facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صناعة الجوع ..


سمير حجاوي
21-11-2009 06:42 PM

لماذا يفشل العالم بالقضاء على الجوع؟ ولماذا يجوع أكثر من مليار إنسان على الأرض؟ ولماذا يزيد عدد الفقراء والجوعى في العالم باطراد؟ وماذا عن الوضع الغذائي في العالم العربي؟.

الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج إلى منظومة معلوماتية رقمية من جهة والى تفسير نوعي، سياسي وفلسفي واقتصادي واجتماعي وأخلاقي، من جهة أخرى. فعدم حصول 1 من كل 6 أشخاص في العالم على الغذاء تعبير عن فشل أخلاقي إنساني قبل أن يكون فشلا سياسيا واقتصاديا. وهو تعبير أيضا عن أنانية الإنسان ولا مبالاته بأخيه الإنسان الذي يحتاج إلى الطعام والشراب، وهو مأزق للبشرية جمعاء.

تشير المعطيات الرقمية التي أصدرتها المنظمات الدولية ومنها منظمة الأغذية والزارعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" وبرنامج الغذاء العالمي إلى أن مليار وعشرين مليون إنسان يعانون من الجوع في العالم منهم 642 مليون شخص في آسيا و265 مليون في إفريقيا جنوب الصحراء و53 مليون في أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي و42 شخص يعانون من الجوع في العالم العربي.

ويكفي أن نعرف أن عدد الضحايا بسبب الجوع في العالم حسبما تقول "الفاو" يفوق عدد ضحايا أمراض الايدز والملا ريا والسل مجتمعة، حتى ندرك مدى فداحة ما يجري ومدى عمق الأزمة وخطورتها.وهي الأزمة التي تقول الفاو إنها لا تحتاج أكثر من 83 مليار دولار سنويا لحلها. وهو مبلغ متواضع للغاية مقارنة بما ينفقه العالم على التسلح والذي بلغ أكثر من 1118 مليار دولار سنويا، حصة الولايات المتحدة منه 500 مليار دولار. أو مقارنة مع مبلغ 10 مليارات دولار تصرفها الولايات المتحدة الأمريكية على حربها في العراق شهريا ومثلها في أفغانستان. أي أن حل أزمة الجوع في العالم يحتاج مصاريف 8 أشهر من الحرب في العراق أو تكاليف 4 أشهر من الحرب في العراق وأفغانستان.

أزمة الجوع في العالم ليست وليدة اللحظة ولم تأت فجأة فهي نتيجة لاختلال موازين العدالة العالمية، فعشرين في المائة فقط من البشر في الدول الصناعية الغنية يستحوذون على 80% من ثروات العالم، وهو استحواذ بدأ مع الحركة الاستعمارية الأوربية الغربية، كرسته فيما بعد عبر تنصيب الحكومات الفاسدة التي تفتقر للكفاءة وعبر الشركات العابرة للقارات والتي لا تزال تسيطر على الإنتاج الزراعي والغذائي وتتحكم بالأسعار، ولا تتورع عن إلقاء الغذاء في قاع المحيط للحيلولة دون هبوط أسعاره. وهي الدول التي لا تزال تتحكم بمختبرات الزراعة والأغذية، وتصنع بذورا عاقرا غير قابلة للزراعة بهدف الاعتماد كليا على ما تنتجه هذه الدول من أغذية، وهي الدول التي يحاول بعضها حاليا تحويل زراعات الذرة وغيرها إلى إنتاج الايثانول البيولوجي لاستخدامه كوقود بدل استخدامه لتغذية البشر.

ولكي نكون منصفين فان المشكلة لا تتحملها الدول الغربية وشركاتها العابرة للقارات وحدها، بل لا بد من تحميل الحكومات في دول العالم الثالث نصيبها من المسؤولية، فهذه الحكومات اهتمت بتخصيص الأموال الطائلة لضمان أمنها وبقائها في الحكم على حساب قوت الشعب وغذائه وهي حكومات أهدرت الزمن بتطبيق وصفات صندوق النقد الدولي الفاشلة واستنساخ خطط لا حظ لها من النجاح.

ولا يختلف الوضع في العالم العربي عن دول العالم الثالث، فالعرب الذين يشكلون 5% من سكان العالم يستوردون أغذية بقيمة 23 مليار دولار سنويا حسب تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ويصل حجم الفجوة الغذائية والزراعية العربية الى 40 مليار دولار سنويا.فالدول العربية تستورد أكثر من50% من الحبوب الذي تستهلكه، وتستورد 71% من الزيوت و61% من السكر و43% من البقوليات و30% من الألبان ومنتجاتها و19% من اللحوم. يضاف إلى هذه الأرقام المفزعة أن 42 مليون عربي يعانون من الجوع يشكلون 14% من العرب، هم من بين 38% من العرب الذي يقبعون تحت خط الفقر.

المفارقة ان "الفاو" التابعة للام المتحدة تقول ان حل مشكلة الغذاء في العالم العربي لا يحتاج أكثر من استثمار 10 مليارات دولار سنويا في الزراعة على أسس سليمة. فلماذا ندفع 23 مليار دولار لاستيراد الغذاء ولا نستثمر اقل من نصف هذا المبلغ لكي ننتج الغذاء الذي نحتاجه؟ويكفي أن أشير إلى أن أسعار المستوردات العربية من الأغذية ارتفعت بالمعدل حوالي 85% خلال 3 سنوات فقط .فقد ارتفعت أسعار القمح بنسبة 181% والسكر 142% والألبان ومنتجاتها 138% والزيوت 138% والأرز بنسبة 134%.

لا يمكن القفز على هذا الواقع وغض الطرف عن هذه الأرقام التي تضع الدول العربية تحت تصنيف "دول مكشوفة غذائيا"، غير قادرة على إنتاج ما تحتاجه من غذاء، الأمر الذي يضعها تحت رحمة الدول الأخرى ويهدد أمنها واستقرارها، وقد ذاق بعضها بعضا من عدم الاستقرار هذا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية فكيف سيكون الحال إذا اختفت هذه المواد من السوق أصلا.

إن الدول العربية مطالبة بتحرك عاجل لمعالجة هذا الخلل بعيدا عن مهاترات السياسة والمصالح القطرية الضيقة والنظرة الأنانية وذلك باستثمار الأموال في القطاع الزراعي في الدول العربية التي تتوفر فيها المياه مثل السودان والضغط على حكومات هذه البلاد لإصلاح القطاع الزراعي فيها.

لا يوجد أمامنا الكثير من الوقت، فمنظمة الأغذية والزراعة تقول إن توفير الغذاء لكل السكان في السنوات المقبلة" حتى سنة 2050" يحتاج إلى زيادة الإنتاج الزراعي في العالم بنسبة 70%. وذهب تقرير لجامعة الدول العربية إلى التأكيد أن معدلات الاستهلاك الغذائي في العالم العربي تنمو بوتيرة تتجاوز قابلية الدول العربية على إنتاج المواد الغذائية.

هذه الأرقام والمعطيات تفضح واقع الأمن الغذائي العربي وهشاشة الحالة الغذائية التي تعتمد على الاستيراد بشكل أساسي.وهي "حقائق مرة" تحتاج إلى علاج، فهل تتحرك الدول العربية قبل فوات الأوان؟ للحيلولة دون انزلاق الحالة العربية من "دول مكشوفة غذائيا" إلى دول تصنع الجوع والجوعى والمجاعات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :