facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مبررات إنشاء المركز الوطني للمناهج


د. محمد خير نوافلة
17-10-2019 12:22 PM

* إزدواجيته مع إدارة المناهج والكتب المدرسية

من المعلوم أن لأي تجديد (تغيير) تربوي أسباب ودواعي، ولعل من أبرز دواعي التجديد التربوي الآتي:

1_ حل مشكلة تستلزم إجراء هذا التغيير.

2_ ضغوط المجتمع.

3_ انتهاز فرصة: وتعني التغيير لأجل المصلحة، مثل كسب الدعم والتمويل والمخصصات المالية التي تريد دولة ما الحصول عليها.

4_ الظهور بمظهر التغيير أمام الآخرين.

ومما لا شك فيه أن أقوى هذه الدوافع وأكثرها قبولاً وإقناعاً هو دافع حل مشكلة ما تستوجب تجديداً تربوياً، يليه دافع ضغوط المجتمع الناتجة عن وجود مشكلة أو قصور ما في الوضع القائم أو عن حاجة للتجديد والتطوير لمواجهة متطلبات الحياة الجديدة ومواكبة التطورات في مجالاتها المختلفة، ومن المؤكد أن التجديد التربوي القائم على هذا الأساس هو الأكبر فائدة والأكثر تأثيراً في المجتمع وعملاء هذا التجديد.

وكما يعلم الجميع أنه يوجد في وزارة التربية والتعليم إدارة تسمى "إدارة المناهج والكتب المدرسية" تقوم بدور فعّال وهام في إعداد المناهج والكتب المدرسية بدءاً من دراسة وتقييم المناهج والكتب المدرسية القائمة في ضوء المعايير العالمية ومسوغات التطوير التربوي المنشود وتحديد نقاط القوة ومواطن الضعف فيها واتخاذ القرار اللازم الذي قد يفضي إلى إعادة تأليف المناهج والكتب المدرسية أو الاكتفاء بتطويرها وتحسينها، مروراً بمرحلة إعداد الإطار العام والنتاجات العامة والخاصة للمناهج وانتهاءً بطباعة الكتب المدرسية، ومن ثم متابعة التدريب عليها بالتعاون مع إدارة التدريب والإشراف التربوي وتنفيذها في الميدان التربوي وجمع الملاحظات حولها وتصنيفها وبيان أهميتها ومدى الحاجة لإجراء أي تعيدل قد يلزم على الكتب.

وتضم إدارة المناهج والكتب المدرسية في كادرها الوظيفي أعضاء متخصصين معظمهم _إن لم يكن جميعهم_ من حملة الشهادات العليا ويُشهد بأنهم أكفياء ومؤهلين للقيام بهذه المهمات على أكمل وجه، وقد أثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك بأنهم على قدرٍ عالٍ من المسؤولية والحس الوطني، وقادوا دفة إعداد المناهج والكتب المدرسية بكل أمانة واقتدار، وقد امتاز عملهم بالحرفية والمهنية والدقة، ولعل خير ما يدلل على ذلك مناهجنا وكتبنا المدرسية التي فاخرنا بها العالم على مدار العقود الماضية والتي كانت من أميز المناهج والكتب المدرسية _إن لم تكن الأميز على الإطلاق_ في المنطقة كلها. وقد قام هؤلاء الأعضاء المتخصصون بتدريب كادر كبير من المعلمين والمشرفين التربويين لمساندتهم في هذا العمل الشاق والمُضني حتى أصبح لدينا إرث كبير وهام من خبراء تطوير المناهج المدرسية في وزارة التربية والتعليم، ساهم عدد لا بأس به منهم وما زال يساهم وبشكل فعّال ومشهود له في تطوير المناهج الدراسية في بعض دول المنطقة.

الكمال لله وحده ولا ندعي الكمال ولكن في الوقت ذاته لا ينبغي لنا أن نجلد ذواتنا ونقلل من إمكانات وقدرات كوادر وزارة التربية والتعليم الكفؤة والمؤهلة، ولا ينبغي لنا أن نستسلم لقرار تحييد تلك الخبرات المدربة والمؤهلة والمجربة في ميدان العمل كلٌّ في مجال اختصاصه ومسؤولياته، أو أن نجعل دورها ثانوياً ونمن عليهم عند الاستعانة بخبراتهم الغزيرة بدلاً من أن نقدم الشكر لهم، رغم أن هؤلاء الخبراء والمختصين يمتلكون من المعرفة العلمية والتربوية والمهارات والاتجاهات ما يمكنهم من قيادة هذا العمل على أكمل وجه وبما يخدم مصلحة الوطن والمجتمع وبما يحافظ على مبادىء عقيدتنا السمحة وعادات المجتمع وتقاليده وقيمه، وبما يضمن التكامل والشمولية المنشودين.

ولنعد الآن إلى محاولة معرفة المسوغ أو المبرر لإنشاء المركز الوطني للمناهج؛ في ظل كل ما ذُكر سابقاً لا أعتقد أن المبررين الأول والثاني كانا وراء هذا التجديد العكسي _من وجهة نظري المتواضعة_، فمعرفتي الكبيرة بالقائمين على إعداد المناهج والكتب المدرسية من أعضاء المناهج والمعلمين والمشرفين بحكم الزمالة السابقة تكاد تجعلني أجزم بأنه لا حاجة لنا أبداً لإيجاد أي بديل لهم والاستعانة باشخاص آخرين قد يمتلكون المعرفة النظرية ولكنهم يفقتقرون للخبرة العملية التطبيقية؛ فبحكم خبرتي السابقة في هذا المجال وجدت أن من تعامل مع الطالب داخل الغرفة الصفية هو الأقدر على اختيار المحتوى الذي يناسبه وصياغته بالطريقة التي تحقق الأهداف المنشودة، وهناك الكثير من الأمثلة التي تدلل على ذلك لا مجال لسردها هنا.

وفي ظل عدم منطقية المبرر الرابع المتمثل في الظهور بمظهر التغيير أمام الآخرين الذي لا أعتقد أننا بحاجة له على الإطلاق، فإن لم يكن التغيير تجديداً وتطويراً نحو الأفضل فالمحافظة على الوضع القائم أفضل بكثير، فلم يبق هناك مبرر يمكن قبوله أو الاقتناع به _بالشروط التي ستُذكر لاحقاً _ إلا كسب الدعم والتمويل والمخصصات المالية، وحقيقةً لا ضير أن تسعى الدولة للحصول على الدعم والتمويل والمخصصات المالية، بل بالعكس من واجبها فعل ذلك ولكن بشرط أن لا يكون ذلك على حساب شيء ثمين يمس هويتنا أو عقيدتنا أو مبادئنا أو أن يكون ذلك الدعم سبباً في تراجعنا في مجال هام وحساس كمجال التعليم الذي يُعد أهم سلاح وثروة نتغنى بها في الأردن. نعم للحصول على الدعم والتمويل ولكن ليس على حساب جودة التعليم والمناهج أو لإيجاد بديلٍ لا يرقى للوضع القائم، بل يُعد هادماً ومحبطاً لتلك الخبرات التي تم إعدادها على مدار السنوات والعقود. ولعل خير ما يبرهن ذلك باكورة إنتاج المركز الوطني للمناهج المتمثل بكتابي العلوم والرياضيات للصف الأول اللذين أثارا ضجةً واستنكاراً غير مسبوقين في تاريخ الأردن.

وفي النهاية فهل من مجيب للأسئلة الآتية؟

1. ما السبب الرئيس وراء إنشاء المركز الوطني للمناهج؟ وهل سبق ذلك دراسة حقيقية ومتعمقة خلصت إلى ضرورة إنشائه؟

2. من هم كادر هذا المركز؟ وما مؤهلاتهم وخبراتهم؟ وهل هم متفرغون لهذا العمل الشاق والمضني أم أنهم ضيوف شرف للمشاركة بالحد الأدنى في هذا الواجب الوطني المقدس؟

3. ما وضع إدارة المناهج والكتب المدرسية في ظل وجود هذا المركز؟ وما المهام المسندة إليها حالياً؟

4. ما مبررات هذه الإزدواجية المتمثلة بوجود إدارة مناهج وكتب مدرسية تابعة لوزارة التربية والتعليم ومركز وطني للمناهج مستقل تماماً عن وزارة التربية والتعليم؟ وما طبيعة العلاقة والتعاون _إن وجد_ بينهما؟ ومن هو صاحب الدور الرئيس منهما؟

5. ما مصير إدارة المناهج والكتب المدرسية في حال استمرار المركز الوطني للمناهج؟ وما مصير الخبرات والكفاءات المؤهلة العاملة فيها؟

6. أيهما يكلف الدولة من الناحية المادية أكثر إدارة المناهج والكتب المدرسية أم المركز الوطني للمناهج؟ وأيهما الأكثر نفعاً للمجتمع والعملية التربوية؟

7. من هي الجهة المخولة للحكم على نتاج كل من إدارة المناهج والكتب المدرسية والمركز الوطني للمناهج والمقارنة بينهما من خلال تقييم نتاج كل منهما؟

8. ما أسباب تحييد الخبرات الوطنية القادرة على تأليف المناهج والكتب المدرسية واستبدال ذلك بترجمة كتب أجنبية دون تكييفها لواقع المجتمع والبيئة الأردنية؟

9. وأخيراً هل يُعد إنشاء المركز الوطني للمناهج بداية الطريق إلى خصخصة التعليم في الأردن؟!
وخلاصة القول إن إدارة المناهج والكتب الدراسية هي مطبخ وزارة التربية والتعليم، وبيتٌ بلا مطبخ جياعٌ أهلُه؛ لأن الأكل الجاهز حتى وإن كان من أفخر المطاعم العالمية لا يُسمنُ ولا يُغني من جوعٍ. فلا تهدموا مطبخ بيتكم بأيديكم ولا تقزموا دوره.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :