facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحياة الحزبية في الأردن بين الواقع والطموح


م. أشرف غسان مقطش
14-08-2019 10:47 AM

دعا الملك المواطنين مرارا وتكرارا إلى تشكيل أحزاب برامجية تصل بهم إلى مقاعد مجلس النواب لتشكيل حكومة برلمانية أي حكومة أعضاؤها الوزراء نواب.

ومنطق القول أن الحزب الذي يمتلك أكبر عدد ممكن من مقاعد مجلس النواب هو المرشح الأقوى لتشكيل الحكومة التي تصبح صفتها الدستورية برلمانية في حال فازت بأغلبية أصوات محلس النواب

وبداهة القول أن الحكومة البرلمانية لن يقدر على تشكيلها إلا الحزب الذي يحظى بثقة أغلبية النواب، والأغلبية هذه يحدد مقدارها القانون والدستور. وقد يضطر حزبان أو أكثر للإنضواء تحت مظلة واحدة لتشكيل حكومة إئتلافية في حالات معينة.

إذن لماذا لا يشهد الأردن حكومات برلمانية؟ نظرة سريعة على واقع الحال الحزبي تأتينا بإجابة واقعية أن السبب هو عدم وجود أحزاب ذات قواعد جماهيرية، مما يقودنا تلقائيا إلى التساؤل التالي: ولماذا لا توجد أحزاب ذات قواعد جماهيرية؟

هذه قراءة سريعة في سطور المجتمع الأردني أحاول جاهدا من خلالها تسليط الضوء على الأسباب التي برأيي الشخصي تبطل العجب من واقع الحال الحزبي المتواضع، وتقترح في الوقت عينه الحلول التي أكاد أراها جازما الدواء الناجع للداء الفاجع.

أسباب إنكفاء الشباب عن المشاركة في الأحزاب:

أولا: العشائرية، ففي االأردن أرى أن مضافات أو قل دواوين العشائر تزيد أعدادها أضعافا مضاعفة على عدد مقرات الأحزاب، ومن المفارقة أن ما يميز العشائرية عن الحزبية أن جميع العشائر لها نفس الشعار الذي يكاد يختزل كل أيديولوجيتها إذا جاز التعبير في مثل شعبي يقول: "أنا وأخوي على إبن عمي، وأنا وإبن عمي على الغريب". ونتائج الإنتخابات النيابية التي جرت في السنوات السابقة تقدم لنا دليلا واضحا على ذلك. فالعشيرة أولا ومن بعدها الطوفان.

ثانيا: الدين. إذ أن الديموقراطية بالنسبة لعدد كبير من الشباب تدخل في نطاق "الحرام" وحجتهم في ذلك "وأمرهم شورى بينهم" [الشورى: 38]، أضف إلى ذلك أن أي فكرة تخالف ما جاء في القرآن سوف تتهم بالتكفير، وإلا ما الذي يجعل الإخوان المسلمين مثلا لا حصرا يرفعون شعار: "الإسلام هو الحل"؟

ثالثا: قوى الشد العكسي التي تعرقل قدر الإمكان أية محاولات ناشئة لتشكيل أحزاب، تساندها في ذلك القبضة الأمنية، وإلا من الذي أصدر أوامر بإلغاء حفل إشهار أحد الأحزاب الجديدة قبل نحو عامين في قاعة مركز الحسين الثقافي؟ الملك؟ لا أعتقد بذلك.

رابعا: الثقافة الحزبية، فإذا طرحنا سؤالا على عينة عشوائية من شباب وشابات الوطن مفاده: ما هي فكرتك العامة عن الأحزاب؟ الأهداف منها؟ فإنني أعتقد أن معظمهم لا يعرفون حتى معنى مفهوم الحزب.

خامسا: التنشئة البيتية التي هي نواة التنشئة الإجتماعية، وهذا برأيي أهم الأسباب وأقواها، فالعلم الحديث ما انفك يردد آناء الليل وأطراف النهار أن شخصية الطفل الأساسية تتكون في السنوات السبع الأولى من عمره في أقصى تقدير. وإذا كان الطفل ينشأ في بيت تكون فيه الكلمة الأولى والأخيرة لأحد الزوجين، فإنه سينمو وفي رأسه عش للدكتاتورية والاستبداد بالرأي، وإذا ناديته مثلا يوما ما للمشاركة في أحد الأحزاب، قال لك: أشارك بشرط، وهو أن أكون الرئيس وكلمتي لا تصير كلمتين، فماذا تتوقع أن يكون حال المشاركة الحزبية في بلد يتسم فيه المجتمع بأنه ذكوري في معظم تكوينه؟

أما بالنسبة لكيفية تفعيل المشاركة الحزبية في الأردن، فإنني أرى أن الحل في أغلب ظني يأتي على عدة مستويات:

أولا: المستوى الرسمي: إعادة الثقة بين المواطن والدولة بكافة أجهزتها وسلطاتها، وعلى رأسها الأجهزة الأمنية، بحيث تقدم الأخيرة ضمانات للمواطن بعدم التدخل في أي عملية انتخابية تجري -لا ينسى المواطن على سبيل المثال ما جرى لاحدى المرشحات في انتخابات (2013)- على أن يقدم المواطن ضمانا للأجهزة بألا تكون أجندته خارجية. وهذه معالجة عصية نوعا ما على أي حل في ظل الظروف الإقليمية الحالية، وفي كنف الظروف الإقتصادية الصعبة التي يعيشها البلد.

المستوى الديني: لا بد من دور فعال لوزارة الأوقاف وشؤون المقدسات الإسلامية في التأكيد على ضرورة أن تكون خطب الجمعة دعوات صادقة لاحترام الآخر بكافة معتقداته وآرائه ووجهات نظره، وعدم تكفير الآخر مثلا لكونه ليبراليا.

ثالثا: المستوى الأسري: إقامة ندوات ودورات تثقيفية وتعليمية وارشادية للآباء والأمهات بهدف توعيتهم بضرورة الحوار والنقاش فيما بينهم من من جهة، وفيما بينهم وبين أطفالهم من جهة أخرى، كي ينشأ الطفل في بيئة من الأخذ والعطاء بدلا من بيئة حوار الطرشان وما تخلفه من تداعيات خطيرة قد تنعكس علبه في سلوكه وتصرفاته مستقبلا بقية حياته.

هذا وتجري بين الفينة والإخرى انتخابات برلمانية في مختلف مدارس المملكة، وهذه فكرة ممتازة لغرس بذور الحياة الديموقراطية في نفوس لينة عودها على دهاليز السياسة، لكن هل فكر أحد المعلمين أو إحدى المعلمات بالإشارة على مجموعة طلاب في أحد الصفوف الأولى مثلا بأن يشكلوا كتلة. في الحالة هذه سينظر الطلاب في وجوه بعضهم بعضا ولسان حالهم: ما معنى كتلة؟ ومن هنا تبدأ المحاضرة التوجيهية لمن لم تخشن أظفارهم بعد نحو مفهوم الحزب.

أخيرا وليس آخرا، لعلني لا أغالي إذا ما قلت بأن الأوراق النقاشية للملك تصلح لأن تكون خارطة طريق بدءا من تشكيل "أحزاب وطنية" ذات برامج عملية ثم تفعيل مشاركة المواطن بهذه الأحزاب فالوصول إلى حكومة برلمانية تترجم شعاراتها على أرض الواقع بهدف الوصول بالأردن إلى أعلى درجات الرقي والتحضر في كافة المجالات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :