facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اضراب المعلمين .. السياقات والخُلاصات


محمد أحمد بطاينة
12-10-2019 03:10 PM

في٣٠/ ٨ أشعلت وفاة نقيب المعلمين أحمد الحجايا وقود معركة المعلمين مع الحكومة، لقد بدا نائب النقيب ناصر النواصرة رغم هدوئه الظاهر متأثراً بروح نقيبه أحمد الحجايا الثورية و من ديوان عزاءه دشّن اعلان الاعتصام الذي تحول إلى أطول اضراب في تاريخ الأردن وهكذا تولدت من رحم غياب النقيب وحضور عصا الحكومة قيادة نقابية للمعلمين أبانت عن قدرات وامكانات جديرة بالتقدير والاحترام ، وأكسبت الأزمة قيادات مجتمعية عابرة لمختلف الأيدلوجيات ونذكر من هذه الأسماء مع حفظ لقب المعلم

رئيس لجنة التفاوض الفذ غالب ابو قديس و الناطق الإعلامي المتميز في قدرته على كسب التعاطف نور الدين نديم و المحاور البارع ابراهيم العساف والنجم الأبرز الذي سطع بلا منازع في سماء الأزمة ناصر النواصرة بشخصيته القيادية، لقد أظهر الرجل وفريقه النقابي التزاماً برؤية فقيدهم الحجايا وبرنامجه الوطني وبمصالح ومطالب المعلمين وقضيتهم الاجتماعية العادلة، لقد شكلت هذه الأزمة تحولاً مفصلياً وتاريخياً وارتدى التيار المحافظ المسيطر على النقابة ثوباً تقدمياً وخاض معركة اقتصادية اجتماعية لكسر إحدى حلقات التحالف الطبقي كما أسماه الحجايا، واندفعت قيادة النقابة خلف قواعدها الاجتماعية في المحافظات والأطراف مدافعة عن مصالحها، ففي السياسة عموماً تتبع القيادة احتياجات قواعدها الاجتماعية ومتطلباتها وليس العكس

لقد توفر لمجلس النقابة عناصر من القوة الذاتية والموضوعية أدت إلى وصوله لهذا الاختراق النوعي، فموضوعياً كانت قضيتهم عادلة وشعبية وشرعية، وذاتياً كان لشخصيات أعضاء مجلس النقابة العابرة للأيدلوجيات الحزبية والمتجاوزة للانقسامات العمودية والجهوية والمناطقية تأثيراً حاسماً سمحَ بإغلاق الثغرات التي يمكن
لأدوات التحالف الطبقي المسيطر أن تتسلل عبرها

صراع مستتر *
خاضت النقابة في بداية الأزمة معركة طبقية بامتياز ولكن في منتصف الأزمة وجدت النقابة نفسها تقود معركة ضد سيطرة مراكز القوى غير الدستورية وتغولها على مؤسسات الدولة الشرعية، وهو ما ارتد على طبيعة تفاعل اتجاهات مؤثرة داخل مؤسسات الدولة مع الإضراب والتي بدورها لم تلق بكل ثقلها في مواجهة النقابة خصوصاً وأن قواعدها الاجتماعية في المحافظات والأطراف هي المتضررة أصلاً من سياسات الحكومة والمنتفعة من مطالب النقابة، ولكنها على ما يبدو استبطنت صراعاً خفياً مع المؤسسات والكيانات الموازية ومراكز القوى التي قامت بتهشيمها وإضعافها في السنوات الماضية وأعادت بذلك هذه الأزمة بعضاً من التوازن بين المؤسسات ومراكز القوى داخل النظام .السياسي

الشرعية الشعبية *
لم تكن الأزمة بين المعلمين والحكومة الا جزءاً طبيعياً من الأزمات الداخلية التي تعصف في كل الاقليم في سياق الاتجاه نحو ولادة نظام دولي جديد تشاركي ومتعدد الأقطاب تتفاهم فيه كل الأطراف على حل مشاكل المنطقة و العالم وهو ما يفرض على كل دول الإقليم والدولة الأردنية ليست استثناءً من ذلك بالطبع، اقول أن هذا يفرض عليها التكيف مع الاستحقاقات الدولية عبر احداث تسويات داخلية عنوانها حيازة الشرعية الشعبية في القرار و السلطة والمسؤولية

النقابة تردم الفجوة *
في الواقع أثبتت نتائج الأزمة حقيقة مفادها أن أي حراك شعبي لا يمكن له أن يحدث اختراقا في البنية السلطوية القائمة إلا إذا كان عموده الفقري خارجاً من المحافظات والأطراف ومستنداً إلى ظهير في العاصمة والمدن يشكل درعاً واقياً من سهام التحالف الطبقي وعلى هذه القاعدة الثابتة يمكن التأسيس لحراك شعبي يخوض صراعاً ذا بواعث اجتماعية واقتصادية يتفق فيه الناس على إدارة صراعهم لانتزاع مواردهم ومصالحهم، وهو ما قد ينضج مستقبلاً توافقات وشراكات على أرضية تحول سياسي بعيدة عن الهواجس والشكوك المتبادلة.

إن هذه الشراكة المجتمعية بين الفئات الشعبية تبدو ناضجة وملحة فالانقسام الطبقي والأفقي يتعمق بين أغلبية مفقرة وأقلية مستأثرة بل غدا ملحوظاً حتى في كل قطاع ومؤسسة على امتداد الدولة وقد ظهر ذلك جلياً في ظلال الأزمة، فالموظفون والمدراء "الرابحون" خصوصاً من العاملين في المؤسسات المستقلة والمستفيدين منها انحازوا لامتيازاتهم ومصالحهم عبر تبريرهم للوضع القائم والخاسرون يبحثون عن مواردهم وحقوقهم الضائعة بسوء توزيع موارد الدولة وتفاوت الدخل بين العاملين في القطاع .العام

وهكذا مثلت أزمة نقابة المعلمين مع الحكومة أهم تمظهرات وتجليات فشل مشاريع التحول الاقتصادي والاجتماعي في العهد الجديد، فكانت هذه الأزمة هي حقاً الشجرة التي تخفي غابة من المشاكل والحلول أيضاً.

وهنا يمكن لنقابة المعلمين وفقط لنقابة المعلمين أن تقود تحركاً شعبياً واسع النطاق في مواجهة التحالف الطبقي المستأثر، وهو دور لن تستطيع أن تلعبه أي نقابة أو جمعية من مؤسسات المجتمع المدني فنقابة المعلمين تمتلك أدوات ذاتية وموضوعية ذلكَ أنها هي من تمثل الطبقة الوسطى تاريخيا وللنقابة امتدادات في كل الجغرافيا الأردنية تمكنها من عبور كل الأيدلوجيات والانقسامات المجتمعية كما أن بنية النقابة الداخلية متحررة من صراع مراكز القوى الاقتصادية والطغم المالية التي تعبث وتحرف أهداف ومصالح الهيئات العامة للنقابات الأخرى.

موت الأحزاب *
أعلنت أزمة المعلمين والحكومة رسمياً شهادة وفاة الأحزاب والجمعيات التقليدية والهرمية وخاصة تلك التي ارتبطت بمشروع الاسلام السياسي وهذا ينسحب على الأحزاب الأيدلوجية اليسارية و الليبرالية التي أصبحت كلها بلا استثناء جزءاً من الماضي. فقد أظهرت الأزمة فاعلية الحشد والاستقطاب الجماهيري خارج بنية الأحزاب والأيدلوجيات وقوتها من داخل بنية المؤسسات والمجتمعات وهو ما يفرض نتيجة حتمية مفادها أن الحزب والأيدلوجيا لم يعد على الأكثر سوى أداة للتأثير على الأفراد ولا يمكن له أن يكون بأي حال أداة للتغيير في المجتمعات. يضاف لذلك أن بزوغ نجم نائب النقيب والناطق الاعلامي في الأزمة كشف عن أزمة الإخوان الخاصة في قدرتهم على إفراز قيادات الصف الأول واختيارها، ففي حين أنه في الأعوام الماضية صعد قيادات للصف الأول من الجيل الثالث والرابع في العمر في مكاتب الحزب والجماعة و من مرشحي الانتخابات النيابية الماضية وهي الشخصيات التي كانت ضعيفة القدرات ومتواضعة الإمكانيات في المقابل كان النواصرة ونديم قد ظهرا كقياديين ألمعيين رغم أنهما من قيادات الصف الثالث داخل الحزب والجماعة ويكاد لم يعرفهما أحد في بداية الأزمة باستثناء طلابهم وأبناء مناطقهم، اقول أنهما استطاعا بجدارة أن يشاركا إلى جانب رفاقهم في النقابة في قيادة حالة وطنية وهما اللذان لا يحظيان بحضور يتوازى مع إمكانياتهم وقدراتهم داخل التنظيم و الحزب.

في المقابل ظهر عوار جمعية المركز الإسلامي في ذروة الأزمة وهي الجمعية التي يسيطر على إدارتها بعض الشخصيات المحسوبة على جماعة الإخوان بنسختها الجديدة وهم اللذين أصدروا بياناً أقل ما يقال عنه بأنه سقطة سياسية مدفوعين تحت ضغط الصراع على موارد الجمعية مع المتلهفين للعودة من الجماعة بطبعتها القديمة محمولين على أكتاف الأزمة وتداعياتها.

هواجس *
إن الهواجس التي تثار عن الانتماءات الأيدلوجية الإخوانية لبعض قيادات مجلس النقابة ليست ذات قيمة سياسية لجهة أن ما تحقق هو مطالب ومصالح وطنية بامتياز، فما هو المطلوب من طرف سياسي سوى أن يحمل مطالب الأردنيين ومصالحهم وقد كان، وباعتقادي أن رجلاً عاقلاً يدرك حقيقة واضحة للعيان أن النقابة اليوم تستطيع أن تكون أكبر تأثيرا وحضورا من حزب الإخوان بمراحل إن أرادت ذلك، وهل سيضحّي رجال حازوا ويمكن أن يحوزوا في المستقبل أيضا على حضور وطني وشعبي واسع فيُغرقوا أنفسهم في أجندات حزبية أو مشاريع سياسية لا وطنية؟ وإن كان الشعب الأردني قد أعطى ثقته لنقابة المعلمين متجاوزا الأيدلوجيات والانقسامات فهو أعطى وسيعطي ثقته وشرعيته فقط لمن حمى مصالحه وخاض صراعا للدفاع عن كينونته و شرعيته الوطنية ضد تحالف رأس المال .والمتغولين على مؤسسات الدولة الشرعية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :