facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الناتجُ المحلي للسعادةِ .. بيْنَ العرضِ والطلبْ"


أ. د. صلحي الشحاتيت
17-10-2019 04:47 AM


كلنا يستحق السعادة، فالسعادة هدف البشرية الحقيقي وهو إحساس داخلي يشعر به الإنسان؛ يتمثل في: سكينة نفسه وطمأنينة قلبه، راحة ضميره وانشراح صدره، وتكمن السعادة الحقيقية في التصالح مع الذات، فالقناعة والرضا لا تكونان بما لديه من مال أو جاه أو سلطة، ولكنها تأتي من التفكير الإيجابي لما حوله، وأن يعرف ماذا يريد.
نحن اليوم نعيش في عصر مزدوج، تكثر فيه مغريات الحياة كالثراء الفاحش، وبالمقابل تكثر فيه منغصات الحياة المملوءة بمشاعر القلق العميق، يرافقها الشعور الكبير بفقدان الأمان والاضطرابات وانعدام الشعور بالرضا، وهذا ينطبق على عدة دول من العالم الغربي والعربي؛ فالكثير منها ترى أنها تسير في المسار الخاطئ، لذا ظهر ما يسمى "تقرير السعادة العالمي"؛ وهو مقياس للسعادة تنشره شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، وصدر في تموز 2011، حيث تم عقد أول اجتماع للأمم المتحدة في نيسان 2012، حول "السعادة والرفاه: تحديد نموذج اقتصادي جديد"، وهذا يعني أنه قد حان الوقت كي نعيد النظر في المصادر الأساسية للسعادة في حياتنا الاقتصادية، فالتقدم الاقتصادي مهم جدًا وله دور كبير في تحسين نوعية الحياة.
ففي عالم الاقتصاد كثيرًا ما نسمع ب "إجمالي الناتج المحلي"، حيت تتخذه معظم الدول على أنه معيار لنجاحها ودليلاً على تقدمها، لكن مع الوقت ومع مفهوم الدول المتقدمة والنامية، بات هذا المعيار معياراً مادياً فقط، ولا علاقة له بالمعايير الأخرى كمثل: السعادة، الرضى، الحرية، حق التعبير، حفظ الحقوق، وغيرها من المعايير التي تعكس تقدم الدول وازدهارها، فمعيار "إجمالي الناتج المحلي" ليس بالضرورة أن يكون المعيار الرئيس والمسيطر، وقد تنبع أهميته من توافقه مع المعايير الأخرى.
أغلب الدول العربية ومنها الأردن لا ينظر للسعادة كمعيار فعلي وحقيقي وجاد؛ وهذا يعود لقصور مفهوم معنى "السعادة"، وقلما نسمع عن مؤسسات تعنى بالسعادة. وقد ظهر مؤخرًا مصطلح جديد ألا وهو "إجمالي السعادة المحلي" بدلاً من "إجمالي الناتج المحلي"، وكانت مملكة بوتان الواقعة في جبال الهمالايا التي تقع بين الصين والهند من أوائل الدول الرائدة في هذا الخصوص، وقد تبّنت شعاراً رائعا وهو سعيها نحو السعادة المحلية الإجمالية، فكانت هذه التجربة؛ وهي تجربة بديلة وشاملة للتنمية ولا تركز على النمو الاقتصادي فحسب وإنما على الثقافة، والصحة، والسعادة والمجتمع ككل، وخططهم في التنمية كانت أكثر واقعية وقرباً من الشعب.
والسؤال الأهم هنا، كيف يمكننا أن نعيد تنظيم حياتنا الاقتصادية حتى نعيد لحياتنا ومجتمعاتنا روح الاستدامة والتنمية والتطور؟ فنحن لا نستطيع التقليل من أهمية التقدم الاقتصادي، فعندما يكون الناس فقراء ومحرومين ويفتقدون للحاجات الأساسية گ: الرعاية الصحية، التعليم، وأبسط مقومات الحياة، سيعانون حتمًا؛ وبالتالي لن يكون لهم عمل ذو معنى، وبالمقابل لا يجب أن يكون التقدم الاقتصادي ذو أهمية كبرى، ففي الولايات المتحدة الأمريكية ارتفع الناتج المحلي بشكل كبير خلال الأربعين سنه الماضية لكن السعادة لم تزد، مما أدى إلى انعدام المساواة في الثروة، وبالتالي زيادة في أعداد الطبقات المرحومة، أضافة إلى التسبب في تدهور بيئي كبير.
كل ما سبق هو محاولة لإيجاد معيار آخر للتنمية والتقدم، فالتركيز على الأمور المادية، وزيادة الثروة لا يعد مؤشراً حقيقياً للإنجاز، وإنما تستطيع تحقيق الرضا، والسعادة والشعور بالاستقرار، فالإنسان القاسم المشترك بين جميع مجالات التنمية البشرية كلها "الاقتصادية، السياسية، التعليمية، الإدارية، والصحية"، فهذه المجالات بدورها تحقق السعادة، وبالنهاية جميع المعايير مهمة بما فيها المعيار الاقتصادي، ولكن لا بد من الاعتدال والاتزان بينه وبين باقي المعايير حتى نصل إلى "الناتج المحلي للسعادة".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :