بعد ان انتهى اضراب المعلمين ,لابد لنا ان نخرج بدروس وعبر لمنع تكرار ما حدث. كلنا تابعنا تصريحات اعضاء نقابة المعلمين التي كانت تطلق بين الفينة والاخرى , وكان اللافت للنظر بعض تلك المفردات اللغوية التي كانت تستخدم للتعبير عن مواقف النقابة الرسمية , التي تشير الى ان اضراب المعلمين في مكنونه كان بلا ادنى شك احتجاج اجتماعي سلمي بالرغم من ان ظاهره مادي , وهو نتيجة شعورهم بالتهميش الطبقي كما كان يستشف من تصريحات النقابة. فعندما يصفون الطرف الاخر من المتحاورين معهم , بانهم ينطلقون في حوارهم من مكاتب مخملية مع المعلمين, فهذا توصيف طبقي , وعندما اعلنوا في اكثر من مناسبة , بان هناك فئة من الموظفين في الهيئات المستقلة التي يتجاوز عددهم الخمسة عشر الف يتقاضون رواتب مرتفعة ,وتحظى تلك الفئة بنصيب الاسد من مخصصات رواتب القطاع العام مقارنة مع باقي فئات الموظفين وخصوصا المعلمين , فهذا ايضا يصب في خانة مسببات الاحتجاجات الاجتماعية, لشعورتلك الطبقات بالظلم والاجحاف الاجتماعي. فمثلا في رده على احد عروض الحكومة الاردنية اثناء عملية التفاوض , قال نائب نقيب المعلمين ان النقابة ترفض العرض الحكومي والزيادة لم تعد تعنينا مقابل الاعتذار مضيفا "كرامتنا اهم", وهذا ايضا دلالة على شعورهم بالتهميش الطبقي , ناهيك عن الهجوم الاعلامي من البعض على اكاديمية الملكة رانيا, التي هي واحدة من اهم المؤسسات التعليمية في العالم العربي, والتي تضاهي مثيلاتها في العالم الغربي ,وتساهم في رفع مستوى المعلم الاردني الى ارقى المستويات المهنية.

قضية المعلمين لم تبداء منذ اليوم الاول لأعلان الاضراب ,بل كانت نتيجة تراكمات من القضايا الشائكة والعالقة بين النقابة ووزارة التربية والتعليم والتي بدأت منذ عام 2014, فمنها مادية واخرى مهنية, وقد يكون التغول التاريخي للاخوان على السياسة التعليمية والمناهج في الاردن , كما يعتقد الكثيرين قد شكل حجر عثرة في ارساء خطوط عريضة للتفاهم والتعاون المشترك بين الطرفين , ولهذا اعتقد انه لم يكن بوسع اي منهما الوصول الى حلول وسط ,من اجل وضع خارطة طريق لتقريب وجهات النظر المتباعدة حول مبادىء اساسية , ومنها سياسات التعليم والمناهج وبرامج ومعايير وشروط مزاولة المهنة والمسار المهني والوظيفي للمعلمين, وكذلك اهداف اكاديمية تدريب المعلمين التابعة للنقابة. الدروس المستفادة من اضراب المعلمين ودلالاته , هو ان يتم اعادة ترتيب وبناء وهيكلة القطاع العام ,بحيث يحقق العدالة الوظيفية والاجتماعية بين مختلف فئات الموظفين , والعمل الجاد على عدم السماح للاحزاب السياسية في تسيس النقابات المهنية , وكذلك عدم ترك الامور عالقة , لتصبح مع مرور الزمن مثل كرة الثلج تتدحرج والتي يصعب السيطرة عليها لاحقا.

waelsamain@gmail.com