facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكرك: ما أصعب أن تئن المدن العريقة


د. موسى برهومة
19-10-2009 04:19 AM

لا يحتاج المراقب إلى عناء فظيع كي يشاطر أهالي الكرك وجعهم وهم يرون قطار التنمية قد فاتهم، أو تلكأ في المرور بدروبهم منذ سنوات بعيدة كانت خلالها أغلب الحكومات مغمضة العينين عن حق هذه المحافظة في العيش ضمن متطلبات وشروط أي تجمع حضاري أو إنساني أو بشري.

في الكرك، التي زرناها أمس بمعية جلالة الملك، تلمسنا أي وجع يمكن للكركي أن يبثه أمام القائد الذي وعد وجهاء المحافظة وأعيانها وممثلي عشائرها وتشكيلاتها المدنية والحضرية بأن ينقل المنطقة من حال البؤس والضنك الذي ترزح تحت نيره إلى حال من الرفاه والخضرة والحضارة في غضون عشرين عاما، كما أظهر المخطط الشمولي للمحافظة الذي بدوره توقع جذب استثمارات جديدة للمحافظة تصل إلى 4 بلايين دينار، وتوفير 20 ألف فرصة عمل، وخفض معدلات البطالة من 18% إلى 9% وكذلك خفض نسبة الفقر من 22% إلى 12%.

وفي كلمات المتحدثين الاثني عشر أمام جلالة الملك أمس، لم يكن صعبا أن يتلمس الحاضرون زفرات الأسى تنبعث من بين الحروف التي راحت تعدد أمام الملك المشكلات والعقبات، من انقطاع الكهرباء المتواصل، أو تدني الآمال المعلقة على الاستراتيجية الزراعية، إلى المطالبة النابعة من قلوب محترقة بأن تعمل الحكومة على فرض هيبة الدولة، وتفعيل القانون، إلى الاهتمام بقطاع الشباب والمرأة والتعليم، وإيلاء البلديات والعاملين فيها أهمية ملحوظة لجهة شمولهم في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وحقهم في الحصول على راتب تقاعدي، أسوة بالنواب، كما قال أحد المتحدثين.

ولم يكن خافيا الألم الذي كان يعتصر قلب الملك وهو يصغي بانتباه شديد إلى وجع الكركيين ويسجل الملاحظات، ويحاول أن يبث الأمل والرجاء في نفوس أبناء شعبه، من خلال تأكيد جلالته على أن المستقبل في الجنوب سيكون مبنيا على مشاريع استراتيجية كبرى من بينها قناة البحرين ومشروع سكك الحديد، مشددا على أنه سيطلب من الحكومة أن تباشر في متابعة مطالب الكركيين وإنجاز ما يمكن إنجازه قبل نهاية العام الحالي.

المأساة أن جملة المطالب تصب في الإطار الحيوي والضروري والماسّ، فالكركيون لم يطلبوا شيئا كماليا، ولم ينشدوا ترفا لا طائل منه.

وما يبعث على الحزن أن هذه المطالب تفتقدها مدينة تعد من أقدم التجمعات البشرية في المنطقة، حيث لعبت، كما تقول المصادر التاريخية، دوراً مهماً في عهد ميشع ملك مؤاب الذي عاش في القرن التاسع قبل الميلاد، وأجبر ملك السامرة وملك أورشليم على فك الحصار عن الكرك. وقد دعم هذه الحقيقة اكتشاف نقش ميشع ملك مؤاب في ذيبان: "أنا الذي بنى المكان المقدس لكموش الإله ـ في كركا (أي الكرك)، وأنا حفرت القناة إلى كركا وشققت الطريق الرئيسية في وادي أرنون الموجب".

فالكرك ليست مدينة أنتجتها الصحراء وبناها العبث، فهي على مبعدة ساعة ونصف الساعة من العاصمة، وهي التي أنتجت الزعامات السياسية

التي قادت ثورة الكرك ضد الفساد الإداري للدولة العثمانية، كما أنها المدينة التي أعلت بيارق التحولات الديمقراطية بعد هبة نيسان في العام 1989.

هذه المدينة المثقفة والمسيَّسة والعاضّة منذ زمن بعيد على جمر الصبر والكبرياء، يحق لها أن تكون درة المدن الأردنية، ويتعين على الحكومة ألا تجعل أبناءها ووجهاءها يتحدثون والدمع الحبيس في مآقيهم، فما أصعب أن تئن المدن العريقة، وما أقسى أن يعاني الشرفاء.

m.barhouma@alghad.jo

* الزميل الكاتب رئيس تحرير يومية الغد..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :