facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاحتياجات الأساسية والحافزية الوظيفية


د. سامر إبراهيم المفلح
09-10-2019 08:54 PM

تعتبر الحافزية الوظيفية من أكثر المواضيع بحثًا في علم السلوك التنظيمي للمؤسسات، إذ تهتم بفهم وتفسير سلوكيات الأفراد والمجموعات داخل الشركات والمنظمات والتأثير عليها بشكل إيجابي لينعكس ذلك على إنتاجها وأدائها، وبالرغم من أن الحافزية الوظيفية تعتبر من اختصاص العلوم الإدارية المرتبطة بالموارد البشرية كونها تهتم بالموظف إلا أنها كباقي مواضيع السلوك التنظيمي لها تقاطع كبير مع علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم الإنسان.

والحافزية الوظيفية تعرف بأنها مدى قدرة الموظف في مؤسسة ما على بذل جهد كبير "Intensity" والتركيز باتجاه الهدف "Direction" والمثابرة في الأداء "Persistence" نحو تحقيق أولوية مؤسسية محددة، وبالرغم من حداثة مفهوم الحافزية الوظيفية إذ إن النظريات الأولى تعود لأواخر الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي إلا أنه يُعتبر موضوعًا متجددًا نظرًا لارتباطه بالتغيرات السلوكية الحاصلة للأفراد مع تطور المجتمعات.

وبهذا الخصوص فإن نظرية "تدرج الحاجات" لعالم النفس الأمريكي أبراهام ماسلو "Maslow's Hierarchy of Needs" هي من أهم النظريات الكلاسيكية التي استخدمت لتفسير الحافزية الوظيفية في العلوم الإدارية، وببساطة فإن فكرة ماسلو تتحدث بأن للإنسان ترتيبًا محددًا من الحاجات هي التي تحرّكه وتوجه سلوكه، وهذه الحاجات مرتبة في خمسة مستويات مختلفة، وكلما حقق الإنسان مستوى من الاحتياجات صار يسعى إلى تحقيق المستوى الأعلى منه.

فالاحتياجات الفسيولوجية تقع ضمن المستوى الأول والتي تشمل التنفس والطعام والشراب والنوم وغيرها، فإذا حققها الإنسان سعى إلى المستوى الثاني من الاحتياجات والمرتبطة بالأمان كالسلامة الجسدية والأمن المجتمعي والمأوى المناسب الذي يقي من الأخطار، بعدها يهدف الإنسان إلى الحاجات الاجتماعية كوجود الأسرة والأصدقاء، ثم ينتقل إلى الحاجة للتقدير بأن يكون له مكانة اجتماعية، ويحظى باحترام الآخرين، والثقة بالنفس، وأخيرًا وبعد الوصول إلى جميع الاحتياجات يسعى الإنسان إلى تحقيق الذات، وذلك بأن يكون له أكبر قدر ممكن من الإنجازات كأن يصبح سياسيًا مرموقًا أو عالمًا معروفًا أو شخصًا ثريًا وغيرها من وسائل تحقيق الذات.

وذات المفهوم فيما يختص بالاحتياجات يمكن عكسه على الوظيفة لتحفيز الموظفين وتوجيه سلوكهم واندفاعهم نحو العمل، فبداية ينظر الشخص بأن توفر الوظيفة له المتطلبات الأساسية من الدخل لكي يقتات، ثم ينظر إلى الأمان الوظيفي والاستقرار، وبعد فترة من الزمان وبعد تحقيق الاحتياجات الأساسية يسعى لأن يكون له علاقات جيدة مع زملائه الموظفين ومرؤوسيه، ثم يلتمس التقدير بأن يكون له مركز متقدم في مكان عمله ويحظى باحترام واهتمام الزملاء، وبعد تحقيق كل ذلك سيطلب تحقيق الذات بأن يكون ذا شأن كبير في مؤسسته كأن يكون مديرًا عامًا لها.

والملفت للانتباه في نظرية "تدرّج الحاجات" بأن الإنسان لا يجتهد إلى مستوى أعلى من الحاجات إلا بعد تحقيق المستوى الأدنى منه، فلا يُعقل أن يطمح شخص إلى تحقيق الذات دون أن يكون قد حظي بالتقدير والاحترام، ولا يمكن لشخص أن يبحث عن التقدير في ظل غياب أساسيات الحياة كالماء والغذاء، إذ سيذهب لتحقيق الأساسيات أولًا، وفي وظيفة ما فإن ما يحفز الموظفين للعمل هو مستوى الاحتياجات الذين يقفون عليه، فلن يسير الموظف للإنجاز والتقدير إذا كان الاستقرار الوظيفي غير متوفر أو كان الراتب لا يكفيه.

أدبيات الحافزية الوظيفية الأحدث تركز على موضوعات مختلفة من أجل تحفيز الموظف مثل إدماج الموظفين "Employee Engagement" في العمل، أو مساهمتهم في وضع الأهداف، وأيضًا من خلال ترك المساحة لهم في تحديد مستوى المخرجات المتوقعة وبما يتناسب مع القيم التي يثمّنها حسب نموذجه الإدراكي وأولوياته القيمية، أو من خلال الفعالية الذاتية والإيمان بالقدرات الشخصية للموظف في ذاته، والتي قد يتم تعزيزها بوجود القادة الإداريين الداعمين في المؤسسات ومن خلال برامج التدريب والتطوير، كما تطرّق بعض الباحثين إلى مفهوم إنصاف "Equity" الموظفين لتحفيزهم وظيفيًا والذي يختلف بشكل كبير عن مبدأ مساواة الأجور للجميع الذي ينادي به البعض مؤخرًا.

وفي المملكة اليوم هناك نقاش فعّال في جميع المستويات على متطلبات إصلاح القطاع العام بما يسهم في زيادة معدلات الإنتاجية للموظفين، وحافزيتهم الوظيفية، ومستوى الخدمات التي يقدمونها للمواطنين والأعمال، كما تطالب بعض النقابات بزيادات في العلاوات، ويطالب بعض الموظفين بتحقيق العدالة في الأجور، وحاليًا يتم مراجعة نظام الخدمة المدنية من أجل تطويره ليكون عصريًا وفعالًا وبما يساهم في تحقيق أهداف مختلف الوزارات والمؤسسات العامة.

إلا أنه من الواجب أيضًا النظر في الجوانب السلوكية المطلوب تعزيزها عند الموظفين ليكونوا محفزين ومنتجين بالشكل الأمثل، ونتساءل هنا ما هو مستوى الاحتياجات التي توفرها الوظائف العامة اليوم؟ وفي مختلف المراحل العمرية لحياة الموظف، فهل هناك تدرج في تلبية الاحتياجات الوظيفية بما يحقق الحد المطلوب من الدخل والأمان الوظيفي ليتطور هذا الدخل مع مرور الوقت ليسعى الموظف إلى التقدير ثم بعد ذلك إلى تحقيق الذات، أم سيبقى معظم وقته يبحث عن تلبية احتياجاته الأساسية!.

كما نتساءل عن مدى تطور المفاهيم الإدارية في مؤسسات القطاع العام فيما يتعلق بالممارسات المطلوبة لتحفيز الموظفين وزيادة إنتاجيتهم والتي هي في معظمها لا تتطلب مخصصات مادية كإدماج الموظفين في العمل، ومشاركتهم الآراء والأفكار، وإعطائهم المساحة كي يحددوا مستوى المخرجات التي يمكنهم تحقيقها، والتقدير والإنصاف المقدم من قبل المدراء والمؤسسات لموظفيها.

لا شك أن تطوير القطاع العام وتعزيز الحافزية والإنتاجية لدى موظفيه وبالشكل المناسب يستوجب مراجعة شاملة إلى متطلبات توجيه السلوك وتحفيزه من خلال الاستجابة لمختلف الاحتياجات الأساسية والتي تنعكس على الحاله المعيشية، وبالتوازي مع ذلك أهمية إدخال الممارسات الإدارية الأحدث والتي يقع واجب تبنيها وترسيخها على قادة المؤسسات العامة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :