facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النقابات فهلوة أم وطنية


د. ماجد الخواجا
19-05-2007 03:00 AM

جاءت مسيرة الحركة النقابية مع بداية الدولة الأردنية الحديثة في الخمسينات من القرن الماضي حيث تداعت النخب الاجتماعية التي تعتبر صفوة المجتمع نظرا لندرة المتخصصين آنذاك ولأن المجتمع الأردني كان فتيا في طور النمو والذي بدأت فيه بروز بوادر فئوية ولا أقول طبقية اجتماعية وتقسيم العمل.. وكانت أعداد المنتسبين لهذه المهن النخبوية قليلة جدا لا يتجاوز عددها العشرات في المهنة الواحدة مما جعل منها مهنا نادرة فجاءت نقاباتها نخبوية تمثل مصالح فئات خاصة جدا من المجتمع والتي لم تتعارض مصالحها بأية صورة كانت مع مصالح ورؤى النظام السياسي بل كانت الرديف المعبر عن جزء من تطلعات النظام السياسي.. لهذا وفي تلك اللحظة التاريخية المفصلية التي تم التقاطها بذكاء من قبل صفوة المجتمع آنذاك فقد حصلت النقابات على امتيازات اجتماعية ومادية ووظيفية وسياسية بحيث بات قرار النقابة ملزما للحكومة سواء في تعديل المسميات الوظيفية أو الرواتب والعلاوات وغيرها من المكتسبات التي هي في الواقع كانت على حساب بقية الشرائح الاجتماعية والتي تشكل الغالبية العظمى حيث تم تهميشها وعدم الالتفات ليس لرغباتها فحسب وإنما لحاجاتها الأساسية مقابل رضا هذه النقابات المهنية التي تمددت وتوسعت ومارست صلاحيات تفوق كثيرا حجمها الفعلي بل وصل الأمر إلى التمييز الوظيفي بين النقابيين وغير النقابيين، إضافة لامتيازات التقاعد الوظيفي والنقابي والحصول على قطعة أرض أو شقة سكنية أو شراء سيارة وغيرها.. وهذا كله لا يقارن بالأهمية النوعية والمعنوية لعضوية النقابة التي يعامل من يحملها بصورة مغايرة تماما عن الآخرين سواء في المعاملات الرسمية أو المخاطبات أو في تولي المناصب العامة حتى أن النسبة العظمى من المناصب الإدارية أصبحت حكرا على عدد من التخصصات ذات الصفة النقابية بحيث بات هذا الأمر من المسلمات التي لا يجوز مناقشتها.. ناهيك عن الحماية الاعتبارية للفرد المنتسب للنقابة... في كل ذلك كانت الحكومات ترى وتسمع وتدفع سواء عن طيب خاطر أم لا.. وكانت النقابات تأخذ وتتضخم وتحاسب جميع شرائح المجتمع باستثناء أعضائها.. وتم فرض رسوم متعددة الألوان والأشكال على المواطنين لصالح النقابة هذه أو تلك.. وتم اشتراط توقيع وختم النقابة على الكثير من المعاملات مع دفع رسوم تزايدت مع الزمن للنقابة.. وكانت البطالة كمفهوم لا معنى له في هذه النقابات حيث هناك دائما فرص عمل برواتب مجزية وبمناصب واعدة سواء داخل الأردن أو في دول الخليج العربي.. ومع ضمور الحياة السياسية والحزبية لعشرات السنين في الأردن.. قامت هذه النقابات من خلال أعضائها الحزبيين أو الذين ينتمون لتنظيمات سرية بممارسة العمل السياسي وأحيانا الثوري والذي كان المجتمع بحاجة لمن يأخذ زمام هذا الأمر.. حتى وصل الحال إلى أن أصبحت النقابة تعرف بهوية سياسية أو حزبية معينة.. وأصبحت بعض النقابات تدار فعليا من قبل جهات غير نقابية مما جعل منها ساحة وواجهة لتصفية الحسابات بين هذه الجهة وتلك.. وأصبح النقيب بمثابة الأمين العام الذي يعاونه عدد من المقربين الحزبيين حيث يصولون ويجولون دون حسيب أو رقيب ويتصرفون بأموال ومقدرات النقابة دعما لمسيرةٍ هنا وثورة هناك.. بحيث أن الدخول إلى مجمع النقابات يشعرك لأول وهلة أنك تدخل إلى مجمع للأحزاب.. فهذا مكتب الإسلاميين وذاك للقوميين و... ولا تحتاج لمن يرشدك في ذلك حيث الشعارات تملأ أروقة المكاتب والصالات والممرات كافية لتؤدي الغرض... ومرت السنين على ذلك ما بين شد وجذب.. لكن بقيت صورة القيادات النقابية تمثل صورة الزعماء التاريخيين حيث هناك نقباء كانت شهرتهم اكبر من شهرة نقابتهم.. كذلك بقي العمل السياسي المحض يطغى على كافة أشكال العمل النقابي الذي يفترض أن تقوم به النقابات والذي تأتي في المقدمة منه تحسين أحوال المهنة وخدمة المجتمع...
ومع تطور المجتمع الأردني وزيادة أعداد الخريجين من مختلف التخصصات.. فقد زاد عدد النقابات وزاد عدد المنتسبين إليها كمتوالية هندسية حيث تجاوز عدد أعضاء بعض النقابات عشرات الآلاف فيما كانت في بداياتها لا يتجاوز عدد أعضائها العشرات.. لكن لم يترافق مع هذا التطور العددي الهائل تطورا في هياكل وآليات ورؤى العمل النقابي حيث أن تقاليد الانتخابات النقابية بقيت على حالها وتفرز في كل مرة ذات النقيب الأمين العام.. وقد استحوذ النقيب التاريخي على مقدرات النقابة مستغلا عزوف الغالبية العظمى من أعضاء النقابة عن المشاركة في أية نشاطات أو فعاليات للنقابة باستثناء دفع رسوم العضوية الإلزامية أو الاستفادة من تحقيق مكاسب شخصية ذاتية.. هنا زادت الجفوة والفجوة بين الهيئة الإدارية للنقابة وبين ما تدعى-مجازا- الهيئة العامة.. فمع الزيادة الهائلة في عدد الأعضاء زاد التباين في المصالح والطموحات والهوية النقابية والسياسية وحتى الطبقية داخل النقابة ذاتها.. فقد أصبحت النقابة تضم من خلال إلزامية العضوية شرائح وفئات متعارضة المصالح.. فهناك النقابي صاحب العمل أو المستثمر.. وهناك النقابي العامل.. هناك النقابي في القطاع العام.. ونقابي القطاع الخاص.. ولكن بقي النقيب وهيئته الإدارية مستأثرين ضمن لعبة الحسابات الذكية بالمناصب القيادية.. وهذه الحالة ربما لا تنجو منها التجمعات المدنية الأخرى.. لقد باتت القيادات النقابية لا تمثل إلا نفسها وتوجهاتها ومصالحها المرتبطة بشكل أو بآخر بمصالح جهات غير نقابية... وبقيت تمارس أدوارا أبعد ما تكون عن صفتها النقابية وهي أدوار سنحت الفرصة لها أن تقوم بها نتيجة غياب العمل السياسي والحزبي المرخص.. وبقي الثابت الوحيد لغاية الآن هو التضخم غير الطبيعي للنقابات وبشكل أدق لقيادات بعض النقابات التي مارست الفئوية النخبوية فيما بينها وليس فقط على فئات المجتمع غير النقابية... نخلص مما سبق بأن النقابات عبر تاريخها مارست أدوارا ليست من صلب اهتماماتها وليست مما ينص عليه القانون الذي قامت بموجبه.. وليست أدوارا تساهم في رفع سوية ومستوى المهنة والمهنيين وخدمة المجتمع... بل كانت في معظم نشاطاتها التي تتصدى لها بمثابة أداة لهذا الاتجاه أو ذاك.. من هنا وبعد القراءة المتأنية لمسيرة الحركة النقابية في الأردن.. ومع وجود مجلس تشريعي.. وأحزاب مرخصة.. ومؤسسات مجتمع مدني.. بات من الضروري إعادة صياغة العديد من المفاهيم والمسلمات التي أعطت للنقابات امتيازات وصلاحيات على حساب بقية فئات المجتمع.
إن هذه الدعوة ليست موجهه ضد النقابات كمؤسسات وطنية لكنها دعوة لتصويب الأوضاع وتصحيح الاختلالات التي بات السكوت عنها من الكبائر...
وهي دعوة موجهه للحكومة-أية حكومة- قبل أن تكون موجهه للنقابات بأن تطلق العنان للشفافية والنزاهة والعدالة والمساواة الحقيقية بين مختلف فئات المجتمع...

E-mail:majedkhawaga9@yahoo.com







  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :