facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن وإسرائيل: "لا مطلّق ولا معلّق" (2/2)


رنا الصباغ
01-11-2009 12:02 PM

بعد خمسة عشر عاما على توقيع معاهدة السلام, بات وضع الأردن وإسرائيل كالمثل الشعبي.. "لا معلّق ولا مطلّق"; انفصال تحت سقف واحد ينهي محاولة "عشرة" أجهضتها رعونة الشريك غرب النهر وخياناته المتواصلة.

بين مصالح أمنية وسياسية تمليها ديكتاتورية الجغرافيا, وملفات ثنائية متشابكة في التجارة, النقل, تخزين حصص المياه, مكافحة غارات أسراب الذباب, حرائق الصيف في الأغوار ومجابهة إنفلونزا الخنازير, يجد الزوجان نفسيهما اليوم مضطرين للإنفصال والعيش في غرفتين تحت سقف يتشاركان مرافق المنزل الضيّق, وذلك لتدبير شؤون الأسرة المفككة.

بالنسبة للأردن الرسمي, لا يكمن المخرج بالطلاق البائن, بل بإدارة الأزمة من أجل تقليل الضرر على أمل وقوع مفاجأة سارة من العيار الثقيل تعيد المياه إلى مجاريها.

بعد ستة عقود من التعايش في وضعية لاحرب-لا سلم بين البلدين, ساعدت في ديمومتها عشرات اللقاءات السرية, جاءت معاهدة وادي عربة عام 1994 محاولة لتكفين حالة العداء وبدء خطوات نحو سلام شامل يعيد جميع الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل من سورية ولبنان عام 1967; ويقيم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

لكن ارتياح الملك الراحل الحسين بن طلال, صانع السلام, تلاشى عقب اغتيال شريكه في صناعة السلام رئيس الوزراء إسحاق رابين على يدي متشدد يهودي خريف .1995 مذّاك, أجهزت حكومات إسرائيل كافة على آمال السلام, وسعت لإعادة عقارب الساعة الى الوراء, مستغلة علاقاتها المتميزة مع الولايات المتحدة, التناحر الفلسطيني الداخلي والانقسام العربي. وهكذا تحولت المعاهدة إلى مصدر تهديد لأمن الأردن وإستقراره.

أصوات إسرائيلية نافذة, بمن فيهم الباحث الاستراتيجي, عوديد عيران, سفير إسرائيل السابق لدى الأردن, خرجت هذا الأسبوع عن صمتها لتدين تصرفات حكومتها اليمينة حيال المملكة وتحث نتنياهو على الالتفات لمصالح جاره الشرقي ولحساسياته الداخلية, ذلك أن تعامله معها من زاوية "المونة" ينم عن قصر نظر واستهتار بمكانتها ودورها.

فبرأي عيران, لا بديل عن تعاون بين الأردن, إسرائيل والفلسطينيين لضمان أمن المنطقة واستقرارها.

داخليا, ما فتئت الاتفاقية مادة خلافية في بلد نصف سكانه من أصول فلسطينية, يتمسكون بحق العودة والتعويض بعد ان هجّرت عائلتهم من قراها ومدنها عام .1948 هذه الثنائية السياسية ما تزال تلقي بظلالها على هوية الدولة وتؤثر على تماسك جبهتها الداخلية. كما تعزز حجج معارضي الشروع في عملية إصلاح سياسي تدريجي يفضي إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية على أسس المواطنة والحاكمية الرشيدة بدلا من الولاءات القبلية الضيقة ومشاعر الاقليمية المدمرة.

لم يتغير الوضع كثيرا بالنسبة لغالبية الأوساط الشعبية المناهضة لمعاهدة وادي عربة على قاعدة أنها "صلح منفرد" حيّد الأردن عن خندقه العربي, بعد 15 عاما من عزل مصر كرأس حربة في الصراع.

أما الأقلية التي أيّدت خيار السلام, فتبكي اليوم على الأطلال بعد أن تحولت العلاقات الدبلوماسية الدافئة على خط عمان-تل أبيب الى "حرب دبلوماسية باردةٍ", ومكلفة شعبيا بينما يواصل الأردن الرسمي التأرجح فوق حبل مشدود في زمن الشلل العربي والتناحر الفلسطيني.

شتّان بين أحلام الأمس ووقائع اليوم.

في سنوية المعاهدة الأولى, حلّق طيران سلاح الجو الأردني والإسرائيلي في سماء العاصمتين. وفي السنوات الأول, شارك كبار المسؤولين في سلسلة احتفالات في العلن.

في الذكرى الخامسة عشرة الاثنين الماضي, اقتصرت الإضاءة الاستعادية على حفل خطابي خجول استضافته الجامعة العبرية.

السفير الاردني لدى إسرائيل, علي العايد, ألقى في ذلك الحفل كلمة "نارية", وإن غلّفت بلغة دبلوماسية. للأسف, لم ينقل الإعلام الأردني فحوى كلام العايد أمام مئات المدعوين من ساسة, طلاب, أكاديميين ودبلوماسيين.

من بين تنبيهاته التي وصلت إلينا: "من غير المقبول لنا بعد 15 عاما أن يعاني الفلسطينيون يوميا من مآسي الاحتلال, بما فيها منع التجول والحصار, العقاب الجماعي, مصادرة الأراضي, هدم المنازل والتهديد المستمر للحياة والممتلكات". وتابع قائلا:"مهما حاولت حكوماتنا أن تعمل, فإن علاقاتنا الثنائية لن تصل إلى طاقتها القصوى, ولن تنمو ولن تتوسع إلا ضمن حل الدولتين, مفتاح السلام الشامل" في المنطقة بأسرها.

وبعد أن كرّر الموقف الرسمي بضرورة استئناف المفاوضات على المسارات كافة ضمن جدول زمني محدد يفضي لقيام دولة فسليطينية مستقلة داخل أراضي ال¯ 1967 مع تبادل مساحات محدودة في الاتجاهين متساوية لجهة الحجم والقيمة, دان العايد سرطان الاستيطان في الأراضي المحتلة والقدس وغطرسة حكومة اليمين المتشددة تجاه السلام. ثم تساءل فيما إذا تنزلق إسرائيل نحو العيش ضمن"عقلية القلعة" ام أنها تريد ان تكون جزءا من الجوار. وواصل التساؤل: "في غياب حل على أساس الدولتين, ما هو المستقبل المشترك الذي ينتظرنا".

مقابل كلمة الأردن التي لقيت استحسانا لدى السلك الدبلوماسي الأجنبي, جاءت كلمة الطرف الآخر تحت السقف المشترك, لتعكس غياب الرؤية الاستراتيجية بشمول ووضوح.

سفير إسرائيل في عمّان, يعقوب روزن, الذي يستعد لتسليم مهامه لخلفه الدبلوماسي داني نيفوه, حاول "رش السكر على الموت", بحسب مشاركين في ذلك الحفل.

روزن, الذي خدم تسع سنوات على مرحلتين في عمان, عرّج على قشور منافع المعاهدة, بما فيها السماح لمرضى أردنيين بتلقي العلاج في مشافي إسرائيلية وتصدير "المانجا" والجزر إلى السوق الأردنية.

في الأثناء يمضي السفيران العايد في تل ابيب, وروزن في عمان, جلّ وقتيهما في متابعة روتين العلاقات الثنائية, سياسيا واقتصاديا. عبء التواصل يقع على الأجهزة الأمنية والاستخبارية, التي تعمل على مدار الساعة, لضمان أمن الحدود ومنع تسلل الأفراد وتهريب السلاح.

مكتب العايد, كما نسمع, يعج بملفات متابعة شبه يومية لمناهضة إجراءات إسرائيل الأحادية ضد المقدسيين ومقدساتهم الاسلامية والمسيحية, المتناقضة مع بنود المعاهدة التي أقرّت بدور الاردن التاريخي والخاص منذ مطلع القرن الماضي في رعاية هذه الاماكن. وهو يحاول باستمرار, شأنه شأن أصحاب القرار هنا, وقف إجراءات إسرائيل التصعيدية ضد الفلسطينيين. آخر نتائج التدخل الأردني, كان لجم محاولتين لاقتحام المسجد الأقصى المبارك. قبل ذلك, أضحى الأردن بوابة تطبيب الغزييّن, إذ أقام مستتشفيين عسكريين هناك لمعالجة ضحايا العدوان الأخير على غزة المحاصرة كما عبرت المساعدات العربية عن طريقه. ويواصل العايد الضغط باتجاه الإفراج عمن تبقى من أسرى أردنيين في سجون إسرائيل,ويواصل التعبئة مع شخصيات سياسية, أكاديمية وإعلامية مؤثرة لحثّهم على السعي لتغيير سياسات حكومتهم اليمينية.

في عمان, يجلس روزن وعدد قليل من الدبلوماسيين في سفارة منغلقة على محيطها الأوسع بعد أن تحولت إلى ثكنة أمنية. لا يستطيع السفير وكادره التحرك بحرية داخل العاصمة إلا ضمن نطاق جغرافي محدود بترتيب مسبق وبمرافقة أمنية كبيرة, بخلاف ما كان عليه الوضع حين أوفدته إسرائيل إلى عمّان نهاية 1994 ليشرف على ترتيبات افتتاح سفارتها بحد أدنى من الحماية في مقر مؤقت داخل فندق عمّاني. وقتها كان يصول ويجول بحرية ويلتقي مع العديد من الرسميين والنخب التي جاهرت بالتواصل مع إسرائيليين بعد أن راهنت على خيار السلام.

اليوم تقف سفارته على "ركبة ونصف" لتراقب مسعى الأردن الحثيث لاستخدام الطاقة النووية في تحلية المياه وتوليد الطاقة لضمان حياة كريمة لسكانه. إذ تبدي عدم رضاها عن توجه الأردن لبناء مفاعلين نووين في الجنوب لخدمة أهداف سلمية, مع انها تسمح لنفسها بإمتلاك السلاح النووي الذي يهدد المملكة وسائر دول المنطقة.

بعكس العايد, يتعامل روزن مع وجع رأس القسم القنصلي الذي يشدد إجراءات منح الفيزا للأردنيين, بخاصة الفئات التي التحقت مع أهلها في الضفة الغربية واستصدرت لم شمل عبر بوابة المعاهدة. السفارة تستلم يوميا حوالي 100 طلب فيزا, لكنها تصدر أقل من ربع العدد بعد أسابيع أو أشهر من الانتظار.

تستمر حركة المرور على المعبرين الرسميين (الشمالي) و(الجنوبي).

غالبية مستخدمي المعبر الشمالي هم زوار من عرب 1948 ممن يفدون إلى المملكة للدراسة في جامعاتها, أو لزيارة الاهل, أو "شمة الهواء". أما المعبر الجنوبي بين إيلات والعقبة الساحليتين, فيستخدمه في الغالب سياح روس يأتون لزيارة البتراء ووادي رم نهارا ويعودون مع غروب الشمس. غالبية رجال الاعمال يستخدمون الطيران في تنقلاتهم. ويسافر سنويا آلاف السياح الإسرائيليين الى الشرق الأقصى عبر عمان بسبب انخفاض أسعار تذاكر السفر على الملكية الاردنية.

ميزان التجارة ما يزال يميل لمصلحة إسرائيل, بحوالي 50 مليون دولار. تضم لائحات الصارات للأردن لحوم حمراء (حلال) بعد أن توقفت منتجات زراعية مثل البطاطا إثر حملة منظمة, لتستبدل ببطاطا مصرية تعتمد في زراعتها على بذور إسرائيلية, بحسب تجار.

غالبية مستوردات إسرائيل تأتي من مصانع نسيج في المناطق الاقتصادية الخاصة QIZ التي أنشئت بعد توقيع المعاهدة - جزرة أمريكية لدعم السلام عبر المساعدة على تصدير صناعات بمدخلات مشتركة أردنية- إسرائيلية الى الولايات المتحدة من خلال إتفاقية التجارة الحرة مع تل ابيب. حتى تلك المناطق, التي صدرت ما قيمته 1.4 مليون دولار للولايات المتحدة قبل عامين, أخذت تفقد أهميتها مع دخول دول أخرى على خط منافسة صناعة النسيج مثل فيتنام وأوروبا الشرقية, وتدشين مناطق اقتصادية مماثلة بين إسرائيل ومصر تتكىء على قطن مصري وعمالة أرخص. كذلك تفقد أهميتها مع دخول اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن وأمريكا حيّز التنفيذ العام المقبل.

سياسيا, لا يملك صاحب القرار رفاهية المراقب والمحلل السياسي المطالب بالتراجع عن خيار التفاوض السلمي وطرد السفير الإسرائيلي الحالي أو القادم.

لكن بدل صرف جلّ الوقت في محاولة لإحياء جهد السلام على حساب الأجندة الداخلية, ربما يكون من الأفضل للأردن الرسمي استثمار السنوات الخمس عشرة المقبلة في تعزيز اصلاحات وطنية سياسية تحصّن الجبهة الداخلية وتضع الأردنيين من الأصول والمنابت كافة في خندق واحد, لمقاومة نزعات التوسع غربي النهر وحماية الوطن من الأطماع المباشرة أو التي قد تمررٍ عبر شركاء السلام العرب والأجانب.

فالأردن اولا... وأخيرا.
العرباليوم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :