facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التعديلات على قانوني الجامعات والتعليم العالي


د. نبيل حداد
22-07-2019 06:40 PM

التعديلات على قانوني الجامعات والتعليم العالي
طمس المؤسسية...وتغول الشمولية...أين استقلال الجامعة؟

عام 1932م، عنّ لإسماعيل صدقي باشا الذي تمتع بصلاحيات شمولية لم يحظ بها رئيس للوزراء في تاريخ مصر الحديث ... أن يصدر صحيفة تعزز وضع حزبه المهزوز والمصطنع ... "حزب الشعب"، وكان اسم الصحيفة: " الشعب".
واتجه نظر الباشا نحو طه حسين العميد للتو لكلية الآداب ليكون رئيسا لتحرير الصحيفة العتيدة، اجتهادا من الباشا في أن الود المفقود بين الدكتور طه والحزب المنافس لحزب صدقي باشا، أي الوفد. سيجعل العميد يقبل بما سيعرضه عليه رفعة الباشا.
وعرض الباشا على الدكتور طه شيكا على بياض للراتب الذي يرضيه إضافة إلى موقع متقدم في الحزب يضمن له الوزارة، ولكن الأستاذ العميد رفض هذه الرشوة المالية السياسية وأصر على بقائه عميداً، فما كان من الباشا إلا أن أصدر قراراً بنقله موظفاً إلى إحدى الوزارات، ولما أصر العميد على عدم تنفيذ قرار الباشا، أصدر الأخير قراراً بفصله من الجامعة.
لم يقف الأساتذة ساكتين إزاء هذا الاعتداء على استقلال الجامعة، فكان أن توالت استقالات الأكاديميين الكبار من مصريين وأجانب وبدعم غير مسبوق من الأوساط الشعبية بصرف النظر عن مستواها التعليمي، وكانت الذروة تقديم رئيس الجامعة وشيخ الأكاديميين آنذاك لطفي السيد استقالته تضامناً مع طه حسين، تلميذه السابق.
وعاش المجتمع المصري آنذاك واحدة من معارك الرأي العام المجيدة، كان عنوانها "استقلال الجامعة"، انتهت بانتصار المؤسسية وعودة العميد إلى موقعه مكرماً، ومعززاً بقوة الرأي العام المستنير.
أما اليوم، فإن وزارة التعليم العالي عندنا تطلع علينا بتعديلات على قانوني الجامعات الأردنية والتعليم العالي لسنة 2018 من شأنها، وبجرة قلم، أن تطيح بالعديد من المكتسبات التي حققها هذان القانونان اللذان طبخا على نار هادئة لمدة سنتين على الأقل، وأقِّرا عبر سلسلة من الخطوات المؤسسية والتشريعية المدروسة.

التعديلات الجديدة (المقترحة) التي أعدت على عجل كما يتضح لكل متابع للشأن العام فقد تجاهلت على ما يبدو بعض الخطوات المؤسسية من مثل تنسيبات المجالس الخاصة بكل جامعة من باب أخذ العلم برأيها على الأقل.
ومن شأنها كذلك أن تؤدي إلى إشهار سيف مصلت بيد الوزير ( مع الاحترام لشخص الوزير الحالي، فالمقصود الصفة بمعناها المجرد) فوق رقاب رؤساء الجامعات، وتجعلهم تحت رحمته ومعاونيه.
ثم ماذا أضافت هذه الآلية المقترحة للتعامل مع من بلغوا السبعين من الأساتذة سوى جعلهم-لا قدر الله- عرضة للابتزاز وربما للإذلال؟
ألم يكن بالإمكان اللجوء إلى تعديل الأنظمة، وهي العملية الأسهل والأسلم، لتفادي أية ثغرات وردت في قانوني 2018؟
أم أن وراء الأكمة ماراءها...مجزرة جديدة بحق بعض الرؤساء وأعضاء مجالس الأمناء؟..والله أعلم.
أم أن المسألة برمتها سياسة "ترامبية" في محو كل آثار المسؤول السابق؟ ونردد كذلك والله أعلم.
هذه التعديلات قد لا تقود سوى لأمرين:
1. إضعاف المؤسسية في آليات الإدارة الجامعية، بل القفز من فوقها واعتلاء صهوة النشوة بالإطاحة يمينا ويسارا.
2. تعزير النزعة الشمولية لدى الجهات التنفيذية العليا، على حساب استقلال المؤسسة الأكاديمية
وبعد؛ فلعله آن الأوان أن نكف عن هذا "العبث التشريعي"، وأن نعطي قوانيننا التي مرت بمراحلها الدستورية فرصتها في التطبيق العملي، بل أن نعطي جامعاتنا فرصة لالتقاط الأنفاس... لعلها تحظى ببرهة من الاستقرار الإداري والهدوء الأكاديمي.

*الكاتب شاغل كرسي عرار للدراسات الثقافية والأدبية - جامعة اليرموك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :