facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين جدل الغذاء المعدل جينيا وغول الجوع .. ؟


د . ردينة بطارسة
22-11-2009 01:22 PM

قالوا في المثل الشعبي كل الطرق تؤدي إلى روما ,وقبل أيام معدودة تسارع قادة الغذاء في العالم لسلك تلك الطرق متجهين فعلاً إلى روما , مرتدين على وجوههم أقنعة الشفقة ,حاملين حقائب رسمية كتب عليها اسم أشبه بصرخة المستغيث , منه بإسم مؤتمر ,اتجهوا لعقد ما سموه بقمة الجوع,وكأن هناك للجوع قمة, لا يصلها إلا من اجتثت سكين العوز والفقر أحشائه , أطلقوا ندائهم هذا منذرين قرب حلول كارثة الجياع ,ولكن للأسف فاتهم ولم يكن في حسبانهم أن نداءاتهم وصرخاتهم تلك ليست بتلك القوة ولا تمتلك المقدرة على خرق طبقات أقمشة الجوخ الفاخرة, التي تغطي كروش أغنياء العالم المتخمة بالمال ولا يمكن لها التسلل بعيداً عن أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة التي على أبواب قصور الحكام في العالم ,لذلك ستبقى كل قراراتهم الساخنة وتوصياتهم الرنانة موضوعة داخل ملفاتهم المخملية مكتوبة بأفخر أنواع الحبر,ستبقى حبيسة حقائب مؤتمرهم وأدراج أجنحتهم الفندقية الدافئة ,وقد لا يكون لها متسع كافي في بعض الحقائب, فهناك ما هو أهم ليحملوه عائدين الى بلدانهم, فهل يعقل أن تبقى الزوجات ينتظرن العطور الثمينة ومعاطف الفراء ولا يحضرونها,وكيف يمكنهم العودة بدون أفخر أنواع الشكولاتة كهدايا للأصدقاء ,إذاً هم محقون فقد تم تسجيل وبث تلك القرارات على الفضائيات وتصدر الكثير منها صفحات الجرائد , وقامت كاميرات المصورين بالمهمة على أكمل وجه , والتقطت أجمل الصور للبدل وربطات العنق ذات الماركات العالمية ,وبالتالي هنيئا لك يا سلة المهملات بكل تلك القرارات والتوصيات هنيئاً لك بكل تلك الأحلام التي تراءت لحوالي مليار جائع في هذا الكون , فها هي قمة الجياع أصبحت تشبه الجنين الميت في رحم أمة ,فلا هو مولود لنفرح به ولا هو مجهض نحزن لأجله ,ماتت ودفنت داخل جدران ذلك المؤتمر .

أتحدث هنا عن طوفان الجوع وقمة الجوع ,لأنقلكم الى وسط الجدل العقيم الذي يدور منذ سنين بين علماء هندسة الجينات من ناحية وأصحاب السياسات المتعنته من ناحية أخرى ,اليوم, وبعد مرور ما يقرب عقدين من الزمن على أول أبحاث الهندسة الوراثية في العالم ,اليوم ونحن بانتظار الانجراف في طوفان الجوع الذي يهدد البشرية جمعاء ,يتمسك المقاومين لكل ما هو حديث ومتطور بأعذار واهية مثل ذكر المضار والآثار التي يتركها تناول الغذاء المعدل جينياً, متناسين أن هذه التقنية في صناعة الغذاء وتوفيره, تعتبر بمثابة طوق نجاة لملايين الأطفال والنساء محرومي الطعام حول الكرة الأرضية , والذين يفترسهم غول الجوع في كل يوم ,فباستخدام الهندسة الوراثية يمكننا إنتاج كميات وفيرة من الطعام وخاصة عند زراعة أصناف مقاومة للملوحة والجفاف والآفات المرضية والإرتفاع المضطرد في حرارة الأرض , من هنا نحقق وفراً بالمال والجهد والوقت وهنا أخص منطقتنا العربية التي تستورد مالا يقل عن 80% من غذائها من الخارج , وهنا يعترض رجال الاقتصاد متخذين من رفض الأسواق الخارجية للصادرات حجة لهم , ناسين أننا لن نحتاج الى دفع ملايين الدولارات بدل استيراد نفس تلك المواد من الخارج .

كثيرا ما يربط المعارضين الأغذية المعدلة جينياً بالتسبب بالسرطان ,وكأننا لا نتعرض يومياً إلى مئات بل آلاف مسببات السرطان ,وألا يوجد من يعطي أملا لتلك النسوة الفقيرات العاملات في حقول القطن والأرز وغيرها من المزروعات ,يحملن على أكتافهن الغضة أكياس السماد ومضخات المبيدات طوال اليوم يتعرضن في كل لحظة الى خطر الإصابة بسرطانات الثدي والرحم والدم ,يلدن ما لا يقل عن 38% من أجنتهن أطفال مشوهين ,أليس من حقهن زراعة صنف معدل جينياً يحتاج إلى سماد أقل ويقاوم الآفات أكثر دون الحاجة لرشه بالمبيدات, أليس من حقهن كأمهات العودة مبكرا إلى عائلاتهن بعد اختصار العديد من مراحل الزراعة باستخدام الهندسة الجينية .

للحديث في الغذاء المهندس وراثياً تشعبات كثيرة جداً , لا يمكن إيجازها هنا ولكن في النهاية كلنا آمل أن يأتي اليوم الذي يعود به المشاركين في مؤتمر الجوع القادم من دون الطلب من سكرتيراتهم إضافة مشاركتهم إلى قائمة المشاركات الطويلة في سيرهم الذاتية ,و إنما حاملين معهم سلاح فعال لقتل غول الجوع قبل أن يلتهمنا .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :