facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصباغ :تركة الرفاعي .. حكومة الظل وآليات الرقابة الدستورية


رنا الصباغ
13-12-2009 03:22 AM

عمون - مع ترئيس سمير الرفاعي الحفيد, تبدأ المحطة الثانية والأهم في تحديد ملامح المرحلة المقبلة المتأرجحة بين نوايا بناء أردن المستقبل "كمنظومة سياسية اقتصادية إدارية اجتماعية بالتكامل والتوازي", وبين مواصلة شراء الوقت والتكيّف مع ترضيات داخلية وسيناريوهات إقليمية, عبر تبديل الوجوه دون تحديث السياسات وتطوير أدوات ممارسة السلطة.

وقد تكون هذه التجربة آخر محاولة لإعادة ترميم الثقة وإنقاذ شعرة معاوية. فمن يجلس في الدوار الرابع, الوزارات وسائر مراكز القوى, لم يعودوا يعنون الكثير لغالبية الأردنيين - باستثناء النخبة السياسية التي ترتبط مصالحها ونفوذها مباشرة بحلقات صناعة القرار.

إذن لم يعد للعبة تغيير الكراسي مضامين بعد أن جرب ست رؤساء وزارات أجروا تسعة تعديلات على حكوماتهم, اربعة مدراء مخابرات, سبعة رؤساء ديوان ملكي ووزيري بلاط, فضلا عن جيش من الوزراء والأمناء العامين ومدراء الدوائر والمستشارين.

غالبية تلك الوجوه اعتلت المنصب العام وسط تهليلات وزغاريد وتوقعات عالية قبل أن يرحلوا فجأة, من دون تبريرات مقنعة أو محاسبة على أفعال المقصر أو المخطئ فيهم. بدلا من ذلك كيلت الاتهامات لهم سرا وعلنا بسوء الإدارة والتراخي وتجاوزات طالت سلطاتهم الدستورية, عبر سياسات الاسترضاء والخوف من الحسابات الشعبية. في الأثناء دفعت مكونات الدولة كافة, ثمن إخفاقاتهم الكثيرة, في غياب أي مقياس لحجم انجازاتهم إن وجدت.

خطابات التكليف الملكي السامي وبيانات الوزارات المشكلة تضمنت قواسم مشتركة بما فيها الترويج لمنظومة الإصلاحات الشاملة اياها.

لكن خطاب التكليف الاخير كسر القالب. إذ استعمل لغة مختلفة صريحة قد تساعد على شحذ الهمم وإعادة مشاعر الكرامة للأغلبية المحبطة, لجملة ما تضمنه من تشخيص دقيق للحال الحرجة التي وصلنا اليها في مناحي الحياة كافة. وطالب الملك ببرنامج عمل مؤسسي واضح يمكن بدء قطف ثمار وعوده خلال شهرين من اليوم.

كتاب التكليف بات بيان عمل حكومة الرفاعي, الذي أعفته العناية الإلهية وصانع القرار من خوض معركة انتزاع ثقة مجلس النواب, ذلك أنه يشكل حكومته بعد نحو ثلاثة أسابيع على قرار حل المجلس دون توضيح الاسباب.

اذاً, امام الرفاعي الحفيد فرصة تاريخية لإعادة انتاج نفسه كأول رئيس وزراء في عهد الملك عبد الله الثاني قد يترك بصمات فيما يتعلق بتعزيز الولاية العامة للدولة, على خطى والده السياسي المخضرم زيد الرفاعي, الذي جلس على رأس السلطة التنفيذية عدّة مرات فاقت ثماني سنوات, في فترات عصيبة من تاريخ الأردن الحديث, بدءا من عام 1973 وانتهاء بخروجه عقب أحداث شغب مدبرة في نيسان .1989

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوات صغيرة لرصف دعائم مؤسسية من شأنها حمل عملية إصلاح سياسي-اقتصادي-مجتمعي توافقي مستدام يضمن أمن واستقرار البلاد والعباد.

على مدار خمسة أيام انهمك الرفاعي في مناقشة المرشحين للانضمام إلى فريقه, بعيدا عن الاضواء, وذلك حول الأهداف, وبرامج وآليات التنفيذ. الهدف من ذلك أن يعرف "كل وزير الأهداف المتوقع منه تحقيقها, والمعايير التي سيقيّم أداءه على اساسها" حسبما طلب الملك في كتاب التكليف الذي أعقب يوم الاربعاء إقالة نادر الذهبي المفاجئة وسائر فريقه.

من المتوقع الانتهاء من المشاورات يوم الاثنين, يقسم بعدها الوزراء اليمين الدستورية تمهيدا لرفع الأكمام والعمل في الميدان.

بحسب خارطة الطريق التي رسمها الملك في كتاب التكليف, يتوقع الأردنيون تغييرات في نهج الإدارة وهم المنقسمون هذه المرة من النقيض للنقيض - حتى بين أفراد الأسرة الواحدة. فالجميع ينتظر خطة عمل طويلة المدى لكل وزارة في غضون شهرين, على أن يتبناها مجلس الوزراء, ضمن توليفة شفافة متكاملة تضمن سيادة روح الفريق الواحد أمام الأردنيين.

مستشارو الملك يفضلون هذه المرة أن يتحول كتاب التكليف إلى أساس التقييم العام, بدلا من التخمينات والآراء المتصلة بشخصية الرئيس المكلف. بالتحديد, طلب من الصحافيين والكتاب وزمرة الاصوات المشكّكة, كما يسميهم بعض المسؤولين, التريث قبل إطلاق أحكام تستهدف "إنجازات الوطن وتعكس مواقف أصحاب الصالونات السياسية ذات الاجندات الشخصية".

فعليا, لو طبق 10% بالمئة سنوياً من أهداف كتاب التكليف المثالي, الذي يؤمل أن يشكل أساس برنامج عمل الحكومات القادمة, لتحققت ثورة سياسية بيضاء تصنع للأردن وجهاً جديدا مدعوما بغالبية مجتمعية, ما تزال تبحث عن توافق حول شكل وهوية دولة المواطنة والمساواة, اقله فيما يتعلق بالحقوق المدنية.

في حال سارت الرياح كما تشتهي أشرعة السفن الملكية, وأبحر المركب الوزاري على نحو تدريجي مدروس خال من خطوات التردد والمراوحة المعهودة, يفترض ان تؤسس حقبة الرفاعي الحفيد لإصلاح سياسي معقول, مدعوم بتحديث اقتصادي, وسياسات قادرة على مكافحة الفساد والترهل البيروقراطي.

باختصار أمام الرفاعي, 43 عاما, مهمات جسيمة, فهل يقدر على تلبيتها?

مطلوب منه تعديل قانون الانتخاب بطريقة لا تشعل فتنة داخلية في غمرة جدل عقيم, حدوده محصورة بين اعتبارات الجغرافية وتمدد جيوب الديمغرافية. ينتظر الجميع تعديلات جوهرية وليست تجميلية على قانون الصوت الواحد, تساعد على تأسيس تيارات وكتل وأحزاب ذات برامج وطنية واضحة, تتبعها آلية تشكيل حكومات تعتمد على هذه القوى الفاعلة برلمانيا, وتحاسب أمام الأقلية المعارضة بحماية سلطة قضائية نزيهة, وإعلام دولة غير مرعوب. مطلوب منه تحسين إجراءات العملية الانتخابية بحيث يتم الاقتراع في الربع الأخير من العام المقبل بشفافية, عدل ونزاهة. ومطلوب من حكومة الرفاعي تنفيذ مشروع اللامركزية من أجل تحقيق تطور نوعي في آليات اتخاذ القرار على المستوى الشعبي الأول.

والأهم, عليه إنجاز مدونة سلوك ملزمة ومعلنة تنظم عمل الوزراء وكبار المسؤولين, وميثاق شرف ينظم العلاقة بين النواب والحكومات, بعيدا عن تبادل المنفعة على حساب الشعب. كل ذلك ضروري لكسر قناعات الناس بنمو علاقة وطيدة بين غياب النزاهة وفساد الكبار في مؤسسات الدولة, ظلّت تتواتر خلال العقد الماضي مدعومة بفرص استثمارية وفّرتها العولمة الاقتصادية التي ترنحت قبل شهور.

صياغة هذه المواثيق قد تكون المهمة الأسهل. فبنود الدستور واضحة حيال المواصفات الأخلاقية والاجتماعية والمهنية المطلوبة لتجسيد الشفافية بين أطقم الوزراء والنواب والاعيان. وهناك عشرات التعليمات التي تحكم عمل الوزارات وتحدد إجراءات المحاسبة في حال تمت مخالفتها. وهناك قوانين لمحاكمة الوزراء, وإشهار الذمة المالية للمسؤولين, وهيئة لمكافحة الفساد.

أمام الرفاعي, أصغر رئيس وزراء سنا في عهد الملك عبد الله الثاني فرصة ذهبية قد لا تتكرر.

فهو قريب من الملك الشاب, يتشارك معه في العديد من الهوايات. ويعرف تماما نمطه في التفكير وأسلوبه في العمل, منذ لازمه في الديوان الملكي في أعلى المناصب مذ تولى سلطاته الدستورية عام ,1999 لحين خروجه إلى عالم المال والأعمال عام 2005 على وقع إعادة ترتيب الديوان.

الرفاعي ليبرالي اقتصادي وسياسي محافظ, حال والده وغالبية أعضاء أسرته. يتمتع بالدعم في أوساط النخب الاقتصادية المؤثرة مع أن غالبية رموزها غير معنيين ببرامج تعزيز الحريات السياسية والديمقراطية التي قد تعزز الشفافية وتوسع كعكة المنافسة.

وهو محظوظ في غياب مجلس نيابي, قد يخضعه للمساءلة والرقابة حول كل شاردة وواردة, مدة عام على الأقل. ذلك سيمكنه من استصدار ما يلزم من قوانين مؤقتة - رغم إشكاليتها - لدعم توجهات المرحلة القادمة, بدءاً بسن قانون ضريبة دخل عصري وتوحيد مرجعيات الاستثمار, وانتهاء بقانون الطاقة المتجددة, وتشريعات لتطوير صناعة إعلام محترف قادر على الوصول الى المعلومة وحماية المجتمع من الممارسات "اللامهنية واللا أخلاقية" التي تحدّث عنها كتاب التكليف. محظوظ أيضا لانه لم يعد للقائمين على دائرة المخابرات العامة تدخلات مباشرة في إدارة مناحي الحياة العامة, بخلاف تغول »الأمني« على »السياسي« بين 1997 حتى أواخر .2008

الأهم أن قرب سمير من والده, زيد الرفاعي, رجل دولة من الطراز الاول - بغض النظر عن موقف من يختلف أو يتفق مع طروحاته وخبراته في إدارة الدولة - سيوفّر له وسائد راحة ودعماً, وسيلاً غير منقطع من النصح والارشاد, أقله من باب أن أي والد يتمنى النجاح والسعادة لابنه. وقد أحسن الرفاعي الاب صنعا عندما أكد لمقربين منه عزمه على ترك رئاسة مجلس الاعيان ليريح نجله من وصمة "حكومة الأب والابن" بعد "حكومة الأخوين (نادر ومحمد الذهبي).

ستحظى حكومة الرفاعي بفترة سماح مئة يوم وبعد انقضاء تلك العادة المستقرة, لن ينعم الرفاعي وفريقه ب¯100 دقيقة سماح - إن كان من الصحافة أو السياسيين أو نشطاء المجتمع المدني وكتائب المسؤولين السابقين.

فالطامعون بمنصبه كثر كحال الذين يتمنون له الفشل بعد ان هرعوا لتقديم الطاعة والولاء في عصر النفاق والتزلف. أعداؤه يشملون ما يسمى ب¯ معسكر الليبراليين بشقيه "المتوحش" و "المستنير" لقناعات بأن سمير الرفاعي الحفيد استهدف الأجندة الوطنية للإصلاح, عبر تحالفه مع مراكز قوى تحكمت بالمشهد السياسي بين 2002 و .2005 من بين اعدائه ايضا, ما يعرف بحزب قوى الشد العكسي من متنفذين مدعومين ببيروقراطية متجذرة, وأيضا يستعديه فريق مشرذم من "الوطنيين الإصلاحيين" يسعى لإصلاح سياسي تدريجي لا يغيّر من هوية الدولة.

بعد كل ذلك, من حق المراقب إبداء تساؤلات مشروعة فيما إذا ستكون خلاصة التكليف الأخير على شاكلة ما حصل مع كل من استقر في الدوار الرابع, إذ لم تتم محاسبة أي رئيس أو وزير خلال السنوات العشر الماضية رغم إخلالهم بتنفيذ برامج وزاراتهم? وثمة تساؤلات حول الضمانات المستقبلية للتأكد من مدى التزام حكومة الرفاعي في تطبيق خطاب التكليف الأخير سيما أنه بات بديلا لبيانها الوزاري في غياب مجلس النواب?

كثير من الأردنيين يستذكرون المشهد السياسي في ظلال الأحكام العرفية وغياب مجلس الأمّة بين عامي 1967 و .1990 ففي حقبة السبعينيات والثمانينيات, التي تميزت بهيمنة تجمعين أساسيين في عصر تغييب الأحزاب ومجلس الأمّة; جماعتي زيد الرفاعي ومضر بدران الذي شكّل حكومات دامت أكثر من ست سنوات على فترات متقطعة. كان لكل صالون حواري ومعجبون. لكن في الوقت ذاته: كان كل صالون يخرج زعيمه من الرئاسة, ينتقد الأداء الحكومي للآخر, ويسعى لكشف عيوبه. أتيح آنذاك لصالون كل زعيم خارج الرئاسة معلومات وقرارات وأخبار مررها لهم آلاف الموظفين المستقرين في الوزارات ما شكل وضعاً أقرب بحكومة ظل تراقب أداء الحكومة العاملة, وتؤدي دورا لا بأس به في تصويب اي اختلالات تعتري مسار الحكم.

للأسف, فإن هذا العمل الذي كان متاحا في الزمن العرفي, اختفى في العهد الديمقراطي, على وقع عمليات تمييع ولاية الحكومة, وخلق وزارات ظل تنافس الحكومة الأصيلة من دون أن تخضع لمسألة رقابية, بحسب الدستور. لكن مع تغيير رؤساء الوزارات وقادة المخابرات, تغيّرت التوجهات, السياسات وأساليب عمل معاونيهم, ما انعكس سلبا على أوضاع البلد.

نأمل أن لا يأتي يوم يترحم فيه المراقبون على آليات المراقبة والمساءلة التي كانت متوافرة أيام العهد العرفي, خاصة بعد أن اختفت او غيبت في العصر الديمقراطي صور التقييم والأداء على وقع عشرات القوانين المؤقتة, وإجراءات حملت شبهات دستورية, فيما دخل ساسة دهاليز السلطة وخرجوا منها مثقلين بالأخطاء والخطايا من دون مساءلة.0"العرب اليوم"

rana.sabbagh@alarabalyawm.net
العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :