2010 بينما بلغ عدد المصابين 31935 جريح .
ولا بد هنا من الإشارة إلى عدد القتلى من المدنيين الأمريكيين من مقاولين ومهندسين عاملين في العراق خلال الفترة من 2001 لغاية 2010 في العراق وأفغانستان حيث تشير تقارير وزارة العمل الأمريكية حسب المعلومات التي استقتها من سجلات وزارة الدفاع الأمريكية بأن عدد القتلى المدنيين الأمريكان في أفغانستان قد بلغت 521 قتيلا و1487 قتيلا في العراق.
أما الجانب الآخر الذي أغفلته معظم التقارير الحربية فيتمثل في مدى الخسائر
المادية في المعدات العسكرية حيث تشير التقارير الأولية إلى أن الولايات المتحدة قد خسرت ما يزيد على 300 ألف قطعة من المعدات ما بين دبابات أبرامز وبرادلي وإم2 وعربات قتال ومدرعات وهمفي ومروحيات وقطع المدفعية
الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان والعراق :
لقد تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما العمل على سحب القوات الأمريكية من كل من أفغانستان والعراق وبالفعل فلقد عمد إلى تخفيض القوات الأمريكية من 100 ألف جندي في عام 2010 في أفغانستان إلى 45 ألف جندي وهو يحاول جاهدا تخفيض عدد القوات الأمريكية قبل نهاية عام 2014 إلى أقل من 10 آلاف جندي ولم يخطر بباله أن الرئيس الأفغاني كارازاي وهو ربيب الولايات المتحدة سوف يقف في وجه توقيع إتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة من أجل وضع الشروط والضمانات والحصانات اللازمة لحماية العدد البسيط من الجنود الأمريكيين الذي سيستمر وجودهم بعد كانون الأول عام 2014 والتي تحدد بالدقة اللازمة العلاقات السياسية والعسكرية والإقتصادية بين الدولتين . وبالرغم من ظهور نتائج الإنتخابات الأفغانية والإتفاق بين المرشحين اللذين كانا يتنازعان الفوز في الإنتخابات الرئاسية بأن يتولى أشرف غني منصب الرئيس وأن يتم تعيين عبد الله عبد الله في منصب ( مسؤول السلطة التنفيذية ) من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية . وما زال الشعور بأن النظام الأفغاني لا زال يشعر بالضعف وبأنه مهدد بتمرد من قبل حركة طالبان .وحتى هذه اللحظة لم يتم توقيع الإتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والحكومة الجديدة.
في نهاية عام 2008 تم توقيع إتفاقية أمنية بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية تنص على جدولة إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ودخلت الإتفاقية ألأمنية حيز التنفيذ عام 2009 بإنسحاب القوات القتالية الأمريكية من المدن والقصبات وبتاريخ 15/12/201 تم الإحتفال الذي أقيم في مقر السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء بحضور وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا بإنزال العلم الأمريكي ورفع العلم العراقي ومن ثم إنزال علم القوات الأمريكية في إشارة إلى إنتهاء الإنسحاب الأمريكي من العرااق بصورة نهائية , ولقد تم إنسحاب القوات الأمريكية قبل إكمال مهمة تدريب الجيش العراقي كما أن القوات الجوية العراقية لم تكن جاهزة للدفاع عن الأجواء العراقية
حرب الخلايا النائمة :
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة ما هي الإستراتيجية الجديدة التي اتبعتها الولايات المتحدة ؟؟؟ بعد أن قررت سحب قواتها العسكرية من أفغانستان والعراق وبعد أن خلفت وراءها دولتين هما الأكثر فسادا في العالم حسب بيانات منظمة الشفافية الدولية في برلين وهما أخطر بلدين في العالم من حيث انعدام الأمن حسب تقرير مؤشر السلام العالمي ( جلوبال بيس إندكس ) لعام 2010 كما تعتبر العراق وأفغانستان من أكثر حكومات العالم فشلا في أداء الواجبات والمهام الموكولة إليها حسب المقياس السنوي لتقرير السياسة الخارجية (Foreign Policy )
فهل بدأت الولايات المتحدة أسلوبا جديدا من الحروب تحت ما يسمى الحرب بالوكالة أو الحرب بالإنابة وإيقاظ الخلايا النائمة وتحقيق الإنقسام الطائفي والديني في العالم العربي من أجل الإمعان في استنزاف جيوشه وقدراته وتفتيت مقوماته السياسية والإجتماعية وخلق شرخ بين مختلف الطوائف الدينية الإسلامية تحت ستار مسميات الشرق الأوسط الجديد والربيع العربي . ولماذا لم تتمكن طوال هذه السنوات من القضاء على تنظيم القاعدة بعد القضاء على الأب الروحي للتنظيم أسامة بن لادن .
لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط حروبا جديدة فبعد أن كانت حروب العصابات تمتلك سلاح الكلاشينكوف وقاذف الإنيرجا أصبحت الأكثر تقدما والأكثر تأثيرا من حيث التنظيم والسرية والتسلح والتأييد الشعبي واستخدام التكنولوجيا الجديدة لا سيما في الإتصالات والإعلام . لا سيما في مجابهتها للجيوش المنظمة فلو حاولنا دراسة التأثير والنتائج التي ترتبت نتيجة الحرب اللبنانية حرب تموز عام 2006 بين تنظيم حزب الله وبين إسرائيل والتي استمرت 34 يوما من القتال والتي أعلنت إسرائيل بعدها أن قتلاها قد بلغ 104 قتيل . وهل أدخلت هذه الحرب مفاهيم ومعطيات سياسية وأساليب قتالية جديدة في حرب العصابات بين التنظيمات الإسلامية ومجابهتها للقوة العسكرية الإسرائيلية بكل جرأة ونجاعة وهل أضرت هذه الحرب أم عززت الحضور العسكري والسياسي لحزب الله فوق الساحة اللبنانية
وما هو تأثير ونتائج الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتي بدأت عام 2008 بحملة الرصاص المصبوب والتي استمرت 23 يوما وحملة عامود السحاب عام 2012 والتي استمرت 7 أيام وعملية الجرف الصامد عام 2014 والتي استمرت 52 يوما ما هي الخسائر المادية والإخلاقية والمعنوية والعسكرية التي تكبدتها إسرائيل بعد أن تمكنت حماس والجهاد الإسلامي من تحطيم وإختراق كل معطيات القبة الحديدية وبطاريات صواريخ الباتريوت الأمريكية ومنظومات دفاع صواريخ حيتس الإسرائيلية وما هي المكاسب السياسية والمعنوية التي حققتها حماس والجهاد الإسلامي على المستوى ألإقليمي والدولي رغم فداحة الخسائر في الأرواح وفي البنية التحتية والتي حققت ورسخت مفردة جديدة في مفاهيم النضال هي المقاومة الشعبية حقا وحقيقة
الربيع العربي كيف بدأ وانتشر في عدد من الدول العربية :
السودان :
قبل البدء في استعراض الأحداث التي اجتاحت العالم العربي منذ ثلاثة أعوام ونيف لا بد لنا من أن نستعرض بعض جذور الصراع التي غرستها الدول العظمى وبالذات بريطانيا في قلب العالم العربي ولقد اخترنا السودان لطرحه كمثل عربي على وضاعة وخبث الإستعمار الغربي وتخطيطه في إيقاع الفتنة العرقية والطائفية والدينية المستمرة ضمن الدولة الواحدة وإبقاء جذوة الحرب الأهلية مستعرة ولقد تعاملت حكومة الإحتلال البريطاني مع جنوب السودان بشكل منفصل عن الشمال وتركته بين خيارين إما إنشاء إدارة فيدرالية للجنوب وضمه للشمال أو ضم الجنوب للشمال كإقليم عادي كغيره من أجزاء الشمال الأخرى واتبعت أساليب قمة في الدهاء الشرير من حيث استثناء الجنوب من المجلس التشريعي ومنع المجلس من مناقشة أي أمر يتعلق بالجنوب واستعمال اللغة الإنجليزية واللغات المحلية في التعليم ومنع تدريس اللغة العربية وتغييب الدعوة الإسلامية عن الجنوب وتشجيع التبشير المسيحي واستصدار قانون المناطق المقفولة الذي ينص على منع التجار الشماليين من الإستيطان في الجنوب حتى اتضح أخيرا ما تعارف على تسميته بمنطقة الحكم الذاتي الذي يعرف بجنوب السودان . ولقد تعرض السودان إلى حربه الأهلية الأولى عام 1955 نتيجة عصيان كتيبة جنوبية للأوامر الصادرة إليها بالإنتقال إلى شمال السودان وانفلتت زمام الأمور الأمنية في الجنوب وتعرض كثير من الشماليين في الجنوب للقتل والأذى على أسس عرقية ودينية واستمر الصراع لمدة 19 عاما وانتهى الصراع بتوقيع اتفاق أديس أبابا عام 1972 الذي لم يعالج بذور الصراع وشهد السودان الحرب الأهلية الثانية التي بدأت عام 1983 والتي استمرت طوال 22 عاما وهي إحدى أطول وأعنف الحروب الأهلية وراح ضحيتها ما يقارب 1.9 مليون قتيل ونزح خلالها أكثر من 4 ملايين وانتهى النزاع رسميا مع توقيع اتفاق للسلام في كانون الثاني عام 2005 بين حكومة رئيس السودان عمر البشير وبين قائد قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرانق على أن يتبعه استفتاء رسمي على تقرير المصير والذي تم إجراؤه في كانون الثاني عام 2011 وبناء على نتائج هذا الإستفتاء انفصل جنوب السودان رسميا عن السودان الأم وتم الإعلان بتاريخ 9/7/2011 رسميا عن ميلاد جمهورية جديدة مستقلة في جنوب السودان بإسم ( جمهورية جنوب السودان ) وبالرغم من أن إتفاق السلام قد أنهى الحرب بين الشمال والجنوب لكنه لم ينه الخلاف على ملفات من بينها ترسيم الحدود ومصير الديون المشتركة وتقاسم واردات النفط والذي تقع آباره في الجنوب ولكن أنابيب النفط تمر عبر الشمال من أجل تصديره .
هذه لمحة بسيطة عن تاريخ دولة عربية تعرضت منذ استقلالها إلى حرب مفروضة عليها أورثتها إياها بريطانيا العظمى . وسوف نستطلع خلال استعراضنا للدول العربية التي عصف بها ربيع الثورات بعض مواضع الصراع والميراث الذي زرعته فينا دول الغرب وفي بعض الأحيان دول الشرق في إشارة إلى الإتحاد السوفياتي سابقا وروسيا حاليا وجمهورية إيران الإسلامية .
تونس :
بتاريخ 17/12/2010 أقدم المواطن التونسي طارق الطيب محمد البوعزيزي بإضرام النار في جسده أمام مقر ولاية سيدي بو زيد احتجاجاعلى مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد لعربته التي كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها بحق الشرطية فادية حمدي التي صفعته على وجهه أمام الملأ وقالت له باللغة الفرنسية (DEGAGE) أي ( إرحل ) والتي تحولت هذه الكلمة فيما بعد إلى شعار الثورة للإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي مما أدى إلى الإنتفاضة الشعبية والثورة التي أطاحت بالنظام التونسي خلال شهر حيث غادر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وعائلته البلاد في طائرة خاصة متوجها إلى جدة بتاريخ 14/1/2011 . ولقد توفي طارق الطيب محمد البوعزيزي بعد 18 يوما متأثرا بحروقه ليكون أول شهيد عربي في الربيع العربي .
مصر :
بتاريخ 25/1/2011 المتزامن مع عيد الشرطة انتشرت الدعوات من خلال مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر إلى التظاهر من قبل العديد من القوى السياسية غير الحزبية كلنا خالد سعيد وحركة شباب 6 أبريل وحركة شباب من أجل العدالة والحرية والحركة المصرية من أجل التغيير والجمعية الوطنية للتغيير والحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير ( حشد) وقد لبى الدعوة أعداد غفيرة من مختلف طبقات المجتمع المدني كما أعلنت جماعة الأخوان المسلمين مشاركتهم في مظاهرات 25 يناير .
ولقد حددت الدعوة ثلاثة ضوابط للمشاركين في المظاهرات أكدت احترامها للشرطة كهيئة وطنية وحذرت من أعمال التخريب أو أعمال الشغب ونفت الجماعة دعوتها للحشد في موقع معين بحيث تعم المظاهرات كامل النطاق الجغرافي في مصر فاندلعت المظاهرات في القاهرة في ميدان التحرير والإسكندرية والسويس والمحلة الكبرى والإسماعيلية وغيرها من محافظات مصر وأضحت في مساء اليوم تظاهرات شعبية عارمة ترفع شعارات ضد الفقر ضد الجهل ضد البطالة ضد الغلاء ضد الفساد وأخذوا يطالبون برحيل الحكومة وتزايدت أعداد الحشود بعد انتشار نبأ سقوط أول شهيد للثورة المصرية غريب عبد العزيز في مدينة السويس . وكانت تظاهرات 25/1/2011 بمثابة الشرارة الأولى التي أشعلت لهيب الثورة المصرية رافعة شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " . وبعد 18 يوما من استمرار المظاهرات ووقوع المصادمات أعلن السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية بتاريخ 11/2/2011 نبأ تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن السلطة وتولي المشير محمد حسين الطنطاوي رئاسة الفترة الإنتقالية بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة . وخرج الملايين في جميع المحافظات إلى الشوارع والميادين ابتهاجا بتحقيق أول مطالب الثورة المتمثل في إسقاط النظام . وبتاريخ 17/4/2011 قررت جماعة الأخوان المسلمين وجناحها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة الدفع بمحمد مرسي مرشحا للرئاسة . ولقد تصدر كل من محمد مرسي وأحمد شفيق الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية لكن دون حصول أي منهما على أكثر من 50% المطلوبة للفوز . مما اقتضى إجراء جولة ثانية من الإنتخابات وبتاريخ 24/6/2012 أعلنت لجنة الإنتخابات الرئاسية في مصر عن فوز محمد مرسي في الجولة الثانية من الإنتخابات بنسبة 51.7% بينما حصل أحمد شفيق على نسبة 48.3% .
بتاريخ 30/6/2012 تولى محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب منذ حصول مصر على استقلالها حتى تاريخ 3/7/2013 حيث قامت ثورة جماهيرية عارمة جديدة مدعومة من قبل القوات المسلحة المصرية بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي وإلقاء القبض عليه . ومن ثم نصب عدلي محمود رئيسا مؤقتا لمصر بإعتباره رئيس المحكمة الدستورية واستمر في منصبه من 4/7/2013 لغاية 8/7/2014 حيث تولى المشير عبد الفتاح السيسي السيسي رئاسة الجمهورية بعد فوزه الساحق في انتخابات رئاسة الجمهورية المصرية بعد حصوله على أكثر من 23 مليون صوت بنسبة فاقت 96% من أصوات الناخبين .
ليبيا :
بتاريخ 15/2/2011 وإثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم فتحي تربل خرج أهالي الضحايا في مدينة بتغازي ومناصريهم لتخليصه من الإعتقال لعدم وجود أسباب مقنعة لإعتقاله . وارتفعت الأصوات مطالبة بإسقاط النظام وإسقاط العقيد معمر القذافي شخصيا مما دعا الشرطة إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين واستمرت المظاهرات حتى صباح اليوم الثالي وامتدت الإنتفاضة لتشمل الرجبان والزنتان وشهدت البيضاء سقوط أول شهداء الثورة بتاريخ 16/2/2011 وقام المتظاهرون بحرق مقر اللجان الثورية ومركز الشرطة المحلي ومبنى المصرف العقاري في الزنتان وتزايد عدد الشهداء وما أن اطل صباح 17/2/2011 حتى امتدت الإنتفاضة إلى معظم مدن المنطقة الشرقية بعد سقوط أكثر من 400 قتيل وجريح برصاص الأمن العام .
بتاريخ 19/2/2011 إتسعت رقعة المظاهرات إلى عدة مدن ليبية ووصولها إلى طرابلس وسقوط مدينة بنغازي من قبضة نظام القذافي وبتاريخ 21/2/2011 تم استخدام الطائرات لتفريق المتظاهرين في طرابلس وفي اليوم التالي أعلن وزير الداخلية الليبي اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي استقالته وانضمامه لثورة 17 فبراير تبعه انشقاق مسؤولين ليبيين كبار و دبلوماسيين إلى الثورة الجديدة وأعلن القذافي أن تنظيم القاعدة هو وراء الأحداث .
وبتاريخ 25/2/2011 دعا الرئيس الفرنسي نيكولاي سيركوزي الرئيس القذافي إلى الرحيل وأعلنت الولايات المتحدة فرضها عقوبات على النظام الليبي وبتاريخ 27/2/2011 قرر مجلس الأمن فرض عقوبات على نظام القذافي وشمل حظرا على سفر القذافي وأفراد عائلته وبعض المقربين إليه وتجميد أرصدتهم وإحالة القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية . تبعه في اليوم التالي إقرار الإتحاد الأوروبي حزمة عقوبات على القذافي وحكومته وعائلته من بينها حظر على بيع الأسلحة والسفر إلى دول الإتحاد الأوروبي.
بتاريخ 1/3/2011 تم الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني الإنتقالي في بنغازي ليتولى شؤون المناطق المحررة بما في ذلك الإتصال بالدول الأجنبية وإدارة المعارك العسكرية وتم عقد الإجتماع الأول بتاريخ 5/3/2011
بتاريخ 7/3/2011 طالب مجلس التعاون الخليجي بفرض حظر جوي على ليبيا ولوح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالخيار العسكري ضد ليبيا . وفي اليوم التالي صدر نداء أممي لإغاثة مليون لاجىء من ليبيا حيث تركزت المعارك في الزاوية قرب طرابلس ورأس لانوف في الشرق
بتاريخ 10/3/2011 أعلنت فرنسا اعترافها بالمجلس الوطني الإنتقالي وطالبت بشن غارات جوية محدودة على قوات القذافي وبتاريخ 12/3/2013 طالب وزراء الخارجية العرب المجتمعون في القاهرة مجلس الأمن الدولي بفرض حظر جوي على ليبيا لمنع القذافي من قصف المدن والثوار بالطائرات في حين كانت قوات القذافي تشن هجومها في محاولة لإستعادة السيطرة على مدينة مصراته .
بتاريخ 17/3/2011 أصدر مجلس الأمن قرار رقم 1973 بفرض حظر جوي على ليبيا وإباحة استخدام القوة لحماية المدنيين من هجمات القوات التابعة للقذافي وامتنعت خمس دول عن التصويت على القرار هي روسيا الصين وألمانيا والهند والبرازيل .
بتاريخ 19/3/2011 أعطى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أوامره للقوات الأمريكية ببدء عملية عسكرية محدودة ضد ليبيا حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون أن سفنا حربية وغواصات أمريكية وبريطانية أطلقت 110 صاروخ من نوع توماهوك ضمن المرحلة الأولى من عملية فجر الأوديسا لإرغام القذافي على التقيد بحظر الطيران كما أعلنت فرنسا أن طائراتها شنت غارات جوية على عدد من الدبابات والمركبات على الكتائب الموالية للقذافي. وبتاريخ 21/3/2011 أعلنت الولايات المتحدة أنها ستسلم قيادة العمليات العسكرية في ليبيا إلى حلف الناتو
بتاريخ 28/3/2011 أعلنت قطر اعترافها بالمجلس الوطني الإنتقالي ممثلا للشعب الليبي
بتاريخ 6/4/22011 الرئيس معمر القذافي يناشد الرئيس الأمريكي وقف العمليات العسكرية لحلف الناتو في ليبيا.
بتاريخ 10/4/2011 الرئيس معمر القذافي يستقبل وفد الرؤساء الأفارقة الذين يتوسطون لإيقاف المعارك وإيجاد حل للأزمة الليبية ولكن المجلس الإنتقالي في اليوم التالي أكد رفضه للخطة الإفريقية وتمسكه برحيل القذافي .
بتاريخ 30/4/2011 قام حلف الناتو بشن هجوم بالصواريخ على منزل في طرابلس أسفر عن مقتل الإبن الأصغر للقذافي سيف العرب وثلاثة من أحفاده
بتاريخ 22/5/2011 الإتحاد الأوروبي يفتتح ممثلية في بنغازي وبتاريخ 27/6/2011 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق معمر القذافي وسيف الإسلام وعبد الله السنوسي لإرتكابهم جرائم ضد الإنسانية
بتاريخ 20/8/2011 الثوار ينجحون في السيطرة على العاصمة طرابلس
وبتاريخ 20/10/2011 شاهدتُ كغيري من المشاهدين صور اعتقال معمر القذافي واستمعت إلى أولى كلماته وهو لازال مختبئا تحت العبارة ومن ثم تعرضه للضرب ونقله إلى السيارة التي نقلته من سرت إلى مصراتة كان حيا حين تم إلقاؤه في السيارة ولكنه كان ميتا حين وصل إلى مصراته وهناك أثر لطلقة في الجبهة فوق العين اليسرى اخترقت جمجمته وتسببت في وفاته.
ولقد اختلفت المعلومات حول تعداد قتلى المعارك الليبية ولكنها كانت الأعلى من ضمن الثورات العربية في ذلك الوقت حيث وصل عدد القتلى 50 ألف وعدد الجرحى 70 ألف وأكثر من 20 ألف مفقود .
اليمن :
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تولى السلطة عام 1978 حتى عام 2012 حيث قام الرئيس بتسليم السلطة بعد سنة كاملة من الإحتجاجات وعلى رأسها ما عرف بإسم ثورة الشباب اليمنية أو ثورة التغيير السلمية ويطلق عليها اسم ثورة 11 فبراير علما بأن أولى المظاهرات الفعلية قد بدأت بتاريخ 15/2/2011 واستمرت ثورة الشباب فعليا حتى انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا للبلاد عام 2012 ولكن ظلت الإعتصامات والمظاهرات تقام من فترة لأخرى حتى قيام الرئيس هادي بتفكيك شبكة أقارب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح من المناصب العليا ومن الجيش ضمن خطوات إعادة هيكلة الجيش اليمني وبتاريخ 18/4/2013 رفعت آخر خيام التغيير بصنعاء وأعلنت قيادة ثورة الشباب اليمنية تعليق الإعتصامات والمظاهرات .
وقبل التطرق إلى مجريات الثورة ومراحلها يجدر بنا الإشارة إلى نقطة هامة ترجع في تاريخها الى بداية عام 2004 في شهر يناير وذلك أثناء قيام الرئيس علي عبد الله صالح بزيارة إلى محافظة صعدة لأداء صلاة الجمعة وأراد علي عبد الله صالح أن يخطب في جموع المصلين ففوجىء بإطلاق صرخات تردد شعارات ( الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام ) وكانت هذه الشعارات قد بدأ عدد كبير من الشباب الذين التفوا حول حسين بدر الدين الحوثي بترديدها في المساجد اليمنية بعد قيام القوات الأمريكية بإحتلال العراق عام 2003 . ولقد تم اعتقال 800 شخص من أنصار الحوثيين . ولقد طلب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من حسين الحوثي الإلتقاء به في صنعاء إلا أن حسين الحوثي رفض ذلك وفي شهر حزيران 2004 حاولت فرقة عسكرية من الجيش اليمني توقيف حسين الحوثي الذي كان يعيش في مديرية مران وأدت هذه المحاولة إلى إندلاع مواجهات بين الحوثيين والقوات الحكومية أدت فيما بعد إلى بداية الحرب بشكل رسمي بتاريخ 18/6/2004 وتم الإعلان عن مقتل حسين بدر الدين الحوثي بتاريخ 10/9/ 2004 واستمرت الحروب المتتالية بين الجيش اليمني والحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي الشقيق الأصغر لحسين الحزثي حتى تجاوزت الست حروب تخللتها إتفاقية للهدنة تحت رعاية قطرية .وفي عام 2011 اشتبك الحوثيون مع قوات سعودية في تلك الأثناء كان الرئيس اليمني قد صب جل اهتمامه بعد احتلال أفغانستان بمحاربة تنظيم قاعدة الجهاد الجنوبي التابع لتنظيم القاعدة .
يحاول الكثيرون من المفكرين والباحثين ربط الحوثيين بتيار الشباب المؤمن الذي تم تأسيسه عم 1992 بزعامة كل من محمد سالم عران وعبد الكريم جدبان اللذين يقال إنهما كانا على إتصال وثيق بقادة شيعيين في كل من إيران ولبنان
بتاريخ 11/2/2011 خرج الآلاف من الشباب إلى الميادين العامة في صنعاء ومدن الجنوب ابتهاجا بإنتصار الثورة الشعبية المصرية وطالبوا بتحسين أحوالهم الإجتماعية
بتاريخ 15/2/2011 المعارضة اليمنية تطالب بتنحية جميع أقارب الرئيس من المناصب القيادية في المؤسسات العسكرية والأمنية والحكومية والرئيس اليمني يقرر فتح مكتبه للإستماع للمواطنين ومناقشة قضاياهم
بتاريخ 20/2/2011 الرئيس علي عبد الله صالح يجدد دعوته للمعارضة من أجل الحوار ولكنه يؤكد أنه لن يرحل إلا عبر صناديق الإقتراع
آلاف الحوثيين يتظاهرون شمال صعدة بالتزامن مع آلاف المتظاهرين في ساحة التغيير في صنعاء يطالبون برحيل على عبد الله صالح
بتاريخ 1/3/2011 إتساع رقعة الإحتجاجات والرئيس اليمني يعلن أنه مستعد للرحيل شريطة ضمان انتقال سلس للسلطة ويقرر إقالة حكام خمس محافظات سادتها المظاهرات
بتاريخ 10/3/2011 الرئيس اليمني يدعو إلى الإنتقال من نظام الحكم الرئاسي إلى نظام برلماني والإستفتاء على دستور جديد للبلاد وفي اليوم التالي شهدت البلاد مظاهرات حاشدة في مناطق مختلفة في اليمن رفضا لمبادرة الرئيس وارتفاع نسبة النواب المستقيلين من المؤتمر الشعبي الحاكم إلى 18
بتاريخ 3/6/2011 تم استهداف الرئيس علي عبد الله صالح عقب صلاة الجمعة بمسجد في دار الرئاسة تم نقله بعدها إلى السعودية لتلقي العلاج وقتل في العملية 11 شخصا من حراس الرئيس وأصيب ما يقارب ال 124 شخصا بينهم عدد كبير من المسؤولين
23/9/2011 عودة الرئيس علي عبد الله صالح إلى اليمن بعد رحلة علاج في السعودية وإندلاع مواجهات بين قواته وقوات مساندة للمطالبين برحيله أوقعت 13 قتيل
23/11/2011 الرئيس اليمني يوقع في الرياض على إتفاق نقل السلطة في ضوء المبادرة الخليجية حيث اتفقت الأطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 14 يوما وإجراء إنتخابات رئاسية خلال 90 يوما
21/1/2012 صوت مجلس النواب اليمني بالإجماع على منح الرئيس اليمني حصانة ضد أي ملاحقة قضائية كما أجمع المجلس على تزكية عبد ربه منصورهادي مرشحا توافقيا للإنتخابات الرئيسية المبكرة . ولقد شارك 65% من أصوات الناخبين المسجلين في انتخاب الرئيس اليمني الجديد حيث قام بتاريخ 25/2/2012 بأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان وأصبح رئيسا لليمن بعد تنازل علي عبد الله صالح عن السلطة رسميا بتاريخ 27/2/2012
سوريا :
بتاريخ 6/3/2011 قامت الأجهزة الأمنية في مدينة درعا بإعتقال عدد من تلاميذ المدارس بعد أن قاموا برسم جمل وكتابات مناهضة للنظام الحاكم على جدران المدارس في محافظة درعا تأثرا بموجة الثورات العربية في تونس وليبيا ومصر. وبدأ اهل الطلبة بالتحرك من أجل إطلاق سراح أبنائهم حيث توجه بعض الشيوخ وزعماء قبائل المنطقة إلى محافظ درعا وقدموا له عمائمهم وهو تقليد متبع كإشارة على مطلبهم بإطلاق سراح أبنائهم . ولكن المحافظ قام بطردهم ولم يبال بتنفيذ مطالبهم مما أدى إلى قيام الآلاف بالخروج في مظاهرات تندد بالحكومة .
بتاريخ 18/3/2011 انطلقت مظاهرات كبيرة في مدينة درعا ضمن فعاليات جمعة الغضب وقد قابل رجال الأمن هذه المظاهرة بإطلاق نار على المتظاهرين مما أدى إلى سقوط أربعة قتلى وعدد من الجرحى وفي اليوم التالي خرج الآلاف لتشييع قتلى الجمعة واستمرت المظاهرات يوما بعد يوم وتزايد عدد المتظاهرين على عشرة آلاف متظاهر وامتدت المظاهرات إلى القرى المجاورة جاسم ونوى والشيخ مسكين
بتاريخ 22/3/2011 استمرت المظاهرات واعتصم بعضهم في المسجد العمري وقامت قوات الأمن بإقتحام المسجد فجر اليوم التالي في الساعة الواحدة والنصف صباحا وإطلاق النار على المعتصمين مما أدى إلى مقتل ستة مدنيين. كما شهد اليوم ذاته هجوما مسلحا من قبل مجهولين على سيارة إسعاف أدى إلى سقوط أربعة قتلى من بينهم شرطي . وتفاقمت المظاهرات حتى زادت على ثلاثين ألف متظاهر .
إن ما جرى في درعا إنما هو صورة لما جرى في كل المحافظات والمدن والقرى والمدارس والمساجد الفرق الوحيد أنها تختلف في التسمية وفي أعداد القتلى مثل جمعة الكرامة وجمعة الشهداء وجمعة الصمود وجمعة الإصرار وجمعة الغضب
العراق والدولة الإسلامية ( داعش )
نحن لا نريد أن نتطرق هنا إلى الجانب الديني وتاريخ الفكر السلفي الذي برزت بذوره عند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني الذهلي أحد الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الحنبلي وطورها شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الذي ساهم في تطوير ونمو حركة الإسلام السياسي وأتى من بعده الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان آل مشرف التميمي الذي كان يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد ولذلك سمى أتباعه هذه الدعوة بالدعوة السلفية نسبة إلى السلف الصالح . ونحن هنا وفي هذه العجالة لا نستطيع استعراض تطور الفكر عبر العلماء الثلاثة في مقالة فأفكارهم بحاجة إلى مجلدات وإن ما يهمنا هنا أنه تم بطريقة أو بأخرى تم ربط فكر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش ) بالفكر السلفي
يرجع تأسيس جماعة التوحيد والجهاد إلى أبو مصعب الزرقاوي وهو أحمد فاضل نزال الخلايلة أردني الجنسية . توجه إلى أفغانستان عام 1989 عن طريق بيشاور واستقر به المقام لفترة في مدينة جلال أباد والتي تعتبر القاعدة الخلفية للمجاهدين العرب والأفغان وفي ربيع 1989 توجه مع عدد من المقاتلين إلى منطقة خوست شرق أفغانستان إلا أنه لم يشارك في القتال ضد السوفييت لأن الحرب كانت قد انتهت قبل وصوله وقرر المشاركة في الموجة الثانية من معارك الحرب الأهلية والتحق بمعسكرات قلب الدين حكمتيار وشارك في المعارك التي دارت بين الأحزاب الإسلامية ضد الأحزاب الموالية للشيوعية حتى عام 1993 حيث قرر العودة إلى الأردن بعد بدء الحرب الأهلية بين فصائل المجاهدين وانتهاء حرب الخليج الثانية والبدء في ملاحقة الأفغان العرب في بيشاور .
وكانت تلك الفترة قد شهدت عودة الكثيرين من المقاتلين الأردنيين من أفغانستان والذين انخرطوا في عدد من التنظيمات كجيش محمد والأفغان الأردنيون وباشر أبو مصعب الزرقاوي الإتصال بعصام البرقاوي ( أبي محمد المقدسي ) صديقه في أفغانستان . ولقد تضافرت جهود كل من الزرقاوي صاحب الخبرة القتالية العملية وأبو محمد المقدسي صاحب الخبرة النظرية من أجل نشر السلفية الجهادية وتمكنا من جمع عدد من الأتباع والأنصار وأطلقوا على أنفسهم اسم جماعة التوحيد . وتم الإتفاق أن يكون أبو محمد المقدسي أميرا لجناح الدعوة وأبو مصعب الزرقاوي أميرا للجماعة وأن يكون خالد مصطفى العاروري ( أبو القسام ) من أهل الشورى والحل والعقد . وبدأت الجماعة العمل في ظل ظروف وأحداث متسارعة فلقد كان الأردن على وشك توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل وبصدد إجراء الإنتخابات النيابية كما شهدت تلك الفترة وقوع حادثة المسجد الإبراهيمي 1993 وقرر بعض أعضاء الجماعة القيام بعملية استشهادية ضد إسرائيل ولم تجد دعوة المقدسي إلى السلفية الجهادية أي صعوبة في إكتساب أنصار ومتعاطفين لا سيما بين المجموعات الصغيرة المنتشرة في العديد من المدن والمحافظات الأردنية لا سيما في السلط ومعان والمفرق والزرقاء والتي كانت تتبنى مواقف سيد قطب في الحاكمية وتكفير الحكومات والدساتير . ولقد قامت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على كافة أعضاء تنظيم جماعة التوحيد وتم تقديمهم الى محكمة أمن الدولة عام 1996 حيث تم الحكم عليهم بالسجن لمدة خمسة عشرة عاما وعقب تولي الملك عبد الله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم أعلن التلفزيون الأردني بتاريخ 23 آذار عام 1999 العفو العام عن المساجين . وقام الزرقاوي بمعية مجموعة من تنظيم الجماعة بالمغادرة إلى الباكستان ومنها إلى أفغانستان حيث أسس هناك معسكر هيرات . في هذه الأثناء وقعت حادثة برجي التجارة العالمي بتاريخ 11/9/2001 مما أدى إلى وقوع مجابهة شرسة بين القاعدة وجماعاتها المختلفة وبين الولايات المتحدة وحلفائها من القوى العظمى وحكومات العديد من الدول العربية وكانت فاتحة الصراع الدامي للحرب الأفغانية التي أدت إلى سقوط نظام طالبان واختباء قادة القاعدة عن الأنظار . وانتقل أبو مصعب الزرقاوي مع عدد من أنصاره من معسكر هيرات إلى إيران ثم إلى المناطق الكردية في شمال العراق . وفي كردستان قام عدد من أنصار الزرقاوي بتأسيس تنظيم تحت اسم ( جند الشام ) ثم أقاموا تحالفا مع فصيل كردي متشدد انشق عن الجماعة الإسلامية ونشأ تنظيم جديد تحت اسم ( أنصار الإسلام ) .
وبقي الزرقاوي في كردستان وأخذ يتنقل سرا بينها وبين سوريا . وبتاريخ 9/4/ 2003 تمكنت القوات الأمريكية من إحتلال بغداد وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين . في ظل هذه الظروف والمعطيات الجديدة انتقل أبو مصعب الزرقاوي إلى بغداد ووجد في المجتمع السني حاضنة اجتماعية وباشر في إعادة بناء شبكة جديدة في العراق وبدأ إجراء إتصالات واسعة ونجح في تأسيس جماعة من المتطوعين العرب بالإضافة إلى النواة الأساسية من الأردنيين وقامت هذه المجموعة بسلسلة من العمليات الإنتحارية كانت أولاها بتاريخ 19/8/2003 حيث تم تنفيذ عملية تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد أسفرت عن مقتل 22 شخصا من بينهم ممثل الأمم المتحدة في العراق سيرجيو فيرا دي ميلو وقام بعدها بإغتيال رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق محمد باقر حكيم وقتل معه 83 شخصا وبتاريخ 12/12/2003 قام بتنفيذ هجوم على قاعدة عسكرية إيطالية في الناصرية قتل من جرائها 19بينهم 7 من جنود التحالف طوال هذه الفترة كان يشار إلى المجموعة بإسم مجموعة الزرقاوي حيث فرضت نفسها بقوة وبدأت تحظى بتأييد ودعم من تيار السلفية الجهادية داخل العراق وخارجه من خلال تبنيه لآيديولوجية سلفية جهادية صارمة واستراتيجية قتالية تعتمد على التوسع في
العمليات الإنتحارية. وفي عام 2003 انضم الى مجموعة الزرقاوي عمر يوسف جمعة ( أبو أنس الشامي ) الذي استطاع أن يقنع الزرقاوي بالإعلان عن تأسيس جماعة واضحة الراية والعنوان أطلق عليها اسم ( جماعة التوحيد والجهاد ) في أواخر شهر أيلول عام 2003 .
بتاريخ 2/3/2004 قامت جماعة التوحيد والجهاد بمجموعة من الإعتداءات المتزامنة على الشيعة في كربلاء تسببت في مقتل 170 شخصا وجرح 550 شخصا . وكانت هذه الإعتداءات نقطة تحول خطيرة في الصراع داخل العراق إذ أطلقت العنان بصورة مرعبة للصراع السني / الشيعي وتعزيز المجابهة العسكرية بين السنة والشيعة وتوفير بيئة من الفوضى الأمنية والإحتقان الطائفي .
وبدأ الإتصال مع تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وذلك لجلب مزيد من الأعضاء وفق سياسات عولمة الجهاد . حيث بدأ المئات من المتطوعين من العالم العربي والإسلامي وأوروبا يتدفقون للإلتحاق بالزرقاوي وتم تغيير اسم الجماعة من التوحيد والجهاد إلى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين . واستمر الزرقاوي في عملياته ونشاطاته وعمل على الإمتداد إلى خارج العراق في الدول المحيطة في الأردن وسوريا ولبنان والسعودية وكان تفكيره وبعض من تصريحاته تشير إلى أنه يخطط إلى إقامة ( إمارة إسلامية سنية ) في وسط وغرب العراق تمثل رأس حربة إقليمي لتنظيم القاعدة في المنطقة وفي عام 2006 ظهر أبو مصعب الزرقاوي في شريط مصور معلنا عن تشكيل ( مجلس شورى المجاهدين ) بزعامة عبد الله رشيد البغدادي .
ولقد برز اسم أبو مصعب الزرقاوي على المستوى الدولي حين قام وزير الخارجية الأمريكية كولن باول بإلقاء كلمته أمام مجلس الأمن الدولي بتاريخ 5/2/ 2003 وبالتحديد قبل ستة أسابيع من الإجتياح الأمريكي للعراق حيث أعلن أن هناك علاقة تربط نظام صدام بتنظيم القاعدة حيث استخدم كولن باول إسم أبو مصعب الزرقاوي وأشار إلى تنظيم القاعدة بأنها " شبكة الإرهاب الإسلامي ".
وبتاريخ 8/2/2003 تم إكتشاف مادة ( الإنتراكس ) في رسالة موجهة إلى بيل فريست زعيم أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ وتم توجيه أصابع الإتهام إلى مصعب الزرقاوي بإعتباره الشخص المختص في توضيب السموم والمتفجرات . وبتاريخ 13/2/2003 بثت قناة ( إي بي سي ) خبرا مفاده أن ألإرهابي أبو مصعب الزرقاوي يحضر لإعتداءات على الولايات المتحدة وبلغ قمة الذروة حين ذكر الرئيس جورج بوش اسم الزرقاوي واصفا إياه الرجل الأخطر في العالم بعد أسامة بن لادن .
وفي صباح 7/6/2006 أعلن رئيس الحكومة العراقية عن مقتل أبو مصعب الزرقاوي في غارة جوية أمريكية على بعقوبة . وبعد مقتل الزرقاوي وفي نفس الشهر جرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيما للتنظيم وبتاريخ 15/10/2006 تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبو عمر البغدادي إثر إجتماع عام لمجموعة من الفصائل المسلحة وتم إختيار أبو عمر البغدادي زعيما للتنظيم .
وفي يوم الإثنين الموافق 19/4/2010 شنت القوات الأمريكية والقوات العراقية عملية عسكرية في منطقة الثرثار استهدفت منزلا كان يتواجد فيه كل من أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر وبعد اشتباكات عنيفة تم قصف المنزل بواسطة الطائرات ليقتلا معا وتم عرض جثتيهما على وسائل الإعلام . وتم اختيار ( أبو بكر البغدادي ) ليصبح أميرا لدولة الإسلام في العراق لقد ولد إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي "وهو الإسم الحقيقي لأبو بكر البغدادي" عام 1971 في مدينة سامراء واختار في بداية التسعينات أن يدرس العلوم الشرعية فاتجه إلى الجامعة الإسلامية في بغداد وتابع دراسته
حتى حصل على شهادة الدكتوراه . ولقد حصل التحول في حياته العملية بعد
الإحتلال الأمريكي للعراق بفترة قليلة إذ تبنى تحريض العشائر العربية على القتال وساهم في تأسيس مجموعات مسلحة في نطاق ديالى وسامراء وبغداد ولقد تعرض للإعتقال على يد قوات الإحتلال الأمريكي في العام 2005 حتى العام 2009 "وحسب أحد تقارير عميل المخابرات الأمريكية السابق إدوارد سنودن " أنه في هذه الفترة تم تجنيد أبو بكر البغدادي وتم تدريبه عسكريا واستخباريا على يد خبراء من الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية وأكد أن دولة العراق الإسلامية هي نتاج تعاون استخباري أمريكي بريطاني إسرائيلي وأنه تم وضع خطة تحت رمز ( عش الدبابير ) من أجل تجميع أكبر عدد ممكن من الميليشيات الإسلامية وتقويتها من أجل زعزعة أنظمة الحكم في الدول العربية وجر الدول المسلمة إلى صراع طويل الأمد بين السنة الشيعة وتنفيذ مخطط تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات دويلة شيعية في الجنوب ودويلة سنية في الوسط ودويلة الأكراد في الشمال .
بعد إندلاع الأزمة السورية وأصبحت ثورة مسلحة بدأ تكوين الفصائل والجماعات لقتال النظام السوري . وفي أواخر عام 2011 تم تكوين جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني حيث أصبح الأمين العام لها . واستمرت الجبهة بقتال النظام حتى وردت تقارير استخبارية عن علاقتها الفكرية والتنظيمية بفرع دولة العراق الإسلامية وأدرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية . وبتاريخ 9/4/ 2011 ظهر تسجيل صوتي منسوب إلى أبو بكر البغدادي يعلن فيه أن جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الإسلامية وأعلن فيها إلغاء اسمي جبهة النصرة ودولة العراق لتعرف بإسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) . ولكن أبو محمد الجولاني رفض فكرة الإندماج وأعلن مبايعة تنظيم القاعدة في أفعانستان .
واستمر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في القيام بعملياته في كل
من سوريا والعراق وازداد نفوذه بعد عملية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت . وفي عام 2013 تم فرار أكثر من 500 سجين من أتباع تنظيم القاعدة من سجن التاجي وسجن أبو غريب وقام بالإستيلاء على مطار منغ العسكري وتدمير المبنى الرئيس للمطار وبتاريخ 29/9/2013 قاموا بإستهداف مقر الأمن العام في مدينة أربيل بسيارات مفخخة وانتحاريين يرتدون أحزمة مفخخة . وسيطر التنظيم على منطقة واسعة من مدينة الفلوجة العراقية .
وما أن تم الإعلان بتاريخ 19/5/2014 عن فوز إئتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي ب 95 مقعدا في الإنتخابات النيابية وإعلانه القيام بترشيح نفسه لتولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة تسارعت الأحداث وقام تنظيم داعش في بداية شهر حزيران بالسيطرة على محافظة نينوى وقام أكثر من 500 ألف مواطن بالهرب من الموصل وامتد تسونامي داعش لفرض سيطرته على المحافظات السنية الست أو ما يعرف بالمثلث السني وهي مراكز تواجد الدولة الإسلامية في العراق وبتاريخ 29/6/2014 أعلن أبو محمد العدناني الناطق الرسمي عن الخلافة الإسلامية ومبايعة أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين وأنه سيتم استخدام اسم ( الدولة الإسلامية ) فقط .
وصاحب هذا التوسع في العراق توسع آخر في سوريا وامتدادا إلى لبنان . كما تم الإعلان عن السيطرة على المواقع الحدودية ولعل أهمها بالنسبة إلينا هو موقع طريبيل على الحدود الأردنية العراقية .
وتم إحتلال قاعدة سبايكر في تكريت وتم الإستيلاء على كافة المعدات العسكرية للفرق العسكرية للجيش العراقي ومخازنها وعتادها وذخيرتها وقامت قوات داعش بإحتلال البنوك المركزية للمحافظات الست والحصول على مئات الملايين من الدولارات الأمريكية بالإضافة إلى السيطرة على مصافي النفط وبيع إنتاجها بمدخول يقدر بمليوني دولار يوميا وبلغت المساحة التي سيطرت عليها قوات داعش حتى لحظة كتابة هذا البحث ما يقارب من 45% من مساحة العراق وامتدت لتشمل المناطق الشرقية المتاخمة للحدود الشرقية للجمهورية ألإيرانية الإسلامية والمناطق الشمالية المتاخمة لإقليم كردستان والحدود الأردنية والسورية غربا وتم الإستيلاء على سد الموصل وإجتياح جبل سنغار الذي شهد عملية تهجير وتقتيل للأزيديين ووصلت قوات داعش إلى مسافة 35 كيلو متر عن مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان وفي مساء يوم الخميس الموافق 7/8/2014 أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن إصدار أوامره إلى الطائرات الأمريكية بالبدء بشن غاراتها الجوية على مواقع داعش والمباشرة بإلقاء المساعدات الغذائية لإنقاذ الأزيديين المحاصرين في جبل سنجار . وبتاريخ 8/8/2014 بدأت الطائرات الأمريكية بشن غاراتها الجوية على قوات داعش وتمكنت قوات البشمركة بالتعاون مع الجيش العراقي من استعادة السيطرة على سد الموصل الإستراتيجي وقيام معارك في معظم المدن والقرى السنية وتفيد التقارير الأولية إلى استعادة قوات الجيش العراقي وقوات البشمركة بمساعدة الطائرات الأمريكية سيطرتها على بعض المدن والقرى وانسحاب قوات داعش منها
والسؤال الذي يطرحه الكثيرون من المفكرين الإستراتيجيين ما هو تعداد قوات تنظيم داعش هل هو 10 آلاف مقاتل أو 15 ألف مقاتل أو 30 ألف مقاتل وهل يعقل أن تقوم هذه الأعداد ببسط سيطرتها على هذه المسافات الشاسعة والتي تضم الملايين من المواطنين والتي تعج بتنظيمات عسكرية وميليشيات سنية كبيرة وما هو تعداد الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة وسيارات الدفع الرباعي ولا شك بأن هذه القوات لديها شبكة إتصالات متطورة ومعقدة قادرة على إيصال أوامرها إلى قادة الفصائل المختلفة ولديها قادة قمة في التخطيط الإستراتيجي العسكري ولا أظن أن عمليات القتل الجماعي ونشر أفلام هذه المذابح على المواقع تتم بدون أوامر من جهات عليا في التنظيم . لا سيما شريط الفيديو الأخير والذي تم بثه من خلال الفيديو بتاريخ 19/8/2014 تحت عنوان " رسالة إلى أمريكا ويظهر فيه شخص مقنع يتحدث باللغة ألإنجليزية بلهجة بريطانية يقوم بذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي كان قد اختطف قبل نحو عامين في سوريا .
وما هو مصير قوات داعش بعد أن قررت الولايات المتحدة التدخل في الحرب الدائرة حتى لو كان التدخل من خلال مشاركة الطائرات الأمريكية وزيادة عدد الخبراء والمستشارين العسكريين .
وهل يعقل أن يقوم تنظيم داعش بالإستمرار في مقاتلة كل من الجيش العراقي وقوات البشمركة والشرطة العراقية وقوات الصحوة العراقية وميليشيات شيعية متنوعة مثل عصائب أهل الحق وجيش المهدي وحزب الله العراقي والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية وحزب العمال الكردي والجيش الحر .
المراحل التي تمر بها الخلايا النائمة قبل أن تنمو لتصبح حربا شعبية :
لو تمعنا التاريخ الحديث وحاولنا استعراض ما يمر به عالمنا العربي اليوم وقمنا بالمقارنة بين الثورات التي كانت تقوم بالأمس القريب ضد المستعمر الأجنبي وبين ما يحدث على أرض الواقع اليوم لهالنا أن نجد أن هناك الكثير من المراحل المتشابهة بين الثورات "مع اختلاف في الأهداف" التي كانت تمثل ثورات الشعوب العربية بالأمس على المستعمر الأجنبي والمطالبة بالحرية والإستقلال والوحدة الوطنية وبين ثورات اليوم التي تمثل ثورات الشباب على أنظمة الحكم والحكومات التي ورثت الثورات الوطنية السابقة والتي أصبح أبطالها رموزا للفساد والدكتاتورية . بالأمس كانت الشهادة ضد قوات العدو المستعمر الأجنبي هي قمة النضال واليوم أصبحت الشهادة ضد القادة العرب والحكومات الفاسدة هي المطلب للنضال بل لم يتوان رموز الثورة الحديثة في طلب المساعدة من أعداء الأمس وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من أجل التخلص من القادة العرب والحكومات العربية الذين كانوا يمثلون قبل أيام السلطة الشرعية .
ويجدر بنا هنا أن نميز بين مفهوم الثورة وبين مفهوم الإنقلاب . فالثورة تهدف إلى إحداث تغييرات جوهرية في النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأمني . والتغييرات هذه لا تتبع الوسائل المتبعة والمعتمدة في النظام الدستوري للدولة بل تكون عملية التغيير جذرية وشاملة وسريعة وتؤدي إلى إنهيار النظام القائم وصعود النظام الجديد وقد تقوم ثورة جديدة لتعصف بثورة سابقة إذا لم ترق إلى تطلعات وآمال الشعوب لا سيما إذا أخفقت الثورة السابقة في تحقيق الشعارات والأهداف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي مكنتها من الوصول إلى سدة الحكم .
أما الإنقلاب فهو يهدف إلى إعادة توزيع السلطة السياسية بين هيئات الحكم
المختلفة أو بين الأشخاص القائمين بهذا الإنقلاب . ولا بد أن نشير هنا بأن معظم الثورات لا بد وأن ترتبط من قريب أو بعيد بدول عظمى تمدها بالمال والسلاح وتعطيها الشرعية من خلال الإعتراف بها ضمن منظمات عالمية من بينها على وجه الخصوص الأمم المتحدة .
هناك مراحل تمر بها الكثير من الخلايا النائمة الموجهة عقائديا وفكريا قبل أن تنهض لتصبح ثورة إجتماعية دينية عسكرية سياسية عارمة . ونحن نحاول أن نلخص هذه المراحل تبعا لما راقبناه ورصدناه وتجدر الإشارة هنا أنه ليس بالضرورة أن تمر الخلايا النائمة بهذه المراحل حتى تصبح ثورات عارمة حسب التسلسل المرفق وإنما تختلف هذه المراحل من ثورة إلى ثورة ومن بلد إلى آخر . وهذه المراحل هي :
1: التجنيد والبحث عن العملاء
2: البدء بعملية التثقيف العقائدي الثوري والفكري والسياسي والإجتماعي والنفسي
3: التدريب الإستخباري والتقيف الإعلامي
4: تشكيل الحلقات والخلايا السرية
5: استخدام مراكز سرية مختلفة في المدن والقرى لنشر التثقيف العقائدي والسياسي ومن ثم الإنتقال إلى دور العبادة من مساجد وكنائس والجامعات والأندية الرياضية والإتحادات والنقابات والتنظيمات الطلابية والعمالية والعمل على توسيع رقعة الدعوة وتجنيد أكبر عدد ممكن من رواد المساجد والكنائس وطلاب الجامعات واعضاء النقابات العمالية والتنظيمات الطلابية والأندية الرياضية
6: البدء بتنظيم المسيرات والمظاهرات وتوسيع حلقات الإتصال وتوزيع المنشورات الملأى بالشعارات الوطنية في التحرير وتحقيق العدالة الإجتماعية والقضاء على البطالة ومعالجة الفقر وتوفير الرعاية الصحية والتعليم الجامعي والقضاء على مظاهر الفساد الحكومي عن طريق استخدام الإنترنت والفيس بوك والتويتر والتوسع في استخدام الكومبيوتر والإنترنت وإرسال الرسائل عبرالهواتف المحمولة
7: زيادة مصادر الدخل والتمويل من الداخل والخارج والبحث عن الدول الغنية من أجل الحصول على دعمها استراتيجيا وماديا وفتح الحسابات السرية في الداخل والخارج
8: البدء بعملية شراء الأسلحة الخفيفة والتدريب العملي على استخدامها بالإضافة إلى عقد دورات متخصصة في صنع المتفجرات وطرق استخدامها
9: الإنتقال إلى مرحلة وضع الشعارات الإستراتيجية البراقة واجتذاب وسائل الإعلام والصحافة اليومية والدورية المحلية والإقليمية والدولية لا سيما وكالات الأنباء العالمية ومحطات التلفزة العالمية والتواصل معها
10 : زيادة عدد المسيرات والمظاهرات المنظمة واستخدام وسائل الإستفزاز مثل تخريب ونهب المحال التجارية وإحراق الإطارات والسيارات وتعطيل حركة المرور
11: البدء بالتعرض مباشرة لرجال الأمن عن طريق إلقاء الحجارة أو قنابل المولوتوف ورفع الشعارات المعادية للنظام والتنديد برموز الحكم
12 : التخطيط لسقوط الضحايا من المتظاهرين على أيدي رجال الأمن وافتعال الأحداث ورفع وتيرة المجابهة وإطلاق نار عشوائي من قبل رجال التنظيم لإرغام رجال الأمن على الرد والدفاع عن النفس
13 : تحقيق اجتذاب وسائل الإعلام وممثلي الصحافة المحلية والعالمية
لتغطية المظاهرات وإصدار البيانات والمنشورات وإلقاء الخطب لا سيما إبان المآتم والجنازات لا سيما في حال وقوع ضحايا وقتلى إبان المظاهرات .
14 : مطالبة السلطات بإطلاق سراح المعتقلين ورفع لا فتات ودعوة لجان حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المعنية بالحريات العامة للتدخل والمطالبة بزيارة المعتقلين في السجون والإطمئنان على أوضاعهم الصحية
15: البدء بتصعيد أجواء المجابهة بين نظام الحكم وبين الجماهير ومطالبة الحكومة بتحقيق المطالب التي تتستر تحت غطاء تحقيق الديمقراطية والمطالبة بتعديل المواد الدستورية ومنح الشعب حقوق أوسع في التمثيل النيابي والمطالبة بمحاربة الفساد
16: التعرض إلى المرافق العامة والمنشآت الحكومية وتخريب وسائل الإتصال والمواصلات ومصادر الطاقة وخزانات المياه والأماكن العامة مثل المطاعم والفنادق ودور السينما والأسواق العامة . ومحاولة نسف وتفجير بعض المواقع الإستراتيجية الحساسة مثل الجسور والمرافىء والمطارات والأنفاق ومحطات توليد الكهرباء و والمصافي البترولية . ومن ثم تكليف بعض أعضاء التنظيم للقيام بالإعتداء على المراكز الأمنية وقتل رجال الأمن من أجل خلق حالة من التوتر والقلق العام وترويع أكبر نسبة من المواطنين
17 : البدء باستخدام الطلبة في الكليات والجامعات والأندية الرياضية على نطاق أوسع واستغلال المناسبات الدينية والرياضية بشكل أعنف وتدنيس حرمة الجامعات وزيادة وتيرة العنف بين الطلبة الجامعيين وإيقاع الفتنة العشائرية والطائفية والإعتداء على المباني العامة وتحطيم سيارات المواطنين
وإعادة ذات المظاهر في المباريات الرياضية والبدء بإثارة الفتنة والنعرات العشائرية ومن ثم التعرض إلى رجالات الأمن العام من أجل إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر بين الجماهير وبين قوات الأمن وأتباع سياسة التصعيد في أعمال العنف من أجل جر القوات المسلحة إلى مجابهة المتظاهرين المدنيين وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح المدنيين والبدء بإتباع متطلبات العصيان المدني والتدرج في المجابهة من أجل إعلان الإضراب العام لشل كل الحياة وتعطيل الحكومة عن القيام بمهامها وواجباتها .
18 : محاولة جر الحكومة لتعطيل الحياة البرلمانية النيابية والمطالبة بحل مجلس النواب وإعلان الأحكام العرفية وفي نفس الوقت محاولة جر مجلس النواب بالمقابل إلى المطالبة بعدم منح الثقة للحكومة والمطالبة بتقديم إستقالتها .
19: البدء بالإعلان عن المطالب الرئيسة مثل إسقاط الحكومة وتغيير رموز الحكم والمطالبة بمحاكمتهم والمطالبة بتعديلات دستورية وسحب السلطات من النظام الحاكم وتقليص صلاحياته وحل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية جديدة بحيث يقوم البرلمان الجديد بإنتخاب حكومة جديدة تمثل الشعب وليس النظام .
20 : البدء بحركة إغتيالات لرجال الأمن والمخابرات العامة ومن ثم الإعتداء على رموز ورجالات الحكم ومحاولة إغتيال بعض أعضاء السلك الدبلوماسي من موظفي سفارات الدول العظمى أو رعاياها .
21 : توسيع رقعة التنظيمات السرية ومحاولة استمالة الطبقات الفقيرة والإتحادت العمالية والنقابات ولكن بشكل علني لإظهار المزيد من الدعم والزخم في إتساع جماعات المؤيدين للتنظيم والمعادين لنظام الحكم .
22 : البدء بتوزيع المساعدات المالية والعينية لعائلات المعتقلين والقتلى وتخصيص منح مالية لتدريس أبنائهم ورعاية إحتياجاتهم وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم
23 : محاولة تجنيد رجال الدين من المذاهب المختلفة ورجال الإقتصاد والتجارة ورجال الفكر والقلم من المثقفين المحسوبين على النظام ورفع شعارات الإصلاح السياسي من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الإجتماعية تحت شعارات وضع حد للفساد والمحسوبية وتحقيق الأهداف الوطنية في تحرير الأرض العربية المحتلة وتحرير الأقصى
24 : شن حملة إعلامية كبيرة على الفساد الإداري وسوء استخدام السلطة وسوء استغلال المال العام ومحاولة التشهير ببعض رموز الحكم وتضخيم ممتلكاتهم وحساباتهم والتأكد من صحة ما يقدمونه من معلومات حول فسادهم من أجل إحراج النظام أمام الشعب .
25 : البدء بعملية تسليح القياديين ومجموعات خاصة من الإنتحاريين للقيام بعمليات إرهابية بعد عملية تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى الداخل عن طريق البر والبحر والجو إن أمكن بحيث تستهدف هذه العمليات الأجهزة الأمنية أو بعض رموز النظام وأعضاء الحكومة
26 : محاولة الضغط على رجال الأمن والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة من أجل إيقاع شرخ بين القيادة السياسية ونظام الحكم وبين أجهزة الدولة المختلفة بما فيها الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة واستمالة بعض القيادات من المتقاعدين العسكريين وتجنيدهم ضد النظام لا سيما إذا كانت رواتبهم التقاعدية لا تكفيهم متطلبات العيش الكريم .
27 : تنفيذ مخططات إغتيال رجال الدولة ولرموزها بما فيهم أفراد من العائلة الحاكمة والتأكد من تنفيذ هذه المخططات والتركيز على إنجاح بعضها
28: زيادة التنسيق مع الدولة الأعظم من خلال التعاون الإستخباري لرفد الإعلان عن الثورة وتحقيق الدعم الدولي قبل إعلان ساعة الصفر
29 : محاولة كسب وتأييد الدول المجاورة على المستوى الإقليمي
30 : الإعلان عن العصيان العام وتعطيل كافة المدارس والجامعات والدوائر الحكومية
31 : البدء بالسيطرة على الدوائر والمنشآت الحكومية واحتلال محطات الإذاعة والتلفزيون الحكومية وتعطيل الحياة اليومية
32 : الإعلان عن قيام الثورة والسيطرة على الحكم وإلقاء القبض على أعضاء النظام السابق





  • 1 انور مجيد دودوخ 17-05-2019 | 07:49 AM

    دكتورنا العزيز .

    بارك الله بك على هاذا المقال الرائع الشامل .... سرد للأحداث بلغة يفهمها الصغير والكبير.

    وفقك الله لما فيه كل خير

    اخوك انور مجيد دودوخ


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :