facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وصفي في مجابهة الفكر الصهيوني .. المثقف والمقاوم


عامر غزلان
15-06-2019 05:15 PM

احتفلنا قبل أيام، بذكرى الإستقلال، وذكرى الثورة العربية الكبرى، ويوم الجيش، هذه المناسبات الثلاث التي بقيت حاضرة في أذهان الأردنيين لغاية اليوم، بسبب تتعلقها بذكرى أهم ثلاثة أحداث ساهمت في تشكيل الهوية الوطنية الأردنية الحديثة، التي حققت للأردنيين استقلالهم الهوياتي والحضاري، والتي بعدها صار بالإمكان القول أن الأردنيين لم يعودو تابعين لأحد، ولا هُم تحت إمرة جلدة أخرى غير جلدتهم، سواء أكانت هذه الجلدة تركية أم انجليزية على حدٍ سواء، وصار الأردنيون قادرين كما أرادو لأنفسهم على قول كلمتهم والتعبير عن ذاتهم ككيان مستقل، له ما يميزه عن غيره، ويحميه من الاندثار والذوبان، إلى أن جاء الإحتلال الإسرائيلي مهدداً وجودياً لهذه الهوية وأصحابها، وشكل للأردنيين عدواً لا يقل خطراً على استقلالهم وإرادتهم من الإستعمار، فهذا العدو لم يأتي محتلاً لأرض –بجانب أرضنا- فقط، بل جاء بمشروع ثقافي وحضاري وسياسي وديني مجبول بالإرهاب والتعصب والنزعة "الابرتاتية"، يريد أن يدفع بكل نفوذه وأمواله وسلطاته وتحالفاته في العالم لصنع منطقة جديدة، بتاريخٍ جديد، يكون عنوانه دولتهُم هم، وتكون المممارسات الفضلى والقيم المثلى هي ممارساتهم وقيمهُم هم، ليضعنا هو في مشرقٍ لا نعرفه ولا يعرفنا.

انتبه الأردنيون كحال باقي شعوب المنطقة لهذا الخطر، وظهرت مثقفة الأردنيين ومفكريها، وتقدمت لمواجهة هذا الخطر منذ اللحظات الأولى، واللافت أن هناك مميزاً يجمع بين المفكرين الأردنيين الذين بحثو في مواجهة الفكر الصهيوني، دوناً عن غيرهم من المفكرين العرب، هو الإجماع على أهمية بناء الهوية الوطنية الأردنية والمشروع الوطني الأردني، المستقل والمنتج، كوسيلة لحماية الذات، والدفاع عنها، أمام كل محاولات التذويب التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني بفضل حضوره الأثقل في مواقع صنع القرار الدولي.

وفاء لهذا الموروث الأدبي المهم، اغتنم فترة الأعياد الوطنية في دراسة المشروع الفكري لواحد من أهم المفكرين المُغفلين في مواجهة الفكر الصهيوني، هو الشهيد وصفي التل، مستنداً في هذه الدراسة إلى البحث الذي نشره الشهيد عام 1967 بعنوان "فلسطين، دور العقل والخلق في معركة التحرير"، و للأرشيف الذي خلده الباحث الأردني جورج حداد، فيه سجل من كتابات الشهيد ومجموعة من مقالاته، وإلى البحث الذي أعده الشهيد ناهض حتر –رحمه الله- بعنوان "وصفي التل في مواجهة الفكر الصهيوني" الذي استلهمت منه عنوان هذه السلسلة، اخترت الشهيد وصفي التل من بين غيره من المثقفين الأردنيين، لأن له ما يميزه في الجانبين النظري والعملي، وبسبب حضوره الراسخ في أذهان الأردنيين، رمزاً لمشروعهم الوطني، وهويتهم الوطنية الجامعة، حيث كان مثقفاً، وباحثاً في الصراع العربي-الإسرائيلي، انتقل من موقع التنظير والدراسة، إلى موقع صنع القرار؛ عسكرياً، ووزيراً، ومن ثم رئيساً للوزراء، من ثُمَ شهيداً في سبيل دفاعه عن برنامجه السياسي الذي كان يرى فيه دليل طريق تحقيق السيادة الوطنية الأردنية، ومن جهة انه يكثر الحديث حوله بين اوساط الأردنيين في الأوقات التي يشعر فيها الأردنيون غالباً بالضعف "يذكره الناس إذا جدَّ جدهم"، ملتفين حول مبادئه ونزاهته كنموذج حي، لصاحب الولاية العامة الذي يريدونه.

جرت العادة أن يتم تحريف أقوال الناس بعد انقضاء عصرهم، وهذا من الأمور التي دفعتني في البحث في مجموعة من المغالطات التي يقع فيها محيّي ذكر وصفي التل اليوم:

أولاً: مغالطة إدعاء أن وصفي التل كان يعتقد أن فلسطيني الداخل هم من بيدهم قوة حسم المواجهة.

يستبسلُ بعض الأردنيين اليوم من المهتمين بوصفي التل لتوريطه في صورة تخدم رغبة شوفينية، تستنهضها حالة الخذلان والضعف والبؤس واللاإنجاز واللاعقلانية المحيطة، يقولون أن وصفي التل كان يلوم الفلسطينيين على خذلانهم الجيوش العربية بشكل عام والجيش الأردني بشكل خاص في الحرب، وأنهم هم السبب الأكبر للهزائم السابقة، وهذا الكلام غير صحيح بالمطلق، ولا يمكن أن يكون هذا هو كلام وصفي التل الأردني العربي القومي المفكر الذي كرَّسَ معظم نشاطه السياسي والعسكري لمجابهة الصهيونية ومحاربتها، فقد قال هو في مطلع بحثٍ لم ينشر كان عمل عليه حول أسباب الهزيمة في حرب الإنقاذ، والمنشور أجزاء منه في كتاب وصفي التل في مواجهة الفكر الصهيوني لناهض حتر –رحمه الله-: "من المفيد أن نحدد مسؤولية الهزيمة في فلسطين، ولكن من الظلم أن نتهم، نحنث عرب فلسطين، بالضعف والانهزامية والتآمر، لا شك اننا نتحمل قسماً ليس بالقليل من مسؤولية الهزيمة سنوجه التهمة نحن لأنفسنا وبصورتها الصحيحة، ولن نسمح أن يوجه لنا قائد مسؤول، عذراً لهزيمته، وتبريراً لعجزه وسوء قيادته"، لقد كانت وجهة نظر وصفي التل واضحة في النظر لدور فلسطيني الداخل، المعذبين المخذولين من قوى الجيوش العربية بالأولوية ومن محاصرة وحرب المحتل من جهة أخرى، لقد كانت شخصية وصفي التل العروبية تأبى أن تكون في صف السلطة المتهربة من مسؤولياتها والتي يحلو لها أن ترمي التهم عن نفسها على غيرها، وهذه المرة ترميها على الطرف الأضعف هو الشعب المحتل.

ثانياً: أن وصفي التل كان رافضاً لفكرة السيادة الوطنية الفلسطينية وداعياً لدولة موحدّة.
في مطلِّع خمسينيات القرن الماضي، كان الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة في الأردن جريمة سياسية، فالدولة الأردنية آنذاك كانت تسعى بشق الأنفس ل"ضم" الضفة الغربية للملكة كجزئ لا يتجزأ منها، وإلغاء فكرة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة كحل تم طرحه من قبل الإرادات الدولية لتسوية النزاع، ويخيل للناس أن وصفي التل كان من مؤيدي هذا التوجه، وهذا عكس الواقع تماما، لقد كان وصفي التل عضواً في حركة "القوميين العرب" الرافضة بالمطلق لفكرة ضم الضفتين، والتي اعتبر هو أننا إن كان هدفنا من الحرب ضم الضفة فقط فإننا نسير إلى الهزيمة بأيدينا وأرجلنا، وهذا ما حصل، حيث وصف الذهاب إلى المعركة بعقلية الإستقطاب من أجل مكاسب شخصية ودولية هو كانتحار مع سبق الإصرار، يقول هو حرفياً في معرض نقده حالة الأنانية العربية خلال الحرب: "من غير المقبول أن يكون للجيش غايتان في معركة واحدة، إما أن يكون الهدف النصر، وهذا ما يذلل التحديات في طريقه، أو المشاركة من أجل مسب الثناء أو توسيع النفوذ، وهذا ما حصل.".

فما وصفه بحالة الإستقطاب بين الدول العربية المشاركة في الحرب، قد انتقل إلى مستوى أدق، إلى القطاعات المقاتلة في الحرب، حيث انتشرت الشكوك وحالة عدم الثقة بين الجميع، وأعتقد ان هذه الحالة هي مثال مهم لنا للتعلم من أخطاء الماضي والحذر من الانجرار للتكرارها، فإذا نحن أردنا كأردنيين أن ندافع عن فلسطين، فنحن ندافع عنها ونقاتل من أجلها، دولة فلسطينية مستقلة، من أجل إخوة واهل لنا مظلومون هناك، ومن أجل عقيدة ومبادئ، لا من أجل مصالح ومطامع وثناءات.
أحببت أن أتحدث في هاتين النقطتين في المقالة الأولى من هذه السلسلة لما أرى أنها قريبة لليوم من البارحة، العرب اليوم في حالة تشتت، لا تقل مهانة عن وضعها في فترة حرب الانقاذ التي درسها وصفي التل آنذاك، دول عربية تنظر للقضية الفلسطينية بعين المنافع والدولار، وبقية قليلة متمسكة بمبادئها، لا تكاد دولة عربية تخلو من عناصر استخبارات لدولة عربية أخرى، كلها تبحث عن سبل الاستفادة من تصفية القضية الفلسطينية ثقافيا وسياسيا، على حساب دولة الفلسطينيين ودولتنا، إن هذه الحالة من الضعف تستوجب منا الإفاقة والسعي لبناء جسور التعاون والثقة عوضاً عن التشكيك والسعي للتكسب والتنفع الآني، إذاً، إذا كنا نحنُ وصفيين فعلاً، نريد بناء هويتنا الوطنية، ودولتنا القوية، فإن واجبنا هو الوقوف مع الفلسطينيين في قضيتهم، لا التنمر عليهم، والتعاون معهم، لا الاتفاف عليهم وغمزهم، والقتال معهم جنباً بجنب في كل المحافل، ومحاربة كل ما يبث روح الفرقة والانقسام، من أجل أردنٍ أردني قوي، ومن أجل فلسطين مستقلة تكون كتفنا في مجابهة الصهيوينة بكل ما تحمله.





  • 1 ملاذ غنيمات 15-06-2019 | 06:57 PM

    أوجزت


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :