facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردنيون في يد المستثمرين


د. عامر السبايلة
01-11-2009 03:07 AM

** " لا زلنا بعد سنوات الخصخصة والتجارة الحرة والتحول الاقتصادي لا نجني الا البطالة المتزايدة وارتفاع الأسعار الجنوني والعجز التاريخي في الميزانية . وانحسار دور الدولة التاريخي بالتخلي عن المواطن لحساب فئات التجار والمستثمرين " ..


لعلي لم أجد أبلغ من كلماتٍ لبدر شاكر السياب لأبدأ فيها هذا المقال في محاولة لمحاكاة الأمس القريب:

أفتذكرين ؟ أتذكرين ؟
سعداء كنا قانعين
بذلك القصص الحزين لأنه قصص النساء
حشد من الحيوات و الأزمان، كنا عنفوانه
كنا مداريه اللذين ينام بينهما كيانه
أفليس ذاك سوى هباء ؟
حلم ودورة أسطوانه ؟
ان كان هذا كل ما يبقى فأين هو العزاء ؟ا

في بعض مشاهد الحزن التي تطفو على سطح هذه الحياة والتي انهزمت بساطتها النقية أمام المركبات الجديدة المعقدة والتي أضاعت كثيراً من القيم و المفاهيم ، هنا تصمت الكلمات و يقول الصمت أن في كلمات السياب هذه اختزال لكل آلام الشرفاء وهم ينظرون إلى غدر الزمان وهو يزرع خنجره المسموم في ظهور أوطانهم.

وباختلاف نوع المنفى وتشابه أنواع الحنين الذي لازال يسري في العروق, لبساطة عيش ولحظات هناء, لأحلام رقيقة وقبل كل شيء لراحة وطمأنينة وصفاء رحل ، فاليوم بات المشهد واحداً, و كل التعاملات والتحركات يسودها الريبة والقلق, الخوف والتوجس, وهكذا سادت المادة وتهاوت منظومة القيم الأخلاقية.

ماذا جنينا من كل هذه الاستثمارات؟ وهل كنا بحاجة لكل هذه السياسات التي كرست عقلية استهلاكيةً نمطية واستنزفت مدخرات الأردنيين وسحبت أموالهم لتضعها في جيوب المستثمرين وتجعل مقدراتهم بيد الآخرين والزائرين ، ولا زلنا بعد سنوات الخصخصة والتجارة الحرة والتحول الاقتصادي لا نجني الا البطالة المتزايدة وارتفاع الأسعار الجنوني والعجز التاريخي في الميزانية و فوق كل هذا انحسار دور الدولة التاريخي بالتخلي عن المواطن لحساب فئات التجار و المستثمرين.

ألم يكن من الأجدى أن تكافح العقلية الاستهلاكية لا أن تعزز, أن تفتح للإنسان أبواب البحث عن فرص الإبداع لا أن تغلق, أن تمهد طرق الإنتاج حتى لا نسقط في فخ أزمة التقليد.

هذا السقوط الذي كان قد حذر منه دوماً المفكر المغربي عبدالكريم الغلاب عندما قال:

"تجديد الفكر يتطلب عدم السقوط في التقليد لأن التجديد يتطلب شيئاً آخر غير أن يصبح الإنسان نموذجاً لإنسان آخر والفكر نموذجاً لفكر آخر"

وهكذا لا يكاد يمر يوم دون أن تعطي سياسة تفريخ المراكز التجارية الكبرى أُكلها بمجمع تجاري جديد, وعمارات لمكاتب وشركات , ومطاعم عالمية ما كان وجودها الا لطمس الهوية الحضارية وترسيخ مفاهيم على حساب كل ما هو أردني أصيل حتى أضحت منافسة القادمين الجدد مستحيلة.

إن تحويل الإنسان لسلعة تستنزف وتستهلك على مدار دورة الحياة اليومية لن يؤدي إلا لتغليب الجانب المادي وبالتالي إلغاء الجانب الإنساني وعليه تكون كل الممارسات ذات طابع أناني وفردي ومن يعتقد أن هذا هو التطور و التقدم – فباعتقادي- أنه يخطىء تماماً و ذلك لإغفال أن تطور الحياة الاجتماعية يجب أن يواكبه تطور صور القيمة الإنسانية في عقل وفكر ومفاهيم أي إنسان ، وهذا هو بالفعل أساس ومعيار قياس الحضارة.

إن الدولة و بحكم وظيفتها التاريخية والسياسية يجب أن تحقق سيادة المجتمع على مصادر ثروته و قوة اقتصاده وعليه كان الأجدى أن تكون الحكومات راعية للأردنيين بان يبدعوا ويستثمروا وينتجوا ويعود مردودهم عليهم وتحفظ حقوقهم بأن تجنبهم أن يكونوا مُستَثمرين ومستنزفين وأن لا تسحب مقدراتهم لتثري جيوب التجار و المستثمرين.

إن تخلي الدولة عن واجبها الأساسي تجاه مواطنها (دافع الضرائب) يعد الإشارة الأخطر حول كينونة الدولة , فتقديم الخدمات الأساسية وحماية حقوق المواطن و الوقوف إلى جانبه ضد أي محاولات تستهدفه هو دور الدولة الفعلي و لم يكن دورها يوماً دور الوسيط التجاري.

إن أي محاولة لإخفاء الحقيقة أو تجاهلها يدفع ثمنه في النهاية الجميع دولةً وشعباً وحكومة وذلك بقتل أي فرصة من فرص الوصول إلى الرفعة والتقدم ، وهكذا يكون الوصف الأمثل عند المفكر العربي العظيم هشام شرابي و الذي كان قد حذر مراراً من السقوط في فخ التحديث الواهم و وصفه بالقول : " فالمظهر الخارجي الحديث يخفي واقعاً داخلياً آخر و بين هذا الواقع الداخلي الأساسي و مظهره الخارجي تناقض و توتر."

amersabaileh@yahoo.com
الجامعة الأردنية - كلية اللغات / قسم اللغات الأوروبية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :